اكتشاف أشكال جديدة من “الجليد المالح” قد تفسر التواقيع الغامضة على أسطح أقمار جليدية
يُعتقد أن الخطوط الحمراء التي تتقاطع مع سطح قمر المشتري عبارة عن مزيج متجمد من الماء والأملاح، لكن توقيعها الكيميائي لم يتطابق مع أي مادة معروفة على الأرض حتى الآن.
وقد اكتشف العلماء شكلين جديدين من “الجليد المالح” يتشكلان عندما يتم الجمع بين الماء والملح العادي في ظروف الضغط البارد والعالي.
ويمكن العثور على هذه الهياكل الغريبة التي تم إنشاؤها في المختبر عن طريق ضغط المياه المالحة بين ماستين، على أسطح وأعماق الأقمار الجليدية الحاملة للمحيط حول كواكب المشتري وزحل.
وإلى جانب كونها مهمة لعلم الكواكب، يمكن أن يكون للنتائج أيضا آثار على دراسة الكيمياء الفيزيائية وحتى أبحاث الطاقة، حيث تُستخدم هذه المشابك الكيميائية، المعروفة باسم الهيدرات (مصطلح يستخدم في الكيمياء اللاعضوية والكيمياء العضوية للإشارة إلى المواد التي تحتوي على ماء التبلور)، لتخزين الطاقة.
ويقول مؤلف الورقة البحثية وعالم الكواكب البروفيسور بابتيست جورنو من جامعة واشنطن: “من النادر في الوقت الحاضر وجود اكتشافات أساسية في العلوم. الملح والماء معروفان جيدا في ظروف الأرض. والآن، لدينا هذه الأجسام الكوكبية التي ربما تحتوي على مركبات مألوفة جدا لنا، ولكن في ظروف غريبة جدا. علينا أن نستعيد جميع علوم المعادن الأساسية التي أجريت في القرن التاسع عشر، ولكن تحت ضغط مرتفع ودرجة حرارة منخفضة. إنه أمر مثير”.
ويوضح البروفيسور جورنو أن الماء والأملاح تتحد في درجات الحرارة الباردة لتشكيل شبكة جليدية صلبة مملحة، تُعرف باسم الهيدرات والتي يتم تثبيتها معا بواسطة روابط هيدروجينية.
وحتى الآن، كان كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) معروفا فقط بتكوين هيدرات واحد، وهو بنية بسيطة نسبيا تحتوي على جزيء ملح واحد لكل جزيئين من الماء.
ومع ذلك، فإن الهيدرات الجديد الذي اكتشفه الباحثون في ظل ضغوط معتدلة ودرجات حرارة منخفضة مختلف تماما.
يتكون هيدرات كلوريد الصوديوم الأرضي من جزيء ملح واحد مرتبط بروابط هيدروجينية مع جزيئين من الماء. في المقابل، يتكون الهيدرات الذي تم إنشاؤه في المختبر من جزيئين من كلوريد الصوديوم لكل 17 جزيء ماء، والآخر يحتوي جزيء كلوريد الصوديوم لكل 13 جزيء ماء.
وفي الدراسة، وضع البروفيسور جورنو وزملاؤه قطرة صغيرة من الملح بين زوج من الماس استخدموه لضغط السائل حتى 25 ألف ضعف الضغط الجوي للأرض.
وقال البروفيسور جورنو: “كنا نحاول قياس كيف أن إضافة الملح ستغير كمية الجليد التي يمكن أن نحصل عليها، لأن الملح يعمل كمضاد للتجمد. المثير للدهشة، عندما قمنا بالضغط، ما رأيناه هو أن هذه البلورات التي لم نكن نتوقعها، بدأت في النمو. لقد كان اكتشافا مفاجئا للغاية”.
علاوة على ذلك، أشار إلى أن البلورات “لديها البنية التي كان علماء الكواكب يتوقعونها”.
وتبدو التوقيعات الكيميائية من سطح قمر المشتري “مائية” أكثر مما كان متوقعا، وهي حقيقة يمكن تفسيرها من خلال نسب الماء إلى الجليد المختلفة الموجودة في هيدرات الضغط العالي الذي اكتشفه البروفيسور جورو وفريقه.
وفي الواقع، وفقا للعلماء، فإن أنواع الظروف الباردة والضغط العالي التي قاموا بتكرارها في مكبس الماس الخاص بهم ستكون شائعة على أقمار جوفيان، حيث يعتقد العلماء أن قشور الجليد التي يبلغ سمكها ثلاثة إلى ستة أميال تخفي محيطات حتى عدة مئات من الأميال. بل إن من الممكن أن توجد في قاع هذه المحيطات أشكال أكثر كثافة من الجليد.
وأوضح البروفيسور جورنو: “الضغط يجعل الجزيئات أقرب بعضها لبعض، لذلك يتغير تفاعلها، وهذا هو المحرك الرئيسي للتنوع في الهياكل البلورية التي وجدناها”
ووجد الفريق أن أحد هذي الهيدراتين ظل ثابتا حتى بعد تحرير الضغط الذي تم تطبيقه على مكبس الماس.
وقال البروفيسور جورنو: “لقد قررنا أن يظل مستقرا عند الضغط القياسي حتى نحو -50 درجة مئوية (-58 درجة فهرنهايت). لذا، إذا كانت لديك بحيرة شديدة الملوحة، على سبيل المثال في القارة القطبية الجنوبية، يمكن أن تتعرض لدرجات الحرارة هذه، فقد يكون هذا الهيدرات المكتشف حديثا موجودا هناك”.
مع اكتمال دراستهم الأولية، يتطلع العلماء الآن إما إلى إنتاج أو إلى جمع عينات أكبر من الهيدرات الجديد.
وسيسمح لهم ذلك بتحليل الهياكل الكيميائية بمزيد من التفصيل، وتحديد ما إذا كانت توقيعاتهم تتطابق مع تلك التي تم اكتشافها من أقمار المشتري الجليدية.
المصدر: إكسبريس