علماء يعجزون عن تفسير الظاهرة.. ثقوب سوداء تتجشأ بشكل غامض بقايا نجوم التهمتها قبل سنوات
تعد الثقوب السوداء من أكثر الأجسام إثارة للاهتمام في الكون، ومع ذلك لا يزال أمام العلماء الكثير ليتعلموه عندما يتعلق الأمر بفهم سلوكها الغامض.
وتتميز الثقوب السوداء بالأكل الفوضوي الذي يجعلها تبتلع أي شيء في طريقها. لكن ما لم يدركه علماء الفلك هو أن هذه الوحوش الكونية “تتجشأ” بعد ذلك مزيجًا انتقائيا من النجوم والغازات والكواكب والغبار الذين التهمتهم قبل سنوات.
وتوصل علماء الفلك إلى هذا الاكتشاف بعد قضاء سنوات في مراقبة الثقوب السوداء المشاركة في أحداث الاضطرابات الموجية العنيفة (tidal disruption event)، أو المعروفة اختصارًا بـ TDE.
وتقليديا، تمت دراسة الأجسام لبضعة أشهر فقط بعد “حدث الاضطراب الموجي العنيف”، وهو ما يحدث عندما تقترب النجوم كثيرًا من الثَّقب الأسود ويتم تمزيقها إلى أجزاء في عملية تسمى حادث السباغيتي أو التأثيرات المعكرونية.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن ملاحظة الثقوب السوداء بشكل مباشر، إلا أنه يمكن للعلماء مشاهدة “حدث الاضطراب الموجي العنيف” لأن هذه الأحداث ينبعث منها ضوء وراديو وموجات أخرى لمدة تصل إلى بضعة أسابيع أو أشهر في أثناء حدوثها.
وعندما يحدث ذلك، يتم التخلص من بعض الغاز والغبار المتبقي من النجم المدمر بعيدا عن الثقب الأسود. ثم يشكل الباقي هيكلا رقيقًا يشبه الصحن الطائر حوله يسمى القرص التراكمي، والذي يغذي تدريجيًا تلك المادة النجمية إلى الثقب الأسود.
ولكن ما اكتشفه العلماء في مركز هارفارد وسميثسونيان للفيزياء الفلكية هو أن بعض هذه المواد يمكن أن تظهر مرة أخرى بعد فترة تتراوح بين عامين وستة أعوام بعد حدوث “حدث الاضطراب الموجي العنيف”.
ووجدوا أنه في ما يصل إلى 50% من الحالات، “تجشأت” الثقوب السوداء المادة النجمية بعد سنوات من “حدث الاضطراب الموجي العنيف”، على الرغم من عدم وجود أي فكرة عن السبب.
وقالت المؤلفة الرئيسية والباحثة المشاركة في جامعة كاليفورنيا، إيفيت سينديس، لموقع “لايف ساينس”: “إذا نظرت بعد سنوات، فإن جزءا كبيرا جدا من هذه الثقوب السوداء التي لا تحتوي على انبعاث راديوي في هذه الأوقات المبكرة سوف “تعمل” فجأة في موجات الراديو. أسميها التجشؤ لأننا نواجه نوعا من التأخير حيث لا تخرج هذه المادة من القرص التراكمي إلا في وقت متأخر جدا عما كان يتوقع. والسؤال هو، أين يتم تخزينها قبل أن يتم تتجشأ مرة أخرى؟”.
ويعرف العلماء على وجه اليقين أن هذه البقايا لا يأتي من داخل الثقب الأسود، لأن الأجسام لها أفق حدث حيث تكون الجاذبية قوية جدا بشكل لا يمكن حتى للضوء الهروب منها.
وأضافت سينديس: “نحن لا نفهم تماما ما إذا كانت المواد التي تم رصدها في موجات الراديو قادمة من قرص التراكم أو إذا تم تخزينها في مكان ما بالقرب من الثقب الأسود”.
ويخطط العلماء لمواصلة مراقبة الثقوب السوداء التي كانوا يراقبونها، خاصة وأن بعضها ما يزال أكثر سطوعا بعد “حدث الاضطراب الموجي العنيف”.
ويسعون أيضا إلى تحسين نماذج الكمبيوتر لتمثيل كيفية “تجشؤ” الثقوب السوداء بعد سنوات بشكل أفضل، وهو ما يأمل الخبراء أن يعزز فهم هذا السلوك الغريب.
المصدر: ديلي ميل