عندما فتحت “طاقة القدر” للمنطقة العربية.. هذه أقدم حقول النفط في منطقة الخليج
أسهم اكتشاف حقول النفط في الخليج العربي منذ القدم، بجعل المنطقة تؤدي دورًا رئيسًا في أمن الطاقة عالميًا، فضلًا عن كون هذا الوقود الأحفوري بات أحد المكونات الرئيسة لاقتصاداتها.
وتتميز أراضي الخليج العربي بغناها بالوقود الأحفوري، ما جعلها تتبوأ مكانة مهمة على الصعيد العالمي، لها تأثيراتها في تحركات الاقتصاد.
وكانت أولى محاولات منطقة الخليج العربي للبحث عن حقول النفط والغاز في دولة البحرين عام 1925، قبل أن تتوالى الاكتشافات في دول المنطقة التي تتصدّر قائمة منتجي الطاقة عالميًا، وفي مقدّمتها السعودية -أكبر مصدّر للخام في العالم-.
وترصد وحدة أبحاث الطاقة أقدم حقول النفط في منطقة الخليج العربي، وعددها 4، لتكون هذه الحقول بمثابة بشائر الخير لدول -البحرين والسعودية والكويت والإمارات- تلك المنطقة التي أصبحت تمثّل قوة نفطية.
حقل بئر 1 بمنطقة الدخان
تُعدّ دولة البحرين مأوى لأقدم حقول النفط في منطقة الخليج العربي، إذ بدأت البحث عن الذهب الأسود منذ عام 1925، عندما وقّعت أول امتياز للتنقب عن حقول النفط، وعلى إثرها أسست شركة نفط البحرين المحدودة “بابكو”.
وحقل البئر رقم 1 بمنطقة جبل الدخان في المملكة البحرينية هو أول حقل يتدفق منه النفط في الخليج العربي منذ عام 1932، والذي اكتُشِف من قبل الشركة الأميركية “ستاندر أويل أوف كاليفورنيا”، إذ نجحت في استخراج كميات تجارية منه، ويليه البئر رقم 2 في منطقة جبل الدخان، نقلًا عن المعلومات المتوفرة بموقع الهيئة الوطنية للنفط والغاز في البحرين.
وفي عام 1934، استطاعت البحرين تصدير أول شحنة من النفط الخام لدولة اليابان من محطة سترة.
وافتتحت البحرين كذلك أول مصفاة للتكرير في عام 1936، بطاقة تصل لـ10 آلاف برميل يوميًا، والتي شهدت كذلك تكرير جزء من النفط السعودي عام 1945، عبر مد خط أنابيب من السعودية إلى مصنع التكرير في البحرين.
وتراجع احتياطي البحرين من النفط الخام -بحسب بيانات أويل آند غاز- إلى 169.9 مليون برميل بنهاية 2021، مقابل 186.5 مليون برميل في 2020.
وارتفع إنتاج البحرين من النفط إلى 200 ألف برميل يوميًا خلال 2021، مقابل 197 ألف برميل يوميًا خلال 2020، وفق التقديرات الأولية لمجلة أويل آند غاز، والتي تشمل النفط الخام والمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي والرمال النفطية.
حقل بئر الدمام رقم 7
بعد اكتشاف النفط في البحرين، توالت محاولات البحث والاستكشاف لحقول النفط في الدول الأخرى، على أمل احتمال وجود الخام في أراضٍ تتشابه بكثير من الخصائص والمكونات.
وفي عام 1933، وقّع الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية عبدالعزيز آل سعود اتفاقية للتنقيب عن حقول النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا الأميركية عام 1933.
وبعد عدّة محاولات لحفر 6 آبار، نجحت السعودية في التوصل إلى بئر الدمام رقم 7 أول بئر تجارية في المملكة، والتي أُطلق عليها “بئر الخير”.
وفي مارس/آذار عام 1938، بدأت السعودية -أكبر مصدّر للنفط عالميًا- إنتاج الخام عبر بئر الدمام رقم 7، والذي بدأ الضخ بكميات متواضعة بلغت 1600 برميل يوميًا، ومن ثم توالت الاكتشافات لتحتلّ المملكة المركز الثاني عالميًا في إنتاج النفط، بعد الولايات المتحدة، والأول على مستوى منظمة أوبك.
وترتبط قصة بئر الدمام رقم 7 باسم كبير الجيولوجيين في شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا، الأميركي ماكس ستانكي، والذي أصرّ على حفر البئر رغم المحاولات السابقة المخيّبة للآمال وعدم القدرة على الوصول إلى كميات تجارية من آبار الدمام التي حُفِرَت، حتى 6 آبار.
وأصدر حينذاك، ماكس، تعليماته للحفّارين بالاستمرار وحفر بئر رقم 7، واستمر الحفر نحو 10 أشهر، حتى اكتُشِفَت آثار للنفط في البئر عام 1937، وفي عام 1938، وعلى مسافة 1440 مترًا تحت سطح الأرض، اكتُشِف النفط بكميات تجارية في البئر.
ونجحت السعودية في تصدير أول شحنة من الزيت الخام خلال مايو/أيار 1939، وكان الملك عبدالعزيز هو من أدار الصمام بيده لتعبئتها.
واستمرت البئر رقم 7 في العمل حتّى عام 1982، إذ تقرر استبعادها لأسباب تشغيلية، وبلغت الكمية التي أنتجتها البئر حتى استبعادها نحو 32 مليون برميل، وبمعدل إنتاج يومي 1600 برميل.
ويشار إلى أن احتياطي السعودية من النفط الخام تراجع إلى 261.6 مليار برميل بنهاية 2021، مقابل 258.6 مليار برميل العام السابق له (2020)، بحسب بيانات أويل آند غاز، التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وفي 2021، تراجع إنتاج السعودية من النفط الخام إلى 10.954 مليون برميل يوميًا، مقابل 11.039 مليون برميل يوميًا في 2020، وفق بيانات بي بي -التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة- والتي تشمل النفط الخام والنفط الصخري والمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي والرمال النفطية.
حقل البرقان في الكويت
وقّعت الكويت هي الأخرى أول اتفاقية للتنقب عن حقول النفط في أراضيها عام 1934، مع شركة نفط الكويت المحدودة، والتي تأسست في ذلك الوقت بصفتها شركة مساهمة خاصة بين شركة بريتيش بتروليوم -بي بي البريطانية حاليًا-، وشركة نفط الخليج -وهي شركة شيفرون حاليًا-.
وفي عام 1938، اكتشفت الكويت حقل البرقان، والذي يوصف بأنه ثاني أكبر حقول النفط عالميًا، وذلك بعد محاولات حفر في المنطقة بدأت عام 1937، وفقًا لمؤسسة البترول الكويتية.
ونتيجة وجود النفط المكتَشف في بئر البرقان الأول تحت ضغط وبكميات ضخمة، انفجرت معه رأس البئر بقوة لدرجة أن كان من الصعوبة في ذلك الوقت السيطرة على النفط المتدفق منه، وصعوبة سدّه بالطين نتيجة قلّة الطين الناتجة عن الحفر، ولكن سُدَّت فتحة البئر بـ60 قدمًا من الخشب في ذلك الوقت بصورة مؤقتة.
وحقل برقان الكبير للنفط والغاز الطبيعي ينتج ما يصل إلى 1.7 مليون برميل يوميًا، وينقسم إلى 3 حقول أصغر، وهي برقان ومقوع والأحمدي.
والكويت هي الآن واحدة من أكبر الدول النفطية في العالم، باحتياطيات تمثّل 10% من موارد العالم في النفط.
وبدأت الكويت في تصدير أول شحنة من النفط الخام منذ عام 1946، على متن ناقلة تحمل اسم “جندي بريطاني”.
وجدير بالذكر أن احتياطي الكويت من النفط الخام استقر عند مستوى 101.5 مليار برميل خلال العام الماضي (2021)، وهو المستوى المسجل في 2020 و2019، وفق بيانات أويل آند غاز.
وارتفع إنتاج الكويت من النفط الخام بنحو 1.7%، ليصل إلى 2.741 مليون برميل يوميًا خلال 2021، مقابل 2.695 مليون برميل يوميًا في 2020، وفقًا لبيانات بي بي البريطانية.
حقل باب للنفط في الامارات
في عام 1960، توصلت الإمارات إلى أول كشف نفطي لها في حقل “باب”، والذي يقع على مسافة 84 كيلومترًا شمال غرب أبوظبي، وفقًا لموقع شركة أدنوك.
وحقل باب ينتج خام الإمارات المعروف “مربان” بكميات ضخمة، ومنذ عام 2017 نفّذت الإمارات خطة بالشراكة مع الشركة الصينية للإنشاءات الهندسية البترولية، لتطوير حقل باب، للمحافظة على استمرار تدفّق النفط وزيادة السعة الإنتاجية من 420 ألف برميل من النفط يوميًا إلى 450 ألف برميل يوميًا.
وكانت أول شحنة صدّرتها الإمارات من خام “مربان” في عام 1963 إلى الولايات المتحدة، وهو الخام الذي يصدَّر الآن لأكثر من 30 دولة، ويستحوذ على أغلب إنتاج أدنوك.
وبحسب بيانات أدنوك، أبرز ما يميّز خام “مربان” هو كثافة نوعية تُقدَّر بـ40 درجة، ومحتوى كبريت يبلغ 0.778، وذلك وفقًا لمعايير معهد النفط الأميركي.
وكان احتياطي النفط لدولة الإمارات قد بلغ، خلال 2021، مستوى 107 مليارات برميل، مقابل 97.8 مليار برميل في 2020، وفقًا لبيانات أويل آند غاز.
وبلغ إنتاج الإمارات النفطي خلال العام الماضي (2021) نحو 3.668 مليون برميل يوميًا، مقابل 3.693 مليون برميل يوميًا في 2020، بانخفاض 0.7%، كما تشير بيانات بي بي التي رصدت وحدة أبحاث الطاقة تفاصيلها.
المصدر: مواقع إلكترونية