ظهرت فكرة الألواح الشمسية ثنائية الوجه في محاولة من الباحثين إلى الاستفادة القصوى من الإشعاع الشمسي الساقط على الوجهين الأمامي والخلفي للألواح، وذلك في ظل التوسع السريع في مشروعات الطاقة الشمسية.
ويرى خبراء أن الألواح ثنائية الوجه تتمتع بقدرة أعلى من الألواح التقليدية على توليد الكهرباء بنسبة قد تصل إلى 27%؛ نظرًا لقدرة الوجه الخلفي على توليد الكهرباء، حتى إن كان بعيدًا عن أشعة الشمس.
ولكن على الرغم من القدرة الإضافية المتولدة عن هذه الألواح، أكد عدد من الخبراء في تصريحات خاصة إلى “الطاقة” أن الفكرة تفتقر إلى الجدوى الاقتصادية.
قدرات الألواح الشمسية ثنائية الوجه
أوضح رئيس مركز إلكترونيات وأجهزة النانو بالجامعة الأميركية، الدكتور يحيى إسماعيل، عدم الجدوى الاقتصادية للألواح الثنائية، مشيرًا إلى أن نسبة القدرة الإضافية المتولدة عنها لا تتجاوز في الواقع 15%.
وأضاف في تصريحات إلى “الطاقة” أن نسبة 27% التي تشير إليها بعد الأبحاث غير واقعية عند التطبيق العملي؛ لأن هذه القدرة تولّدت بعد توفير جميع الظروف المناسبة لتحقيق أعلى النتائج، وهي التي نادرًا ما قد تتوافر في البيئة العملية.
ولفت إلى أن الميزة الوحيدة لهذه التقنية هي قدراتها على توفير 50% من الأرض اللازمة لبناء المحطة، وفي بعض الأحيان لا توفر هذه الميزة جدوى اقتصادية في ظل ارتفاع تكلفة المحطة إلى أقلّ من الضعف بقليل، وبناء بعض المحطات في الصحاري الشاسعة.
سباق عالمي
قال أستاذ تطبيقات الليزر في القياسات والكيمياء الضوئية والزراعة في المعهد القومي لعلوم الليزر بجامعة القاهرة، الدكتور ياسر عطية، إن هناك سباقًا عالميًا لتطوير الخلايا والألواح الشمسية، ومحاولة رفع قدرتها إلى أكثر من 30%، وفي الوقت نفسه مراعاة الجوانب الاقتصادية وتقليل التكلفة إلى أقصى حدّ.
وأضاف عطية أن المشكلة الرئيسة التي تواجه الألواح الشمسية في مصر على سبيل المثل، هي انتشار عوالق الغبار في الجو، والتي لا تسمح بعمل الخلايا الشمسية بكفاءة عالية، فحتى لو كانت اختباراتها المعملية جيدة، لا تحقق نسب الكفاءة المتوقعة منها عند التشغيل.
وأوضح أن تطوير الألواح الشمسية التقليدية أفضل من اختيار الألواح الشمسية ثنائية الوجه، مسلطًا الضوء على ضرورة البحث عن مواد لديها القدرة على امتصاص الضوء بشراهة، والتوصل إلى تكنولوجيا توفر خاصية التنظيف الذاتي للألواح من العوالق.
تطوير الخلايا الشمسية التقليدية
أكد الدكتور ياسر عطية أن الألواح الشمسية التقليدية لا تزال أفضل من الألواح ثنائية الوجه من حيث الجدوى الاقتصادية، موضحًا أن العالم أجمع يسعى إلى تطوير نظام للخلايا الشمسية لتكون بأعلى إمكانات وأقلّ تكلفة.
واستبعد عطية أن تنجح الألواح ثنائية الوجه في العمل بكفاءة عالية في ظل العوالق الجوية، كما دعا إلى ضرورة وضع القيمة الاقتصادية المكلفة في الحسبان.
واقترح التوسع في تقنية النانو التي يُطلق عليها اسم “تكنولوجيا الفقراء”، أو التقنية الأقلّ منها “النانوكلاستر”، موضحًا أنها تتناسب مع دولة ليست غنية، مثل مصر.
ودعا إلى ضرورة تطوير واستخدام مثل هذه التقنيات التي توفر امتصاص وكفاءة أعلى، لافتًا إلى وجود عدد كبير من الأفكار التي قام بها باحثون مصريون حول التنظيف الذاتي للخلايا الشمسية، وزيادة كفاءتها باستخدام تكنولوجيا النانو مع استخدام تقنية الصبغات، وحول كيفية رفع كفاءة الامتصاص للضوء بقدر الإمكان، وتحقيق عائد اقتصادي أعلى.
ورأى عطية أن مثل هذه التقنيات ستحقق نفعًا أكثر من استخدام الخلايا ذات الوجهين، مشيرًا إلى أنه حتى إذا أثبتت التجارب أن الألواح الشمسية ثنائية الوجه تعمل بكفاءة أعلى، فمن الصعب أن تتغلب على العوالق، ولا سيما إذا وُضعت في مناطق صحراوية.
تقليل التكلفة في المستقبل
قال أستاذ مساعد الكيمياء الضوئية والحفز الضوئي في المركز القومي للبحوث والحاصل على الدكتوراه من جامعة أوسلو في النرويج، الدكتور ياسر محمود، إن بعض الشركات تتجه إلى توليد الكهرباء باستخدام الألواح الشمسية بديلًا عن مصدر الكهرباء المستمر، للاعتماد على أشعة الشمس مصدرًا نظيفًا للطاقة المتجددة التي لا تنضب.
وأضاف في تصريحات إلى “الطاقة” أن استخدام تقنية الألواح الشمسية يوفر حلولًا للعديد من المشكلات، منها تعمير المناطق الصحراوية وتحويلها الى مجتمعات حضارية و توسيع الرقعة الزراعية.
وتابع أستاذ مساعد الكيمياء الضوئية والحفز الضوئي أن العلماء عملوا على تطوير الألواح الشمسية ورفع كفاءتها من خلال تصميم الألواح ثنائية الوجه.
وتعتمد فكرة عمل الألواح الشمسية ثنائية الوجه على وجود عواكس لتحفيز الوجه الثاني من الألواح لامتصاص أشعة الشمس، ورغم أن هذا النوع من الألواح مُكلف من الناحية الاقتصادية، فآإن انتشاره و استخدامه على مستوى أكبر قد يساعد على تقليل التكلفة في المستقبل.
واقترح محمود تحسين كفاءة الألواح الشمسية من خلال إنتاج مواد كيميائية في حجم النانومتر أو أقلّ من ذلك، وتسمى النانوكلاستر التي تمتصّ الضوء بكفاءة عالية، وتحوّل الفوتونات إلى إلكترونات، ثم تخزّن الطاقة الكهربائية في بطاريات.
وأضاف الدكتور ياسر محمود أن تطوير أداء الألواح الشمسية يسير في 3 اتجاهات: استخدام مواد نانومترية عندها قدرة كبيرة على امتصاص الضوء، وتسمى مواد أشباه موصله للكهرباء، والعواكس التي تعمل على تركيز أشعة الشمس على الألواح، ثم تصنيع الألواح ثنائية الوجه.
اقرأ أيضًا: كاليفورنيا تستعد لتركيب الألواح الشمسية فوق القنوات المائية
تستعد ولاية كاليفورنيا الأميركية لتنفيذ مشروع تجريبي يهدف إلى تركيب الألواح الشمسية فوق قنوات منطقة “تورلوك” المائية.
وستكون “تورلوك إريغيشن ديستركت” أول وكالة مياه في البلاد تجري تجربة مشروع “نكزس”، الذي يعتمد على دراسة أجرتها شركة “سولار أكواغريد” من خلال معهد أبحاث سييرا نيفادا ومعهد كاليفورنيا للموارد المائية.
وسيشهد الخريف المقبل وضع حجر الأساس للمشروع، الذي من المقرر الانتهاء من تنفيذه في عام 2024، حسب موقع تورلوك جورنال.
مزايا تركيب الألواح الشمسية
نُشرت الدراسة في عدد مجلة “ناتشر سستينابيليتي” لشهر مارس/آذار، ووجدت العديد من المزايا لتركيب الألواح الشمسية فوق قنوات المياه المفتوحة.
وأظهرت أن تغطية قرابة 4 آلاف ميل من قنوات المياه في كاليفورنيا بالألواح الشمسية يمكن أن تقلل التبخر بنسبة تصل إلى 82%.
وسيوفر ذلك قرابة 63 مليار غالون من المياه سنويًا، ويعادل ذلك الكمية المطلوبة لري 50 ألف فدان من المياه أو تلبية احتياجات المياه لأكثر من مليوني شخص.
بالإضافة إلى قدرتها على توليد 13 غيغاواط سنويًا من الطاقة المتجددة، وهي بذلك تعادل نحو سدس القدرة المركبة الحالية في البلاد، إلى جانب خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40% بحلول عام 2030.
وفي هذا الشأن، قال مؤلف الدراسة، براندي إل ماكوين، إن استخدام قنوات المياه للبنية التحتية للطاقة الشمسية سيحافظ على المياه، وسيفيد في إنتاج الكهرباء المتجددة ووقف استخدام مساحات كبيرة من الأراضي لتطوير الطاقة الشمسية.
وأعربت شركة “سولار أكواغريد” عن سعادتها للشراكة مع تورلوك وإدارة الموارد المائية وجامعة كاليفورنيا.
وأوضحت أن الدراسة الأولية كشفت أن تركيب الألواح الشمسية فوق القنوات المفتوحة يمكن أن يوفّر كميات هائلة من المياه والكهرباء والتكاليف مقابل أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة على الأرض.
تلبية الأهداف
تشارك وكالة “تورلوك” مع إدارة الموارد المائية في ولاية كاليفورنيا وشركة “سولار أكواغريد” وجامعة كاليفورنيا في المشروع، إذ تبلغ تكلفته 20 مليون دولار بتمويل من ولاية كاليفورنيا.
وقال رئيس مجلس إدارة وكالة “تورلوك” إن مؤسسته تسعى دائمًا إلى تنفيذ مشروعات مبتكرة تعود بالنفع على عملائها البالغ عددهم قرابة 103 آلاف، مؤكدًا أنها ستواصل تنفيذ مشروعات تجريبية جديدة لديها القدرة على تلبية أهدافها المتعلقة باستدامة المياه والكهرباء.
بينما أوضح الأستاذ في جامعة كاليفورينا، روجر باليس، أن المشروع سيساعد في معالجة نقاط الضعف الأساسية في كاليفورنيا مع تلبية أهداف الولاية لإنتاج الطاقة المتجددة والحفاظ على الأراضي وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد من تغير المناخ.
تعزيز الطاقة المتجددة
سيستخدم المشروع البنية التحتية الحالية لـ”تورلوك” لخفض التكاليف، ويتضمن استخدام بطاريات لتخزين الطاقة نهارًا من الشمس، لدعم شبكة الكهرباء المحلية لاحقًا.
وستشرف إدارة الموارد المائية على إدارة المشروع، إلى جانب تقديم المساعدات التقنية والعمل بوصفها شريكًا بحثيًا.
كاليفورنيا.. مواطنون يرفعون دعوى قضائية لوقف مشروع للطاقة الشمسية
وقالت مديرة إدارة الموارد المائية، كارلا نمث: “نحن متحمسون لاستكشاف مصادر جديدة، لتعزيز إدراج الطاقة المتجددة في أنظمتنا لإيصال إمدادات المياه”.
وتابعت: “يوفّر المشروع إمكانات هائلة، ونتطلع للتعاون مع شركائنا المحليين والأكاديميين لتعزيز هذه المشروعات المهمة”.
المصدر: مواقع إلكترونية