يشهد مجال خلايا الطاقة الشمسية ثورة تكنولوجية جديدة، من خلال ظهور الخلايا الشمسية الجديدة، من نوع «بيروفسكايت» وهي ألواح شمسية تتميز بأنها قابلة للانحناء، وهي تكنولوجيا حديثة طورها باحثون في اليابان، ولم يقف الأمر عند مجرد الكشف عن تلك الخلايا، بل إن شركة صينية ناشئة، تلقفتها وبدأت إنتاجها على نطاق واسع، خلال شهر يوليو الجاري، حسب تقرير نشره موقع «نيكي آسيا» الثلاثاء.
وأوضح التقرير أن شركة «داتشنغ مايكرو نانو تكنولوجيز» الصينية، استثمرت 80 مليون يوان صيني، أي ما يوازي حوالي 11.8 مليون دولار، لبناء خط إنتاج، بطاقة سنوية تبلغ 10 ميغاوات، في مقاطعة جيانغسو الصينية، وسيتم تقطيع ألواح خلايا «بيروفسكايت» الشمسية، إلى مساحات صغيرة، مقاس (40 سم × 60 سم)، وتوريدها إلى مصنعَي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في الصين.
ويُذكر أن خلايا البيروفسكايت الشمسية اخترعها أستاذ الهندسة بجامعة توين في يوكوهاما، تسوتومو مياساكا وفريقه، عام 2009، وتتميز بأنها خفيفة الوزن، ويمكن وضعها على أسطح النوافذ والجدران وغيرها من الأسطح.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إنتاج تلك الخلايا الشمسية، إلا أن الجديد، هو أن شركة «داتشنغ» هي أول من ينتج ألواحاً كبيرة منها، وبالنسبة لكلفة إنتاجها، فإن تلك الكلفة في الوقت الحالي تعد ثلاثة أضعاف كلفة إنتاج الخلايا الشمسية التقليدية من السيليكون، ولكن من المحتمل أن تنخفض الكلفة إلى النصف.
ولفتت وزارة الطاقة الأمريكية في تقرير لها عن خلايا البيروفسكايت الشمسية، نشرته على موقعها الرسمي، أن تلك الخلايا أحدثت تقدماً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة من حيث زيادة كفاءتها، فعند اختراعها في عام 2009 كانت كفاءتها 3%، وسرعان ما تزايدت لتصل اليوم إلى أكثر من 25%.
وأشار التقرير إلى أن تلك التكنولوجيا قد تكون مرشحة للفوز بجائزة نوبل، كما أن هناك آمالاً بإمكانية وضع الخلايا على العديد من الأسطح مثل السيارات.
ونقل التقرير عن كبير مسؤولي التكنولوجيا بشركة «داتشنغ»، لي شين، قوله إن الشركة تعتزم التوسع في تصنيع خلايا «بيروفسكايت»، وتعتزم استثمار 200 مليون يوان خلال عام 2023، لتوسيع طاقتها الإنتاجية السنوية إلى 100 ميغاوات.
ومن المتوقع أن يتوسع السوق العالمي لخلايا «بيروفسكايت» الشمسية إلى أكثر من 2 مليار دولار بحلول عام 2027، بمتوسط نمو سنوي يبلغ حوالي 29%، بداية من العام الجاري 2022، وفقاً لشركة الأبحاث الهندية “Astute Analytica”.
وكانت الشركات اليابانية مثل كيوكيرا (Kyocera)، وشارب (Sharp) من الشركات الرائدة في مجال الخلايا الشمسية، لكنهم قلصوا حجم عملياتهما، وفي الوقت الراهن تسيطر الشركات الصينية والكورية الجنوبية على جزء كبير من السوق.
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا جديدة لصنع خلايا شمسية رخيصة ومستدامة وفعالة وفي متناول الجميع
الشمس من نعم الله الكبرى على البشرية، فهي النور والدفء، وهي أيضا أكبر مصدر للطاقة في الكون، ومع ذلك فإن تحويل هذه الطاقة إلى كهرباء أمر مكلف للغاية من الناحية المادية، لأن التكنولوجيا المستخدمة حاليا في هذه العملية باهظة الثمن، وهو ما يجعل هذه الطاقة محصورة في فئة قليلة من البشر، على الأقل إلى وقت قريب جدا.
وفي الحقيقة، فإن الخلايا الشمسية المستخدمة في العالم حاليا ليست فعالة بدرجة كافية، فهي لا تستطيع تحويل كل الطاقة الشمسية التي تمتصها إلى كهرباء، وليست قريبة حتى من تحقيق هذا الهدف، وأكبر سلبياتها هو ثمنها المرتفع، فهذه الخلايا مصنوعة من مادة السيليكون الباهظة الثمن، حتى أن سعر الطاقة الشمسية أغلى من طاقة الرياح أو الطاقة المائية.
ويأتي حوالي 1% من الطاقة المستخرجة في العالم من الطاقة الشمسية، وذلك بحسب إحصائيات عام 2019 كما ذكر موقع “أور ورلد إن داتا” (ourworldindata)، وهذه في الحقيقة نسبة ضئيلة جدا، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى التكلفة المادية العالية التي تتطلبها التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج هذه الطاقة.
تكلفة مادية عالية
وفي الواقع، فإن 98% من الخلايا الشمسية في العالم مصنوعة من السيليكون، وهي التكنولوجيا الأكثر شيوعا لإنتاج الطاقة من الشمس، وقد شهدت هذه المادة ارتفاعا كبيرا في سعرها مؤخرا، حيث وصل ثمن الكيلوغرام الواحد منها إلى نحو 28 دولارا، وهو في ارتفاع مستمر كما ذكر موقع “سولار كوتس” (solarquotes) في تقرير له مؤخرا.
ويحتاج صنع لوح شمسي واحد إلى 1.3 كلغم من السيليكون بتكلفة تصل إلى 36.4 دولارا أميركيا، فإذا كان النظام الشمسي الواحد مكونا من 27 لوحا، فإن الثمن يبلغ 982 دولارا، فإذا أضفنا الضرائب وأجرة العمالة وتكاليف الإنتاج الأخرى فإن السعر سيصل إلى نحو 1500 دولار أميركي، وهذه كلفة عالية بكل المقاييس ولا يقدر عليها معظم البشر.
تقنية جديدة لصنع الخلايا الشمسية من النانوتكنولوجي
لحل هذه المشكلة، أعلن باحثون من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا الأسترالية مؤخرا عن توصلهم لتقنية جديدة لصنع خلايا شمسية رخيصة ومستدامة وفعالة وفي متناول الجميع، وذلك كما ذكرت منصة الجامعة التي نشرت الدراسة العلمية مؤخرا.
يقول العلماء إن هناك حاجة ملحة لتطوير بدائل أرخص وأكثر فعالية وصديقة للبيئة كذلك، ولتحقيق ذلك ابتكر العلماء مادة نانوية تجعل الخلايا الشمسية أكثر فعالية من الخلايا القائمة على السيليكون، وقد أطلق العلماء على هذه الخلايا الجديدة اسم “خلايا البيروفسكايت الشمسية” (Perovskite solar cells (PSCs)).
وهذه الخلايا الجديدة فعالة للغاية وسهلة الإنتاج، وقد تطورت بسرعة كبيرة خلال الفترة الماضية، إلا أنه لم يتم إنتاج كميات ضخمة منها قادرة على تغطية حاجة السوق بسبب بعض المشاكل التقنية التي كانت تعاني منها، ولكن العلماء الآن توصلوا لابتكار مادة نانوية متناهية الصغر قادرة على حل هذه المشاكل التي تعترض تطوير خلايا البيروفسكايت الشمسية، وتمكن من إنتاج كميات كبيرة منها قادرة على تغطية السوق خلال وقت قريب.
وقد وجد العلماء أن حقن هذه الخلايا بالمادة النانوية الجديدة -التي تعمل كمحفز لها- قد حقق الاستقرار الحراري لهذه الخلايا، وتقنية الحقن هي طريقة متقدمة لتحسين الخصائص الكهربائية للخلايا الجديدة.
كفاءة عالية للتقنية الجديدة
وأوضح البروفيسور جو شابتر الأستاذ المشارك في الدراسة أن “الخلايا المحقونة قد أظهرت كفاءة عالية في تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، بنسبة تجاوزت 21% مقارنة بالخلايا التي لم يتم حقنها بالمحفز النانوي، وهو الأمر الذي يعطي دفعة قوية لإنتاج ألواح شمسية مستدامة وفعالة، والأهم من ذلك أنها رخيصة الثمن وفي متناول الجميع.
ويؤكد شابتر “أن الطاقة القادمة من الشمس مجانية وهي لا تكلف شيئا على الإطلاق، ولكن جمعها وتحويلها إلى طاقة كهربائية أمر مكلف جدا، وهذا هو سبب أهمية الكفاءة في هذه العملية المعقدة، فإذا استطعنا تطوير ألواح شمسية أرخص وأكثر كفاءة، يمكننا عندها استخدام المزيد من الطاقة الشمسية، وهو ما سنراه قريبا جدا مع هذا الابتكار التكنولوجي الجديد”.
المصدر : مواقع إلكترونية