ليس من أجل التهوية.. لماذا يضع الصينيون فتحات كبيرة ضمن العمارات الصينية؟

ليس من أجل التهوية.. لماذا يضعون فتحات كبيرة في الأبنية الصينية؟

تشتهر الصين بأعرافها ومعتقداتها المتنوعة التي تتحكم في أغلب التفاصيل الحياتية لمجتمعها, وتظهر هذه الفلسفات جلية في الكثير الأمور كالطعام والشراب وطريقة اللباس وبالأخص نماذجهم المعمارية المنتشرة على كامل الجغرافية الصينية والتي ميزتها عن سائر حضارات العالم بمظهرها وتنظيمها العمراني الفريد.

فمن يحدد فنون تصميم المباني في مدينة (هونغ كونغ) ذات أحد أجمل الآفاق في العالم هم مهندسون معماريون يعملون بفلسفة وطريقة مختلفة تسمى الفينغ شوي.

هذه الطريقة هي عبارة عن فلسفة صينية تتحكم بتموضع المباني والأشياء بطريقة تُحدث وئاماً مع الطبيعة.

وهذه الفلسفة متأصلة أيضاً بشكل كبير في جذور ثقافة هونغ كونغ. فما هي الفينغ شوي وما الذي يميزها عن باقي الثقافات المعمارية؟

الفينغ شوي

تم قمع ثقافة الـ(فينغ شوي) في الصين خلال الثورة الثقافية في ستينيات القرن الماضي، لكنها عادت لتحقق نهضة وانتعاشاً دراماتيكياً في السنوات الأخيرة.

وخاصة في جنوب الصين الذي يؤمن سكانه بالخرافات لحد الآن.

في مركز الصين الذي يعتبر أغلب سكانه هذه الأمور مجرد خرافات، لا يزال هناك بعض المستثمرين ممن يؤمنون بها ويستشيرون خبراء الـ(فينغ شوي) تحسباً وليس إيماناً، عملاً بمبدأ الاحتياط خير من الندم.

في الواقع تُخصص العديد من الشركات حصةً من ميزانياتها السنوية لمستشاري الـ(فينغ شوي).

وتتراوح الاقتراحات التي يُقدمها خبراء هذه الفلسفة بين أمور بسيطة كتغير مكان مقعد المدير التنفيذي للشركة، أو وضع قطعة نقدية تحت السجاد.

وصولاً إلى أمور كبيرة جداً كهدم جزء من المبنى مثلاً وإعادة بناءه بشكل آخر، أو هدم المبنى بشكل كامل في بعض الأحيان.

يعتقد بأن لكل من اتجاه المباني؛ واتجاه مداخلها، والأماكن التي يوضع بها الأثاث داخل المنازل، دور في جلب الحظ الجيد والرفاهية لصاحب الشقة أو البيت.

وبسبب هذا الاعتقاد يتم التشاور مع خبراء في الـ(فينغ شوي) في كل عملية شراء منزل أو مكتب، وحتى في المشاريع الهندسية والمعمارية العملاقة في جميع أنحاء هذه الجزيرة، لهذه الفلسفة تأثير كبير على هذه العمليات.

حسناً، هذا الأمر ليس واضحاً بشكل كبير للغاية ولكن الأمثلة عليها موجودة في كل مكان تقريباً في هونغ كونغ.

وذلك كما يعتقد الصينيون من أجل جلب الحظ الجيد والثروة والرفاهية لأصحابها

ثقب التنين في مبنى خليج (ريبولس) The Repulse Bay في هونغ كونغ – صورة: Paul Griffin/Flickr


لماذا توجد فتحات في منتصف هذه الأبنية؟


فتحات التنانين – صورة: shottapaul/Flickr

عندما تم بناء المركز الرئيسي لبنك الـHSBC الشهير بأسديه البرونزيين الموجودين أمام المدخل في منتصف الثمانينات، تم تغيير موقع السلالم المتحركة الأصلي بغرض تشكيل زاويةً مع المدخل الرئيسي، وذلك لـ”منع الأرواح الشريرة“ التي تطير فوق ميناء (فيكتوريا) من التدفق مباشرةً للمكتب.


مبنى HSBC الرئيسي في هونغ كونغ – صورة: Ishak J/Flickr

من ناحية أخرى، أهمل بنك الصين ممارسات الـ(فينغ شوي)، ويعتبر الآن بنكاً ”قليل الحظ“، فهو فارغ في أغلب أوقات السنة، يُقال بأن الحواف الحادة الكثيرة لهذا البناء هي سبب حصول هذا الأمر، ولكن الأثر السلبي لهذه الحواف لم يتوقف هنا، فهي أيضاً ”تسرب طاقة سلبية“ للمباني المحيطة أيضاً.


من اليمين لليسار: برج HSBC، مركز شيونغ كونغ، بنك الصين – صورة: Kirill ΞΚ Voloshin/Flickr

تعرض مالك مركز (ليبو) للإفلاس واضطر لبيعه، مع العلم أن هذا المبنى يواجه أحد ”حواف بنك الصين“، وأيضاً هناك مبنىً آخر يواجه بنك الصين وهو مبنى الحكومة، والتي كان لها نصيبها من ”المشاكل“ أيضاً.


مركز ليبو، ضحية الـ(فينغ شوي) السيئة لبنك الصين – صورة: Hans Hansson/Flickr

للحيلولة دون وقوع مثل هذه المصائب على بنك HSBC، وُضع هيكلان على شكل مدفعين مثبتين في أعلى المبنى، تم توجيه هذان المدفعان نحو مبنى بنك الصين وذلك بغرض حماية بنك الـHSBC من الطاقة السلبية الخاصة به، من خلال رد الطاقة السلبية وعكسها باتجاه مصدرها مرة أخرى.


المدفعين اللذين يعكسان الطاقة السلبية التابعة لمبنى بنك الصين والموجودين فوق مبنى HSBC – صورة: Tom Mascardo/Flickr


منظر المدافع من زاوية أخرى – صورة: Tim Lam/Flickr

يُعزى النمو الحاصل في هونغ كونغ في السنوات الأخيرة إلى الـ(فينغ شوي) الجيدة للمدينة، فهي تقع في منطقة جميلة بين الجبال في الخلف، والبحر في الأمام، ويُعتبر هذا موقعاً ممتازاً وفق مبادئ هذه الفلسفة المعمارية، يُقال بأن الجبال في الخلف تحمل طاقة إيجابية كبيرة لأنها مأوى التنانين، وتهب الطاقة الإيجابية من خلال هونغ كونغ كما يشق التنين طريقه للبحر من أجل الشرب والإستحمام.

يفسر هذا الأمر سبب وجود تلك الثقوب في الأبنية التي تقع على طول الشاطئ، فتوفر هذه الثقوب مساراً مباشراً للتنانين للوصول إلى الماء من دون اصطدامها بأي عائق، بحيث تستمر الطاقة الإيجابية بالتدفق من خلال المدينة دون انقطاع.

”طاقة سلبية وتنانين“ في القرن الـ21… وأين؟ في هونغ كونغ والصين!


ثقوب التناين في ناطحات سحاب الصين – صورة: See-ming Lee/Flickr


ثقوب التناين في ناطحات سحاب الصين – صورة: See-ming Lee/Flickr

المصدر: مواقع إلكترونية

Exit mobile version