حفرة عملاقة في أرض الصحراء القاحلة يتم ملؤها سنوياً بالإطارات المستعملة القديمة.. ما سر أكبر مقبرة للإطارات المطاطية في العالم في الكويت؟
باستطاعة إطار سيارة عادي أن يدوم إلى مسافة تصل إلى 30 ألف كيلومتر قبل أن يصبح من الضروري استبداله، عادة يعاد تدوير إطارات السيارات التي وصلت إلى نهاية دورتها، لكن في الكويت، ترمى هذه الإطارات في واحدة من أكبر مكبات النفايات في العالم في (الصليبية) في مكان ليس ببعيد عن مدينة الكويت.
كل سنة، تحفر حفر عملاقة في أرض الصحراء القاحلة ويتم ملؤها بالإطارات المستعملة القديمة، يوجد لحد الساعة حوالي سبعة ملايين إطار هناك، التي تشغل مساحة واسعة لدرجة أصبح بالإمكان رؤيتها من الفضاء.
تصل هذه الإطارات من الكويت ودول أخرى، وتتكفل أربعة شركات حاليا بمهمة التخلص من الإطارات -ويعتقد أنها تتلقى أجورا خيالية لقاء مجهوداتها.
مقبرة الإطارات في الكويت عبر الأقمار الإصطناعية
تعتبر نفايات الإطارات المستعملة والقديمة التي يتم التخلص منها من بين أكثر النفايات التي تسبب مشاكل بيئية، وذلك بسبب كثافة تصنيعها وأعدادها الهائلة، وديمومتها وفترة استخدامها، وحقيقة أنها تحتوي على مكونات مضرة بالبيئة بشكل كبير.
خلال الثمانينيات والتسعينيات الماضية، كان يتم التخلص من 259 مليون إطار في العام، في سنة 2000-2001، بلغ حجم النفايات الخاصة بالإطارات في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي 5 ملايين طن.
ينتهي الأمر بربع هذه الإطارات في مواقع دفن النفايات، ويعاد تدوير بعضها الآخر أو يحرق على شكل وقود، أو تتم معالجتها ثم تصديرها إلى دول في أوروبا الشرقية، وإفريقيا، وأمريكا الللاتينية.
حاولت ولاية (فلوريدا) في الولايات المتحدة الأمريكية مرة استعمال نفايات الإطارات هاته من أجل إنشاء شعاب مرجانية اصطناعية، لاقى هذا المشروع فشلا ذريعا، ومنذ ذلك الحين تتسبب مخلفاته في مشاكل بيئية جمة تحولت إلى كابوس سيكلف الخزينة ملايين الدولارات من أجل تصحيح الخطأ وراءه.
تستعمل المواد الناتجة عن إعادة التدوير الملائمة لهذه الإطارات في العديد من الميادين بما في ذلك صنع وإنتاج ملاعب الأطفال، ومضامير رياضة الركض، وأرضيات الملاعب الاصطناعية، ووقود أفران الإسمنت، وبطانات السجاد، وساحات الفروسية، وتبليط الأرضيات.
بالإمكان كذلك إعادة تدوير هذه الإطارات واستعمالها في الدفاع ضد الفيضانات، أما إذا كانت في حالة جيدة بما فيه الكفاية، فبالإمكان كذلك إعادة تصنيعها واستعمالها في العجلات مجددا.
يتم حرق جزء كبير من نفايات هذه الإطارات من أجل الوقود، حيث تتعدى القيمة الطاقوية لهذه الإطارات تلك لدى الفحم مما يجعلها معوضا ممتازا له.
تعتبر مطمورات الدفن الصحي لنفايات الإطارات أقل وسائل التخلص منها فائدة، لأنها تحتل مساحات كبيرة، كما بإمكان الإطارات كذلك حبس غاز الميثان متسببة في الكثير من الحرائق العرضية الخطيرة، بل في الواقع تعتبر النيران التي تندلع في مطمورات الدفن الصحي لنفايات الإطارات أمرا شائعا للغاية.
في سنة 2013، قام الفنان الإسباني (بيخاك) بتصوير هذا المشهد في الصورة أعلاه، وهو يبرز مقبرة هائلة للإطارات المستعملة في وسطها رجل يحمل حلقة نجاة برتقالية اللون، أطلق بيخاك على صورته تلك عنوان (بحر هائج)، يقول بيخاك في هذا الصدد: ”كوني محاطا بهذا القدر الهائل من نفايات الإطارات -الملايين منها- غمرني بشعور كبير بالإضطراب والإختناق“، ويضيف: ”هنالك أماكن من هذا النوع كثيرة في العالم، من (الجبل) في كولورادو، إلى أكبر مقبرة للنفايات في الكويت في (الصليبية)، التي كلما قضيت فيها وقتا أكثر كلما تبين لي بوضوح الفشل التام والذريع في علاقة الإنسان بكوكب الأرض.“
تحمل هذه الصورة التي التقطها بيخاك معاني عميقة وخفية بين طياتها، كما أنها نالت انتباه مستعملي الإنترنيت كثيرا، بالإضافة البسيطة لحلقة النجاة البرتقالية، يضيف بيخاك شعورا غامرا بالغرق الذي يتماشى ويتناغم مع مجهودات الجمعيات البيئية في الحد أو على الأقل التقليل من آثار الصناعة ونفاياتها الوخيمة على البيئة.
إن الأرض تغرق حرفيا في النفايات التي نخلفها، وتغرق معها البشرية.
مواقع إلكترونية