تقارير

ما سر جبال الألمنيوم المكسوة بالقماش الأسود والمخفية في فيتنام ولا أحد يستطيع الوصول إليها..؟

ما سر جبال الألمنيوم المكسوة بالقماش الأسود والمخفية في فيتنام ولا أحد يستطيع الوصول إليها..؟

كي نقف على حقيقة هذه الأطنان المتراكمة بشكل أفضل، فإن هذه المخزونات تعادل الاستهلاك السنوي الكامل للهند، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.

فكم تبلغ قيمتها يا ترى؟

فبينما كان من المعتاد أن تتراكم ملايين الأطنان من الألمنيوم في الموانئ من “ديترويت” و”نيو أورليانز” في الولايات المتحدة إلى “روتردام” في أوروبا وميناء “كلانغ” في ماليزيا.

يقول مراقبو السوق إن المخزون الذي يبعد 50 كيلومتر (31 ميل) عن أكبر مدينة في فيتنام هو الوحيد الأبرز المتبقي الآن.

في منطقة صناعية على بعد حوالي ساعة بالسيارة باتجاه ساحل بحر الصين الجنوبي من مدينة هو تشي منه، توجد أكوام عملاقة من معدن خام مكسوة بالقماش المشمع الأسود، بامتداد هائل.

في العالم السري للألمنيوم ، يقول أولئك الذين يعرفون أن المخزون في فيتنام هو الأكبر الذي رأوه على الإطلاق، في صناعة تقضي الكثير من الوقت في بناء المخزونات.

بينما يقضي المحللون الكثير من الوقت في محاولة تحديد موقعها، لكن فيما يتعلق بالسوق التي تعاني من نقص في العرض بشكل متزايد، فهي مخزونات قد لا نراها مرة أخرى.

السبب وراء ترجيح عدم تحرك هذه المخزونات في أي وقت قريب يتضمن وجود سلطات الجمارك الفيتنامية، كما أنه يسلط الضوء على مدى أهمية تواجد سلعة منتشرة في كل مكان، لكنها غير مستقرة.

وفي وقت يتنافس فيه صانعو كل شيء من أجزاء السيارات إلى علب البيرة والبيبسي على المزيد منها، مع خروجهم من الوباء وسط خنق الصين للإمدادات.

ما حقيقة هذه الأكوام من الألومنيوم؟


ووفقا “لدنكان هوبز”، المحلل المقيم في لندن لدى شركة “كونكورد ريسورسز” (Concord Resources) لتجارة السلع والتي تغطي أسواق المعادن لمدة 25 عاما.

قال “هوبز”: “نحن نشهد أكبر عجز في السوق العالمي في 20 عاما على الأقل، وهذه المخزونات لن تملأ هذا العجز فحسب وإنما ستتركنا بفائض كذلك”.

والجدير بالذكر, أن هذه الكميات الضخمة صودرت في إطار تحقيق تقوده الولايات المتحدة لمكافحة الإغراق في عام 2019 يركز على ملياردير صيني.

وتقول السلطات الفيتنامية إنه تم تجميعها من الصين بواسطة شركة “غلوبال فيتنام ألومنيوم” (Global Vietnam Aluminium Ltd)، المعروفة باسم “GVA”، ورغم أن التحقيقات لم تنتهِ، فقد تم إسقاط التحقيق الأولي في”GVA” بسبب نقص الأدلة.

ويظل 1.8 مليون طن من الألمنيوم مخزن تحت أعين حراس الأمن الساهرة، ولم يفرج سوى عن كميات ضئيلة فقط لخط إنتاج “GVA”، وفقا لمسؤول في إدارة الجمارك العامة في فيتنام.

ولم يكن من الممكن الوصول إلى الشركة للتعليق، حيث يخضع جزء من المنطقة لإغلاق صارم مؤخراً.

ويعني الارتفاع الحاد في الأسعار أن قيمة المعدن ارتفعت بأكثر من 50% منذ مصادرته، وإذا بدأ المخزون في التحرك، فقد يكون التأثير زلزاليا.

إذ أنه سيكون أكثر من كافٍ لمحو العجز العالمي الذي ظهر في سوق الألمنيوم العام الجاري، وقد تؤدي موجة البيع إلى انهيار الأسعار.

ومع ذلك، أزالت “سي أر يو” (CRU)، وهي واحدة من شركات الاستشارات الرئيسية التي يعتمد عليها القطاع لتتبع المخزونات في أكبر سوق للمعادن الأساسية في العالم، المخزون الفيتنامي حاليا من تقديراتها للمخزونات.

فيما تقدر الشركة الواقعة في لندن أن عُمر بعض المخزون يزيد على 10 أعوام وسيباع كخردة في كل الأحوال. وقد تبلغ قيمة الكنز المرغوب بشدة مليارات الدولارات.

وقال روس ستراتشان، محلل ألمنيوم أول في “سي أر يو” في لندن: “عادة تتاح المخزونات للسعر المناسب لكن مشكلة هذه المادة هي أنه من غير الواضح تحت أي ظروف ستكون متاحة..

ولا يوجد أدلة كثيرة على أن المخزونات الفيتنامية ستقدم أي راحة للمستهلكين”.

وما يمكن أن تقدمه أكوام المعدن هو تذكير بالتاريخ الحديث المضطرب لسوق الألمنيوم، ويعكس الاهتمام بالمخزون، الذي لا يمكن الوصول إليه، لحظة فاصلة للمعدن.

إذ أن حقبة فائض العرض تفسح المجال لفترة من النقص بسبب القيود الصينية على الإنتاج لتقليل الانبعاثات.

قضى تجار الألمنيوم معظم العقد الماضي قلقين من احتمالية عودة تخمة هائلة تراكمت أثناء الأزمة المالية العالمية إلى السوق، قمعت الأسعار الضعيفة بالفعل.

وعلى سبيل المثال، قامت شركات صناعة السيارات في ديترويت بتخفيض مشترياتها بشكل كبير، بينما واصل المنتجون ضخ المعدن على أمل القضاء على المنافسين، وكان أكثر من نصف المنتجين على مستوى العالم يخسرون الأموال.

لكن بالنسبة للكثيرين، كانت التكاليف الضخمة الناتجة عن إيقاف تشغيل المصاهر الخاصة بهم أكبر، لذلك – شهرا بعد شهر – ازدادت كمية المعادن غير المرغوب فيها.

ثم تدخلت البنوك وشركات التداول، وكانت خطتهم هي كسب المال عن طريق شراء الفائض وحبسه حتى انقضاء السنوات العجاف، وعندما بدأ الاقتصاد العالمي في التعافي في أوائل عام 2010، وجدت الشركات المصنعة بما في ذلك “كوكاكولا” و”مولسون كورز” (MolsonCoors) نفسها تفتقر إلى الألمنيوم، بينما قبعت جبال من المعدن في الموانئ الرئيسية حول العالم.

في النهاية، عاد المعدن إلى السوق تدريجيا مع انتعاش الطلب، وحتى مؤخرا خلال العام الماضي، تم إمداد القطاع الصناعي بشكل جيد، وفي المراحل الأولى من الوباء، بدا أن السوق سيغرق مرة أخرى.

استنزاف المخزون

الآن، مع ازدياد الطلب وكبح الصين للعرض، فإن الرأي المتفق عليه في السوق هو أن التوقعات لم تكن أبدا أكثر إشراقا بالنسبة للأسعار، في حين أن جبال الألمنيوم تتلاشى تماما في الوقت الذي تشتد الحاجة إليها من قبل الشركات الصناعية.

وقال كاميل ولازلي، كبير محللي المعادن في “وود ماكنزي” في لندن: “كانت المخزونات تستنزف بوتيرة سريعة للغاية وبطريقة لم يستعد لها أحد”.

وبعيدا عن فيتنام، فإن دخول الصناعة إلى فترة من الندرة في الموانئ الصناعية الرئيسية الأخرى حول العالم أمر واضح للعيان، وتُظهر صور الأقمار الصناعية استنزاف مخزون ضخم في نيو أورلينز مملوك لشركة “كاسيلتون كوموديتيز” (Castleton Commodities)، وشحنه إلى المستهلكين في الولايات المتحدة، الذين اضطروا للدفع أكثر مقابل الألمنيوم منذ أن فرض الرئيس دونالد ترمب تعريفة جمركية على الواردات من الصين وأماكن أخرى.

كذلك اختفى مخزون كبير من ميناء كلانغ الماليزي في عام 2019 في نفس الوقت تقريبا الذي أظهرت فيه بيانات الجمارك ارتفاعا في الشحنات من البلاد إلى فيتنام.

ورغم مكانة ماليزيا المتواضعة نسبيا كمستهلك للألمنيوم، فقد أصبح ميناء كلانغ أيضا أكبر نقطة تخزين في شبكة مستودعات بورصة لندن للمعادن، لكن هذه الاحتياطيات تتراجع بسرعة هي الأخرى.

وأصبحت مستودعات بورصة لندن للمعادن في ديترويت وميناء فليسينجين الهولندي الآن فارغة تقريباً بعد أن احتوت على أكثر من 3.5 مليون طن في ذروة التخزين من قبل البنوك والتجار.

والقصة ذاتها تحدث في روتردام، التي كانت تحتوي على ملايين الأطنان من المعدن في مستودعات بورصة لندن والمستودعات الخاصة.

لكن بلا شك، فإن الوضع أكثر حدة في الصين، حيث يبلغ إجمالي المخزونات في جميع أنحاء البلاد الآن حوالي 1.2 مليون طن، أي ما يعادل أسبوعين من الطلب، وفقًا لتقديرات مجموعة الأبحاث “إيه زي تشاينا” (AZ China).

وتوجد العلامة الأكثر وضوحا على نقص المعروض المتزايد في البيانات التجارية للبلاد، والتي تظهر كيف أصبحت أكبر منتجة في العالم الآن مستوردة صافية للألمنيوم مع تكثيف التخفيضات في الإنتاج المحلي، بعد إغراق السوق العالمية بالمعدن لسنوات.

وتتسبب الصين حاليا في انخفاض سريع في احتياطيات الألمنيوم العالمية.

وقال “ولازلي”: “بالنسبة للصين – ونظرا للحجم الهائل للدولة – إذا كان من الممكن أن تعود المخزونات الفيتنامية، ستستوعبها السوق بسهولة”، لكن هذه المخزونات المكدسة لا تزال بعيدة المنال بشكل موجع.

المصدر: مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى