غلاء شديد للفواكه في ذروة موسمها… البطيخ الأحمر هو الناجي الوحيد عند السوريين
غلاء شديد للفواكه في ذروة موسمها… البطيخ الأحمر هو الناجي الوحيد عند السوريين
يشتكي الأهالي في سوريا من غلاء أسعار الفواكه بشكل غير منطقي وعدم قدرتهم على شرائها رغم وصولها إلى ذروة الموسم، حيث يفترض أن تكون رخيصة أو ذات أسعار معقولة. وأوضح آخرون أن الفاكهة عالية الجودة والتي تستحق أن تُشترى غالبًا ما تكون بأسعار أكبر من المستوى القياسي المرتفع أساسًا.
ولفت المواطنون إلى أن سعر كيلو التفاح الجيد نوعاً ما 4500 ليرة، والدراق ما بين 4500-5500 ليرة حسب نوعه، والخوخ 4000 ليرة، والإجاص الجيد بـ 3500 ليرة والنوع الثاني بـ 2500 ليرة، والعنب ما بين 2500-3500 ليرة والكرز النوع الأول 7000 ليرة والثاني بـ 5500 ليرة.
وأشار بعضهم، كما نقلت صحيفة محلية، إلى أن البطيخ الأحمر وحده من دون غيره رخيص السعر في هذه الأيام، فالكيلو يباع ما بين 350-450 ليرة، بينما البطيخ الأصفر لما يزل ثابت السعر عند الـ 800 ليرة للكيلو.
وكشف عدد من المواطنين أنهم إذا تجرؤوا على الشراء فهم يشترون ربع كيلو من نوعين أو ثلاثة أنواع من الفاكهة، وأن القادر منهم يشتري نصف كيلو من كل نوع بأحسن الأحوال. وأكدوا أن ما يشترونه هو لاستهلاك الأسرة وليس للضيوف، الذين تقتصر ضيافتهم على القهوة أو الشاي أو عصير مجفف فقط.
وأما الباعة في سوق 8 آذار بحماة فبينوا للصحيفة ذاتها، أنهم يشترون الفاكهة من سوق الهال بسعر مرتفع ويبيعونها وفق هوامش الربح المحددة من التجارة الداخلية. وأوضح بعضهم أن بالأسواق فاكهة بأسعار رخيصة وأخرى مرتفعة السعر، ويمكن لأي مواطن أن يشتري ما يناسب دخله. ولفتوا إلى أن هناك تفاحاً يباع الكيلو منه بـ 1500 ليرة، ودراقاً وخوخاً ما بين 2000-2500 ليرة، وعليها طلب كبير.
وكشف عدد من تجار سوق الهال بحماة، أن مصدر معظم أنواع الفاكهة من الساحل، وهي مرتفعة السعر بالمصدر، يضاف إلى ذلك أجور النقل والتحميل والتنزيل التي هي مرتفعة بالأساس وتضاف على سعر الكيلو أو الطن. وقال عدد منهم: “صحيح أن الأسعار مرتفعة ولكن دخل المواطن متدن أيضاً”.
وقد بيّن مصدر في التجارة الداخلية بحماة أن النشرة التموينية الصادرة بتاريخ 27 الجاري حددت سعر كيلو التفاح على سبيل المثال نوع أول بـ 2200 ليرة بالجملة، و2400 ليرة بالمفرق، ومن النوع الثاني بـ 1300 ليرة بالجملة و1500 ليرة بالمفرق.
وأوضح أن دوريات حماية المستهلك تجول في الأسواق وتتابع حركة البيع والشراء لكل المواد بما فيها الفاكهة، وتخالف كل من يبيع بسعر زائد. وقد خالفت منذ بداية هذا الأسبوع العشرات من الباعة والتجار الذين يبيعون بسعر زائد ولا يتداولون الفواتير.
وقال ختامًا: “ندعو المواطنين لإبلاغنا عن أي شكوى، على أرقام الواتس المعلنة أو بالهاتف لتلقي الشكاوى، لنتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين وفق أحكام المرسوم 8 للعام 2021.”
لكن وفي الاتجاه المقابل، يؤكد الناس على عدم جدوى هذا الكلام، ويطالبون بالتعامل مع هذه المشكلة بجدية، معتبرين أن سوريا كبلد زراعي وصاحب أراضي خصبة “من المعيب أن يحرم أهلها من تناول الفواكه”.
اقرأ أيضاً: زيادات مستمرة.. لماذا ترتفع الأسعار يومياً بسوريا؟.. هذا ما قاله خبراء الاقتصاد
شهدت الأسعار في السوق السورية، خلال الفترة الحالية ارتفاعات كبيرة، تُزيد من معاناة المواطنين إضافة إلى معاناتهم اليومية العديدة، وسط تدني مستوى الرواتب والمداخيل بشكل عام. من المؤكد أن هذا الارتفاع شبه اليومي، له عدة أسباب خفية بعيدة عن تراجع الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي بين الحين والآخر، وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على الوضع الاقتصادي في البلاد، وهشاشة الاقتصاد السوري، وإفلاس خزينة الدولة منذ سنوات عديدة. فعلى الرغم من الارتفاع الطفيف في سعر الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي خلال الفترة الحالية، شهدت الأسوق السورية ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار بنسب متفاوتة بشكل شبه يومي، إلى جانب فقدان بعض السلع في الأسواق، الأمر الذي ينذر بحدوث ارتفاعات أخرى في الفترة المقبلة.
من هنا تبرز عدة تساؤلات حول سبب ارتفاع الأسعار بشكل شبه يومي في سوريا مؤخرا، بالتزامن مع الارتفاع الطفيف في سعر الدولار مقابل الليرة السورية، وإلى أين يتجه الاقتصاد السوري والظروف المعيشية خلال الفترة الحالية بالتزامن مع تباين الأزمات الاقتصادية العالمية، إلى جانب تأثير الحرب الأوكرانية المستمرة حتى الآن.
عوامل عالمية وداخلية
خلال جولة على أسواق المواد الغذائية في العاصمة دمشق، رصدت صحيفة “الوطن” المحلية، أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أسعار بعض المواد مثل السكر، الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه لأكثر من 5 آلاف ليرة سورية، وشبه فقدان مادة المتة التي وصل سعر الكيلو الواحد منها لحدود 20 ألف، بعد أن كانت تباع بـ16 ألف.
وأوضح بعض تجار المواد الغذائية، أن الكميات الموزعة عليهم قليلة جدا، ولا يمنحهم الموزع الكميات التي يريدونها وكل يوم بسعر جديد، كما أكد آخرون أن سعر بعض السلع يختلف يوميا، ويشترونه كل يوم بسعر جديد. من جانبه، بيّن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم، أنه ليس هناك أي مبرر لارتفاع أسعار هذه المواد.
بدوره، أشار رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي، إلى أن الضرائب الكبيرة المفروضة على التجار والرسوم الجمركية المرتفعة، وغيرها من الإجراءات الأخرى يدفع ثمنها المواطن من جيبه من خلال قيام بعض التجار برفع أسعار السلع والمواد تزامناً مع ارتفاع الرسوم والضرائب المفروضة عليهم (على التجار).
وفي هذا السياق يرى الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، أن ارتفاع أسعار المواد في سوريا يرجع إلى عوامل عالمية وداخلية سورية، وبالطبع عوامل عالمية تتمثل في التضخم نتيجة تداعيات فيروس “كورونا” الممتدة حتى الآن، بالإضافة إلى مشاكل سلاسل التوريد والشحن وارتفاع أسعار النفط عالميا.
أما بالنسبة للعوامل الداخلية السورية، فتتمثل في احتكار أمراء الحرب لاقتصاد البلاد، واحتكار التجار الكبار واستغلالهم للسلع بشكل عام، فكل هذه الأمور بالتأكيد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مبدئيا، على حد تعبيره لموقع “الحل نت”.
سياسات خاطئة
ضمن سياق أسباب ارتفاع وفوضى الأسعار في سوريا، مؤخرا، فإن العامل الأهم في ارتفاع الأسعار، هو استنفاذ خط الائتمان الإيراني الأخير لدمشق، والذي يعتبر جرعة لحكومة دمشق تعتمد عليه في اقتصادها الهش، ويبدو أن هذا الاستنفاذ شكل ضغطا على الاقتصاد السوري، وبدأت آثاره تظهر الآن، وهي الارتفاع التدريجي للأسعار، وفق تقدير الباحث الاقتصادي، رضوان الدبس.
“كما أننا لا ننسى ضعف القوة الشرائية للسوريين في الداخل. إذاً، مجموعة من العوامل لعبت دورا في إحداث الغلاء وارتفاع الأسعار، وبالطبع كل هذا يدفع ضريبته المواطن السوري، فالعالم يعاني من التضخم وتداعيات فيروس “كورونا” وتداعيات الحرب الأوكرانية وما إلى ذلك بنسبة 20 بالمئة، إلا أنه في سوريا يعاني المواطنون بنسبة تقارب 50 إلى 100 بالمئة، نظرا لاقتصاد البلاد الهش وعجز حكومة دمشق، في مواجهة الأزمات الدولية والمحلية، حيث أن الدول لديها احتياط الخزينة المالية وخطط اقتصادية استراتيجية لمواجهة الأزمات، إلا أن دمشق لا تملك كل هذه الأمور”، على حد قول الباحث الاقتصادي لـ”الحل نت”.
وبالتالي، حسب اعتقاد الدبس، فإن أي عامل سواء كان كبيرا أو صغيرا يؤثر بشكل مباشر على الأسعار والمواطن السوري حتما، وهذا متوقع نتيجة ما يحدث في سوريا منذ سنوات. أما بالنسبة لوضع الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، حسب تقدير الدبس، فسيكون الوضع على هذا النحو وفي المستقبل المنظور، إذ لا توجد مؤشرات على أن الليرة السورية، ستتحسن أو تتدهور أكثر مما هو عليه الآن.
وفي وقت سابق، اعتبر الصناعي السوري فواز العقاد، أن قرارات حكومة دمشق، وأداءها يتسبب في شح المواد واحتكارها وبالتالي ارتفاع أسعارها بين الحين والآخر.
أيضا، كشف الصناعي السوري مجد ششمان، خلال حديثه لوسائل الإعلام المحلية، في وقت سابق، أن ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالسياسة الاقتصادية الخاطئة في سوريا.
من جانبه، مركز “جسور للدراسات” أصدر تقريرا مفصلا تحدث خلاله عن مراحل انهيار الاقتصاد السوري، لا سيما فيما يتعلق بالتجارة الخارجية بشقيها المتعلق بالواردات والصادرات، حيث كان لفشل الحكومة في الحفاظ على التجارة الخارجية دورا هاما في انهيار الاقتصاد.
وتناول التقرير، الصادرات السورية إلى الدول العربية، التي وصلت ذروتها في عام 2012، وبلغت نحو 730 مليار ليرة سورية، لكن ومع قطع الدول العربية علاقاتها مع دمشق، انهارت قيمة الصادرات في عام 2013، حتى وصلت إلى مئة مليار ليرة فقط.
كما أشار التقرير إلى تراجع الواردات في سوريا إلى حدوده الدنيا مع بدء انخفاض قيمة العملة المحلية، وتزامنا مع بدء دول الاتحاد الأوروبي قطع علاقاتها مع حكومة دمشق، أكد التقرير، أن واردات البلاد من الدول الغربية تكاد تكون صفر بعد عام 2013.
وعليه، يمكن القول أن ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية في السوق السورية، له عدة أسباب؛ أبرزها القرارات الحكومية غير المدروسة، التي تليها حالات الفساد والمحسوبية، وبالتالي تخلق حالة من الفوضى والأزمات وانتعاش السوق السوداء، والتي يصاحبها بلا شك ارتفاع في الأسعار، فضلا عن قرارات دمشق بالحد من استيراد السلع، وضعف الإنتاج المحلي، وتقديم دمشق القروض للصناعات الجديدة، والتراخيص محتكرة ومقيدة بأشخاص محددين، تابعين لها بشكل غير مباشر، وهم متمثلين بطبقة “أمراء الحرب والحيتان”، الذين جعلوا الدولار شماعة يرفعون عليها الأسعار، إلى جانب تخزينهم للبضائع والامتناع عن البيع، لإحداث أزمة فقدام لبعض السلع في الأسواق، ومن ثم رفع التسعيرة على أهوائهم، دون إثارة حالة من الغضب الشعبي بين المواطنين.
المصدر: مواقع إلكترونية