السوريون الحاصلون على الجنسية التركية إلى فرع فلسطين للتحقيق.. إليك القصة بالتفصيل
حصلت “المدن” على معطيات تؤكد دقة التعميم المسرب الصادر عن النظام الذي ينصّ على تكليف السوريين الحاصلين على الجنسية التركية بمراجعة فرع المخابرات 235 (فرع فلسطين)، عند دخولهم إلى الأراضي السورية من المعابر الجوية والبرية.
وفي التفاصيل، أكد أحد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية أنه راجع الفرع المذكور فعلاً، وذلك قبل نحو شهر بعد دخوله الأراضي السورية من معبر كسب الحدودي بمحافظة اللاذقية.
وبيّن السوري الذي عاد إلى تركيا، أن المحقق في فرع فلسطين استفسر عن طريقة حصوله على الجنسية التركية (سبب الترشيح للحصول على الجنسية)، وطبيعة عمله، وغيرها من الأسئلة الاعتيادية. وأكد أنه لم يكن على دراية بهذا التعميم قبل الدخول إلى سوريا. وأضاف ل”المدن”، أن “اسم الفرع لوحده يثير الفرع والهلع (…) مرّت على خير”.
وكانت مصادر إعلامية، قد نشرت قبل أيام نص التعميم الذي حمل توقيع مدير إدارة الهجرة والجوازات لدى النظام اللواء خالد سليم، وينص على تكليف المواطنين السوريين الحاصلين على الجنسية التركية بوجوب مراجعة “فرع فلسطين”.
ووفق مصادر متطابقة، يُعتبر “فرع فلسطين” من أكثر مراكز المخابرات التابعة للنظام تسجيلاً للتعذيب والانتهاكات بحق الموقوفين فيه.
ويقول الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية عبد الله نجار ل”المدن”، إن السياق العام لكل الاستدعاءات والمراجعات الأمنية، يبدأ بتساؤلات بسيطة عادية روتينية مكررة ولكنها لا تنتهي وفق نهايات واحدة بالتأكيد، مضيفاً “كل مُستدعى حالة خاصة متفردة يتم استثمارها بما يخدم النظام”.
وحول أهداف النظام من هذا التعميم، يتحدث الباحث عن جملة أهداف أولها، الإحاطة الكاملة بملف الجنسية التركية وتشكيل رؤية واضحة وتوفير حجج لتبرير أي إجراء لاحق يتخذه النظام، من دون أن يستبعد أن يُقدم النظام على إجراءات استثنائية مثل إسقاط الجنسية عن البعض من المجنسين ذوي الحالات الخاصة (المعارضة).
ومن بين الأهداف الأخرى التي يريد النظام تحقيقها من خلال مراجعة السوريين الحاصلين على الجنسية التركية لفرع المخابرات، وفق نجار “محاولة ربط أكبر قدر من المخبرين والعملاء”.
ويقول: “يعتقد النظام أن السوري الحاصل على الجنسية التركية الذي يتجرأ على زيارة دمشق هو خارج إطار الثورة السورية، بل ربما يكون مؤيداً له أو ضد الثورة وهو ما يشكل فرصة أو مدخلاً للتعاون معه”، لكن البعض وضع طلب النظام في إطار عرقلة عودة اللاجئين السوريين، لأنها لا تخدم مصالحه الاقتصادية والسياسية.
وطبقاً لأرقام نشرها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في نيسان/أبريل، يزيد عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية على 200 ألف، من أصل نحو 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا.
اقرأ أيضاً: الخارجية تطالب أوروبا: إعادة النازحين أو ترحيلهم لبلد ثالث
تواظب وزارة الخارجية اللبنانية على مخاطبة المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، سعياً إلى وضع ملف النازحين السوريين في أولوية الاهتمامات. وبعد انطفاء ما سمي بمبادرة إعادة النازحين وفشل المساعي مع النظام السوري، عادت الوزارة لاستخدام هذا الملف كغطاء لبعض الأزمات، في الكهرباء وفي الخبز وفي الأمن..إلخ. والأهم هو استخدامه كذريعة لطلب المزيد من المساعدات بوصف لبنان “دولة مضيفة”، طالما أن السلطة اللبنانية تدعي أن الكارثة التي حلت بلبنان “أحد أسبابها الرّئيسيّة، متّصل بأعباء الأزمة السورية وتداعياتها، لاسيّما النزوح السوري الكثيف إلى لبنان”!
مخاوف لبنان
فاليوم، الجمعة، أشارت وزارة الخارجية والمغتربين، إلى “أنّها اطّلعت على بيان الممثّل الأعلى للشّؤون الخارجيّة الأوروبيّة باسم الاتحاد الأوروبي، حول الوضع في لبنان الصّادر بتاريخ 30 تمّوز 2022″، متوجّهةً بالشكر إلى الاتّحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على “اهتمامهم ومتابعتهم للأوضاع في لبنان”.
وأكّدت في بيان، أنّ “لبنان يواجه أزمةً اقتصاديّةً واجتماعيّةً غير مسبوقة في تاريخه المعاصر، الّتي بات معها يعيش 80% من اللّبنانيّين تحت خطّ الفقر”، موضحةً أنّه “قد تتعدّد أسباب هذه الأزمة الاقتصاديّة الحادّة وتتشابك، بين إصلاحات داخليّة واجبة تسعى الحكومة جاهدة لإقرارها، إضافةً إلى إجراء التّصحيح البنيوي المطلوب، والتزامات دوليّة أهمّها إنجاز الاتّفاق النّهائي مع صندوق النقد الدولي، لوضع لبنان على مسار التّعافي المستدام”.
وشدّدت الخارجيّة على أنّه “لا يمكننا أن نتجاهل أنّ أحد الأسباب الرّئيسيّة لما يرزح تحته لبنان، متّصل بأعباء الأزمة السورية وتداعياتها، لاسيّما النزوح السوري الكثيف إلى لبنان”، مبيّنةً أنّ “التّواجد الكبير للنازحين السوريين على الأراضي اللّبنانيّة شكّل سببًا رئيسيًّا للأزمة الاقتصادية العميقة”.
وذكرت أنّ “نتيجةً لذلك بدأت الفئات الاقتصاديّة الأكثر ضعفًا من اللّبنانيّين تتنافس على الخدمات والموارد الغذائيّة المحدودة المقدَّمة، مع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الّذين أصبحوا يشكّلون معًا نحو 40% بالمئة من عدد اللّبنانيّين، ممّا أدى مؤخّرًا إلى زيادة نسبة التوتّرات والحوادث الأمنيّة بين الفئات الاقتصاديّة كافّة الأكثر ضعفًا في لبنان”.
كما لفتت إلى أنّ “بعد انقضاء أحد عشر عامًا على بدء الأزمة السّوريّة، زادت مخاوف لبنان، حيث تبيّن له غياب خيرطة طريق لدى مجتمع الدّول المانحة لعودة النّازحين السّوريّين إلى وطنهم الأمّ بكرامة وأمان، أو ترحيلهم لدولة ثالثة كما بدأت تفعل بعض الدّول مؤخّرًا”، مركّزةً على أنّ “استمرار ربط العودة بالحلّ السّياسي في سوريا، في ظلّ انسداد واضح ومعلوم من الجميع في الأفق السّياسي، يعني بقاءهم في لبنان إلى أجل غير مسمّى”.
وأفادت بأنّ “كذلك، أدّت التطوّرات الدّوليّة المتسارعة إلى تغيّرات جذريّة في أولويّات المجتمع الدولي واهتماماته، بعيدًا عمّا يحصل في سوريا”، مشيرةً إلى أنّ “أكثر من عقد قد مضى على وجود النّازحين السّوريّين في لبنان، وهم بمعظمهم نازحون اقتصاديّون يستفيدون من المساعدات الدّوليّة المباشرة والانتقائيّة دون المرور بالسّلطات الرّسميّة اللّبنانيّة، وما تؤمّنه لهم من مداخيل بالعملة الصّعبة يرفدون بها الدّاخل السّوري”.
التلويح بالزوارق
وجزمت الخارجيّة أنّ “لبنان لم يعد قادرًا على الاستمرار بالوسائل التّقليديّة المتّبعة، الآيلة إلى إبقاء النّازحين في أماكن تواجدهم، بدل البحث عن وسائل لإعادتهم إلى ديارهم بصورة كريمة وتدريجيّة وآمنة”، معلنةً أنّ “حرصًا منّا على أوضاع لبنان الاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّة، نخشى أنّه لن يكون أحد بمنأى عن تداعيات هذه الأزمة، لاسيّما مع تزايد ظاهرة زوارق الهجرة غير الشّرعيّة المتّجهة إلى أوروبا، بالرّغم من تشدّد السلطات اللبنانية في منع هذه الظّاهرة”.
إلى ذلك، أوضحت أنّ “انطلاقًا من المصلحة المشتركة اللّبنانيّة- الأوروبيّة بإيجاد حلّ مستدام لملف النزوح السوري، يحمي لبنان اجتماعيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، ويقي الدّول الأوروبيّة استباقيًّا تبعات أيّ تدهور محتمل، وإذ تثني الوزارة على الجهود المبذولة من دول الاتّحاد الأوروبي للتّخفيف من التّداعيات الإنسانيّة للأزمة السّوريّة، تدعو بصدق إلى التّعاون والتّشاور والحوار، لوضع خريطة طريق تسمح بعودة النازحين السّوريّين تدريجيًّا إلى ديارهم بكرامة وأمان، حرصًا على استقرار لبنان والمصالح المشتركة مع أوروبا”.
البيان الأوروبي
يذكر أن بيان الممثّل الأعلى للشّؤون الخارجيّة الأوروبيّة باسم الاتحاد الأوروبي، حول الوضع في لبنان، قال: “ينبغي أن يكون اعتماد الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي طال انتظارها، في إطار برنامج متكامل لصندوق النقد الدولي، على رأس الأولويات. ويشكّل مثل هذا البرنامج الحل الوحيد القابل للتطبيق والموثوق لمساعدة لبنان”.
وجاء في البيان أيضاً: “إثر الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 15 أيار وتعيين نجيب ميقاتي رئيسا للوزراء في 23 حزيران، أصبح تشكيل الحكومة ضروريّا الآن ويجب أن يتخذ البرلمان والرئيس والحكومة الجديدة القرارات اللازمة لمعالجة الأزمة التي لم يسبق لها مثيل في البلاد ومن الأهمية بمكان أيضاً التقيد بالجدول الزمني الدستوري فيما يتعلق بتنظيم الانتخابات الرئاسية والانتخابات البلدية اللاحقة”.
وأضاف: “ولا يزال الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ملتزمين بمواصلة مساعدة لبنان في هذه الفترة الحرجة. وقد قدّم الاتحاد الأوروبي منذ سنة عام 2011 دعماً بقيمة حوالي 2 مليار يورو منها أكثر من 1 مليار يورو على وجه التحديد لمعالجة تأثير الأزمة السورية في لبنان ودعم اللاجئين السوريين واللبنانيين من الفئات الهشّة. وقد كثف الاتحاد الأوروبي مؤخراً التزاماته في البلاد بمبلغ 20 مليون يورو لتمويل المساعدة الانسانيّة الاضافيّة و25 مليون يورو لضمان الأمن الغذائي والصّمود”.
المصدر: المدن