“مباني ريمة” براعة الهندسة المعمارية العربية في أبهى صورها.. أسقف حجرية تشهد على عظمة العمارة اليمنية

“مباني ريمة” براعة الهندسة المعمارية العربية في أبهى صورها.. أسقف حجرية تشهد على عظمة العمارة اليمنية

بينما تستخدم الخرسانة والأخشاب لتغطية أسطح المنازل، يحرص أهالي محافظة ريمة اليمنية على استخدام الأحجار، وهي طريقة فريدة في العالم.

ورغم التطور الذي رافق مسيرة العمارة التقليدية، إلا أن أهالي ريمة يحافظون على هذا النمط من البناء التاريخي، إذ تفنن البناؤون المهرة في استخدام الأقواس الحجرية لتغطية أسطح المنازل مع لمسات جمالية ذات طابع خاص.

وما يشجع أهالي تلك المحافظة الجبلية الواقعة إلى الغرب من اليمن، على ذلك هو صلابة الأحجار المستخدمة على شكل أقواس وعقود، وقدرتها على مقاومة العوامل المناخية، فضلا عن قدرتها على الصمود مئات السنين دون التأثر بالعوامل المحيطة بها.

ويلجأ أهالي ريمة إلى استخدام أحجار متعددة الطول، ويصل طول بعضها إلى نحو ثلاثة أمتار، نظرا إلى توفرها بكثرة في جبال المحافظة، ويتم استخراجها من محاجر قديمة بطريقة سهلة.

وتأخذ تلك الأعمدة الأشكال الرباعية والخماسية، وبعضها يأخذ الشكل المسطح، فيما البعض منها يأتي على شكل ثلاثي. وتتميز هذه الأحجار البديعة بألوانها البيضاء والرمادية والزرقاء، وبأنها مصقولة طبيعيا، ولا تحتاج لتشذيب أو إعادة تعديل في أوجهها الخارجية، مما يوفر على البنائين عناء كبيرا.


وتوارث الأبناء عن الأجداد هذا النمط من البناء، منذ قرون زمنية قديمة، إذ تشير الحصون التاريخية، والأبنية الأثرية، التي يعود بعضها إلى حقبة ما قبل الإسلام، كحصن قوردان، وحصن يفوز، وحصن دنوه، وقلعة جبل ظلملم، إلى قدرتها على الصمود رغم مرور مئات السنين.

ويلجأ الأهالي إلى هذه الطريقة في البناء، رغم تكلفتها العالية، نظرا لشكلها الأخاذ والجميل، فضلا عما تتميز به الأحجار من متانة تكسب المبنى صلابة وترابطا، يستمر لقرون زمنية، على عكس الأخشاب التي تتأثر بالمياه والحشرات.

ويقول أحد أهالي ريمة لـ “العين الإخبارية”: مكتفيا بإعطاء نفسه لقبه” الطياشي” إن الأثرياء والمغتربين يستخدمون هذا البناء المكلف اليوم كتقليد متوارث ينم عن حب، وتفاخر بالإرث التاريخي، حتى لا يندثر.


ويضيف أن جبال محافظة ريمة جميعها، تشتهر بوفرة الأحجار بكثافة، وهي ذات كميات تجارية يمكن تصديرها للخارج في حال تم الترويج لهذه الفكرة.

وما يميز هذه الأحجار التي يتراوح طولها ما بين 60 سم إلى ثلاثة أمتار، هو أنها لا تحتاج إلى صقل أو تشذيب، بحسب الطياشي، فضلا عن أنها تكسب الأسقف منظرا بديعا ومقاوما للظروف المناخية التي لا تتأثر بها على الإطلاق.

وانفردت محافظة ريمة، بحسب الطياشي، بهذا الطابع من البناء الذي ليس له مثيل في أي مكان في العالم، وإن كانت العمارة اليافعية تستخدم الأسقف الحجرية، لكنها تكون موضوعة على أخشاب السدر المتينة، على عكس مباني ريمة التي تستخدم الأخشاب كسقالات فقط أثناء رصف تلك الأعمدة.


ويتم إزالة تلك “السقالات” عندما تأخذ الأسطح شكلها النهائي، فتبقى الأحجار المرصوصة بطريقة متينة متماسكة. وتساعد العقود الحجرية “الأقواس” في تقسيم الأسقف الواسعة للمنازل إلى أجزاء منفصلة يتم من خلالها تغطية كل غرفة بمفردها.

ولا يقتصر تغطية الأسطح بالأحجار على المنازل ذات الشكل المقوس أو المسطح، وإنما يشمل المساجد وخزانات حصاد مياه الأمطار، والتي تعد المصدر الوحيد لتزويد السكان بالمياه.

وقديما كان يتم تغطية الشقوق الصغيرة بين الأحجار بالطين اللبن، لكن اليوم تضاف مادة الإسمنت، كي تمنع تسرب المياه إلى الداخل.

اقرأ أيضاً: مباني الشارقة التاريخية تدخل قائمة “إيسيسكو” لتراث العالم الإسلامي


أدرجت لجنة التراث التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) موقع قلب الشارقة وحصن الشارقة ضمن لائحة التراث بالعالم الإسلامي.

جرى ذلك في الاجتماع العاشر للجنة التراث بالعالم الإسلامي في مدينة الرباط المغربية، خلال شهر يوليو/تموز الجاري.

هيئة الشارقة للآثار كانت قد رفعت ملفات متكاملة للترشيح إلى منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة في يوليو/تموز 2021.

وتضمنت الملفات الأبعاد الأثرية والقيمة التاريخية والفنية لهذه المواقع، فضلاً عن عناصرها المعمارية وتقارير حالة صونها والحفاظ عليها.

ويستند إدراج إمارة الشارقة إلى اللائحة نظراً لدورها التاريخي المتميز في الحفاظ على أمن التجارة العالمية في الخليج، وتهيئة جميع الظروف لتأمين حرية النقل والتنقل عبر الخليج العربي، وذلك لموقعها الاستراتيجي ذي الأهمية البالغة في تأمين التواصل التاريخي الثقافي بين الشرق والغرب.

ويضم الموقع المدرج عدداً من المباني التاريخية أهمها حصن الشارقة التاريخي والأسواق التجارية والمباني التاريخية الشاهدة على تاريخ الإمارة والمنطقة.

وقال الدكتور صباح جاسم مدير عام هيئة الشارقة للآثار إن تسجيل هذه المواقع يأتي في إطار استراتيجية وخطة الهيئة للحفاظ على التراث الثقافي المادي للإمارة ومشاركته مع العالم بإبراز هذه المواقع وتسجيلها على قوائم التراث الدولية للتعريف بها وتحسين عوامل الجذب السياحي لها حيث سبق وتم تسجيل مواقع التراث الثقافي بالمنطقة الوسطى لإمارة الشارقة على القائمة التمهيدية لليونسكو في 2012، مؤكدا مواصلة جهود الهيئة بتقييم المواقع الأثرية في الإمارة ومدى أهليتها للترشح للقوائم الدولية وسيتم لاحقاً الإعلان عن نتائج هذه الدراسات.

وتكتسب لائحة التراث في العالم الإسلامي للإيسيسكو أهمية متوازية مع قائمة التراث العالمي لليونسكو ويعتبر موقع قلب الشارقة وحصنها أول موقع من دولة الإمارات يُدرج على هذه القائمة ذات المكانة الدولية العريقة التي تُعنى بحماية التراث الثقافي والتراث الطبيعي في العالم الإسلامي.

المصدر: مواقع إلكترونية

Exit mobile version