رغم كونها أكبر منتج للنفط.. لماذا تحتاج أميركا لاستيراده؟
رغم أن الولايات المتحدة تعد، وفقًا لوكالة معلومات الطاقة الأميركية، أكبر منتج للنفط في العالم منذ العام 2018، بما في ذلك النفط الخام وسوائل البترول الأخرى والوقود الحيوي، فإنها ما تزال بعيدة عن الاكتفاء الذاتي وتستورد كميات ضخمة من النفط.
وتثير أسعار النفط المرتفعة، والمخاوف المتعلقة بالطاقة صفو الاقتصاد العالمي، وتسببت التكلفة المرتفعة لوقود السيارات في صدمة اقتصادية كبيرة بالولايات المتحدة، وفقا لما ذكر موقع “Yahoo Finance”.
وكانت أسعار وقود السيارات قد شرعت في التراجع داخل أميركا، مما أدى إلى ارتياح بسيط في نهاية موسم السفر الصيفي، لكن هذه الأسعار لا تزال تحوم عند 4.16 دولار للغالون على الصعيد الوطني.
ومن المتوقع مع زيادة الاستثمارات في الوقود الأحفوري والاعتماد أكثر على مصادر الطاقة المتجددة، أن يخف اعتماد أميركا على الاستيراد، ولكن مع ذلك فإن هناك من يتساءل عن سبب استمرار واردات الولايات المتحدة من الخام.
أسباب متنوعة
ووجدت شركة Rystad Energy، وهي شركة أبحاث طاقة خاصة، في تحليل أجرته عام 2020 أن حقول النفط في الشرق الأوسط لديها أقل تكلفة إنتاج في العالم عند 31 دولارًا للبرميل، بينما تصل تكلفة استخراج برميل النفط من المياه العميقة في أميركا إلى 43 دولارًا للبرميل، ويتفوق عليه شقيقه برميل النفط الصخري الذي يزيد ثمن استخراجه عن 44 دولارًا.
والسبب الثاني أن معظم الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية هو من الخام الخفيف، وهو عبارة عن زيت خفيف، ما يعني أنه يحتوي على نسبة منخفضة من الكبريت وذي كثافة أقل، في حين أن خام الأورال الروسي الرئيسي غني بالكبريت، وهو خام تتعامل معه مصافي التكرير الأميركية جيدا.
وكان معظم النفط الخام عالي الكبريت الذي تحتاجه الولايات المتحدة الأمريكية يأتي أقرب جيرانها – المكسيك وكندا – لكن أحياناً تطلب المصافي المزيد من السوق، خاصة بعد أن كانت أميركا تستورد ذلك النوع من الخام من فنزويلا ومن ثم روسيا قبل فرض حظر على الواردات البترولية من كلا البلدين.
ووفقا لوكالة “بلومبيرغ” فإن الولايات المتحدة عندما كانت تستورد النفط الروسي، فإنه كان يميل للتدفق إلى المصافي الواقعة على الساحل الشرقي والساحل الغربي، بعيداً عن قلب مركز النفط والغاز في منطقة ساحل الخليج.
وتعتمد المصافي على طرفي البلاد بشكل أكبر على الواردات لتلبية احتياجاتها من الخام لأن خطوط الأنابيب من مراكز الإنتاج في تكساس ونورث داكوتا إلى السواحل محدودة،
وعلاوة على ذلك، يشترط قانون “جونز” على السفن التي ترفع العلم الأميركي عدم نقل الشحنات بين الموانئ الأميركية ما يحد من القدرة على شحن النفط الخام الأميركي إلى المدن على طول السواحل.
قصة “الاحتياطي الاستراتيجي“
ولكن رغم ذلك، لا تزال تحتفظ أميركا بمخزون كبير من النفط، إذ كان يحتوي احتياطي النفط الاستراتيجي في العام 2019 على 645 مليون برميل، ما جعله أكبر مخزون احتياطي للنفط في العالم.
وكان الرئيس الأميركي الراحل، جيرالد فورد، قد وقع في العام 1975، قانوناً لإنشاء أول مخزون نفط خام احتياطي للطوارئ في الولايات المتحدة بعد أن أصيبت البلاد بصدمة كبيرة بسبب حظر نفطي قبل بضع سنوات جراء تداعيات حرب أكتوبر بين العرب وإسرائيل.
وبحسب شبكة “سي إن إن” يتكون الاحتياطي الاستراتيجي من 4 مواقع على طول سواحل خليج تكساس ولويزيانا التي تحوي كهوف تخزين عميقة تحت الأرض، يبلغ عمقها ما بين 2000 و4000 قدم تحت السطح، وبلغت كمية النفط الأكبر الذي احتفظ به الاحتياطي الاستراتيجي على الإطلاق، 727 مليون برميل في العام 2009.
ولا يستطيع أحد سوى رئيس الولايات المتحدة بإصدار أمر لسماح استخدام احتياطي النفط الاستراتيجي، وهو أمر حدث مرات قليلة جدا، كان آخرها عندما سمح الرئيس الحالي، جو بايدن، في أواخر مارس الماضي مليون برميل من النفط يوميًا من احتياطياتها لمدة ستة أشهر، وهو حجم تاريخي يؤكد قلق البيت الأبيض بشأن ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال البيت الأبيض وقتها أن بايدن سيستدعي “سلطات الحرب الباردة” لتشجيع الإنتاج المحلي للمعادن الحيوية لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية واستخدامات أخرى. وستُضم مواد البطارية إلى قائمة العناصر التي يغطيها قانون الإنتاج الدفاعي للعام 1950.
وقال البيت الأبيض في البيان إن الإفراج عن الاحتياطي البترولي الاستراتيجي “غير مسبوق“.
وأضاف: “سيوفر هذا السحب القياسي كمية تاريخية من الإمدادات لتكون بمثابة جسر حتى نهاية العام عندما يرتفع الإنتاج المحلي“.
وكان بايدن، وجه في وقت سابق من مارس، بسحب 30 مليون برميل من احتياطي النفط الأميركي بصورة طارئة وطرحها في السوق، في إطار العمل الجماعي لوكالة الطاقة الدولية.
وقال مكتب إدارة الطاقة الأحفورية والكربون التابع لوزارة الطاقة الأميركية وقتها، إن “هذه العملية هي جزء من عمل منسق مع 30 دولة عضوا في وكالة الطاقة الدولية للإفراج عن 60 مليون برميل من احتياطيات النفط الاستراتيجية لديها“.
المصدر: مواقع إلكترونية