يبحثون عنه لأيام ويبيعونه بسعر أغلى من الذهب.. تعرف على هذا الطعام النادر تجدونه في سوريا في مناطق محددة.. إليك السر
اعتاد السوري إبراهيم حسين على الذهاب إلى الصحراء مع عائلته كل ربيع. كانوا يصطحبون معهم خيمة ويقضون صباحهم ومساءهم بحثاً عن الكمأ الناضج، داكن اللون، بصلي الشكل. قد يكون شكله غريباً بعض الشيء لمن لا يعرفه، لكن ندرته وأهميته الغذائية تجعله في مصاف أغلى الأطعمة في العالم.
يتجمع حسين مع عائلته ليلاً حول حلقة نار لشيّ ما جمعوه والاستمتاع بهذا الطعام النادر. فلذة الكمأ لا تأتي فقط من نكهته، بل من رحلة البحث عنه.
هذا التقليد السوري الربيعي، ينتهي كل سنة في شهر مايو/أيار مع بدء ارتفاع الحرارة، لكن هذا الموسم، لم يستطع حسين الوصول إلى الكمأ للعام الثاني على التوالي.
يتخـ ـ.ـوفون من الأ -لغـ ـام ود.اعـ ـش وطـ. ـائرات أميركا
حيث يوجد الكمأ، ينتشر الآن مقـ.ـاتلون من تنظـ.ـيم داعـ.ـش وغيره، وقد يكون هناك ألـ.ـغام تركها المتقـ.ـاتلون، ولن تفرّق طائرات المر.اقبة بدون طيار، والتابعة للتحـ.ـالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بين جامعي الكمأ والمقـ.ـاتلين بأنواعهم.
ومنذ العام الماضي، أي حين انتقل القـ.ـتال شرقاً، لم يتمكن جامعو الكمأ من الوصول إليه، وبات الفطر النادر واللذيذ حكراً فقط على الأغنياء، الذين يدفعون ثمنه مئات الدولارات مقابل فوائده المتنوعة من تعزيز النظر إلى التنشيط الج -نسي!
وبعدما كانت الصحراء فارغة ومقصداً للتراث المتناقل عبر أجيال، تحولت إلى جـ.ـبهات. تنقل صحيفة Wall Street Jounal عن السوري إبراهيم (29 عاماً) والساكن في الريف بالقرب من مدينة دير الزور الشرقية، كيف فرَّقت الحـ.ـرب بينه وبين التقليد القديم. “أشعر بضـ.ـيقٍ في صدري لأنَّني لم أتمكن من الذهاب هذا العام ولا العام السابق”.
ويعرفون أن سعره تخطى الـ 800 دولار
ويعد فطر الكمأ الصحراوي طعاماً شهياً في سوريا والخليج والمغرب، بل وحتى كعلامة على الثراء اعتماداً على عدد المرات التي تتناوله العائلة، لكنَّ الحرب جعلت منه فطراً نادراً ومكلفاً للغاية.
إذ كانت تبلغ التكلفة المعتادة لنصف رطل (0.23 كيلوغرام تقريباً) من الكمأ الصحرواي حوالي 200 ليرة سورية (4 دولارات تقريباً)، بينما صار ذلك الآن في دمشق يُكلِّف أكثر من 100 ضعف.
لكنهم يخاطرون بحياتهم لأجله
البحث عن الكمأ وحصاد قيمته الثمينة امتد إلى إسرائيل، حيث أعلن باحثون مطلع شهر مارس/آذار 2018 أنهم نجحوا في زراعة الكمأ الصحراوي تجارياً.
وصل سعره في السوق إلى 120 دولاراً للرطل الواحد، أي أقل بقليل من الفضة وأربع مرات أكثر من اليورانيوم! وتنوي إسرائيل تصديره إلى إيطاليا وفرنسا، حيث يباع الكمأ الأوروبي الملقب بالألماس الأسود بآلاف الدولارات.
ولكن في دمشق، قال أحد أصحاب المتاجر “إن جامعي الكمأ يضعون أنفسهم في خطر للبحث عنه، وهذا سبب آخر لارتفاع سعره. إذ قد يعتقد الجيش أنَّنا نزرع ألغاماً أثناء جمعنا له، ومن ثَمَّ يُطلق علينا النار”.
وحتى الشتاء الجاف نسبياً هذا العام في سوريا لم يساعد، فالكمأ الصحراوي يحتاج العواصف المطيرة لينمو.
أما بالنسبة للسوريين في غرب البلاد، فإنَّ التكلفة الباهظة تعني على الأرجح الاستغناء عن شراء الكمأ. لكن الكثيرين في المنطقة الصحراوية في البلاد، التي تمتد من الشرق إلى محافظات الوسط، يندبون فقدان تقليد ثقافي محلي أثير.
ويستمتعون بعذاب العثور عليه
ومن جانبه قال سعيد سيف (35 عاماً): “كان موسم جمع الكمأ شأناً هاماً لسكان هذه المنطقة قبل الحرب، كان الأمر بمثابة احتفال. إذ اعتدنا على مغادرة المدن في مجموعات من خمسة أو ستة أفراد والتوجه إلى الصحراء مُصطحبين خيمةً ومولداً كهربائياً وغيرها من المؤن”.
وثمة أغنية لأحد المغنين المحليين تتناول هذه العملية، وتقول كلماتها ما معناه: “أتظاهر بالذهاب وجمع الكمأ، لكنَّني هنا لأرى حبيبي”.
وبينما يدخله أهل المدن في الوصفات مع الأرز واللحوم، يستمتع قاطفوه بأكله طازجاً إما مشوياً أو مسلوقاً.
والنازحون من دير الزور يحتاجون إليه أكثر
غلاء سعره جعل بعض أسر دير الزور تعتمد على بيع الكمأ لتغطية نفقاتهم بعد تفاقم الوضع الأمني والاقتصادي.
لكن سعيداً، الذي فر من مسقط رأسه في الصحراء الشرقية من محافظة حمص قبل سنوات، ويعيش الآن في مخيم الركبان قرب الحدود الأردنية، لم يتمكن من التوقف عن ممارسة هذا الطقس الربيعي.
يستفيد سعيد من موقع المخيم في جنوب شرق سوريا، ويستغل الأمن الذي يوفره موقعه قرب قاعدة عسكرية أميركية، ليبحث كما اعتاد عن الكمأ.
ولأنَّه يعيش داخل مخيمٍ تقيُّده مسافة معينة يمكنه التجول فيها بأمان، لم يأخذ حسين خيمته معه. خرج بمفرده على مدى ثلاثة أيام وجمع حوالي 1.4 كيلوغرام تقريباً من الكمأ، وهي كمية أقل كثيراً من الكمية التي اعتادت عائلته على جمعها في المواسم السابقة (453.6 كيلوغرام تقريباً) من الكمأ.
ومع ذلك، استمتع حسين بما جمعه. سلق الكمية في الماء المُملَّح وتشاركها مع أصدقائه، وشربوا ماءها بعد تناولها، ثم قال: “كل ما هو نادر ومحدود له نكهة خاصة”.
اقرأ أيضاً: بطرق مبتكرة.. السوريون يبدأون زراعة نبته تدر عليهم الملايين وسعرها مرتفع جدا.. لماذا تستعمل؟.. فما السر؟
باعتبار أن معظم الشعب السوري يعمل بالزراعة فكان لا بد من التأقلم مع جو الحرب السائد في البلاد لزراعة نباتات بشكل سريع ومربح وفير وقد اتجه السوريون لزراعة العديد من النباتات الجديدة والتي لم تكن معروفة على الإطلاق.
وانتشرت زراعة نبات جديد يدعى نبات “ستيفيا” السكري بعد موافقة وزارة الزراعة السورية على زراعته.
وبيّن رئيس اللجنة الرئيسية للنباتات الطبية والعطرية في اتحاد غرف الزراعة محمد الشبعاني لـ”هاشتاغ” أن المزارعين والمنتجين لهذا النبات بانتظار الشركات المتخصصة لتصنيعها وتحويلها من مادة ورقية سكرية أولية إلى مادة مصنّعة تدخل في صناعات متعددة سواء دوائية أو مكملات غذائية أو المعجنات المخصصة للريجيم، واصفاً إياه بالمُنتَج الواعد..
كِلف بسيطة
وأشار الشبعاني إلى الكِلَف البسيطة لإنتاجها مقابل مردودها الكبير، إذ أن دونم واحد منه يوازي إنتاج ثلاثمائة ضعف من سكر القصب والشمندر السكري.
وتالياً التوفير من حيث المساحة والزمن ونسبة الحلاوة ، لافتاً إلى أن الفلاح يمكنه بيع محصول ستيفيا بحوالي 40 ألف إلى 50 ألف ليرة للكيلو حسب حاجة السوق .
إجراءات بيروقراطية
وأوضح الشبعاني لـ”هاشتاغ” وجود بعض الدراسات والاجراءات البيروقراطية البطيئة، ففي حين اعتماد كل دول الجوار على هذا المنتَج أمثال الأردن وفلسطين ولبنان والعراق.
ويمكن لسوريا أيضاً الإسراع في خطوات الإنتاج، مشيراً إلى وجود العديد من النباتات في مراكز البحوث تستغرق وقتاً للدراسة والحصول على الموافقات المطلوبة، على عكس ما يحصل في دول العالم.
العولمة والاستثمار
ولفت الشبعاني إلى أن العالم يسير بسرعة هائلة وأحياناً بعض القوانين والأنظمة غير متجاوبة مع المستجدات الجديدة.
وأن بعض الموظفين غير متجاوبين مع مستجدات العمل.
وبين وجود عدة أصناف نباتية طبية إلى حين الحصول على التراخيص الملائمة لاستنباطها وزراعتها، ويكون قد مر عليها زمن طويل ولم يعد لها حضورها في السوق.
ولا تَلقى ذات القبول الذي كانت عليه في حال تم الحصول على الرخصة لها في حينها.
آملاً التجاوب بسرعة كبيرة ، وسيّما مع عصر العولمة و المستجدات الحديثة الدائمة في عالم الاستثمار والزراعة، فأحياناً تحتاج بعض التراخيص للحصول عليها إلى عام كامل وهذا وقت طويل جداً.
نبتة “ستيفيا” لفقدان الوزن وعلاج السكري | Laha Magazine
استجرار الشركات للمنتَج
وبيّن الشبعاني أنه يمكن لبعض الشركات الدوائية استجرار المُنتَج لأهميته ودخوله في المتممات الغذائية.
وأن بعض الشركات الوطنية والاستثمارية الآن في طور إجراء الدراسات الفنية عليه لاستجراره وصناعة السكر الخالي من السكريات المؤدية للأمراض وسيّما لمرضى السكر أو لاستخدامها في مخبوزات الريجيم. .
نجاح الباحثين الإيرانيين في زيادة انتاجية نبات ستيفيا
ومن قبل السوريين تزايد إقبال الفلاحين الإسبان على زراعة نبتة ستيفيا لاستخراج مادة تحلية طبيعية منها. وتتميز هذه النبتة بخصائص تحلية ذاتية تجعلها بديلا صحيا للسكر.
وصنف العلماء نبتة ستيفيا -التي يشبه مذاقها إلى حد ما عرق السوس- بأنها أحلى من السكر بمئتي مرة، وهي سريعة النمو، يساعدها على ذلك المناخ المعتدل خاصة بإقليم الأندلس.
وباتت زراعة هذه النبتة تحتل حيزا زراعيا بمنطقة مالقا الإسبانية باعتبارها مادة أولية يستخرج منها محلٍّ يمكن استهلاكه بديلا عن السكر. وتحول كثير من الفلاحين إلى زراعتها بسبب ارتفاع عائداتها مقارنة مع الزراعات التقليدية.
ويقول المزارع سيرجيو مارتن إن الزراعات التقليدية مكلفة وضئيلة المردود، بينما زراعة نبتة ستيفيا غير مكلفة ولها ثلاثة مواسم قطاف في السنة.
ويتميز العنصر المحلي المستخرج من نبتة ستيفيا عن غيره من المحليات بكونه لا يحتوي على سعرات حرارية، وكونه آمنا بالنسبة لاستهلاك مرضى السكري إذ لا يؤثر على مستويات الأنسولين في الدم، ويسمى حسب التصنيف العلمي الغذائي “ستيفيول جليكوسايد” أو “إي 960”.
لكن الاتحاد الأوروبي يحظر استهلاك نبتة ستيفيا بشكلها الأولي، وحظر على المزارعين بيع منتجاتهم منها مباشرة إلى العطارين والمستهلكين، وصنفها مادة أولية تباع فقط إلى المختبرات.
ويقول البروفيسور خوسيه ميغيل موليت من جامعة فالنسيا إن استهلاك النبتة محظور في الاتحاد لأنها تسبب انخفاضا حادا في ضغط الدم قد يؤدي للوفاة، مضيفا أن البعض يسوق لها على أنها علاج للسكري وهذا خطأ لأنها ليست كذلك، بل هي بديل عن السكر لمرضى السكري إذ إنها لا ترفع مستوى الأنسولين.
المصدر: مواقع إلكترونية