ثروة ضخمة تقدر قيمتها بالمليارات.. اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في هذا البلد.. ما القصة؟.. وما سر الظهور المفاجئ للكنز
اكتشفت عملاق الطاقة العالمية شركة شل وشريكتها إيكوبترول الكولومبية كميات غاز طبيعي في البئر الاستكشافية “غورغون-2” بمربع “كول-5″، الواقعة في المياه العميقة جنوب الساحل الكاريبي في كولومبيا.
واكتشفت الشركتان البئر بواسطة سفينة الحفر “ديبووتر ثالاسا” التابعة لشركة “ترانس أوشن” على عمق يصل إلى قرابة 2400 متر، بحسب موقع بي إن أميركاز (Bnamericas).
وأكدت شركة إيكوبترول المملوكة للدولة، في بيان صادر يوم 10 أغسطس/آب 2022 -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة-، اكتشاف الغاز على عمق يزيد على 4 آلاف متر مستخدمة أحدث تقنيات الحفر.
ويأتي هذا الإعلان بعد أقل من أسبوعين من عثور شركة إيكوبترول وشركة النفط البرازيلية العملاقة بتروبراس على غاز طبيعي أثناء حفر بئر استكشافية في الشمال الشرقي بمربع تايرونا.
الاكتشاف الجديد
يعد الاكتشاف الأخير امتدادًا لمنطقة الغاز البحرية في كولومبيا المرتبطة بالاكتشافات السابقة في “غورغون-1″ و”بربل آنجل-1″ خلال عام 2017، و”كرونوس-1” في عام 2015.
وتُشَغِّل شركة شل مربعات “كول-5″ و”بربل آنجل” و”فورت سور” مع شريكتها إيكوبترول بحصة 50% لكل منهما.
وقالت إيكوبترول إن الغاز يعد أحد مصادر الطاقة الرئيسة للإمدادات المحلية وانتقال الطاقة، ويستخدمه أكثر من 10 ملايين أسرة كولومبية يوميًا.
وقال رئيس الشركة، فيليبي بايون، إن البئر المكتشفة ستسمح بتعزيز تقييم النتائج بجنوب البحر الكاريبي، كما ستسمح بزيادة احتياطيات الغاز في كولومبيا عند التطوير النهائي، فضلًا عن تغذية الطلب المتزايد على مصدر الوقود المهم من أجل تحول الطاقة الذي تعهدت به الشركة والبلاد.
وأضاف أن الفضل في هذا الإنجاز يرجع إلى العمل مع السلطات الوطنية والإقليمية، والأداء الاستثنائي للكوادر الموهوبة من الكولومبيين.
ومع ذلك، يرى المحلل في شركة تحليل البيانات “ويليغنس”، عمر ريوس، أنه من السابق لأوانه الإعلان عن الجودة التجارية للاكتشاف؛ نظرًا لعمق المياه وغياب البنية التحتية.
وأضاف أنه سيتعين على الرئيس الحالي الآن التفكير في تأثير الإصلاحات الضريبية المقترحة، وتزايد حاجة البلاد لتعزيز احتياطيات الغاز التي تنضب بسرعة.
عمليات الاستحواذ
كانت شركة النفط العملاقة شل قد استحوذت بنسبة 50% على مربعات “كول-5″ و”بربل آنجل” و”فورت سور” في المياه العميقة من شركة إيكوبترول في فبراير/شباط 2020.
وقالت الشركة -آنذاك- إن الصفقة تتماشى مع الأولويات الإستراتيجية لخطة عمل إيكوبترول، والتي تركز على الاحتياطيات ونمو الإنتاج، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت أن إتمام الصفقة يعزز العلاقة مع شريك إستراتيجي مهم، مثل شل، يتمتع بخبرة كبيرة في تطوير المناطق البحرية.
وبموجب الصفقة، عملت الشركتان على حفر بئر تقييم في المنطقة نهاية عام 2021، وستدفع النتائج الإيجابية إلى تطوير الاكتشافات، ومن ثم توسيع إمدادات الغاز في البلاد على المدى المتوسط، بما يتجاوز 3 تريليونات قدم مكعبة.
مخاوف من الحكومة الجديدة
عاد نشاط قطاع الحفر البحري في كولومبيا وسط مخاوف من أن الرئيس المنتخب حديثًا غوستافو بيترو سوف يفي بتعهد حملته لتسريع خطط إزالة الكربون.
وتعهد بيترو، الذي أدى اليمين الدستورية في 7 أغسطس/آب 2022، بإنهاء مشروعات التنقيب عن النفط الجديدة، ورفع الضرائب على المنتجين ضمن خطط أوسع لإعطاء الأولوية للاستثمار في الطاقة المتجددة.
وقال بيترو، في تصريحات سابقة، إنه يعتزم تحويل اعتماد الاقتصاد الكولومبي على الفحم والنفط إلى مصادر متنوعة من الطاقة المتجددة، مضيفًا أن التكسير المائي (الهيدروليكي) لم يعد مطروحًا على الطاولة، ولن تُمنح تراخيص جديدة للتنقيب عن الهيدروكربونات.
وأثار بيترو قلق صناعة النفط والغاز من خلال خطاباته في الدورات الانتخابية السابقة، إلا أن وزير المالية، خوسيه أنطونيو أوكامبو، سعى إلى التهدئة والتقليل من هذه المخاوف.
وقال أوكامبو، خلال مقابلة في مطلع شهر يوليو/تموز (2022)، إن على البلاد استكشاف المزيد من الغاز، ولا سيما أن احتياطيات الغاز محدودة، وتكفي بالكاد 3 سنوات.
وأكد الوزير مواصلة تقديم الدعم لشركة إيكوبترول، لتعزيز انتقال الطاقة خلال السنوات المقبلة.
اقرأ أيضًا: استهلاك الغاز في كولومبيا يتجاوز الإنتاج (تقرير)
تجاوز استهلاك الغاز في كولومبيا الإنتاج المحلي في عام 2020، مع انخفاض حصة الطاقة المائية في توليد الكهرباء، بفعل ظروف الجفاف.
وبلغ الطلب على الغاز الطبيعي في كولومبيا 413 مليار قدم مكعبة عام 2020، في حين أنتجت البلاد 399 مليار قدم مكعبة، بحسب أحدث البيانات المتوفرة المعلنة من قبل إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في تقرير صادر اليوم الإثنين (27 يونيو/حزيران).
وأدى الجفاف إلى انخفاض توليد الطاقة الكهرومائية، لذلك استوردت كولومبيا 14.2 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، لتلبية الطلب من قطاع الكهرباء، بحسب التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
الغاز في كولومبيا
يأتي غالبية استهلاك الغاز الطبيعي في كولومبيا من الإمدادات المحلية لتوليد الكهرباء، لكن مع تراجع الإنتاج المحلي السنوات الماضية، لجأت البلاد إلى الواردات.
وبدأ استهلاك الغاز في كولومبيا يتجاوز الإنتاج المحلي منذ عام 2017، وفقًا للتقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
وتُجدر الإشارة إلى أن نصف إنتاج الغاز في كولومبيا يُعاد حقنه لتعزيز إنتاج النفط في البلاد، التي تعدّ ثاني أكبر منتج للخام والسوائل الأخرى داخل أميركا الجنوبية، بعد البرازيل بنحو 760 ألف برميل يوميًا، عام 2021، وفق إدارة معلومات الطاقة.
ودفعت المخاوف بشأن موثوقية إمدادات الكهرباء، الحكومة الكولومبية إلى الموافقة على تدشين أول محطة استيراد للغاز الطبيعي المسال في البلاد (سوسيداد بورتواريا إل كاياو) (SPEC) في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014، ليبدأ تشغيلها بعد عامين (2016).
ومن المتوقع أن تُشغّل كولومبيا محطة أخرى للغاز المسال في المحيط الهادئ بحلول 2026، بعد أن حصلت على الموافقة الحكومية عام 2015، وفق التقرير.
تراجع الطاقة الكهرومائية
تراجعت حصة توليد الكهرباء من الطاقة المائية في كولومبيا إلى 65% خلال 2020، مقارنة مع أكثر من 80% في السنوات السابقة، ما يوضح تأثير الجفاف في مزيج الكهرباء.
وتعمل شركة المرافق إي بي إم (EPM) على تطوير مشروع سدّ جديد لتوليد الطاقة الكهرومائية (إيتوانغو)، ليكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في كولومبيا.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أول 8 وحدات بسعة توليد 300 ميغاواط خلال النصف الثاني من العام الجاري (2022)، على أن تبلغ قدرة المشروع بأكمله 2.4 غيغاواط، مع الانتهاء منه في عام 2025.
وفي عام 2020، بلغت سعة توليد الكهرباء المركبة في البلاد 17 غيغاواط، مع استيراد 1.3 غيغاواط من الإكوادور في العام نفسه، لتلبية الطلب، وفق أحدث البيانات المتاحة عن الغاز في كولومبيا لدى إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
المصدر: مواقع إلكترونية