من فندق فقير بين فتيات الليل إلى أشهر سلسلة في العالم.. ما قصة فورسيزونز؟.. ما السر
من فندق فقير الإمكانيات في منطقة “بائسة” مليئة بفتيات الليل، تمكن فورسزونز من التحول إلى واحد من أشهر سلاسل الضيافة عالميا.
وكمن كلمة السر في هذا التغير رغم البداية المتواضعة والتي تمثلت في فندق بمدينة تورونتو بكندا عام 1960، في ايزادور شارب مؤسس السلسلة.
ولد رجل الأعمال ايزادور شارب مؤسس سلسة فنادق فورسيزونز، في تورونتو عام 1931 لأبوين بولنديين كانا قد هاجرا إلى كندا، وحصل على شهادة جامعية في الهندسة المعمارية، وبدأ حياته العملية في عمل والده في مجال البناء.
وبعد بنائه فندقا لأحد العملاء، وملاحظة نجاحه السريع، قرر شارب بناء فندقه الخاص.
ولكن عدم تمتعه بالخبرة الكافية في مجال صناعة الفنادق لم يمكنه من إيجاد شخص مناسب يقرضه المال الذي يحتاجه في البداية.
ويقول شارب عن ذلك الموقف: “لم أستطع فهم سبب عدم رؤية الناس لهذا المشروع على أنه فكرة جيدة. في المساء بعد العمل، كنت أروج للمشروع، وأتحدث إلى الناس ليؤمنوا بالفكرة. واستغرق الأمر خمس سنوات لإيجاد جميع المستثمرين. فعندما يكون لديك شغف، وإيمان بفكرة ما، يمنحك ذلك القدرة على المثابرة”.
ولكن حتى مع وجود داعمين للمشروع، لم يتمكن شارب من بناء فندقه في منطقة فاخرة، وبدلا من ذلك، أنشأ أول فندق له يحمل اسم “فور سيزونز” في حي فقير وسط مدينة تورونتو.
ويقول: “كنت بحاجة إلى قطعة أرض، وكانت تلك المنطقة البائسة التي تمارس فيها العاهرات أعمالهن، هي الجزء الوحيد من البلدة الذي يمكنني شراء قطعة أرض رخيصة جدا فيه”.
وبالرغم من موقعه، سرعان ما حقق ذلك الفندق الذي افتتح عام 1960 نجاحا ملحوظا، وسارع شارب إلى افتتاح فندق ثان.
توسعات خلال عقد
وفي غضون عقد من الزمن، توسعت الشركة في الخارج، من خلال الحفاظ على معدل يشمل بناء فندقين كل سنة.
ولأن الشركة سعت لأن تكون فنادقها في قمة القوائم التي تضم الفنادق الفاخرة في السوق، ظلت أسعار الإقامة فيها مرتفعة بعض الشيء. لكن شارب يقول إن الناس سيدفعون دائما مبالغ أكثر في الأماكن الفاخرة، وللحصول على خدمة أفضل.
ويضيف شارب أنه كان يتطلع دائما إلى تقديم خدمات إضافية للضيوف، فقد كانت فنادقه من بين أول الفنادق التي تقدم الشامبو مجانا للنزلاء، بالإضافة إلى خدمة الغرف على مدار 24 ساعة، وتنظيف الملابس، وكيها في نفس اليوم.
ويقول شارب: “من اليوم الأول حتى اليوم، قامت الفكرة على الابتكار”.
ومع ذلك، لم تكن كل الأمور سهلة بالنسبة للقطاع، فقد وجدت الشركة نفسها تواجه بعض الصعوبات المالية خلال فترة الركود الاقتصادي في منتصف السبعينيات، وهي الفترة التي أعقبت أزمة النفط عام 1973.
وكان ارتفاع معدلات التضخم الناتج عن ذلك يعني أن شركة “فور سيزونز” لم تستطع تسديد الأموال التي اقترضتها لبناء فندقها في مدينة فانكوفر الكندية.
وفي نهاية المطاف، تمكن شارب من إعادة التفاوض على الاتفاق الخاص بذلك القرض، لكن الخوف على مستقبل الشركة دفعه إلى تغيير الهيكل المالي لها.
فبينما كانت الشركة في السابق تبني فنادقها الخاصة وتدفع تكاليفها، تحولت الشركة إلى تشغيل الفنادق التي تم تمويلها وبناؤها من قبل أصحاب العقارات.
وبموجب مثل هذه الاتفاقيات، بات الشركة تتولى عملية تصميم الفنادق الجديدة، وتديرها بشكل كامل تقريبا.
التغيير الكبير
وحدث التغيير الكبير التالي في عام 1986، عندما جرت عملية تعويم أصول الشركة في سوق الأوراق المالية، إلى أن اشتراها بيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، والأمير السعودي الوليد بن طلال في عام 2007.
وقد دفع الاثنان 3.8 مليار دولار لشراء حصتيهما من الشركة البالغتين معا 95%، وقسمت بينهما بالتساوي، في حين احتفظ شارب بحصة مقدارها 5% فقط.
وتابع شارب عمله كرئيس تنفيذي حتى عام 2010، عندما تحول إلى رئيس لمجلس الإدارة.
سر النجاح الكبير
ووفقا لما قاله توني بولارد، رئيس جمعية الفنادق في كندا: “يعزى نجاح ‘فور سيزونز’ إلى عامل واحد فقط، وهو ايزادور شارب. لقد كان منتبها دائما وإلى أبعد حد للتفاصيل، وبالتحديد أمنيات ورغبات الضيوف. وترجم هذا على مر السنين بخدمة الضيوف الفائقة التي بات العالم يقدرها ويتوقعها في فنادق فور سيزونز”.
وعن هذا يقول شارب: “على مر السنين، كنت أعمل ستة أو سبعة أيام في الأسبوع، ولساعات طويلة. وتزوجت امرأة أدت دورا كبيرا في ملاحظة الأشياء التي أخطأت فيها.”
ويتابع: “وفيما يتعلق بالتعامل مع الحياة الشخصية، وتخصيص وقت للعائلة، لم أكن دائما موجودا حيث ينبغي أن أكون. لكن هذه خيارات نتخذها، وفي ذلك الوقت لم يكن لدي النضج أو الخيار”.
ويقول شارب: “كنت محظوظا في تحقيق نجاح معقول”.
وبإنشاء تلك الشبكة العالمية من الفنادق التي أصبحت اسما مألوفا، لم يُخف شارب طريقته للنجاح على الإطلاق. ويقول إن الأمر برمته يتعلق بتقديم أفضل خدمة ممكنة، وهو أمر يمكن تحقيقه فقط إذا كان الموظفون سعداء في الأصل.
ويضيف: “يعود الأمر إلى مبدأ واحد يتجاوز الزمن، والجغرافيا، والدين، والثقافة. إنه قاعدة ذهبية تتلخص في عبارة ‘قدم للآخرين ما ترغب في أن يقدموه لك’. إنها فكرة بسيطة، تتلخص في أنك إذا عاملت الناس جيدا، بنفس الطريقة التي ترغب أن تعامل بها، فإنهم سيفعلون الشيء ذاته”.
قد يقول البعض إن القول سهل، والأصعب هو التنفيذ. لكن مجلة “فورتشن” تصنف شركة “فور سيزونز” من بين أفضل 100 شركة يمكن العمل فيها، وذلك بشكل سنوي منذ أن بدأت المجلة إصدار تلك القائمة في عام 1998.
والمعروف عن “فور سيزونز” أيضا أنها واحدة من الشركات التي لديها أدنى معدل لترك الموظفين لوظائفهم في قطاع الفنادق.
تابع القراءة : رحلة “ماريوت”.. من بائع العصير إلى صاحب أشهر سلسلة فنادق العالم
على قارعة الطريق في شوارع واشنطن وقف الشاب المبتسم جون ماريوت ليبيع عصير الليمون للمارة، قبل أن يراوده حلم تأسيس فندق بمواصفات عالمية.
هكذا يفكر رواد الأعمال دائما، فمن كان يصدق أن الفتى جون ماريوت الذي يبيع عصير الليمون في ساحة واشنطن سيتحول إلى مالك أكبر سلسلة فنادق في العالم؟
تقريبا كل من رآه في ساحة الكابيتال هيل بالعاصمة واشنطن، أثنى عليه ثناء كبيراً.
فقد كان المراهق الشاب جون ماريوت يقف في هذه المنطقة يبيع عصير الليمون البارد لرواد المنطقة، واشتهر عنه ابتسامته الكبيرة وذوقه في التعامل مع الناس.
بقى جون فترة طويلة يقدم خدمة العصائر الباردة خصوصا الليمون، لحشود الناس الذين يعيشون ويأتون للعاصمة واشنطن.
مع عمله الدؤوب ، لاحظ جون دائما شكاوى الناس حول الغرف في الفنادق المحيطة، وأنها فنادق سيئة المستوى تقدم خدمة رديئة ومستوى طعام أكثر رداءة للزبائن.
ورغم أنه مجرد بائع ليمون، إلا أن هذه الأفكار لطالما داعبت عقله وهو يصنع عصير ليمونه الطازج، بأنه يتمنى أن يملك ما يكفي لبدء “شيء ما” عظيم يستغل حاجة الناس الشديدة لفنادق نظيفة وعالية الخدمة، وفق منصة أرآب فوندر.
حلم جون ماريوت.. البداية من مطعم صغير
بعد عدة سنوات من التميز في تقديم عصير الليمون البارد في ساحة واشنطن، تحصل جون على مال جيد يكفي لافتتاح مطعم صغير يقدم فيه الطعام الساخن.
كان الطعام يقدم طازجا، وشهيا وساخنا، وفي نفس الوقت يقدم بمودة ودفء جون المعتاد، الذي استعان بموظفين وجه إليهم تعليمات أساسية أولها ضرورة الابتسام واللطف الدائم مع الزبون.
وكان من الطبيعي أن ينجح مطعم كهذا بهذه الكفاءة وهذا الأسلوب القيادي الذي يسخر كل شيء لإرضاء العميل.
فافتتح مطعم ثان، ثم مطعم ثال، وبمرور الوقت افتتح جون عددا من المطاعم في شرق أمريكا.
وبدأ صيت جون ماريوت ينتشر كواحد من كبار الطهاة في أمريكا ، وبدأت مطاعمه تأخذ اهتماما كبيرا بسبب النظافة والطعام الشهي وخدمة العملاء الممتازة.
الحلم القديم يراود جون ماريوت
بعد نجاح سلسلة مطاعمه، راود جون حلمه القديم. وهو افتتاح فندق كبير.
جاءته الفرصة الأخيرة ليقدم النموذج الذي سعى لإنجازه يوما، بأن يوفر فندقا نظيفا، يوفر خدمة مميزة، رائحته عطرة على الدوام، طعامه شهي وجذاب.
باختصار حلم ماريوت هو تحقيق كل ما يتمناه أي شخص نزيل أو عابر في المدينة، يشعر بالراحة والهدوء والأمان في هذا الفندق، غير الفنادق الأخرى حينذاك التي كان الجميع يشكو منه.
وقرر جون أن يطبّق خلطته السرية في افتتاح فندقه الأول، ولكن بشكل مختلف قليلا هذه المرة.
افتتح جون ماريوت فندقا صغيرا، وأطلق خدمته بشكل تجريبي لمدة 3 أشهر، دعا فيه أقاربه وأصدقاءه وجيرانه للمبيع في فندقه مقابل مبلغ زهيد ولكن بشرط : لن يخرج أحد من الفندق إلا بعد أن يملأ دفترا كبيرا وضعه في الغرف، يملأه بكل الملاحظات والانتقادات والإيجابيات والسلبيات التي واجهها أثناء فترة اقامته، أي شيء أثار إعجابه يكتبه، وأي شيء أثار ضيقه وانتقاده يكتبه أيضا.
حان وقت افتتاح فندق ماريوت
بعد 90 يوما جمع جون كافة الملاحظات ودرسها بدقة، ثم أعاد تصميم الفندق والخدمات والطعام وحتى الغرف وافتتح فندقه الجديد بعد تنفيذ كافة الاصلاحات التي ذكرها الجميع خلال فترة التجربة، وكانت النتيجة هو نجاح الفندق نجاحا باهرا.
كان اسم الفندق هو “ماريوت”، نسبة لصاحبه “جون ماريوت”، الفندق الذي نعرفه الآن جميعا، واحد من أشهر وأكثر الفنادق العالمية الفخمة انتشارا حول العالم.
بدأ جون ماريوت رحلته في تأسيس أول فنادق ماريوت من بائع عصير مبتسم ومجتهد يسعى لخدمة زبائنه.
ووصل به الأمر بعد افتتاح فنادقه هو أنه كان يرتدي ملابس موظفي الاستقبال في الفندق، ويعمل في بهوه باعتباره منهم، بل وقام بحمل الحقائب من الزبائن أحيانا وإيصالهم الى غرفهم دون أن يعرفوا أنه جون ماريوت مالك الفندق.
رحل “جون” وبقي “ماريوت” للأبد
بعد سنوات من تأسيس ماريوت، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره أخبره الأطباء بأن ليس أمامه وقتا طويلا لإدارة فنادقه لأنه تم تشخيصه بسرطان الغدد الليمفاوية.
توقع الاطباء أنه سيعيش عدة أشهر، ولكنه مات بالفعل لكن بعد خمسين عاما كاملة من تشخيصه بالمرض وهو في الخامسة والثمانين، استمر فيها على قيادة فنادقه التي تحولت إلى واحدة من أشهر فنادق العالم.
غادر ماريوت الحياة تاركا وراءه اسمه للابد كأشهر ما يكون في عالم الخدمات والفندقة. كلمة السر فيها الابتسامة في وجه العميل، وصناعة أفضل الخدمات، وتجربة كل شيء واخذ كل الآراء قبل التطبيق على نطاق واسع.
واثبتت هذه الأساليب كفاءته وحقق نجاحا لم يكن يتصوره أحد لصبي مراهق يقف في ساحة لبيع عصير الليمون.
معلومات سريعة عن جون ماريوت
تاريخ ميلاد جون ماريوت 17 ديسمبر 1900
تاريخ وفاة جون ماريوت 13 أغسطس 1985
أولاد جون ماريوت
بيل ماريوت وريتشارد ماريوت
أحفاد جون ماريوت
ديفيد ماريوت – ستيفن جارف ماريوت – ديبي ماريوت هاريسون – جون ماريوت
المصدر: مواقع إلكترونية