حب الاختراع وشغف الابتكار منذ الصغر، ولّدا لدى شاب مغربي باحث في الطاقات المتجددة، الرغبة في البحث عن حلول مبتكرة لمشاكل يومية تواجه عمال النظافة وتسهّل مهامهم.
واخترع الدكتور والباحث في مجال الطاقات المتجددة إدريس أيت الحاج، عربة تعمل بالطاقة الشمسية، لتسهيل مهمة عمال النظافة من خلال الاستفادة من الحرارة التي تشهدها مناطق الجنوب الشرقي طيلة العام.
وتتضمن العربة المبتكرة لوحين لإنتاج الطاقة الشمسية الكافية لتشغيلها، وبطاريتين لتخزينها، ثم محول للتيار الكهربائي ومكنسة أوتوماتيكية وحاويات لفرز النفايات حسب طبيعتها.
واستغرق العمل على هذا الاختراع حوالي ستة أشهر تم خلالها تجربة العربة عدة مرات، كما تم استعمالها في الأزقة والممرات الضيقة بالمدن القديمة.
وتشكل العربة حلا بديلا عن العربات والسيارات من الحجم الكبير والمتوسط التي لا تستطيع الوصول للأماكن الضيقة ما يرهق عمال النظافة، ويتسبب بتراكم النفايات.
وعن اختراعه، قال أيت الحاج، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إن فكرة الابتكار جاءت أولا لأنه باحث مهتم بالطاقات المتجددة ويتحدر من الجنوب الشرقي الذي يشهد ارتفاعا في درجة الحرارة في الصيف تتجاوز 50 درجة، ما يفاقم من معاناة عمال النظافة.
وأضاف: “يبذل عمال النظافة مجهودا كبيرا في فرز الحاويات حيث يشتغلون منذ الساعات الأولى من الصباح، الأمر الذي يتطلب الإنارة خصوصا في الأحياء المظلمة، الشيء الذي جعلني أفكر في ابتكار بسيط وغير مكلف وله مردودية وفوائد كبيرة في العمل تتجلى في عربة تشتغل بالطاقة الشمسية النظيفة”.
وتابع المخترع، أنه حاول في ابتكاره للعربة استغلال وجود الطاقة الشمسية التي تزخر بها المنطقة وهي ثروة كبيرة ومجانية ومتوفرة على طول السنة وصديقة البيئة في الوقت نفسه.
ووفق المخترع فإن العربة تضم أيضا مقعدا مريحا يجلس فوقه عامل النظافة، ومكانا مخصصا لشحن الهواتف ومكبرات صوت لتمكين عامل النظافة من الاستماع للموسيقى والقنوات الإذاعية، هذا إلى جانب مصابيح منبهة للمركبات بوجود العامل.
ومن مزايا العربة أيضا أنها تحتوي على لوحة إلكترونية لعرض شعارات وعبارات تحثّ على النظافة.
وتمنى المخترع أن يجد مشروعه القبول من جانب المجالس المنتخبة والجمعيات المهتمة والمستثمرين ورجال الأعمال لإخراجه إلى حيز الوجود وتعميمه على مدن المغرب.
تابع القراءة: سباق الهيدروجين الأخضر.. المغرب يستعد لإنتاج وقود المستقبل
في خضم توجه عالمي واسع نحو الطاقة النظيفة للحد من تغير المناخ، يتطلع المغرب إلى حجز مكانه ضمن قائمة الدول الرائدة في قطاع الهيدروجين الأخضر.
هذا الطموح تعززه الإمكانات الواعدة التي تزخر بها المملكة في مجال الطاقة المتجددة، وسط توقعات بألا تقتصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل ستفتح الباب أمام تصدير الطاقة إلى الأسواق الأوروبية.
وكانت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أوديل رونو باسو، قد أكدت أن المملكة بإمكانها إنتاج الهيدروجين الأخضر بأدنى تكلفة في العالم.
وشددت المسؤولة الأوروبية خلال لقاء لها بمدينة مراكش، الأسبوع الماضي، على أن المملكة تعد اليوم من بين البلدان الأفضل تموقعا في ثورة الهيدروجين الأخضر بفضل وفرة مواردها الشمسية والريحية.
المغرب.. بدء تشغيل القطارات فائقة السرعة حصرا بالطاقة النظيف
ويعد المغرب من بين البلدان التي تعمل جاهدة على التخلص من الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة النظيفة، حيث يطمح إلى رفع اعتماده على الطاقات المتجددة إلى 52 بالمئة بحلول 2030.
الرابع عالميا
ويحتل المغرب المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول المرشحة لأن تصبح منتجة رئيسية للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، وذلك وفق تصنيف الوكالة الدولية للطاقات المتجددة “آيرينا”.
وتوقع تقرير الوكالة الذي حمل عنوان “الجغرافيا السياسية لتحول الطاقة.. عامل الهيدروجين”، أن يغطي الهيدروجين المتوقع إنتاجه انطلاقا من المغرب، حوالي 12 بالمئة من استخدام الطاقة العالمي.
يقول نائب المدير العام بمعهد البحث في الطاقات الشمسية والطاقات المتجددة سمير رشيدي، إن المغرب بوسعه إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر استغلال ما يتوفر لديه من طاقة شمسية ورياحية، في مسعاه للتخلص من الوقود الأحفوري.
ويضيف رشيدي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “المغرب لديه أكثر من 3 آلاف كيلومتر من السواحل البحرية، مما سيساعده أيضا على استخلاص الهيدروجين الأخضر انطلاقا من تحلية مياه البحر، وهي طريقة أقل تكلفة”.
وتابع أن دولا أوروبية عديدة عبرت عن اهتمامها بما يملكه المغرب من بنية تحتية تؤهله لتزويدها بما قد تحتاجه من هيدروجين عبر خطوط الغاز المتصلة بأوروبا أو باستخدام شبكة موانئه لتصديره عن طريق السفن البحرية وغيرها من الوسائل الأخرى.
ويتوقع المتحدث أن يبدأ المغرب خلال هذه السنة، في إطلاق مشاريع نموذجية لإنتاج الهيدروجين بمقدار 1 ميغاوات، فيما سيجري إطلاق المشاريع المتوسطة والكبرى في أواخر سنة 2025 بسعة 100 ميغاوات في أفق الوصول إلى مقياس 1 جيغا وات في نهاية العشرية.
ويلفت رشيدي إلى أن المغرب عمل منذ ما يزيد عن خمس سنوات على تطوير هذا القطاع، وقام بإعداد مجموعة من الدراسات قبل الكشف عن خارطة طريق متعلقة بإنتاج الهيدروجين، كما اتخذ قبلها عددا من الإجراءات من بينها إنشاء اللجنة الوطنية للهيدروجين الأخضر سنة 2019، و تبني عدد من المشاريع الخاصة بالبحث والابتكار والتطوير المرتبطة بهذا المجال.
ويؤكد المتحدث أن المغرب سيكون لا محالة منافسا قويا في هذا القطاع، بالنظر لموقعه الاستراتيجي وتواجده على مقربة من دول عديدة في أمس الحاجة إلى هذه المادة للتحول إلى الطاقة النظيفة.
ظروف ملائمة للهيدروجين
ويجمع المهتمون في مجال البيئة والطاقات المتجددة على أن الموقع الجغرافي للمملكة والعوامل المناخية المواتية، من شأنها المساهمة في تعزيز قطاع الهيدروجين الأخضر، وتصنيعه بأقل تكلفة ممكنة على مستوى العالم.
ويقول الخبير في المناخ والتنمية المستدامة المتخصص في الهندسة البيئية محمد بنعبو، إن المغرب يعدمن بين الدول التي قدمت نموذجا متميزا في مجال تطوير الطاقات المتجددة، والتي راهنت على إنتاج الهدروجين ووضعته ضمن أولوياتها، لما تتوفر عليه من مؤهلات ومقومات ترشحها لتصبح من البلدان الرائدة في هذا القطاع.
ويلفت المتحدث في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى عوامل أخرى ساهمت أيضا في وضع المغرب على مسار التحول الطاقي، من بينها موقعه الاستراتيجي المتميز وتنوع مناخه، وإلى مؤهلاته البشرية واللوجيستية، والتي ترشحه لأن يصبح من بين الدول الرائدة في إنتاج الهيدروجين وتصديره.
ويخلص بنعبو، إلى أن الدراسات تؤكد أن المغرب بات مهيأ لإنتاج الهيدروجين بأقل تكلفة، مما سيجعله محط اهتمام الشركاء الدوليين في هذا المجال.
ويؤكد الخبير البيئي، بأن المغرب يسير بخطوات ثابتة رفقة العديد من شركائه الدوليين نحو التخلص من الوقود الأحفوري وإيجاد بدائل مستقبلية لمصادر الطاقة التقليدية، على رأسها الهيدروجين.
برامج حكومية
ويتطلب إنتاج الهدروجين القيام بتحليل كهربائي للماء باستخدام الطاقة المنتجة، انطلاقا من مصادر الطاقة المتجددة لفصل الهيدروجين عن الماء، قبل الحصول على طاقة نظيفة خالية من ثاني أوكسيد الكاربون.
وفي سنة 2020، أحدث المغرب لجنة خاصة بالهيدروجين، لمواكبة استراتيجيته المتمثلة في تطوير الطاقات المتجددة وتقليص الانبعاثات الغازية من أجل الحد من مخاطر تغيرات المناخ.
وقد كلفت هذا اللجنة بمهمة تتبع وإنجاز الدراسات الضرورية في مجال تطوير الهيدروجين ودراسة تنزيل وإنجاز خارطة الطريق لإنتاج هذه المادة ومشتقاتها من الطاقات المتجددة وتحويل المغرب إلى أحد البلدان الرائدة في مجال الجزئيات الخضراء.
وتسعى خارطة الطريق الوطنية التي أطلقها المغرب لإنتاج الهيدروجين الأخضر إلى إمداد السوق المحلي بـ 4 تيراواط ساعة، وتصدير 10 تيراواط ساعة مع حلول عام 2030.
وتتوخى المملكة من خلال خطة العمل إلى تقليص التكاليف على مستوى جميع مراحل سلسلة القيم للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وخلق قطب مغربي وإقليمي للبحث والابتكار وغيرها من الإجراءات.
المصدر: مواقع إلكترونية