بعيدا عن التقسيمات الميلادية السنوية، التي تعتمد على الأشهر والفصول، فإن هناك تقسيمات أنتجتها الثقافة الشعبية والأمثال، تعتمد على تقسيم أيام السنة في “سعودات“، حيث يبدأ غدا آخر “سعود” في فصل الصيف، وتعود التسمية إلى قصة شاب أرسله أباه من الجزيرة إلى الشام، وعاد بتجربة مختلفة في التعامل مع تقلبات الطقس خلال العام.
لعل أشهر هذه السعودات، هي ما تم إطلاقه على فترات فصل الشتاء، وذلك بسبب الجهد المبذول في مواجهة برد الشتاء، والأمراض الناتجة عنه، الأمر الذي أفرز العديد من الأمثال المتعلقة بهذا الفصل، لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن هنالك أيضا سعودات تم إطلاقها على فترات فصل الصيف أيضا.
“سعودات الصيف”
يبدأ غدا السبت، “سعد الخبايا“، وهو آخر سعود من خمسينية الصيف، التي تبدأ في مطلع آب/أغسطس، وتنتهي في 22 أيلول/سبتمبر من كل عام، وتقسم إلى أربعة سعودات ليس لها نفس شهرة سعودات فصل الشتاء، مدة كل سعد منها 12.5 يوما.
وقبل “سعد الخبايا” كان هنالك “سعد اللهاب“، الذي يبدأ منتصف 28 آب/أغسطس، وينتهي في التاسع من أيلول/سبتمبر، ويبدأ خلاله موسم قطاف الجوز ومناسبة “عيد الجوز” في الـ28 من آب.
كذلك “سعد الشوب” الذي يبدأ من منتصف آب/أغسطس وحتى اليوم الـ25 من ذات الشهر، يسبقه “سعد اليباس“، الممتد من الأول من شهر آب/أغسطس حتى منتصف اليوم 13 منه ويتضمن عيد التجلي.
ويعود تقسيم فترات الشتاء والصيف إلى “سعودات“، إلى قصة عربي يعيش في الجزيرة العربية في سابق الزمان، أرسل ابنه سعد إلى الشام، وأوصاه أن يذبح ناقته ويختبئ بها، فيما إذا داهمه البرد الشتاء، وانتظر الأب حتى رأى شخصا عائدا من الشام فسأله: “هل رأيت سعدا؟“، فأجاب: “نعم رأيت سعد ذابح“، فعلم الأب أخبار ابنه وقال: “سعد ذابح، البرد فيه ذابح“، وأصبح الأب يعرف أخبار ابنه ويطلع العبارات التي أصبحت تقال في نفس تلك الفترات من كل عام.
وكان لفصل الصيف أيضا نصيب من هذه السعودات، رغم أنها الأقل شهرة، لكن الصيف أخذ نصيبه أيضا في الأمثال الشعبية، التي عبرت عن صعوبة التعامل مع الحر الشديد في بعض الأحيان.
“أربعينية الصيف”
بالتأكيد لا تحظى بنفس شهر “أربعينية الشتاء“، لكن للصيف أيضا “مربعانية” تبدأ من يوم 25 حزيران/يونيو وتنتهي في يوم 4 آب/أغسطس، وهي أكثر أيام الحر الشـديد وتسمى “فحل الصيف” وأشد أوقات الحرارة في أوقات الظهيرة، ومنتصف الأربعينية (المربعانية) يطلق عليها (بنك الصيف) وهي أشد أيام الحر كأنها أصل الصيف.
وفي أيام المربعانية يصل النهار إلى أربع عشرة ساعة ونصف , ويبدأ بعد 22 حزيران/يونيو بالعد التنازلي بحدود دقيقة ونصف تقريبا ليتساويا في شهر أيلول/سبتمبر.
الصيف أبو الفقير
تكثر في فصل الصيف الخيرات من المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكه والثمار بأنواعها العديدة، والتي تكون في العادة متوفرة وبأسعار زهيدة ومناسبة، تمكن الفقير من شرائها وتناولها، لكن ربما لم يعد هذا المثل مناسبا لهذه الفترة من الزمن، لا سيما في سوريا، حيث ارتفاع معدلات التضخم والأسعار، حرمت الكثير من الفقراء من استهلاك هذه المحاصيل لا سيما الفاكهة.
والفقير في الصيف لا يحتاج إلى الملابس العديدة من الصوفية والسميكة التي تكون في الغالب غالية الثمن وليس بمقدوره شراؤها، ولا يحتاج أيضاً إلى وسائل ومستلزمات التدفئة التي تكون مكلفة مادياً في معظم الحالات. وطول نهار الصيف يساعد على إتاحة فـرص عمـل أكثر من الشتاء والأيام الممطرة والباردة، إذ يتيح الصيف فرص عمـل كثيرة للكسب والعمل.ـ
الصيف ضيف
لعل أبرز ما يردد هذه العبارة الشعبية، هم الأشخاص الذين يعانون في فصل الشتاء من البرد الشديد، و يرحبون بضيفهم السنوي، ويطلق عليه “الضيف“، لأنه يأتي ويذهب بسرعة.
كذلك لتداخله مع فصلي الربيع والخريف كالضيف الذي لم تدم إقامته طويلا وهو أقصر فصول السنة، وكثيرا ما نرى أمطارا متأخرة في شـهر حزيران/يونيو وبعض الأيام الباردة خاصة في الأيام الأولى منـه. ويبدأ انخفاض درجات الحرارة خاصة في الليل من أواخر شهر أيلول/سبتمبر.
“من صيفو كيفو”
لخفة حاجات الناس في فصل الصيف من الألبسة والأطعمة حيث يرتاحون فيـه وتكثر الأمسيات على السطوح خاصة في الأيام المقمرة لذلك نجد معظمهم يبتهجون ويسعدون في أيام الصيف.
برد الصيف أحد من السيف
الحذر من البرد في أواخر الصيف خاصة في الليل، فضرره شـديد وعاقبته سيئة خاصـة على الأطفال لذا يستوجب التحوط من ذلك.
شهر تموز
وهو من أشد أشهر الصيف حرارة ويعاني الناس من شـدة حره اللاهب، وتطغى عليه مربعانية الصيف وتهب فيه الرياح شديدة الحرارة والجافة والتي يطلق عليها رياح السـموم، كأنها تشـوي الوجوه من جفافها وحرارتها.
ومما جاء من أمثال وكنايات في هذا الشهر: “تموز وطباخ” حبق ترتفع فيه درجات الحرارة كثيرا، وتصل في كثير من الأحيان إلى 50 درجة مئوية أو أكثر، كأنه على مرجل أو طباخ شديد الحرارة.
“تموز ينشف المي بالكوز“، فمن شدة حرارة الشهر يتبخر الماء الموجود في “القلل والشربات و الجرار الفخارية“، التي كانت أهم وسائل تبريد الماء في الماضي.