تلسكوب جيمس ويب.. تأجيلات متكررة وموعد جديد للإطلاق في 24 ديسمبر

بعد أن أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” (NASA) عن تأجيل موعد إطلاق تلسكوب “جيمس ويب” عدت مرات سابقة حددت كل من الوكالة وشركة “أريان سبيس” (Arianespace) عبر تويتر الموعد المقبل لإطلاق هذا التلسكوب على صاروخ “أريان 5” (Ariane 5)، ليكون يوم الجمعة 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري من مطار كورو الفضائي في غويانا الفرنسية.

وقال زهير بن خلدون مدير المرصد الفلكي في أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش في حديث للجزيرة نت إن “مشروع تلسكوب “جيمس ويب” يعتبر أضخم مشروع علمي على الإطلاق حتى الآن، من ناحية التكنولوجيا التي يحملها ومن ناحية التكلفة المادية التي رصدت له، وقد ساهمت في بنائه وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” ووكالة الفضاء الأوروبية “إيسا” (ESA) ووكالة الفضاء الكندية.

وبدأ العمل على هذا المشروع منذ سنة 1995، حيث كان من المقرر إطلاقه عام 2007، لكن تم تأجيله عدة مرات بسبب التكلفة العالية التي تجاوزت جميع الحسابات الأصلية، ليتقرر إطلاقه عام 2021.

تأجيل الإطلاق عدة مرات

وتعليقا على تأجيل إطلاق تلسكوب جيمس ويب في المرات السابقة، يقول بن خلدون “هناك أسباب مادية وتكنولوجية هي بمثابة الأسباب الرئيسية لهذا التأجيل المتكرر، لأنه كلما مر الوقت يظهر أن لتطور التكنولوجيا دورا مهما في صناعة مرآة التلسكوب وما يحوم حولها من كاميرات وأجهزة بشكل أدق”.

وقد استغرقت مدة تصميم تلسكوب “جيمس ويب” 10 سنوات من أجل تطوير إمكانياته، وتضاعفت تكلفته المادية عشرات المرات، حيث رصد له في البداية مليار دولار، ووصل المبلغ الآن إلى أكثر من 10 مليارات دولار.

وبخصوص التأجيل الأخير الذي أعلنت عنه وكالة “ناسا” يوم الأربعاء 15 ديسمبر/كانون أول الجاري، يشير بن خلدون الخبير في علم الفلك في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف إلى أن “التأجيل الأخير جاء بعد اختبارات بينت أن هناك صعوبة في التواصل بين الصاروخ “أريان 5” -الذي سيحمل التلسكوب- وبين تلسكوب جيمس ويب، لأنه يجب أن تكون هناك اتصالات مع التلسكوب عندما يصل إلى الفضاء لتثبيته على المدار الصحيح، وهذا ما أخّر إطلاقه نحو الفضاء إلى ما بعد 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري حسب بلاغ وكالة ناسا.

مهام متعددة

وبعد إطلاقه نحو الفضاء وتثبيته على مداره الصحيح سيقوم تلسكوب “جيمس ويب” بعدة مهام، وفي هذا الصدد يقول يوسف مولان الباحث في علوم الفضاء والفلك بجامعة أوبرن بأميركا “لتلسكوب جيمس ويب 4 أهداف رئيسية، وهي البحث عن الضوء المنبعث من النجوم والمجرات الأولى التي تكونت في الكون بعد الانفجار العظيم، ودراسة تكوين وتطور المجرات، وفهم تكون النجوم والأنظمة الكوكبية، ودراسة الأنظمة الكوكبية وأصول الحياة”.

ويضيف مولان “من المتوقع أن يكتشف هذا التلسكوب أقدم النجوم ما قبل 13.6 مليار سنة ودراسة تطور حياتها، علاوة على معرفة كيفية تشكل الثقوب السوداء، والكشف عن نمو هذه الثقوب السوداء في الكون، أما في الشق الثاني فسيعمل على رؤية كيفية تشكل أنظمة الكواكب من خلال مراقبة المناطق الداخلية لأقراص الكواكب الأولية، وقياس الغلاف الجوي الخارجي المباشر للكواكب، حيث من الممكن اكتشاف جزيئات الحياة الأولية والبصمات الحيوية”.

يقول زهير بن خلدون إن “هذه قفزة نوعية وكبيرة جدا، لأن دقة المعطيات التي يحملها هذا التلسكوب ستساعد على دراسة الأغلفة الجوية للكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية، وهو الشيء الذي لا يمكن مراقبته بدقة من الأرض، وهناك تساؤلات لم تعط لها إجابات ولم يستطع تلسكوب “هابل” دراستها رغم ضخامة النتائج التي قدمها”.

تعويض لتلسكوب هابل

وقد صمم تلسكوب “جيمس ويب” ليعوض تلسكوب “هابل” الشهير الذي تم إطلاقه عام 1999، ويمتلك “جيمس ويب” قطرا بطول 6 أمتار، وسيكون في مداره على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، كما سيكون محملا بكاميرات تحت الأشعة الحمراء.

وسيوفر تلسكوب جيمس ويب دقة وحساسية تفوقان تلك الخاصة بتلسكوب “هابل”، حيث سيقدم للعلماء معلومات وصورا مهمة تتعلق بالنجوم والأجسام الفضائية البعيدة، وسيتيح مجموعة واسعة من التحقيقات في مجالي علم الفلك وعلم الكون، بما في ذلك رصد بعض الأحداث والأجرام الفلكية الأكثر بعدا في الكون، مثل تكوّن المجرات الأولى.

وحسب الباحث يوسف مولان، سيتمكن الباحثون العرب كباقي الباحثين حول العالم من استخدام معطيات هذا التلسكوب والمشاركة في اكتشافاته المستقبلية، حيث ستكون هذه المعطيات متاحة للعموم بعد السنتين الأوليين من استخدام التلسكوب.

وينهي زهير بن خلدون حديث بالقول “نحن ننتظر بشغف النتائج الأولى لهذا التلسكوب لمقارنتها بتنبؤاتنا خلال دراسة أجريناها تتعلق بحسابات تتنبأ بنتائج التلسكوب، وهذه دراسة بحثية عربية مغربية قدمت في مختبر علم الفلك بجامعة القاضي عياض في مدينة مراكش بالمغرب، كما أن الجمهور العام ينتظر النتائج التي سيتوصل إليها تلسكوب جيمس ويب، كما ينتظر الصور الجميلة التي ستكون أكثر دقة أضعاف المرات من صور تلسكوب هابل”.

المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي + ناسا + الجزيرة

Exit mobile version