واجهت النساء، ولا تزال، العديد من الصعوبات والمعوقات من قبل المجتمع، والتي تتراوح ما بين منعهن من المشاركة في نشاطات معينة حتى إن كانت ترفيهية إلى حد مواجهة تمييز، وعنصرية وتحيّزاً في أماكن العمل. بالرغم من ذلك كانت النساء دوماً على قدر التحدي ووجدن طرقاً للالتفاف على تمييز المجتمعات والأفراد. سنتحدث في مقالنا اليوم عن 7 نسوة استطعن بعزمهن وإصرارهن وذكائهن تحقيق المعجزات وجعل العالم مكاناً أفضل بقليل لبقيتنا.
1. عرّابة الجودو – رينا روستي كانوكوغي
في عام 1959، تنكّرت (رينا روستي كانوكوغي) في هيئة رجل للمشاركة في بطولة الجودو التي نظمتها جمعية الشبان المسيحيين في نيويورك، حيث كان يُسمح للرجال فقط بالمشاركة. هزمت (كانوكوغي) جميع الرجال الذين لعبت ضدهم وفازت بالميدالية الذهبية التي نُزعت منها بعد أن اعترفت بهويتها الحقيقية
ولدت (رينا) عام 1935 في بروكلين، وعانت في طفولتها من الفقر، وعملت في وظائف غريبة ومختلفة منذ أن كانت في السابعة من عمرها، بل وشكلت عصابةً خاصة بها في حيّها وأطلقت عليها اسم (آباتشي). بدأت (كانوكوغي) في تلك الفترة بالتدرب على حمل أوزان أخيها، ثمّ وفي أحد الأيام، بدأ صديق لها باستعراض حركات قتالية كان قد تعلمها في تدريب للجودو، وقد أغرمت تلك الفتاة المشاكسة بذلك الفن القتالي على الفور واستعر هذا العشق طوال سنوات مراهقتها، لكن طموحها في المنافسة ضمن نادي الجودو اصطدم بنكسة كبيرة بعد أن أخبرها صاحب النادي أن الجودو حكر على الرجال فقط، لكون النساء ضعيفات للغاية ليشاركن وينافسن في هذه الرياضة.
لم تنوي (كانوكوغي) التخلي عن أحلامها بسهولة، ولذا في عام 1959، قصّت المرأة اليهودية الأمريكية الشغوفة بالجودو شعرها وقدمت نفسها كرجل للانضمام إلى بطولة YMCA، ما تُعرف بجمعية الشبان المسيحيين للجودو في مدينة نيويورك.
لقد عرضت مهاراتها في الجودو للجميع من خلال هزيمة كل الرجال الذين قاتلت معهم، وفي النهاية، فازت بالميدالية الذهبية. شكك منظمو البطولة في هويتها وسألوها عما إذا كانت امرأة ، فأجابت بـ ”نعم“. لسوء الحظ ، كان على البطلة إعادة ميداليتها في ذلك اليوم، إذ كانت النساء ممنوعات من المشاركة في الجودو في الولايات المتحدة، ونتيجةً لذلك غادرت (رينا) إلى طوكيو لتتدرب على رياضة الجودو مع نساء أخريات.
في عام 1964 ، أصبحت الجودو رياضة أولمبية للرجال، لكن (كانوكوغي) لم تتقبل ذلك، بل وهددت باتخاذ إجراءات قانونية إذا لم تُعامل النساء على قدم المساواة أو يُسمح لهن بالمشاركة. ثم وفي عام 1980، ساعدت (رينا) في إنشاء أول بطولة عالمية للسيدات في الجودو في مدينة نيويورك؛ حتى أنها رهنت منزلها لتغطية التكاليف. في عام 1984 أصبحت الجودو للسيدات رياضةً أولمبية تجريبية ثم رياضة ميدالية رسمية في عام 1988، وكانت (كانوكوغي) بالطبع مدربة فريق الولايات المتحدة.
في نهاية الأمر، أعادت جمعية الشبان المسيحيين الميدالية التي انتزعتها سابقًا من (رينا) في عام 2009، لكنها توفيت بعد فترة وجيزة في نفس العام عن عمر ناهز 74 عامًا، بعد أن خسرت معركتها الأخيرة مع سرطان الدم.
2. أول صحفية استقصائية في الخنادق البريطانية – دورثي لورانس
تنكرت (دورثي لورانس) من إنجلترا كرجل يدعى (دينيس سميث) لتحقيق طموحها في أن تصبح مراسلة حربية خلال الحرب العالمية الأولى. ولم تكتف تلك الفتاة الشجاعة بارتداء ملابس الرجال، بل قصّت شعرها البني الطويل ومررت شفرة على وجنتيها على أمل أن تصاب بطفح ما لتبدو كما لو أنها تحلق لحيتها باستمرار، وطلبت من أحد الجنود أن يعلمها كيف تسير كجندي، ثمّ زوّرت تصاريح سفرها لتنطلق على متن القطار في رحلة إلى فرنسا نحو مدينة أميان.
بعد 10 أيام من العمل بهوية مزورة، مرضت (لورانس) واضطرت لأن تعترف بهويتها الحقيقية للضابط القائد، لأنها كانت تخشى أن تُكتشف أمام الجميع، وبالفعل، أبقى قائدها الأمر سرّاً وحذرها من الخطر الذي يمكن أن تتعرض له، وما قصده كان الخطر الآتي من الجنود في صفها والذي كانوا متعطشين للنساء، ولم يكن يقصد خطر القنابل والقنص والموت لكن ما لم يكن يعلمه قائدها هو السر الرهيب الذي دفع (دورثي) إلى ألا تهاب هذه المخاطر وهو كونها قد تعرضت للاغتصاب عندما كانت طفلة من قبل وصي الكنيسة الذي ربّاها بعد أن أصبحت يتيمة.
عملت (دورثي) في الخنادق الملوثة والظروف الصعبة، وشاركت في زرع الألغام والكشف عنها، لكن هويتها كُشفت في النهاية ما أدى إلى حبسها في دير لإبقائها هادئة قبل أيام من معركة (لوس)، لكنها كانت قد أدركت أنها وأخيراً حصلت على سبقها الصحفي.
بعد انتهاء الحرب وعودة (دورثي) إلى إنجلترا، سعت إلى نشر كتابها (سابر دوروثي لورانس، الجندية الإنجليزية الوحيدة) في عام 1919، وقد استُقبل بترحاب شديد في إنجلترا وأمريكا وأستراليا لكن بريقه لم يلبث أن انطفأ قبل أن يُتم الكتاب عامه الأول، حتى أن مؤلفته تُركت فقيرة، بل وشبه معدمة، تعيش في شقة مستأجرة وتسلك سلوكاً غريباً ما دفع السلطات إلى وضعها في مصحة في مستشفى مقاطعة لندن للأمراض العقلية، ومن ثم مصحة (كولني هاتش) للأمراض العقلية. وقد كشفت هناك عن حادثة تعرضها للاغتصاب لكن الحقيقة أن أحداً لم يأخذ كلامها على محمل الجد، إذ كانت كلمة امرأة متمردة ضد وصي كنيسة ”مبجّل“!
بقيت (دورثي) في المصحة 39 عامًا مروعًا، إلى أن توفيت وحيدةً في المصح في عام 1964، ودُفنت في قبر فقير في مقبرة (نيو ساوثغيت). لقد كانت نهاية مأساوية لما كان يمكن أن يكون حياة رائعة لرائدة في الصحافة النسائية.
3. سباق ضد التمييز الجنسي – كاثرين سويتزر
اصطف المتسابقون المشاركون في مارثون بوسطن عام 1967، وبينما كان أغلبهم رجالاً –إذ لم يكن يُسمح للنساء بالمشاركة– تسللت (كاثرين سويتزر) متنكرة بهيئة رجل لتحقق حلمها في الجري في المارثون، ولكن بمجرد أن أدرك المنظمون أن هناك امرأةً في السباق، بدأوا في محاولة منعها من المشاركة في الماراثون، لكنها أنهت السباق في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة لتصنع التاريخ. شاركت لاحقاً في 39 ماراثونًا وفازت بماراثون مدينة نيويورك في عام 1974.
في الستينيات ، لم يكن يُسمح للنساء بالركض في سباقات الماراثون أو السباقات التي يزيد طولها عن 1500 متر، لكن هذه القواعد لم تستطع إيقاف (كاثرين سويتزر)/ وهكذا فعلت (كاثرين) شيئًا سيتم طباعته في كتب التاريخ، إذ أصبحت أول امرأة على الإطلاق تركض في ماراثون بوسطن. ومع ذلك، كان عليها أن تقدم نفسها كرجل من أجل الترشح للسباق.
بمجرد أن أدرك المسؤولون أن امرأة كانت تجري في سباق 42 كم، حاولوا إيقافها؛ وتتحدث (كاثرين) عن تجربتها قائلة: ”قبل أن أتمكن من الرد، أمسك رجل بكتفي وسحبني للخلف، وهو يصرخ: «اخرجي، واعطيني هذه الأرقام!» وحاول نزع رقمي، كنت مندهشة وخائفة للغاية لدرجة أنني بللت سروالي قليلاً واستدرت للركض“.
لم تذهب جهودها الشجاعة عبثًا، حيث تم رفع الحظر المفروض على النساء رسميًا في عام 1972. تقول (سويتزر) ”في السباق، ظللت أتساءل لماذا لم تكن النساء الأخريات تركضن، ثم اتضح لي أنهن خائفات من المحاولة إذ قيل لهن كلّ هذه الخرافات عن ضعفهن وصدقنها. كنت أعرف أنه إن عُرضت عليهن فرصة للمحاولة، فسوف ينتهزنها. وهذا ما قررت أن أفعله في حياتي، محاولة خلق الفرص“.
لهذا السبب، أسست العداءة منظمةً عالمية غير ربحية تسمى 261 Fearless، أطلقت (سويتزر) المنظمة مع برنامج سفراء ونظام تدريب وفعاليات مجدولة. تستخدم المنظمة الجري الجريء كوسيلة لتمكين المرأة من التغلب على عقبات الحياة واحتضان الحياة الصحية. بإمكانكم مشاهدة هذا المقطع لـ (كاثرين) بينما تتحدث عن نفسها.
4. حرب ضد الاستعمار وقتال ضد التمييز – ديبورا سامبسون
تنكرت (ديبورا سامبسون) بهيئة وهوية (روبرت شورتليف) للانضمام إلى الحرب الثورية الأمريكية عام 1782، تعرضت لإصابات عديدة خلال معاركها لكنها لم تكشف عن هويتها حتى مرضت وفقدت وعيها نتيجة تفشي الوباء بين صفوف الجيش، وقد سُرحت بمرتبة شرف بعد أن اكتُشفت.
ولدت (ديبورا) عام 1760، وعملت طوال الفترة السابقة كي تنضم إلى الجيش الأمريكي بصفة معلمة، أخفت هويتها الأنثوية وتبنت اسمًا ذكرًا، هو (روبرت شورتليف)، للانضمام إلى قوات باتريوت في عام 1782.
أثناء العمل في الجيش، قادت (ديبورا) 30 عنصرًا من جنود المشاة في رحلة استكشافية، وحفرت الخنادق، وتعاملت مع نيران المدافع. خلال عامين من الخدمة، نجحت في إخفاء هويتها، حتى تم نقلها إلى مستشفى في فيلادلفيا بسبب مرضها وفقدانها للوعي أثناء تفشي الوباء.
بعد أن حصلت على الإعفاء المشرف من الخدمة في عام 1783، عادت (سامبسون) إلى مسقط رأسها في ماساتشوستس وأمضت حياة زوجية سعيدة مع زوجها (بنجامين جانيت) و 3 أطفال.
بعد أن توفيت عن عمر يناهز 66 عامًا، قدّم زوجها التماسًا للحصول على دعم مالي باعتباره زوجته قد خدمت في السلك العسكري، وهذا الدعم كان يُمنح عادة للنساء الأرامل. ومع ذلك، اتخذ الكونغرس استثناء في تلك المرة ووافق على التماسه بسبب تصرّف (سامبسون) البطولي وشجاعتها في المشاركة في الحرب. وقد كانت المرأة الوحيدة في التاريخ التي تحصل على معاش عسكري كامل عن بطولاتها في الحرب الثورية الأمريكية.
5. حامية البلاد والمنقذة – جان دارك
ولدت (جان دارك) والتي تُعرف باسم عذراء (أورليان) لعائلة من الفلاحين في الريف الفرنسي عام 1412، وقد جرى اعدامها في 30 أيار عام 1430 تحت تهمة العصيان والهرطقة.
خلال فترة طفولتها، شهدت (دارك) العديد من الأحداث المأساوية، كان إحداها إحراق قريتها بالكامل على يد البورغنديين.
زعمت (جان دارك) أن قديسين تحدثا إليها في رؤية واتتها، وأنهما ألهماها لقيادة الجيش الفرنسي كي تحقق الفوز على الإنجليز. قالت (جان دارك) أنها، وبينما كانت وحيدةً في أحد الحقول، رأت رئيس الملائكة (ميخائيل)، و(كاترينا الإسكندرانية)، والقديسة (مارغريت) ووصفتهم بأنهم كانوا في غاية الجمال لدرجة أنها بكت بعد مغادرتهم. وكان ما أرادوه منها هو أن تقود الجيش الفرنسي لتجلي الإنجليز عن أراضي فرنسا، وتعيد ولي العهد إلى (ريمس) ليتوّج ملكاً.
وهكذا، بدأت في محاولتها الوصول إلى البلاط الملكي لكي تُقنع الملك (تشارلز السابع) بأن يسمح لها بقيادة الجيش الفرنسي أثناء الحرب مع إنجلترا، وكانت تبلغ 16 عاماً آنذاك، تحدّثت (دارك) عن أن القدير أرسلها لتنقذ فرنسا، لكن السبب الحقيقي الذي دفعه لأن يقبل بالسماح لتلك الفتاة بقيادة جيشه هو يأسه، نتيجة فشل جميع محاولاته السابقة. وهكذا، ارتدت (دارك) درعها وتنكرت في هيئة رجل. في النهاية وضع (تشارلز السابع) إيمانه بها وقدم لـ(جان) جيشًا لقيادة أورليان.
هناك الكثير من اللغط حول ما إذا حملت (دارك) لواءً وشجعت ألجيش فحسب، أم أنها قادت الجيش فعلاً، لكن غالبية الدراسات الحديثة تؤكد على أن قادة الجيش كانوا يكنّون لها الاحترام باعتبارها مخططة ماهرة ومحللة إستراتيجية خبيرة فعلاً.
في عام 1430، عندما كانت تحاول الدفاع عن مدينة (كومبيين) من الهجوم، قُبض على (جان) واحتجزها البورغنديون. وجّهت إليها 70 تهمة مختلفة، من بينها ارتداء ملابس مثل الرجل وممارسات السحر. وفي عام 1431، وعن عمر يناهز 19 عامًا، جرى إحراق (جان دارك) حيّة لتموت في الجسد وتبقى قصتها حيةً لتُلهم العديد منا.
6. ثلاث أخوات سطّرن التاريخ – شارلوت، إيميلي، وآن برونتي
نشرت الأخوات (برونتي)، (شارلوت) و(إميلي) و(آن)، من (يوركشاير) في القرن التاسع عشر، مجموعتهن الشعرية ورواياتهن تحت أسماء ذكور: (كورير) و(إيليس) و(أكتون بيل) على التوالي. اختار الثلاثي اسماء ذكور لتجنب التحيز ضد الكاتبات.
وُلدت (شارلوت) و(إميلي) و(آن) عام 1816 و1818 و1820 على التوالي، وهن ثلاثة من عائلة مكونة في الأساس من 6 أطفال؛ ومع ذلك، بحلول عام 1825 لم يكن قد بقي من أفراد العائلة سوى والدهن والأخوات الثلاث وأخوهن الأصغر الذي كان مقرباً منهن وتوفيّ لاحقاً، أعطاهن والدهن مجموعة من ألعاب الجنود فقمن بتسميتها واختراع قصص خاصة بها ما طوّر من مخيّلتهن وكان سبباً في تحفيز قدراتهن الإبداعية.
في عام 1845، اكتشفت (شارلوت) مجموعةً من قصائد (إميلي) وقررت نشرها. على الرغم من أن الكتاب الذي حمل عنوان ”قصائد“ لم يلقى نجاحاً كبيراً، إلا أنه لقي بعض الاستحسان مما ألهم الأخوات لمحاولة كتابة رواياتهن الخاصة.
نشرت (إميلي) رواية (مرتفع ويذرينغ) تحت اسم (أليس بيل)، على الرغم من أن الكتاب لقي انتقادات لاذعة بسبب قصة الحب العنيفة فيه. ثمّ وفي عام 1847، نُشرت رواية ”جين آير“ تحت الاسم المستعار لـ(شارلوت)، (كورير بيل)، ونُشرت (أغنيس جراي) تحت اسم (آن) المستعار، (أكتون بيل).
وقد أوضحت (شارلوت) لمَ فضلت الأخوات أسماء ذكور مزيفة على هويتهن الأنثوية الأصلية لنشر أعمالهن قائلة: ”بغض النظر عن الدعاية الشخصية، قمنا بإخفاء أسمائنا تحت أسماء (كورير) و(إيليس) و(أكتون بيل) لأننا لم نرغب في إعلان أنفسنا كنساء، لأنه –دون شك وفي ذلك الوقت، لم يكن أسلوبنا في الكتابة والتفكير ينطبق على ما يسمى بالكتابة الأنثوية– وكان لدينا انطباع غامض بأن المؤلفين سيكونون عرضةً للتحيز“. تظل الأخوات الثلاث من أكثر الكتّاب تأثيرًا في الأدب الإنجليزي.
7. الطبيبة المحنكة – مارغريت آن بولكلي
وُلدت (مارغريت آن بولكلي) في آيرلندا، وقد كان حلمها الأكبر أن تصبح طبيبةً –ويقال أنه كان حلم أمها أيضاً– لذا تنكرت (مارغريت) كـ(جيمس باري) لتحصل على القبول في كلية الطب في جامعة أدنبره في عام 1809، ولم يكشفها أحد حتى توفيت، ما أصاب المسؤولين العسكريين بالصدمة عندما كشفوا هوية (مارغريت) الحقيقة بعد وفاتها وقيدوا الوصول إلى جميع وثائقها
كان لـ(مارغريت) عمٌّ اسمه (جيمس باري)، وقد حيكت الخطة لأن تأخذ هويته بعد وفاته كي تتمكن من الانتساب إلى كلية الطب، وقد زعمت فيها أن قِصر قامتها وبشرتها الناعمة كانا بسبب صغر سنها. بدأت (مارغريت) رحلتها في دراسة الطب في أدنبره ضمن اسكتلندا، وحصلت على شهادة الطب في عام 1812، وانتقلت إلى لندن لتحصل على القبول في كلية الطب فيها. عملت لاحقًا جراحة عسكرية في الجيش البريطاني.
شغلت (مارغريت) عدّة مناصب خلال فترة خدمتها، إذ أرسلتها الإمبراطورية البريطانية إلى معظم مستعمراتها، بدءًا بـجنوب إفريقيا ووصولًا إلى الهند، حيث عالجت المرضى ودربت خريجي الطب الجدد، كما أنها كانت من وضع حدًا لانتشار الكوليرا والجذام في أفريقيا. خلال فترة عملها، لم تحسّن ظروف خدمة الجنود المرضى فحسب، بل أصبحت أيضًا أول جراح، على مستوى العالم، يجري عمليةً قيصرية ناجحة في جنوب إفريقيا.
أجبرتها ظروفها الصحية المتدهورة على التقاعد في عام 1865 بعد أن عاشت (مارجريت آن بولكلي) في ملابس رجالية لما يقارب الـ 50 عاماً، عملت خلالها 46 عامًا وسط الرجال أثناء وجودها في الجيش، ولم يكتشف أحد أنها امرأة؛ إلى أن طرق الموت بابها.
توفيت (مارغريت) عام 1865 من مرض الزحار، واكتشفت الممرضة المسؤولة عن تحضيرها للجنازة أن الطبيبة الشهيرة المتوفاة كانت في الحقيقة امرأة. وفقًا للتقارير، صُدم الجيش البريطاني بذلك الاكتشاف لدرجة أن منع الوصول إلى جميع الوثائق المتعلقة بها حتى أعاد المؤرخون فتح القضية في الخمسينيات من القرن الماضي.
8. الجندية والممرضة والجاسوسة – سارة إدموندز
كانت (سارة إدموندز) من النساء القلائل اللواتي خدمن في الجيش إبان الحرب الأهلية الأمريكية، لكن قصة (إدموندز) مثيرة للاهتمام، فقد وُلدت السيدة في كندا عام 1841، وكانت تعيش حياة بائسة تحت سلطة والدها العنيف، حيث كان والدها يرغب بإنجاب ذكر وليس أنثى.
على أي حال، استطاعت (إدموندز) الهرب إلى فلينت، في ميشيغان، عام 1856، وقررت الالتحاق بعدها بالخدمة العسكرية باعتبارها واجبًا وطنياً عليها. وكي تحقق مسعاها، تنكرت بزي وهيئة رجل، وأطلقت على نفسها اسم (فرانكلين فلينت تومبسون)، وانخرطت في كتيبة المشاة الثانية وعملت مسعفة للجرحى، وخاضت بذلك عدة معارك، من بينها حملة ماريلاند عام 1862.
لم تكن (سارة إدموندز) مسعفة فحسب، بل أظهرت قدراتها ومواهبها في التجسس أيضاً، حيث عملت جاسوسة لصالح ولايات الاتحاد.
عندما شُخصت (إدموندز) بالملاريا عام 1863، تركت عملتها وزملاءها، حيث خشيت أن يتم فضح هويتها في حال نقلت إلى مستشفى عسكري. لهذا السبب، تم تسريحها من الخدمة العسكرية تسريحًا مشرفاً، وحصلت على دعم مالي بعد تقاعدها، وكان بذلك إحدى النساء القلائل اللواتي شاركن في الحرب الأهلية الأمريكية.
لا تزال النساء اليوم تعاني من شتى أنواع التمييز والإجحاف، لكن تلك النسوة ومآثرهن وإنجازاتهن ستبقى إلهامًا كبيراً، فبإمكاننا نحن أيضاً أن نحقق إنجازات في وقتنا هذا وأن نغيّر واقع النساء للأفضل.