عودة “مذهلة” لعملاق التكنولوجيا.. “نوكيا” تخطف أنظار العالم مجدداً.. تعرف على NOKIA X60 “ميزات خارقة وسعر منافس”

بعد النكسات التي لاحقتها منذ ظهور نظام أندرويد للأجهزة الذكية؛ تراجع عملاق الهواتف المحمولة الفنلندي (نوكيا)، وأصدرت الشركة منذ ذلك التاريخ عدداً من الأجهزة، غير أنّها جميعاً كانت دون المستوى ولم تلقَ تلك الأجهزة الرَّواج الذي عُلِّق عليه أمل الشركة. لتعود الشركة اليوم بأقوى هاتف محمول أطلقت عليه اسم (NOKIA X60)، وذلك ضمن فئتين متوسطة ورائدة.

الهاتف الجديد يعمل ضمن نظام تشغيل هواوي، وهو الأمر الذي قد لا يعجب الكثير من المستخدمين، غير أنّه يتمتع بمعالج ممتاز من نوع “Snapdragon 898″، وبكاميرا لا مثيل لها بدقة 200 ميغا بيكسل، وقد يكون الإعلان عنه مفاجأة كأول شركة تستخدم في هاتفها كاميرا بهذه الدقة

ووفقاً لمواقع تايوانية، فإن الهاتف يملك شاشة AMOLED منحنية الأطراف، وبمقاس 6.4 بوصة بمعدل تحديث 144 هيرتز، ومعالج “سناب دراغون 898” من كوالكوم (ثماني النواة)، مع معالج رسومي Adreno 730، ونظام تشغيل Harmony OS من هواوي، وبطارية عملاقة بسعة 6000 مللي امبير، ويدعم الشحن السريع

وبالنسبة للكاميرا الخلفية للهاتف، فإن الكاميرا الأساسية تحمل دقة 200 ميجا بكسل، دون معرفة تفاصيل دقة الكاميرا الأمامية حتى الآن، كما إن الذاكرة العشوائية، تبدأ من 8 جيغا وتصل إلى 12 جيغا رام، وبذاكرة داخلية متوفرة بسعات 128 أو 256 جيغا بايت، كما إنه يدعم شبكات الجيل الرابع والخامس

وبحسب المصادر فإن شركات عدّة تعتزم الاعتماد على نظام تشغيل HarmonyOS من هواوي، كشركات “شاومي وفيفو واوبو”، ومع اعتماد شركة نوكيا للنظام الجديد، فإنها قد تكون الشركة الأولى التي تعتمد النظام بعد شركة هواوي بشكل رسمي

إذا كنت من عشاق الهواتف الذكية ذات المواصفات والإمكانيات عالية الدقة، فقد حققت لك شركة نوكيا Nokia كل ما تريده في هاتفها الجديد Nokia X60 Pro 5G إنه الهاتف الذكي المناسب للجميع كما أنه مُناسب جدًا من حيث السعر خاصة مع امكانياته المذهلة

وهذا ليس بالغريب من شركة نوكيا العملاقة التي دائمًا ما تُقدم الجديد والفريد لمستخدميها في عالم الهواتف حيث أن الشركة كانت في فترة من الفترات هي رقم واحد في عالم الهواتف وبلا شك تحاول من خلال منتجاتها الأخيرة العودة مرة أخرى إلى تلك المكانة.

مواصفات هاتف Nokia X60 Pro 5G، والهاتف سيكون منافسًا قويًا و شرسًا للهواتف الذكية المطروحة على الساحة
• الشاشة بمقاس 6.4 إنش وبقوة 120 جيجا هرتز

• البطارية بسعة mAh 7000

• كاميرا خلفية 200 ميجا بيكسل

• نظام التشغيل Harmony OS

• رامات 12 جيجا بايت

• تقنية الاتصال 5G الجيل الخامس

• الذاكرة الداخلية من 128 حتى 500 جيجا بايت

هاتف Nokia X60 Pro 5G

إنها لمخاطرة كبيرة من شركة نوكيا التي ستقوم بتقديم هواتفها الحديثة بدون نظام تشغيل أندرويد، فقد أعلنت الشركة أن هواتفها القادمة سوف تعمل بدون نظام تشغيل اندرويد بل ستعمل بنظام منافس لها وهو مُقدم من شركة هواوي Harmony OS.

مميزات هاتف Nokia X60 Pro 5G

• الشاشة ذات دقة عالية

• المعالج يدعم شبكات الجيل الخامس

• رامات كبيرة مع مساحة داخلية كبير

• التصميم جميل سواء من الخلف ام من الامام

• التصميم مصنوع من الزجاج مع فريم من البلاستيك

• سمكه حوالي 9 ملم

• الوزن يبلغ 220 جم

• مقاس الشاشة 6.51 انش

• الشاشة سوبر اموليد مع دقة +FHD مع كثافة 404 بيكسل مع تردد 144 هرتز

• يأتي مع شريحتين نانو سيم مع دعمه لشبكات الجيل ( الثاني – الثالث – الرابع- الخامس)

• مساحة داخلية 128 جيجا بايت

• يحتوي الجوال على 4 كاميرات خلفية

كاميرا أساسية 200 ميجا بيكسل مع فتحة عدسة 1.9 – كاميرا عريضة 12 ميجا بيكسل مع فتحة عدسة 2.2 – كاميرا عمق 2 ميجا بيكسل مع فتحة عدسة 2.4

• فلاش

• كاميرا أمامية 32 ميجا بيكسل مع فتحة عدسة 2.0

• شحن سريع 33 واط

• يتوفر بالألوان عديدة منها الأزرق والأبيض والأسود

إشراقة الانتصار

تشبه قصة نوكيا حكايات الخيال، فهي تبدو غير حقيقية إلى حد كبير، فهذان “توماس” و”تيتي”، باحثان هندسيان في نوكيا، كان يوم أمس آخر أيامهما في العمل، أما “كريغ ليفنغستون”، نائب رئيس نوكيا (1992-2014) فيقول: “على مدار السنوات الماضية كان الناس يتحدثون بنوع من الحرج عن أنهم يعملون في نوكيا، ويتحدث لهم الناس بسخرية: آه، أنتم الذين كنتم تعملون في نوكيا، انظروا ماذا حدث لكم”.

مع مرور الوقت صارت قصة نوكيا موضوع الإعلام والأعمال على حد سواء، هذا يريد الاستفادة من الحدث في صناعة خبر، وذاك يريد أخذ العبرة والدروس المستوحاة من إشراقة شمس هذا المارد وغيابها.

نكتة تصنع مستقبل التكنولوجيا

في عام 1974 بدأت رحلة نوكيا مع أجهزة الاتصالات، وكان باكورة أجهزتها المحمولة في ذلك الوقت هاتف السيارة من طراز (SRP-202)، بأجزائه الكبيرة ووزنه الذي بلغ 13 كغم، حيث كان الناس يحلمون باقتناء جهاز هاتف متنقل يحملونه أينما يشاؤون، وكانت عبارة “هاتف نقال” تثير الضحك والدهشة معا، لكن البعض كان على يقين أنه سيأتي يوم يكون فيه 100% من الناس يحملون هاتفا نقالا.

يقول “ماتي ماكونين” أحد الرواد في نوكيا: كنا نتشارك الأفكار بانفتاح وحرية، وعلى درجة من حسن الظن بحيث نعتبر أن كل مدخلة إلى النظام لا تحتاج إلى حقوق ملكية فكرية. إن أحد الاختراعات التي صارت ذات قيمة فيما بعد هو الرسائل النصية، كان لدى أحد المدراء عندنا آلة حاسبة تحوي جميع الحروف والأرقام.

قلتُ له يومها: سيكون لدى هاتف المستقبل ما يكفي من الأزرار لكتابة نص، ثم إنني وصلت إلى لحظة اقتنع الناس خلالها أنني أنا من اخترع الرسائل النصية، وكانوا يتساءلون يومها لماذا لم أحصل على براءة اختراع، ولمَ أنا لست غنيا؟

أما “بيكالونكا” وهو مطور في نوكيا، فقال عن البدايات: كان العمل في تغطية الأسواق المالية مجالا جديدا، وهنا سطع دور الاتصالات، وكان لجهاز “موبيرا توكمان” الدور الأكبر، ولذا فقد كنا الخبراء فعليا. وهذا -على سبيل المثال- جهاز (NMT-900)، وهو الجهاز الذي استخدمه الرئيس السوفياتي “غورباتشوف” في مكالمته المشهورة عام 1987، كان وزنه 800 غم، وكان ثمنه يومها يعادل 24 ألف مارك.

ويتابع: وقد صنعنا جهازا مماثلا لدولة الكويت، وعندما سألناهم ما الاسم الذي ينبغي وضعه عالجهاز، قالوا لنا: سموه “بوش”، تلك العلامة التجارية موثوقة في مجال الكهربائيات. ثم في عام 1988 فتحت نوكيا خطوط إنتاج متعددة في الصين، ذلك السوق المتنامي إلى حد الذهول.

تقول “آنو بالمو” رئيسة قسم العلاقات القانونية في نوكيا، اتصل بي أحدهم من قسم الاستقبال في “بلاك”، وقال إن الشركة ستتلقى أمر استدعاء قانوني، وبصفتي محامية الشركة استلمته، كانت أوراق دعوى قضائية رفعتها شركة موتورولا الأمريكية ضد كل الهيئات الاعتبارية في نوكيا بتهمة انتهاك براءة اختراع في الولايات المتحدة.

كانت مدينة سالو الفنلندية لا تزال أشبه بقرية صغيرة، وعندما حضر محامو شركة موتورولا من شيكاغو لم يصدقوا أن النزل الوحيد في المدينة مغلق طوال الصيف.

تقول “بالمو”: الحقيقة أنه في أوروبا وفي فنلندا تحديدا، لم يكن سلوك الشركات مع بعضها عدائيا عسكريا، ولم يكن موضوع الملكية الفكرية أمرا ذا بال، مع التأكيد على أن كل منتجات نوكيا قد طورتها الشركة بخبراتها الخاصة. المهم أننا قمنا بتسوية القضية بين الشركتين، وساهمت كلاهما في تزويد السوق العالمية بالهواتف المحمولة.

ثورة عملاق التكنولوجيا

في 1991 اشترت نوكيا مسابقة تكنوفون من إنجلترا، ويقول السير “إيان برول” من تكنوفون: يومها سألت والدي أين تقع فنلندا؟ وأجابني: إنها قريبة من لوكسمبورغ، هذا حتى تعلم كم كان أبي ملما بالجغرافيا.

وينفجر “إيان” ضاحكا ويتابع: عدت من العمل ولبست بدلة أنيقة وركبت الطائرة إلى هلسنكي، وفي المطار استغربت من الملابس الثقيلة والقبعات التي يرتدونها، وعندما خرجت من بوابة المطار وجدت أن درجة الحرارة تبلغ ٢٧ درجة مئوية تحت الصفر، وتجمد الدم في عروقي.

يقول “يوها لاكالا” مدير نوكيا في الفترة بين 1992-2009: في اليوم الأول الذي قدمت فيه إلى نوكيا عرفت أنني في المكان الذي أنتمي إليه، لقد كان أمرا ممتعا وكان العمل رائعا، فالجودة هي المعيار الأول عندهم، وكان إرضاء العملاء ومتانة الهاتف أهم شيء.

شعار نوكيا الذي كسر المنافسة

لم يكن للسياسة ودهاليزها وجود في عملنا، لقد صنعنا هواتف بألوان مختلفة، بعضها كان بيعه ضعيفا، واهتدينا إلى فكرة تغيير الغطاء الخارجي حسب رغبة الزبائن، كانت فكرةً لم تفكر بها أي شركة منافسة.

اشترينا منتجات المنافسين لنختبرها، وكذلك فعلوا هم، وقد قلدت إريكسون منتجاتنا، لكننا طورنا لأنفسنا نظاما متينا في اختبارات الجودة وخدمات ما بعد البيع، استغرقنا عاما كاملا في إعداد الخطط ورسم الخطوات التفصيلية لكل عملية، وعامين آخرين لتدريب الناس وتعليمهم على هذه الخطط، حينها كنا متفوقين بفارق كبير في سوق الهواتف المحمولة.

ويستذكر “ماتي سارينن” مدير قسم الاتصالات في نوكيا، بحثهم عن شعار يترجم فلسفة الشركة قائلا: كنا نبحث عن الشعار الأنسب للشركة، وكان بين أيدينا أكثر من عشرين شعارا، لم يطل الوقت حتى أجمعنا على شعار “نوكيا.. تصل بين الناس” (Nokia, connecting people)، وكان صاحب الفكرة المهندس “أوفي ستراندنبيرغ” الذي عمل في نوكيا بين (1989-2013).

يقول “لوري هيرفونين” رئيس قسم التطوير في نوكيا: كنا مثل عائلة واحدة، لنا فرق متعددة في أنشطة رياضية وترفيهية وثقافية مختلفة، وإن السعادة لتغمرني عندما ألتقي بأحد أعضاء هذه الفرق.

عصر الأفكار الخلّاقة

يقول “رايغو باغانين” عراب جهاز كوميونيكيتور في نوكيا: كانت رواتب الموظفين متساوية، لذا لا يمكن أن نتنافس على الرواتب، كان التنافس على من لديه أفضل الأفكار والمشاريع، وهذا محفز لنا على أن نمضي قدما طوال الوقت، وكان لنا حضور في الأنشطة الاجتماعية والثقافية في أنحاء متعددة من العالم.

أما “تانيلي أرمانتو” خبير التطوير، فيتذكر الأفكار الخلاقة التي كانت لدى فريق التطوير قائلا: عندما طلب قسم التسويق منا إدراج لعبة لطيفة قسمنا بيننا المهام، واختاروني لكتابة شيفرة الألعاب، وهكذا كانت (T-Armanto) أول لعبة على جهاز هاتف محمول

وكان شغف الأطفال في كل مناسبة أن يحصلوا على هاتف يحتوي ألعابا ونغمات كثيرة، وكان تغيير نغمة الهاتف في 1989 أمرا في غاية الغرابة والإثارة، وفي ليلة إطلاقها كانت مرات التحميل تفوق ما توقعناه في شهر، وبنهاية الأسبوع الأول كنا قد غطينا التحميلات المقررة في عام كامل

كان جهاز “كوميونيكيتور” أول هاتف محمول أطلق في 1993، ويستطيع أي أحد خارج الشركة استخدامه وبرمجته، والآن صارت كل هذه الأجهزة في متاحف التاريخ. وقتها لم يكن هناك إنترنت، ولكن معلومات البيت الأبيض كان يمكن الوصول إليها عبر الموديم، وفي إحدى الليالي استطعت الوصول إلى أرشيفهم عبر الكوميونيكيتور، كان هذا أمرا ثوريا.

ثم بدأ تطوير خدمة البلوتوث والإنترنت اللاسلكي وغيرها، وفي ذلك يقول “يوني ميكونين” رئيس قسم البحث والتطوير: كنا نعمد إلى تعيين خريجين جدد، ولم نكن نؤطرهم ضمن الأفكار المسبقة مطلقا، فقد كانوا يبدعون وكنا نستشير الخبراء لا رئيس الشركة، ونستمع إلى أفكار الخريجين الجدد باهتمام، ولا نهمل أي فكرة على الإطلاق، وهذا لا يحدث في آسيا، فهناك المدير يقرر والكل ينفذ فقط.

“بيل غيتس” على قائمة الزبناء

يتحدث “يوني ميكونين” رئيس قسم البحث والتطوير في شركة نوكيا قائلا: أذكر أنه كانت لنا مشاركة في معرض للتقنيات في لاس فيغاس، يومها جاءنا وفد صغير من شركة ميكروسوفت، وسألوا عن جهاز كوميونيكيتور تحديدا، وفي اليوم التالي جاء “بيل غيتس” بنفسه، وكان سعيدا جدا عندما رأى الجهاز، واشتروا الكثير من هذا الطراز لقسم تكنولوجيا المعلومات عندهم.

كانت نوكيا حينئذ في أوج إشعاعها، وكانت صاحبة الأفكار الطلائعية والخيال الجامح، كانت ذلك الصهر الذي يحلم به الجميع، وكان لها هدف استراتيجي هو هزيمة موتورولا، وفي أواخر التسعينيات كانت مبيعات نوكيا تسيطر على السوق الأمريكية.

هناك منطقة تدعى شونغ كينغ تعتبر اليوم من أكبر مدن الصين، وقد أنشئ فيها مصنع كبير لشركة نوكيا، وكان استثمارا لأحد المهتمين بمنتجات نوكيا من أجل تشغيل آلاف العاملين من أبناء منطقته، وبلغت تكلفته 25 مليون دولار، لكن اللافت أن نوكيا الأم لم يكن لها أي تدخل في هذا المصنع على مدى عامين ونصف.

صراعات الدرهم

كانت الشركة مستقرة ماليا وأسهمها في ارتفاع دائما، وكان العاملون والمساهمون يحصلون على مبالغ جيدة من المال تفوق بكثير نظراءهم في الشركات الأخرى، ولكن هذا التطور المالي الهائل خلق فجوة كبيرة في الأجور بين المؤسسين والمساهمين، والطبقات العاملة في الشركة.

تقول “بالمو” المستشارة القانونية: كانت لدينا اجتماعات دورية في الشركة، ولكن النقاشات كانت تدور غالبا حول العمل، وفي أحد الاجتماعات قررت أن أتحدث عن أن هذا الثراء المفاجئ لبعض الأشخاص قد يحدث صدمة من نوع ما، تدعو إلى تراجع العمل بروح الفريق التي كانت تسود في السابق.

صرخ أحد المسؤولين -وهو زميل مقرب لي- في وجهي وقال: إنه لا ينبغي الحديث عن هذا الأمر على أنه خطر يتهددنا، وطلب إقفال الحديث في الموضوع.

وتتابع: الشركة الناجحة تستقطب أشخاصا يتعطشون للنجاح، وفي اعتقادي أن الكثير من موظفي نوكيا لم يكونوا جديرين بهذا المكان، كان اهتمامهم منصبا على المال والامتيازات التي توفرها الشركة، وكانت هذه بداية السقوط.

يقول “كايوس ثيل” المستشار النفسي في الشركة: كانت قيم نوكيا هي الأساس عندما نصف موظف نوكيا بالجيد، وكان هنالك شعار سائد في عائلة نوكيا هو “نحترم الناس ونقدرهم”، ولكن هذا الشعار تحول فجأة إلى “نحترم الناس” فقط.

بدأت نوكيا تزحف بجسدها الثقيل إلى الهاوية بسبب صراعاتها الداخلية التي أثقلتها، ولم يكن يلوح في الأفق حل لذلك. يقول المستشار النفسي “ثيل”: جاء زمن على الشركة صرت تشعر فيه أن بعضهم بحاجة إلى مصحة نفسية، صار بعض المسؤولين يصنف الموظفين على أساس من يفكر مثله أو يفكر ضده، لقد تغير كل شيء.

صارت نوكيا مجرد مجموعة من الناس، بعد أن كانت مجموعة من الكفاءات التقنية والأخلاقية عالية المستوى، وصارت المنافسة في داخل الشركة بدل أن تكون مع المنافسين في الخارج.

هدية اللمس التي رفضتها نوكيا

يقول “يوهانس فانانين” وهو مطور مستقل: في عام 2002 قدّمت للمسؤولين في نوكيا جهازا تعمل شاشته باللمس، وتتوفر فيه كل مفاتيح الأحرف والأرقام باللمس، ويمكن إيصاله بالإنترنت، بل وكانت إمالة الجهاز ببطء كافية لتقليب صفحات المواقع، ولشدة دهشتي رفضه المسؤولون في نوكيا، بحجة أنه مجرد تحايل على الشكل الأساسي للهاتف، وأن الناس سينبهرون به للوهلة الأولى ثم يعزفون عنه.

حين أعرضت شركة نوكيا عن اختراع “فانانين” اضطر إلى البحث عن الشركات الأخرى المنافسة، إذ يقول: جربت الحديث مع جميع شركات الهاتف الحمول الأخرى مثل سيمنز وألكاتيل وإريكسون وموتورولا وسامسونغ. تخيل أن مخترعا فنلنديا تقدم باختراع إلى شركة مثل نوكيا، أين هي ردود الأفعال الإيجابية التي كانت ترحب بمثل هذه العبقرية؟ للأسف لقد أضاعت نوكيا فرصة عظيمة لتوسيع الفارق.

ذهب “فانانين” باختراعه إلى أبل، وبعد عدة اجتماعات جاء “ستيف جوبز” الرئيس التنفيذي السابق في أبل، ولم يتكلم ولم يعرف بنفسه بل أخذ الجهاز وبدأ يتفحصه، ثم قال عبارة واحدة: لماذا لا تدور لوحة المفاتيح عند إدارة الجهاز؟

في التاسع من يناير/كانون ثاني 2007 كانت نوكيا لا تزال في مقدمة الشركات في مجال الهواتف المحمولة، وفي اليوم التالي مباشرة صارت في المركز الثاني، لقد أعلن “ستيف جوبز”: “اليوم، ستعيد أبل اختراع الهاتف.. ها هو”. أخذت نوكيا إعلان “جوبز” على محمل الجد، واشترت شحنة من هواتف أبل التي أطلقها، وعادت بها إلى فنلندا لدراستها.

كان جهاز الآيفون الذي أطلقته أبل أنيقا وبسيطا جدا، وللطرفة فإن الأطفال أبناء موظفي نوكيا الكبار قد استوعبوا استخدامه وأحبوه في بضع دقائق، حينها علم هؤلاء الكبار أن نوكيا في ورطة. لقد قدمت أبل تنازلات لم تكن نوكيا تتخيلها تلك الأيام، مثل نوعية الهاتف وعمر البطارية، ولكن ذلك لم يقلل من أهمية القفزة التي قفزتها أبل، وأصبحت مثل هذه التنازلات بمثابة عتبات سلَّم المجد الذي تتربع عليه أبل اليوم.

كان رد فعل نوكيا سريعا، فقد تعاقدت مع إنتل لتطوير نظام التشغيل “ميغو”، وكان الهدف المعلن تحطيم أبل خلال عام واحد، وأنتجت جهاز (N9)، لقد كان منتجا جيدا يستحق كل هذا المال والجهد والوقت الذي صرف من أجله، ولكنها كانت قصة قصيرة للغاية، وانتهت بسرعة.

يقول أحد الموظفين المسرحين: قامت نوكيا بتسريح عدد كبير من موظفيها، وطرحت فكرة “اغتنم الفرصة الأخيرة واقبل إنهاء الخدمة الطوعي”، وقد تلقفها كثير من العاملين المميزين في نوكيا دون تردد. إني أحن إلى تلك الأيام، وأحلم كثيرا أنني ما زلت هناك، لا أدري هل أحزن على المعامل الحديثة التي كنا نعمل بها، أم أحزن على الناس الرائعين الذين عملت معهم.

يرجح كثير من الخبراء أن كثرة تغيير المدراء التنفيذيين في نوكيا والتغير المستمر في السياسات، يمكن أن يكون سببا آخر يضاف إلى أسباب سقوط الشركة، وهجرة العقول العاملة فيها.

وبعد عشر سنوات من التأرجح بين الصعود والهبوط باعت نوكيا وحدة تصنيع الهواتف المحمولة إلى ميكروسوفت مقابل خمسة مليارات دولار، وأبقت على وحدات الأعمال التأسيسية. وقد ظن البعض أنها مؤامرة، ولكنها في الواقع تجارة، لقد طرحت الشركة أسهمها، وقامت شركات عالمية بشرائها.

شتات العباقرة في سماء التكنولوجيا

قام موظفو نوكيا السابقون بتأسيس عدة شركات خاصة بهم بعد فقدانهم وظائفهم، أما أحدهم فقد طور شركة متخصصة في الهوائيات تعتبر الأولى حسب دراسة دنماركية مستقلة، بينما تعكف “يوهانا كورتيلا” على تطوير برمجيات لتعليم الصغار في عصر الرقمنة، أما “يوني ميكونين” فيعمل على تطوير حاسوب مدمج يقوم بمهام متعددة.

وهناك شركة (HMD) التي أخذت امتيازا جزئيا من نوكيا لتصنيع هواتف محمولة، وقامت بتشغيل العديد من موظفي نوكيا السابقين، واشترت إحدى الموظفات حصة في مصنع، وقامت بتطوير بعض برمجياته.

على مدى 15 عاما كانت نوكيا تعود إلى مركز الصدارة مرارا، بعد أن تفقده لصالح بعض الكيانات الأخرى، واليوم ما يزال الكثير من الموظفين يتحدثون بعاطفة جياشة عن زملائهم القدامى في الشركة، وعن الأوقات السعيدة التي قضوها هناك، بل إنك تحس بحنينهم إلى الأجهزة التي مرت من تحت أيديهم، يكادون يتذكرون كل قطعة ومن الذي طورها ومن الذي رصها في مكانها في الجهاز.

المصادر : مواقع الكترونية عربية

Exit mobile version