السعودية.. اكتشاف بقايا أحفورية نادرة في تبوك على طول ساحل البحر الأحمر
انطلقت أعمال فريق استكشاف الأحافير ودراسة الحياة القديمة بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية لعام 2022 مع بداية شهر فبراير الماضي في “متكون ازلم” بمنطقة تبوك على طول ساحل البحر الأحمر بين محافظتي ضباء وأملج.
واكتشف هذا الفريق بقايا حيوانات بحرية منقرضة تراوحت أعمارها ما بين 16 إلى 80 مليون عام. ودلت هذه الاكتشافات على وجود مواقع أحفورية سيتم تطويرها مستقبلاً كمواقع جذب سياحي في نطاق مشاريع تطوير البحر الأحمر.
كما تحتوي منطقتا مشروع البحر الأحمر وآمالا على أحافير لأنواع مختلفة من الفقاريات واللافقارية وبقايا نباتات عاشت في بيئات بحرية ضحلة وشاطئية يعود عمرها لعصري الحياة الجيولوجية المتوسطة والحديثة (الطباشيري – ميوسين).
وبعض من هذه الأحافير ينتمي لزواحف بحرية تم العثور عليها مدفونة في رواسب العصر الطباشيري المتأخر وموساصورات وبليزيوصورات.
وتعتبر الموساصورات من الزواحف البحرية التي عاشت في حقبة الحياة الوسطى وتميزت بجسم أسطواني ضخم كالتماسيح، ولها أطراف أمامية وخلفية على شكل زعانف تستخدم للسباحة والتوازن في الماء. وتختلف عنها البليزيوصورات بتميزها بضآلة حجم جماجمها واستطالة أعناقها ونحالة أجسادها المسطحة.
كما تم استخراج عينات أحفوريه من رسوبيات الإيوسين يصل عمرها إلى 45 مليون سنة، عُرف منها فقرات صدرية لثدييات بحرية منقرضة تعود لحواري البحر أو ما يشبه الأطوم البحري الذي يتخذ المياه الضحلة الدافئة كبيئة عيش، ليتغذى على الأعشاب البحرية.
بالإضافة الى ذلك تم اكتشاف أجزاء من سلاحف وأطراف تماسيح عاشت في المناطق الساحلية عندما غطى بحر التيثيس معظم شبه الجزيرة العربية، وهي حقبه من التاريخ الجيولوجي تقدر بنحو 20 مليون سنة قبل انفتاح البحر الأحمر وانفصال الصفيحة العربية عن الإفريقية.
ثم انطلق فريق البحث الاستكشافي للأحافير إلى متكون الرشراشية بمنطقة الجوف حيث تم اكتشاف نوع نادر من حيتان الإيوسين العملاقة، التي كانت تتخذ من المياه الدافئة لبحر التيثس بيئة مثالية للتكاثر.
ويتراوح طول الحوت المُكتشف من مقدمة رأسه إلى آخر ذيله ما بين 18 إلى 20 مترا، وذلك اعتماداً على الهياكل المكتشفة في أماكن مختلفة من العالم.
وقد خَلُصت المشاهدات الميدانية والقياسات الدقيقة لجزء من العمود الفقري إلى أن الفقرات التي تم العثور عليها قد بلغ عرض إحداها 48 سم وهذا ما لفت الانتباه أثناء عملية التنقيب. وبالرجوع إلى قواعد البيانات والتصنيفات العلمية المتوفرة عالمياً، رُجِح أن يكون هذا النوع من حيتان هو Basilosaurus وهو من الثدييات البحرية وهو أكبر حيتان الإيوسين.
واصل المختصون أعمالهم البحثية في موقع سور عسفان الأحفوري والذي يُعد من عصر الإيوسين المبكر. وتم فيه العثور على بقايا أسنان قرش وأسماك قيثارة، كما تم اكتشاف فقرات لتماسيح وأجزاء من هياكل سلاحف.
وتعتبر هذه الأحافير محور الوصل والمضاهاة بين عدة مواقع أحفورية من محافظة تربة الطائف مروراً بهدى الشام ووصولاً إلى عسفان والغولاء غرباً.
وتكوّن سور عسفان الأحفوري قبل حوالي 55 مليون سنة من عصر الإيوسين الأسفل، ويقع شمال غرب محافظة عسفان بالقرب من البحر الأحمر ويمتد طوله لأكثر من واحد كيلومتر ويبلغ سمكه من ستة إلى تسعة أمتار، كما يبلغ ارتفاعه 11 متراً كحد أقصى.
وهو يتكون من رواسب جيرية تغلب عليها الصبغة الدولوماتية والجلوكونيتية الفوسفاتية. ويمتاز بتواجد كميات كبيرة من أحافير ثنائيات المصراع، من الجنس كارديتا، وكذلك أحافير فقارية من الأسماك الغضروفية والعظمية، وبقايا هياكل من السلاحف والتماسيح.
في الأصل ترسبت طبقات هذا المقطع الجيولوجي في بيئة الحواجز التراكمية ذات المنشأ العضوي الجيري. وبعد عشرات الملايين من السنين ومع انفتاح البحر الأحمر، أثرت الحركات الأرضية المرافقة لانفصال شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا بإنتاج هذا التركيب الجيولوجي بعملية رفع مع دوران للطبقات الرسوبية بمقدار قريب من العمودي.
ويعمل حالياً فريق الاستكشاف الأحفوري بمركز المسح والتنقيب في الهيئة على مواصلة أعماله البحثية في مختلف مناطق المملكة لاستكشاف المزيد من الأحافير المنقرضة منذ العصور القديمة ومعرفة بيئاتها التي عاشت بها.
المصدر: العربية