بناء قبو “يوم القيامة” على سطح القمر.. تخزين نسخ من تاريخ البشرية خوفا من الكوارث
تحسبا لأي كارثة تعصف بالبشرية، يوجد قبو تحت الأرض في دولة النرويج، تضع فيه دول العالم، نسخا من البذور، وقد ناقشت دراسة حديثة أعدها فريق تعاوني من الباحثين إمكانية تنفيذ نفس الفكرة على القمر، ولكن لحفظ البيانات.
وتروج الدراسة المنشورة في أكتوبر بدورية “أرخايف”، لإمكانية قيام المستوطنين القمريين في المستقبل بإنشاء نظام تخزين بيانات احتياطي للنشاط البشري في حالة وقوع كارثة عالمية على الأرض، بحيث يمكن استخدام هذه البيانات لاستعادة الحضارة البشرية على الكوكب ما بعد الكارثة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تخطط فيه بعثات أرتميس التابعة لوكالة ناسا لإعادة الأشخاص إلى القمر لأول مرة منذ عام 1972، إلى جانب الأحداث العالمية الحالية مثل جائحة فيروس كورونا المستمرة والحرب في أوكرانيا، حيث هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا بحرب نووية.
وبالنظر إلى الوضع الحالي للشؤون العالمية، تبرز أهمية إنشاء نوع من النسخ الاحتياطي للبيانات خارج العالم، ويقول كارسون إزيل، مدير مبادرة مستقبل الفضاء والمؤلف الرئيسي للدراسة في تقرير نشره أول أمس موقع “الكون اليوم”: “علمتنا جائحة كورونا مدى تعرض عالمنا للكوارث واسعة النطاق بسبب الترابط المتزايد، ومع ذلك، يتم تجاهل المخاطر الكارثية في الخطاب السياسي لأنها غير متوقعة وغير مسبوقة إلى حد كبير، وسيكون النسخ الاحتياطي للبيانات خارج العالم خطوة مهمة نحو تحسين قدرتنا على التعافي من كارثة ضخمة”.
ويقارن الدكتور ألكساندر لازريان، الأستاذ في قسم علم الفلك بجامعة ويسكونسن ماديسون، والمؤلف المشارك في الدراسة، نظام تخزين البيانات الاحتياطية للدراسة بنظام تخزين البيانات الاحتياطية الخاص بالصندوق الأسود للطائرة، والذي يستخدمه المحققون لاحقًا لتحديد سبب تحطم الطائرة أو الحادث.
ويقول الدكتور لازاريان: “لا يمكن للبيانات المخزنة إنقاذ حياة الأشخاص على متن الطائرة، لكن يمكنها إنقاذ أرواح الأشخاص على متن طائرات أخرى، وفي كثير من الحالات، على سبيل المثال، لم يكن سبب التعطل هو خطأ بشري”.
وجنبًا إلى جنب مع أرتميس، تشير الدراسة إلى العديد من مهام رحلات الفضاء البشرية الطموحة إلى كل من القمر والمريخ، ليس فقط من الولايات المتحدة ولكن من الصين وشركة الفضاء الخاصة، سبيس إكس أيضًا، حيث يأمل الباحثون في استغلال هذه الفرصة لإنشاء نظام النسخ الاحتياطي للبيانات.
ويقول الدكتور آفي لوب، وهو أستاذ في قسم علم الفلك في جامعة هارفارد، ومؤلف مشارك في الدراسة: “يتضمن ذلك المعلومات الجينية حول جميع أشكال الحياة الأرضية بالإضافة إلى معلومات عن جميع الإبداعات البشرية، بما في ذلك الكتب والموسيقى ومحتوى الإنترنت”.
وناقش الباحثون في دراستهم كيف يمكن للتقدم في كل من الاتصالات الليزرية وتخزين البيانات أن يمكّن من إنشاء مثل هذا النظام على كل من القمر والمريخ، وقدروا أن إجمالي الكمية المخزنة من الكتب، ومقالات المجلات، والأفلام، والمعلومات الجينية مثل عدد الأنواع على الأرض والجينوم البشري، وصور الأرض حوالي 1.07 × 1016 بايت من البيانات.
يقول الدكتور لازاريان أن الغرض من هذا النظام الاحتياطي ليس لأننا سندمر، ولكن لأن هناك احتمال أن يتم تدميرنا، ويؤكد أن الغرض من هذا المشروع هو تنبيه الناس، وخاصة السياسيين، إلى أننا حضارة ضعيفة وهشة للغاية، مشيرًا إلى أننا في وقت خطير للغاية لأننا نستطيع تدمير أنفسنا.
ولكن ما أنواع المخاطر التي تواجهها البشرية حقًا من حيث تدميرها؟
“هناك عدة مخاطر اتهدد الأرض، مثل تغير المناخ، والأوبئة، والحرب العالمية النووية، والشمس التي تغلي محيطاتنا وأنهارنا، وتأثير الكويكبات، أو كارثة غير متوقعة من حدث فيزيائي فلكي نادر مثل انفجار أشعة جاما.
ويقول الدكتور لوب “إن احتمال أن تقضي أي من هذه الظواهر على البشرية أمر غير مؤكد إلى حد كبير، ولكنه يستحق خطة دعم وتعافي”.
لتنفيذ خطة النسخ الاحتياطي للبيانات، أكد الباحثون على أهمية كونه مشروعًا دوليا، وتختتم الورقة بالقول: “التنسيق الدولي بين الأجيال سيمكن أيضا من اتخاذ المزيد من المبادرات لتحسين آفاق المستقبل على المدى الطويل “.
المصادر : مواقع الكترونية