ديمورفوس البالغ قطره حوالى 160 متراً لا يشكل أي خطر على الأرض (رويترز)
أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أنها نجحت في تحويل مسار كويكب في اختبار تاريخي للقدرة البشرية على منع جرم سماوي من تدمير الحياة على الأرض.
وقال رئيس الوكالة بيل نيلسون، إن مركبة “اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج” (دارت) وهي بحجم ثلاجة، اصطدمت عمداً بالكويكب ديموروفوس في الـ26 من سبتمبر (أيلول) ودفعته نحو مدار أصغر وأسرع حول كويكب آخر أكبر حجماً يسمى ديديموس.
وأكد نيلسون “هذه لحظة حاسمة في الدفاع عن كوكب الأرض ولحظة حاسمة للبشرية” مشدداً على أن ناسا “أثبتت أننا جديون في دفاعنا عن الأرض”. وأوضح نيلسون أن اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج “قلص الفترة المدارية من 11 ساعة و55 دقيقة إلى 11 ساعة و23 دقيقة”.
وكان ديمورفوس يحتاج إلى 11 ساعة و55 دقيقة للقيام بدورة كاملة حول ديديموس. وأضاف “لكنا اعتبرنا أننا حققناً نجاحاً كبيراً لو اكتفت المركبة بتقليص الفترة المدارية بحوالى 10 دقائق لكنها قلصتها بـ32 دقيقة”.
وديمورفوس البالغ قطره حوالى 160 متراً لا يشكل أي خطر على الأرض.
ومضى نيلسون يقول “هذا أشبه بسيناريو فيلم لكننا لسنا في هوليوود (..) هذه المهمة تظهر أن ناسا تحاول أن تكون جاهزة حيال أي شيء قد يرسله إلينا الكون”.
وإذا كان هدفها متواضعاً مقارنة بسيناريوهات عدد من أفلام الخيال العلمي مثل “أرماغدن” فإن هذه المهمة الاختبارية غير المسبوقة تدشن عصر التدرب على طريقة دفاع البشرية عن نفسها إذا هدد الحياة على الأرض كويكب في المستقبل.
وللتحقق من أن مسار الكويكب قد عدل، احتاج العلماء إلى تحليل بيانات وفرتها تلسكوبات منصوبة على الأرض. ورصدت هذه التلسكوبات تبدلاً في وميض الكويكب عند مروره أمام الكويكب الأكبر وخلفه.
وبعد الاصطدام مباشرة أظهرت مشاهد أولى صورتها التلسكوبات على الأرض والقمر الاصطناعي النانو الموجود في المركبة، سحابة كبيرة من الغبار حول ديمورفوس تمتد على آلاف الكيلومترات.
بعد ذلك كشف التلسكوبان جيمس ويب وهابل وهما الأقوى لمراقبة الفضاء، لقطات مفصلة تظهر خصوصاً حركة المواد التي انفصلت عن الكويكب. وسافرت المركبة الفضائية لمدة 10 أشهر منذ أقلعت من كاليفورنيا ولحين ارتطمت بالكويكب.
ولضرب هدف صغير مثل ديمورفوس، كانت المرحلة الأخيرة من الرحلة مؤتمتة تماماً، إذ تحولت المركبة إلى ما يشبه الصاروخ الموجه ذاتياً.
ومن شأن كل ذلك أن يجعل ممكناً فهم تكوين ديمورفوس بشكل أفضل، وهو يمثل مجموعة من الكويكبات الشائعة إلى حد ما، وبالتالي قياس التأثير الدقيق الذي يمكن أن تحدثه هذه التقنية التي تسمى التأثير الحركي، عليها.
وأظهرت صور التقطت لمديمورفوس قبيل الاصطدام أن سطحه رمادي اللون وصخري وهو بيضاوي الشكل. ومعرفة هذه التفاصيل مهمة في حال اضطرت البشرية في المستقبل إلى صدم جرم سماوي يقترب من الأرض.
وسيراقب مسبار “هيرا” الأوروبي المقرر إطلاقه عام 2024، ديمورفوس من كثب في عام 2026 لتقويم عواقب الاصطدام وحساب كتلة الكويكب للمرة الأولى.
ورصد حتى الآن حوالى 30 ألف كويكب من كل الأحجام قرب الأرض (تطلق عليها صفة أجسام قريبة من الأرض، أي أن مدارها يتقاطع مع مدار كوكب البشر). ويعثر على حوالى ثلاثة آلاف نوع جديد كل عام.
ويُعتبر عدد قليل جداً من مليارات الكويكبات والمذنبات الموجودة في النظام الشمسي الذي تنتمي إليه الأرض خطراً على كوكبنا ولن يكون أي منها كذلك في السنوات المئة المقبلة.
ووفقاً للعلماء، رصدت كل الكويكبات التي يبلغ قطرها كيلومتراً أو أكثر بشكل شبه كامل. لكنهم يقدرون أنهم لم يرصدوا إلا حوالى 40 في المئة من الكويكبات التي يبلغ مقاسها 140 متراً أو أكثر، وهذه لديها القدرة على تدمير منطقة كاملة.
(أ ف ب)