ليست كل خطوة عمل أو مشروع قراراً حكيما أو ذكياً دائماً، خاصة عندما يتعلق الأمر بسوق الملكيات العقارية. عبر مختلف أنحاء العالم، قام الناس بتشييد منازل، وفنادق، ومنتجعات غريبة بحق، التي لم تعد قيد الاستعمال بعد الآن وأصبحت مهجورة تماماً.
سواء كان الأمر بداعي أسباب اقتصادية، أو مالية، أو أسباب غير واضحة، فقد تحولت هذه المباني الغريبة الآن إلى نصب مهترئة متهدمة، التي تعطي لمحة خاطفة ووجيزة إلى ماضيها البرّاق وذواتها الفريدة من نوعها.
منزل (سوتياجين) الذي يعتبر واحداً من أطول المباني الخشبية في العالم:
بدأ المقاول ورجل الأعمال الروسي (نيكولاي بيتروفيتش) العمل على بناء هذا المنزل الخشبي الكبير في سنة 1992، وقد وصل به لحدّ 13 طابقاً وارتفاع 43 متراً على مدى 15 سنة من الأشغال، يقع هذا الهيكل في (أركينجلسك) في روسيا، ولدى اكتمال تشييده، أطلق البعض عليه اسم ”الأعجوبة الثامنة من عجائب الدنيا“.
قال (سوتياجين) أن الارتفاع الشاهق لهذا المنزل كان عبارة عن ”حادثة سعيدة“:
قال (سوتياجين) لصحيفة الـ(تيليغراف) البريطانية: ”في البادئ أضفت ثلاثة طوابق لكن المنزل بدا غليظا كما لو كان حبة فطر“، واستطرد شارحاً: ”لذا أضفت طابقا آخر غير أنه بدا كما في السابق، فواصلت إضافة الطوابق. وما تشاهده اليوم هو حادثة سعيدة“.
عندما كان (سوتياجين) يقبع في السجن بتهمة النصب والاحتيال، بقي المنزل مهجورا حتى أخذ يتهاوى:
بينما بقي المنزل مهجوراً على مدى سنوات، اعتبر في نهاية المطاف مصدر خطر للتسبب في الحرائق، فقامت السلطات بفصل أجزاء منه في سنة 2009 لتقليص الأخطار، غير أن ما ترك تدمر بفعل حريق مهول أتى عليه في سنة 2012.
مدينة الحجيرات (سانزي) —التي بنيت في سنة 1978– كان المراد بها منتجعاً سياحياً على جانب البحر لفائدة عناصر الجيش الأمريكي في (تايوان):
بنيت كل حجيرة في المدينة لتحاكي منظر الصحون الطائرة، كما لو كانت مدينة مستقبلية.
لم تفتتح المدينة أبداً بسبب خسائر مالية في سنة 1980:
يعتقد البعض أن عدة نظريات ”مؤامرة“ تفسر سبب كون هذه المدينة مهجورة، وبما أن العديد من عمال البناء الذين عملوا المدينة انتحروا أثناء تشييدها، يعتقد الناس أن المدينة برمتها تسكنها أرواح شريرة، ويعتقد البعض بوجود مقبرة هولندية تحت المباني، وهو ما يسبب وفقا لهم وجود الأرواح الشريرة التي تسكنها.
راحت هذه المدينة ”المسكونة“ تنهار وتهترئ وبقيت عذراء على مدى سنوات حتى تم تدميرها في سنة 2010:
لم يعلم أحد بحقيقة ما كان قد حدث مع مدينة (سانزي) للحجيرات.
قام الحزب الشيوعي البلغاري بتشييد مقر هائل الحجم له على قمة جبل في سنة 1981، الذي تشبه صحنا طائراً:
تتربع هذه المقرات على قمة جبل (بوزلودزا) الذي يقع في وسط بلغاريا. كان هذا الهيكل الذي يشبه شكل الصحون الطائرة يعرف سابقا باسم (نصب بوزلودزا).
في سنة 1989، تحولت بلغاريا من النظام الشيوعي إلى الديمقراطي وهجرت المقرات الشيوعية تباعاً:
بقيت تتهاوى وتخضع لعامل الزمن على مر عقود، ومازالت هذه المقرات منتصبة اليوم كشاهد على ماضٍ فاشل.
يعتبر الموقع مغلقا على الزوار، غير أن المخربين غالبا ما يجدون طريقهم داخله لاستكشاف هذا المبنى المهجور:
مازال هذا النصب والمبنى الخرساني منتصبا حتى يومنا هذا، محفزا العديد من الناس لاقتحامه وتخريبه.
في سنة 1987، شيدت كوريا الشمالية برجا ذا 107 طوابق على شكل هرم في عاصمتها، غير أنه بقي ولا يزال مهجورا على مر عدة عقود:
كان المراد بهذا المبنى فندق فاخر، غير أنه لم يستقبل ضيفاً واحداً منذ بنائه. يبقى فندق (ريوغيونغ) نقطة سوداء في خط ناطحات سحاب العاصمة (بيونغيانغ)، ما عدا الضوء المثبت في قمته لإنذار الطائرات المارة بوجوده.
اليوم، يعتبر فندق (ريوغيونغ) أطول مبنى شاغر في العالم على الرغم من أنه قد جرت عليه بعض التحسينات:
كان من المفترض أن يستغرق بناء هذا الفندق عامين فقط، غير أن هذه المهلة تمددت ليضاف إليها أربعة سنوات أخرى. عندما انهار الاتحاد السوفييتي في سنة 1991، دخلت كوريا الشمالية في أزمة اقتصادية كبيرة توقفت على إثرها جميع أعمال البناء في البلد.
بقي المبنى عبارة عن نصب من الخرسانة إلى غاية سنة 2008 عندما بدأت الدولة العمل على منظره الخارجي، غير أن جانبه الداخلي مازال مغلقاً على الناس.
تمت إضاءة الجانب الخارجي للمبنى بعد اكتمال إنجازه واستعمل للترويج للبروباغاندا الكورية الشمالية:
في سنة 2018، حوّلت الحكومة هذا المبنى إلى عرض ضوئي، مع 100 ألف من أضواء الـLED، فأصبح الجزء الخارجي للمبنى يضاء بصور لقادة سياسيين، وأحداث سياسية، ونصب وطنية. مازال الجانب الداخلي للفندق مظلما حتى الساعة.
بينما في تركيا، بنيت مدينة صغيرة من القلاع المصغرة من أجل الأثرياء، غير أنها ظلت مهجورة لسنوات:
في سنة 2014، بدأ مطور عقاري تشييد فيلات تحاكي في منظرها منظر القلاع المصغّرة. تمتد هذه المدينة الصغيرة التي أطلق عليها اسم «برج الباباس» على سفح الجبال الشمالية الغربية في تركيا بالتحديد في مدينة (مودورنو). يعتبر كل منزل مطابقا للآخر، مع أسقف زرقاء وأبراج صغيرة تليق بالأميرات.
بيعت هذه الفيلات مقابل أسعار تراوحت بين 400 ألف دولار إلى 500 ألف دولار للوحدة:
كانت هناك أكثر من 732 فيلا في هذه المدينة الصغيرة، فبيعت 350 منها للمستثمرين العرب الأثرياء.
غير أن الكثير من الشراة انسحبوا من الصفقات عندما واجهت تركيا ركوداً اقتصادياً، فتركوا المدينة مهجورة:
أعلنت شركة التطوير العقاري المسؤولة عن تشييد المدينة عن إفلاسها عندما انسحب جميع الشراة من صفقاتهم. ساهم كذلك في فشل هذ المدينة الصغيرة الهرج والمرج السياسي الذي عرفته البلاد، وكذا ارتفاع مستويات التضخم، وانخفاض أسعار النفط. من المرجح أن يعاد فتح مشروع «برج الباباس» مجدداً في أواخر سنة 2019.
يوجد في الصين عدد من مدن الأشباح الغريبة، غير أن (تياندوشينغ) واحدة من أكثرها إثارة للاهتمام لكونها نسخة طبق الأصل عن باريس:
تقع مدينة (تياندوشينغ) خارج (شانغهاي)، وهي المدينة التي بنيت في سنة 2007 وأُريدَ منها نسخةً طبق الأصل عن العاصمة الفرنسية باريس، حتى أنه شُيِّد فيها نسخة عن برج إيفل بارتفاع 107 أمتار.
على الرغم من أن المدينة بنيت لتتسع لـ10 آلاف قاطن، غير أنها لا تأوي سوى 2000 مواطن:
على الرغم من أن هذه المدينة ليست مهجورة ولا مهترئة بالكامل، فإنها تعرف كذلك باسم بلدة الأشباح.
مازال يمكنك الآن زيارة المدينة متى شئت مقابل مبلغ 82 دولارا لليلة الواحدة:
يعرض منتجع (تياندوشينغ) على ضيوفه غرفاً مقابل سعر 82 دولاراً لليلة الواحدة. يمكنك زيارة نسخ مطابقة للنوافير الموجودة خارج قصر (فيرساي) في باريس، أو أن تتمشى في أحد الشوارع المستوحاة من النمط المعماري الأوروبي.
على مقياس أكبر، أنفقت الحكومة اليونانية مبلغا كبيراً جداً لبناء أماكن ومحلات دقيقة من أجل الألعاب الأولمبية التي استضافتها أثينا في سنة 2004، غير أن جميع تلك المحلات والهياكل صارت مهجورة الآن:
ليس من غير الشائع على الملاعب والأماكن المخصصة للألعاب الأولمبية أن تصبح مهجورة بمجرد انتهاء دورة الألعاب، غير أن ما يميز محلات أثينا لهذا الصدد —التي أصبحت عرضة لعامل الزمن الآن— هو لأن الدولة أنفقت عليها مبلغ 15 مليار دولار.
بينما وجدت الدولة نفسها في مواجهة مشاكل مالية حادة، أصبحت محلاتها الأولمبية المنجزة بدقة متناهية متهدمة وراح الزمن يأكل عليها ويشرب:
لم تجد الدولة ببساطة استعمالاً مناسباً لاستثماراتها الكبيرة هذه مثل المسابح الأولمبية وملاعب البيسبول.
حتى أن ملعب الكرة الطائرة الذي بني خصيصاً للألعاب الأولمبية يقبع مهجوراً الآن:
تعتبر معاناة البحث عن استعمال نافع ومفيد للأماكن الأولمبية بعد انتهاء الألعاب أمرا شائعا بين مختلف الدول المضيفة في العالم.
مواقع عالمية