أنظمة الجسم المختلفة تتبع إيقاعات الساعة البيولوجية التي تتوافق مع الساعة الرئيسية في الدماغ، وتتأثر هذه الساعة الرئيسية بشكل مباشر بالإشارات البيئية، وخاصة الضوء، وهذا هو سبب ارتباط إيقاعات الساعة البيولوجية بدورة الليل والنهار. لذلك إذا كنت تواجه مشكلة في النوم، أو تستيقظ كثيرا أثناء النوم، أو تعاني من صعوبة في توقيت النوم، أو تشعر بالتعب أثناء النهار والاضطراب في الليل، فقد تكون تعاني من أحد اضطرابات النوم الإيقاعية، او كما يُسمى بـ”اضطراب الساعة البيولوجية”.
ما هي الساعة البيولوجية؟
الساعة البيولوجية للجسم، هي في الأساس ساعة داخلية يتحكم فيها الدماغ على مدار 24 ساعة، وتتحكم في دورة النوم والاستيقاظ المنتظمة في اليوم. كما يعمل الجسم على مدار الساعة في إفراز هرموناته الداخلية التي تجعل الإنسان يشعر بالنعاس ليلا، ويشعر بالحيوية والاستيقاظ أثناء النهار.
وبحسب موقع “كليفلاند كلينك” للصحة والطب، الساعة البيولوجية للجسم تعتمد على الإشارات البيئية المحيطة بالإنسان مثل الضوء والظلام، وتوقيت الوجبات الأساسية، والنشاط البدني.
إلى جانب هناك مؤثرات أخرى لساعة الجسم الداخلية، من ضمنها الميلاتونين (هرمون يُفرز بالدماغ ويلعب دورا في عمق وجودة النوم). كما يمكن أن يؤثر العمر أيضا على حساسية دورة النوم والاستيقاظ، فبالنسبة لمعظم البالغين، يحدث أكبر انخفاض في الطاقة بسبب ايقاع الساعة البيولوجية، في منتصف الليل ما بين الساعة الثانية صباحا، والرابعة صباحا عندما يكون الشخص عادة نائما، وبعد وقت الغداء حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر إلى الثالثة بعد الظهر، حيث يميل الشخص إلى قيلولة ما بعد الغداء.
الأرق
أما بالنسبة لعمل الساعة البيولوجية، فإن الدماغ يتحكم في إيقاع الساعة البيولوجية، إلا أنه يتأثر أيضا بعوامل خارجية مثل الضوء والظلام، فعندما يسود الظلام، ترسل العين إشارة إلى الدماغ بأن الوقت قد حان ليشعر الجسم بالتعب، فيقوم الدماغ بدوره بإرسال إشارة إلى الجسم لإفراز الميلاتونين، مما يجعل الجسم متعبا، وبالتالي فإن إيقاع الساعة البيولوجية يتزامن مع دورة النهار والليل، وعلى هذا الأساس ينام الإنسان ليلا ويستيقظ في الصباح، وفق تقرير لـ “مركز القاهرة لاضطرابات النوم”.
الأنواع الشائعة
تتضمن اضطرابات الساعة البيولوجية تحت اضطرابات النوم، والتي تؤثر على توقيتات النوم وتشمل، أولا: “متلازمة فرق التوقيت، وتتكون هذه المتلازمة من أعراض تشمل النعاس المفرط، وقلة اليقظة أثناء النهار لدى الأشخاص الذين يسافرون عبر المناطق الزمنية المختلفة”. أما النوع الثاني، فهو “اضطراب تغيير شيفتات العمل، ويؤثر هذا الاضطراب على الأشخاص الذين كثيرا ما تتغير مواعيد عملهم أو يعملون ليلا”، والنوع الثالث، “متلازمة مرحلة النوم المتأخر، وهو اضطراب في توقيت النوم، وهو يحدث للأشخاص الذين ينامون في وقت متأخر جدا من الليل، لذلك يجدون صعوبة بالغة في الاستيقاظ في الوقت المناسب للعمل، أو المدرسة، أو الارتباطات الاجتماعية”.
أما النوع الرابع، فهو “متلازمة مرحلة النوم المتقدمة، وهو يحدث للأشخاص الذين يذهبون إلى النوم في وقت مبكر جدا ويستيقظون في وقت أبكر من المطلوب على سبيل المثال بين الساعة الواحدة صباحا والساعة الخامسة صباحا، وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض مثل النعاس”.
بينما النوع الخامس، فهو “متلازمة النوم والاستيقاظ غير 24 ساعة، ويحدث هذا الاضطراب بشكل شائع عند المكفوفين. حيث يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من أن الساعة الداخلية لديهم تكون أطول من 24 ساعة”.
أما النوع السادس، فهو “اختلاف التوقيت، ويعاني بعض الأشخاص من اضطراب النوم هذا عند سفرهم بالجو لمدة طويلة، مما يؤدي لعدم قدرتهم على تعديل وقت نومهم، أو ممارسة العمل جيدا. وقد يعاني الشخص الذي يصاب باضطراب النوم هذا من تغيرات في حركة الجهاز الهضمي، مثل المعدة والأمعاء، أو تغير في الشهية، أو تعب عام، أو اضطراب المزاج”، وفق تقرير لموقع “الطبي“، المخصص بالشؤون الصحية، والاستشارات الطبية.
وعليه، يمكن اعتبار اضطراب هذه الدورة بمثابة اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية للجسم في النوم، والذي يمكن أن يسبب أعراضا تتراوح بين النعاس والخمول المستمر أثناء النهار، وصولا إلى الاكتئاب والأرق والإجهاد المزمن. ومعروف أنه عند التقدم في السن، يميل المرء إلى النوم والاستيقاظ في أوقات مبكرة من اليوم.
وبحسب موقع “هيلثلاين“، الخاص بالصحة والطب، يمكن أن يكون لهذه الحالات تأثير سلبي على الصحة العقلية والجسدية، إضافة إلى الأداء اليومي.
ما هي أعراض الاضطراب؟
الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الساعة البيولوجية، يظهر عليهم بعض الأعراض والتي يمكن أن تختلف من شخص لآخر بحسب الكثير من المتغيرات، ولكن ويتضمن التشخيص الرسمي لاضطراب الساعة البيولوجية معايير محددة، من ضمنها: “اضطرابات النوم المزمنة، أو المتكررة بسبب تغيرات في الإيقاع اليومي الداخلي للفرد، أو اختلالات بين إيقاع الساعة البيولوجية وتتابع الليل والنهار، بالإضافة إلى أعراض متكررة من الأرق أو النعاس المفرط أثناء النهار، أي صعوبة في النوم بشكل عام”.
إلى جانب اضطرابات الأداء العقلي، أو البدني أو الاجتماعي أو المهني أو التعليمي للفرد، وضعف في التركيز والتي يمكن أن تُعزى إلى اضطرابات النوم بسبب الإجهاد المستمر، فضلا عن الصداع ومشاكل في الجهاز الهضمي.
الأسباب
في سياق متّصل، فإن الساعة البيولوجية تعمل بشكل أفضل عند وجود عادات للنوم منتظمة كالذهاب إلى النوم ليلا والاستيقاظ صباحا في نفس الأوقات يوميا بما في ذلك عطلة نهاية الأسبوع، وينتج الاضطراب عن خلل في “ساعة الجسم الداخلية”، أو عدم تطابق بين “ساعة الجسم الداخلية” والبيئة الخارجية، مما يؤثر على توقيت ومدة النوم.
تتلخص مهمة الكافيين في منع جزيء الأدينوزين، الذي يجعلك تشعر بالنعاس، من أداء وظيفته/ Istock
وفي بعض الأحيان تتسبب بعض العوامل في اضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية منها: “العمل بنظام الورديات، الحمل، اختلاف التوقيت بسبب السفر، نوعية وحجم الأدوية المتناولة وبالتالي آثارها السلبية، تغييرات في الروتين اليومي مثل البقاء حتى وقت متأخر دون نوم، زيادة تناول الكافئين، كالقهوة والشاي، المشاكل الطبية بما في ذلك مرض الزهايمر أو مرض شلل الرعاش، الأمراض العقلية، العمى أو قلة التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة من الزمن”.
طرق العلاج
في سياق طرق العلاج، فإن الرعاية الطبية لاضطرابات الساعة البيولوجية، ضرورة إذا استمرت قلة النوم لأكثر من شهر مصحوبة بواحد أو أكثر من الأعراض التالية: “تركيز ضعيف، النسيان، النعاس المفرط أثناء النهار، مشاكل في النوم”.
في حين يعتمد العلاج على التشخيص المحدد للمصاب. ومع ذلك، تؤكد معظم العلاجات أهمية عادات النوم الجيدة، والحصول على بيئة نوم صحية، ووضع جدول زمني ثابت للنوم والاستيقاظ، إلى جانب تجنب الإجهاد، والتعب، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فضلا عن تجنب السجائر والكافيين قبل 4-6 ساعات على الأقل من موعد النوم، والالتزام بنوعية المأكولات الصحية، والابتعاد عن الدسم.
إلى جانب تقليل التعرض للضوء المتمثل في الالكترونيات قبل النوم مباشرة، أما الأشخاص الذين يعانون من متلازمة مرحلة النوم المتقدمة يجب أن يكثروا من التعرض للضوء في المساء.
وبحسب موقع “سليب فوندشيون” لعلاج النوم، يمكن لهذه العوامل تحسين الانغماس وتقليل الحرمان من النوم للأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات.
كذلك، يتضمن علاج اضطراب النوم الناتج عن إيقاع الساعة البيولوجية تناول مكملات الميلاتونين. ومع ذلك، يجب أن يصف الطبيب هذه المكملات وأن يتم إعطاؤها في أوقات محددة؛ للحث على الشعور بالنعاس. ويمكن أن يكون التعايش مع اضطراب الساعة البيولوجية مزعجا للغاية لكثير من الأشخاص، لذلك يجب استشارة طبيب لتحديد المشكلة وعلاجها.
المصدر: الحل نت