“الإبداع لا حدود له” هذا ما يؤكد عليه اللاجئ السوري نسيم خليل، الذي قدم إلى ألمانيا في عام 2016، حيث استطاع في خلال سنوات قليلة من قدومه أن يحصل على براءة اختراع لمرتبة ذكية تعتمد على “التنافر المغناطيسي”، واليوم يقف خليل قاب قوسين أو أدنى أمام ابتكاره الذكي الثاني.
استطاع نسيم خليل من الحصول على براءة اختراع ألمانية لمرتبة ذكية العام الماضي، اعتمد فيها على “خاصية التنافر المغناطيسي”، من أجل إتاحة تموضع أفضل للجسم، وخاصة للأرداف والكتف وعلاج مرضى آلام الظهر وحالات ارتجاع المريء، ويقترب حلمه الثاني من الظهور، حيث يقوم حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على ابتكار جديد سيظهر إلى النور قريباً.
اليوم يبدو خليل أكثر خبرة وحنكة بالسوق الألماني، إذ أن الفترة الماضية علمته الكثير كما يقول، فنجاحه في تسويق اختراعه الأول وشرائه من قبل شركة طبية سويدية مختصة، أكد له أنه يسير على الطريق الصحيح، بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهها.
يقول خليل “حالياً أنا في المراحل النهائية لابتكار جديد، آمل أن يخرج إلى الأسواق قريباً، حيث يتمثل هذا الابتكار بتصميم ذكي وفريد لحقيبة ظهر، تقوم على خوارزمية خاصة لحماية حاملها، فهي مهيأة لتقديم الحماية لمرتديها، ومقاومة الحوادث المتوقعة أثناء التنقل لا سيما في المدن الكبيرة”.
وتعتمد فكرة الحقيبة المبتكرة على وجود حساسات خاصة وكاميرات بالغة الصغر موصولة بجهاز كومبيوتر لوحي دقيق، وبطريقة الخوارزميات يتم تلقيم الجهاز بأكثر من 265 حالة اعتداء بوسائل مختلفة، وذلك استناداً إلى بيانات أمنية دقيقة.
حيث تتمكن الحقيبة من معرفة أي أجسام متحركة للمحيطين بها، وإحباط أي محاولة رصد أو اقتراب من حامل الحقيبة، حيث تنبه حاملها بدرجات إنذار مختلفة، بعضها صامت يعتمد على خاصية الارتجاج، وبعضها يطلق صفير الإنذار للتنبيه وكشف محاولة التحرش، كما أن الحقيبة مزودة بجهاز مانع للسرقة، وموصولة بنظام تعقب عبر GPS من أجل تحديد موقعها.
بيروقراطية وتشكيك
وتمكن خليل من الحصول على براءة اختراع وتمويل قيمته 24 ألف يورو من وزارة الاقتصاد والعمل في ولاية بادن فورتمبرغ الألمانية لحقيبته الذكية، ويأتي هذا التمويل ضمن برنامج خاص لدعم الابتكارات.
وبسبب التقييم الإيجابي لاختراعه، وحصوله على التمويل، استطاع نسيم تسريع إنجاز هذا الابتكار، يقول “استغرق الأمر شهوراً طويلة حتى تمكنت من الحصول على براءة هذا الاختراع، وهو ما يفيد بشكل رسمي أن الفكرة أصبحت ملكي بحسب القانون ولم يسبقني إلى تسجيلها أحد”.
واصطدمت الفكرة بعقبات بيروقراطية كثيرة وتشكيكات من قبل بعض الدوائر في البداية، خاصة أنها نابعة من مخترع أجنبي، حسبما يروي خليل، إلا أن مصادقتها من قبل اللجان المختصة والحصول على تمويل حكومي بدد هذه الشكوك، وفتح أمامه الأبواب للمساعدة، وهو ما ساهم في تحقيق المشروع.
وأكد خليل أن وجوده في ألمانيا والدعم الذي يحصل عليه لتحقيق هذه الابتكارات هو من بين أهم أسباب نجاحه، فالبلد يدعم المتفوق ويقدم له المساعدة في إنجاز فكرته، كما أن ألمانيا لديها مؤسسات بحثية عريقة، وهو ما يساعد في ابتكار أفكار جديدة.
وسبق أن عرض خليل فكرته على شركة “بوش” للسيارات، بهدف التمكن من معرفة السند القانوني الذي تتبعه الشركة، الذي يسمح لها بتركيب حساسات وكاميرات على السيارة، من أجل التغلب على مشكلة انتهاك الخصوصية، حيث وفرت له الشركة كل ما يريد.
نصائح للمخترعين اللاجئين
ويوجه خليل نصيحته للمخترعين، ولا سيما الأجانب واللاجئين الموجودين في ألمانيا، بضرورة البحث الجيد والتحضير الجيد للفكرة، فالتحضير الجيد هو نصف النجاح كما يقول المثل الألماني.
وينصح خليل بعرض الفكرة على الأشخاص المحيطين من أجل معرفة ردود فعلهم، فهذا الأمر يساعد على معرفة مدى قبول وانتشار الفكرة، وقد ينبه المبتكر إلى خلل أو أخطاء فيتداركها.
وأشار إلى أنه من الضروري الحصول على مصادقة من اللجان المختصة، وهي تختلف في ألمانيا باختلاف الولاية، إلا أن وزارة العمل والاقتصاد تحتوي على برامج مختلفة للأفكار الناشئة، وهو ما يتطلب حجز موعد من أجل الحصول على إرشاد من قبلهم ومعرفة ما يلزم.
ويتمنى خليل وجود رابطة تضم المخترعين العرب في ألمانيا، من أجل دعم الأفكار الشابة والوصول إلى نوع من التكامل بين المخترعين العرب، وهو ما قد يوفر عليهم الجهد والوقت، بيد أن تنفيذ هذا الأمر يصطدم، كما يقول خليل، بحاجز التمويل والذي يجعل من هذا الحلم على قائمة الانتظار.
المصدر: تلفزيون سوريا