إن الآثار الباقية من الحضارات القديمة تكشف لنا عن وجود شعوب امتلكت تقنيات ربما تفوقت على تقنياتنا الحالية منذ آلاف الأعوام. لنأخذ «الكولوسيوم» في روما على سبيل المثال، ذلك الصرح الحضاري كان واحدا من العديد من الساحات أو المدرجات التي أنشئت في مدن الإمبراطورية الرومانية، بأحجام مختلفة تبعا لعدد سكان المدينة التي أقيمت فيها، واستخدمت هذه الساحات لتقديم العروض أمام الإمبراطور والمتفرجين. هذه الساحات، إضافة إلى الطرق التي تربطها والمدن العظيمة التي احتوتها، بناها المهندسون والمعماريون الرومان بدقة عظيمة وتقنيات متقدمة.
كذلك سخّر المهندسون القدامى قدرة المحركات لصنع أدوات قادرة على تطويع الحديد وتشكيل الصخور، كما استخدموا المحركات لتوجيه المياه في قنوات خاصة. وعندما رأى الإغريق القدامى الأهرامات العظيمة في مصر، كان ذلك الصرح حاضرًا منذ آلاف السنوات، وكذا التقنيات التي استخدمت في بنائه. استخدم الإغريق التقنيات المصرية وطوروها، ثم حسّنها الرومان لاحقاً واستخدموها لبناء الأماكن العامة والطرق والمعابد والأسلحة وكل الشواهد الحضارية التي ما زالت تدل على عظمتهم حتى وقتنا الحالي. يمكننا التعرف في هذه القائمة على 10 إنجازات هندسية تركها لنا مهندسو الماضي.
1. المضخات اللولبية للزراعة والتنقيب
يعود الفضل إلى عالم الرياضيات الإغريقي (أرخميدس) في اختراع «المضخة اللولبية»، على الرغم أن بعض الأدلة التاريخية تشير إلى أنه شاهد الجهاز في مصر وطوّر تصميمه. استخدم المصريون القدماء «المضخة اللولبية»، التي تتكون من أسطوانة ملفوفة حول أنبوب مجوف مجدول. ظهرت تصميمات أخرى للجهاز، منها تصميم يتضمن أخدود لولبي على السطح الخارجي للأسطوانة، مغطاة بجلد أو خشب. عندما يدور الجهاز في الماء، يقوم اللولب برفع المياه من المنبع إلى مستوى آخر، أعلى منه في الغالب. غالبا يتم تشغيل الأسطوانة بقوة الدفع بواسطة عدة رجال أو عبر حيوانات تجرها.
تصميم (أرخميدس) المحسّن تضمن تجويف الأسطوانة ووضعها داخل اللولب عوضا عن خارجه، مما يسمح برفع كميات أكبر من المياه بالإضافة إلى القدرة على رفع مواد أخرى، كالرمال والحبوب. «المضخة اللولبية» تسمح للماء بتجاوز قانون «الأواني المستطرقة»، أي أن السوائل تسعى لاتخاذ نفس المستوى في جميع الأواني المتصلة.
استخدم الماء المرفوع عبر الجهاز إلى مستويات أعلى في عدة تطبيقات، منها الزراعة والسقاية، والشرب، وتحريك العجلات عبر المياه. كما استخدم الجهاز لنقل المواد إلى أسفل الهضاب والجبال، مما يسمح بتنظيف التربة والصخور من أعلى التلال، والمتشكلة نتيجة انجراف التربة، كواحد من أقدم أشكال التنقيب الهيدروليكي.
استخدم الاغريق الصخور المدفوعة بقوة المياه، لتشكيل المعادن، كما طوروا المناشير المشغلة بالمياه واستخدموها لقطع الرخام والخشب، وتحطيم الصخور وشحذ الأزاميل. ولم تتوقف استخدامات «المضخات اللولبية» على الاستخدامات المدنية، فقد استخدمها الجنود والبناؤون كجزء من أدوات أخرى في مساعيهم المختلفة.
مازالت «المضخات اللولبية» تقنية مهمة مستخدمة بكثرة في عالمنا اليوم لضخ السوائل والغازات في تطبيقات عديدة.
2. أبراج الحصار المتنقلة
من المحزن القول إن حمى الحروب، وعبر تاريخ البشرية، كانت سببا رئيسيا ومباشرا في كثير من الاختراعات الهندسية. فقد استخدم القدماء الهندسة في الحرب لكسب أفضلية على أعدائهم.
في العالم القديم، لم تتواجد المتفجرات والمدافع، مما جعل مهمة الاستيلاء على الحصون والمدن أمرا عسيرا وصعبا. هذا السبب كان دافعا لأغلب المدن حتى تحيط نفسها بأسوار عالية، تسمح للمدافعين عنها بالتحصن على تلك الأسوار ضد الغزاة، وأصبحت غاية المهاجمين خرق وتجاوز تلك الأسوار تحت الخطر.
طوّر القدماء «عربة الحصار»، وهو برج طويل، متحرك وصعب القيادة. سمحت تلك العربة للمهاجمين باختراق الجدران وإطلاق نيرانهم على المدافعين، كما سمحت للقوات بالدخول إلى المدن المحصنة. عادة كانت الفرق الهندسية، المرافقة للجيش، تبني الأبراج بالقرب من موقع المعركة.
صنع «البرج»، الذي يصل ارتفاعه إلى عشرات الأمتار، باستخدام الخشب، وكان يغطى بمواد غير قابلة للاشتعال حين تكون المواد متوفرة. كانت تلك الأبراج تجر بواسطة رجال، أو حيوانات جر، كما تم تسخير العبيد والسجناء لتلك المهمة. لمواجهة تلك «الأبراج»، طور المهندسون في الجانب المدافع مفهوم «الخنادق المائية» المحيطة بالحصن، مما منع المهاجمين من استخدام «أبراج الحصار» ضدهم.
أكبر آلة حصار معروفة عبر التاريخ كانت «هيليبوليس»، وقد تكبدت تلك الآلة هزيمة خلال «حصار جزيرة رودوس» اليونانية، عندما منعتها الخنادق المائية من بلوغ أسوار المدينة المحاصرة في عام 305 قبل الميلاد.
3. الإسمنت الروماني
طُوِّر «الإسمنت الروماني» في القرن الأول قبل الميلاد، وكانت قدرته على التحمل والبقاء واحد من الأسباب التي جعلت العديد من الصروح الحضارية الرومانية صامدة إلى يومنا هذا.
استخدم الرومان عدة مواد وخلطات في تشكيل الإسمنت، منها الجبس والجير حيث استخدموا هذه المواد كمواد مصلبة للاسمنت، وفضل المهندسون الرومان استخدام الرماد البركاني المسمى «بوزولانا» في اسمنتهم. قاوم الاسمنت الذي استخدم فيه الرماد البركاني مشاكل التصدع، وعلى عكس الاسمنت الحديث، فقد كان هذا مقاوماً لآثار الماء المالح. كان لإغراق الاسمنت في الماء المالح فوائده الجمة، حيث أن هذه العملية أكسبت الاسمنت بنية كريستالية، مما جعله صعب الاختراق بعد جفافه. استخدم الرومان هذا الاسمنت البحري في المنشآت والأبنية المجاورة للمياه، ويعتبر واحدا من أكثر مواد البناء، التي اخترعت حتى اليوم، قدرة على الصمود.
يحتوي «الاسمنت الروماني» على مكونات صلبة أكثر من الاسمنت الحالي، مما يجعله أقل ميوعة. استخدم الرومان البلاط، والجص، والرخام لتغطية واجهات الأبنية التي بنيت بواسطته. استعمل هذا الاسمنت، بفضل قوته الاستثنائية، في عديد من التكوينات المعمارية المبتكرة، مثل الأسقف المقببة التي سمحت للأبنية بالحصول على مساحة داخلية أكبر دون الحاجة لتدعيم السقف بواسطة الأعمدة.
استمر المهندسون الرومان في ابتكاراتهم وتطويراتهم، وحسنوا الاسمنت مستخدمين خلائط مختلفة عبر القرون، ووصلوا إلى قمة إنجازاتهم باختراع «الاسمنت البحري» والذي استمر استطاع الصمود لـ 2000 عام، مع آثار تهالك بسيطة.
تدرس عدة شركات بناء في أميركا الشمالية وأوروبا استخدام «الاسمنت الروماني» القديم وخلائطه المختلفة. تقول تلك الشركات أن هذا الاسمنت أقل تكلفة في التصنيع، ولديه بصمة توليد كربون أقل كما أنه أكثر قدرة على البقاء.
4. التنقيب الهيدروليكي الروماني
استخدم مهندسو التنقيب الرومان مزيجا من الطاقة الهيدروليكية والنار لتطوير طرق التنقيب في أسطح مناجم المواد الخام. الماء المستخدم في عملية التنقيب يأتي عن طريق أقنية، حيث يوجهها المنقبون إلى سطح الصخور لتحطيمها. لتحقيق ضغط كافي، تم الاستفادة من قوة الجاذبية عبر رفع الماء، القادم عن طريق الأقنية، إلى ارتفاع أعلى عبر عجلات مائية أو عن طريق «المضخات اللولبية» في بعض الحالات. كانت الصخور تسخن قبل تطبيق التدفق المائي المضغوط على سطحها، وغالبا ما كانت تتم عملية التسخين عن طريق إشعال نار كبيرة بالقرب من سطح الصخرة، مما يؤدي إلى توسعة الشقوق في الصخور وبالتالي إلى إضعافها مما سهل عملية تكسيرها بواسطة المياه. كل تلك المواد المستخرجة كانت أيضا عرضة للمياه في طريقة تدعى «التجريف».
ما زالت آثار عدة آليات تنقيب هيدروليكية رومانية منتشرة في بقاع الأرض، والتي شكلت في يوم ما الامبراطورية الرومانية، من «لاس ميدوليس» في إسبانيا إلى آثار «دولاكوثي» و«جبال الكامبريان» في ويلز. تلك الأخيرة استخدمت الأقنية لنقل المياه المتدفقة في نهر «كوثي» إلى منجم قريب، وحفظت في أحواض تخزين لاستخدامها لاحقا في عملية التنقيب
5. مجمع «باربيغال» لطحن الحبوب
في موقع شمالي مدينة «أريليت» في جنوب فرنسا، تتموضع بقايا ما كان يعرف في يوم من الأيام بأكبر مجمع صناعي في العالم القديم. استخدم المهندسون الرومان المياه، المنقولة عن طريق القنوات، لتوفير مياه الشرب لمدينة «أريليت» وتشغيل سلسلة من الطواحين المتجاورة في المدينة.
بني ذلك المجمع عند حدود الجبال المحيطة بمدينة «أريليت»، ويتكون من 16 طاحونة تصطف بجوار بعضها في نسقين، في كل نسق ثمانية طواحين مرتبة على شكل درجات. يغذي الماء، القادم من الطاحونة الأعلى، القناة الفارغة ثم ينزل نحو القناة التالية وهكذا حتى تتجمع المياه القادمة من الطواحين الثمانية، الموجودة في نفس الصف، في بركة عند أسفل الجبل. بدأ تشغيل طواحين «باربيغال» في القرن الأول بعد الميلاد، وفي أوج إنتاجها استطاعت طحن من أربعة إلى خمسة أطنان من الطحين يوميا.
هناك عدة أدلة تشير إلى أن الرومان استطاعوا بناء مجمعات أخرى مشابهة في «جانيكيلوم»، وهو تل موجود بالقرب من مدينة روما، كما بنوه في مدينة «أميدا» أو ما يعرف حاليا بـ «ديار بكر» في تركيا. الآثار الموجودة في «باربيغال» استطاعت الصمود أكثر من باقي المنشآت المشابهة، وسمحت لعلماء الآثار والمؤرخين، كما سمحت للمهندسين، بالتعرف على تلك التجمعات بشكل أفضل، وكشفت عن تأثير المهندسين الرومان في مجتمعاتهم.
اقترح البعض أن الرومان استخدموا طواحين «باربيغال» في أمور أخرى غير طحن القمح، فعندما لا تعمل تلك الطواحين في مهمتها الرئيسية، استخدمت طواحين لنشر الصخور والخشب.
6. النواعير
تعتبر «النواعير» أو كما تسمى في بعض البلدان بـ «السواقي»، أقدم عجلة مائية شاقولية معروفة، بناها الإغريق وطورها الرومان. صمم المهندسون الرومان النواعير وبنوها لتطبيقات مختلفة، فقد استخدمت في إنتاج الطعام وطحن الحبوب وفي العمليات الصناعية كمثاقيب ومناشير، واستطاعوا توظيفها في رفع المياه من المناجم، إضافة إلى عدة استخدام في مجالات أخرى.
اختبر المهندسون الرومانيون العسكريون تسخير العجلات المائية في تسيير السفن، متخلين عن المجاذيف في تلك العملية، واستخدموا العبيد في تشغيل العجلات عوضا عنها، لم تستكشف أي باخرة تعمل بتلك الطريقة حتى اليوم، بل أشارت بعض الدلائل التاريخية والمخططات إلى تلك السفن.
في مناجم النحاس في إسبانيا، اكتشف المنقبون آثار مجموعة من العجلات المائية المتعاقبة والتي استخدمها المهندسون الرومان في تفريغ المياه من المنجم. استخدمت النواعير بواسطة شعوب العالم عبر التاريخ ولعل أشهرها في العالم العربي نواعير مدينة «حماة» في سوريا، وسواقي الهدير بـ «الفيوم» في مصر.
7. القناطر المقسمة
يسبق استخدام القناطر في رفع الأحمال عصر الرومان بكثير لكن، وكما في جميع المجالات الأخرى، فقد طور المهندسون الرومان التصاميم القديمة للقناطر وحسّنوها لتلبي احتياجاتهم. ومن تلك التطويرات كانت «القناطر المقسمة»، وهي هيكل معماري يتكون من قوس دائري بدرجة أقل من 180 درجة، وتكمن ميزتها الأساسية في قدرتها على تحمل الضغط دون الحاجة لدعم إضافي.
ظهر أول استخدام للـ «القناطر المقسمة» عام 25 قبل الميلاد، في إيطاليا حين استخدمت ضمن جسر «بونت سانت مارتين» في «وادي أوستا»، وهو مبني من الحجارة والاسمنت.
إضافة إلى «القناطر المقسمة» فقد استخدم الرومان «الأقواس الدائرية»، والتي تعرف باسم «الأقواس الرومانية»، بكثرة في أبنيتهم وعمرانهم، ويمكن مشاهدتها بوضوح في جدران «الكولوسيوم». بنى المهندسون الرومان سلسلة من الأقواس المتجاورة بطبقات متعددة، تعرف باسم السقائف، واستخدموها في الأقنية المائية والجسور، وكذلك في دعم أسقف الأبنية الكبيرة.
مازال تأثير الهندسة الرومانية واضحا في استخدام الأقواس لدعم الضغط المعماري والأحمال على الأبنية، ويستفيد من ابتكاراتهم المهندسون في أوروبا وأمريكا الشمالية.
8. الجسور العائمة
كما ذكرنا سابقا، فإن الحاجة العسكرية هي دافع كبير للابتكارات الهندسية. لقد كانت الحاجة لعبور سريع وفعال للمسطحات المائية، سواء للهجوم على العدو أو للانسحاب منه، هي السبب الذي طورت ﻷجله «الجسور العائمة». فكرة هذه الجسور بسيط للغاية، يتم صف مجموعة من آليات الطوف بشكل تدريجي، وهي غالبا ألواح خشبية تعرف باسم «العوامات»، بجوار بعضها لتشكل جسرا، مع التأكد من أن العوامة التي تربط الجسر مع الشاطئ القريب مثبتة معه بشكل كافي.كانت عملية التفكيك تتم بشكل معاكس تماما لعملية التركيب.
طوّر الرومان الجسور العائمة بشكل مذهل، كما استخدمها الإغريق القدامى والفرس والآشوريون. في عام 480 قبل الميلاد، استخدم الملك الفارسي (خشایارشا الأول) جسرا عائما لعبور «مضيق الدردنيل»، ورافقه في ذلك أكبر جيش في ذلك العصر. خلال حملته على «بلاد الغال» سخّر (يوليوس قيصر) الجسور العائمة في مهمته، ولم يقتصر الأمر في الاستفادة من الجسور العائمة في العصور القديمة، فقد استخدمت هذه الجسور لحمل الجيوش والمعدات خلال الحروب (نابليون)، والحرب الأهلية الأمريكية، والمعارك التي حدثت في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.
9. الطرق الرومانية
الطرق بالطبع موجودة قبل عصر الرومان بكثير، فقد كانت على شكل منعرجات مُهدت بواسطة أقدام الرُحَّل. حينما يواجه المسافرون عقبة معينة في المسار، كانوا يغيرون طريقهم لتجنبها، لكن عندما جاء المهندسون الرومان غيروا ذلك للأبد.
رصف الرومان الطرق حتى تصمد عبر السنوات، وبعضها بني بشكل جيد لدرجة أنها ما زالت مستخدمة حتى يومنا هذا. صمم الرومان الطرق للوصول إلى وجهتهم بأسرع طريقة ممكنة، وكانوا يتجاوزون العقبات التي اعترضتهم بطرقهم الخاصة. فعلى سبيل المثال، عوضا عن الالتفاف حول مستنقع يعترض المسار الذي يشقونه، كانوا يبنون جسرا خلاله إذا ما تبين أن تكلفة تجفيف هذا المسطح المائي عالية جدا. لم تكن العقبات الطبيعية مشكلة لدى المهندسين الرومان، فحين يعترضهم جبل في مسار الطريق الذي يبنونه كانوا يحفرون نفقا من خلاله، أما الغابات فكانوا يقصون الشجر، وعمروا الجسور فوق الأنهار والوديان العميقة.
بنى المهندسون الرومان 29 طريقا رئيسيا، كان منشأها مدينة روما، رفدت هذه الطرق الرئيسية عدد كبير من الطرق المحلية الصغيرة. رُصِفَت الطرق الرئيسية بالحجارة، مع جعل منتصف الطريق أعلى من جانبيه لتسهيل عملية تجفيفه من المياه، بالإضافة إلى طرق للمشاة على جانبي الطريق. بحلول العام الثاني بعد الميلاد، عُبِّد أكثر من 400 ألف كليومتر من الطرق عبر الأمبراطورية الرومانية.
10. المساحات العامة المقببة
تمثل القباب، اليوم وعبر العالم، رمزا للقوة والعظمة، وهي مستخدمة في الأبنية الحكومية، والكنائس، والمساجد، والمساحات العامة الكبيرة. إنها هياكل معمارية، يفضلها المعماريون، ﻷن الأسقف المقببة تسمح بمساحة أوسع داخل المبنى، دون أن تعيق الدعامات والأعمدة المنظور الداخلي للبناء. وقد طوّر المهندسون الرومان هذا المفهوم مستفيدين من المميزات الهائلة للإسمنت خاصتهم، وقد بنوا القباب التي ما زالت مستخدمة في العمارة الحديثة حتى يومنا هذا.
واحد من أشهر المباني التي استخدمت الأسقف المقببة هو «البانثيون»، وقد بني أولا في عصر (أغسطس قيصر)، ثم أعيد تشييده عام 126 بعد الميلاد، باستخدام «الإسمنت الروماني»، في عهد الإمبراطور (هادريان). يتكون «البانثيون» من هيكل دائري متصل برواق في أعمدة كورنثية التي تدعم قاعدة. الخلية الدائرية الكبيرة، المسماة «الروتوندا»، محاطة بجدران حجرية سميكة وثمانية أعمدة كبيرة يتوزع عليها وزن القبة الخرسانية نصف الكروية المميزة، والتي تضم في قمتها فتحة دائرية تسمى «أوكلوس»، والتي تسمح بإضاءة البيئة الداخلية وتعطي إحساسا بالمساحة. كل هذا، تم دون مساعدة الرياضيات، أو الآلات الحاسبة أو أجهزة الحاسب. يبلغ وزن القبة وحدها 4300 طن، وهي تعتبر أكبر قبة غير مدعومة في العالم.
المصدر: قناة TopTenz على يوتيوب