ما تزال الوتيرة المتسارعة لتوجه أستراليا لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة تفاجئ المراقبين والمحللين بعد مرحلة طويلة من معارضة الاستغناء عن توليد الكهرباء بالفحم التي أبدتها أستراليا.
وقد أعرب رئيس العمليات الأسترالية لدى فيستاس، أكبر شركة لتصنيع توربينات الرياح في العالم، بيتر كولينغ، عن دهشته عند اطّلاعه على أحدث نماذج انتقال الطاقة السريع في أستراليا الذي وضعه مشغل سوق الطاقة الأسترالية (إيه إي إم أو)، بشأن تسارع تحول الطاقة في أستراليا.
واستعرض مقال بعنوان “أستراليا تسارع لتوليد الكهرباء بالكامل من مصادر الطاقة المتجددة” لمؤسس ومحرر موقع “رينيو إنرجي” الأسترالي المعني بالطاقة النظيفة، جايلز باركنسون، مراحل انتقال أستراليا إلى مصادر الطاقة المتجددة والآفاق المستقبلية لهذا التوجه.
السياق التاريخي
وضعت حكومة رئيس وزراء أستراليا، جون هوارد، قبل أكثر من عقد من الزمان، حدًا لهدف الطاقة المتجددة الإلزامي؛ لأن هدفها، وهو حصة تبلغ 2% من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كان في رأي بعض الأوساط في البلاد متطرفًا للغاية، ومهددًا لشركات الفحم والغاز.
وحاولت حكومة توني أبوت، بعد ما يقرب من عقد من الزمان، كبح ذلك الهدف، ونجحت فقط في تضييق هدف الطاقة المتجددة؛ لأن هدف 20% كان يُعَد مستحيلًا.
وكرر وزير الطاقة الأسترالي الحالي، أنغوس تايلور، الادعاءات نفسها بشأن “تزايد حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية” عندما عُيِّن في منصبه؛ وشهدت أستراليا تقدمًا سريعًا؛ بحيث تضاعفت حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية 4 مرات تقريبًا.
فقد وضع مشغل سوق الطاقة الأسترالية، المعني بالحفاظ على إمدادات الكهرباء، نماذج لحصة 79% من مصادر الطاقة المتجددة (ويمثل هذا معدلًا متوسطًا على مدار العام) بحلول عام 2030 الذي تحول من سيناريو مرجّح سابقًا إلى سيناريو مركزي حاليًا.
من جهتها، تواكب الأحزاب السياسية الرئيسة ذلك التوجه، حتى لو لم يرغب البعض في الاعتراف بذلك: ويتمثل هدف انبعاثات لدى حزب العمال في (خفض 43% بحلول عام 2030)، ويؤيد الحزب توليد الكهرباء بنسبة 82% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
ويدعم التحالف الفيدرالي الأسترالي، الذي شيطن هدف حزب العمال بنسبة 50% من مصادر الطاقة المتجددة من الحملة الانتخابية لعام 2019 باعتباره “يدمر الاقتصاد”، حصة 69% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 بحسب نماذج الانبعاثات الخاصة لديه.
تزايد حصة الطاقة المتجددة
تتجه الحكومة الليبرالية في ولاية جنوب أستراليا نحو مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100% في السنوات القليلة المقبلة، وتسعى للوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 500% عبر صادرات الهيدروجين المتجددة.
وتهدف حكومة مقاطعة تسمانيا الليبرالية للوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 200%؛ للسبب نفسه.
وستشهد ولاية نيو ساوث ويلز التحول البارز؛ حيث ستتوقف جميع محطات توليد الكهرباء بالفحم، في غضون عقد من الزمن تقريبًا، وتُستَبدَل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتخزين بدلًا منها في إطار التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، حسبما نشره موقع “رينيو إنرجي” الأسترالي.
وتمتلك ولاية فيكتوريا هدفًا بنسبة 50% من مصادر الطاقة المتجددة مقيدًا بتشريعات حزب العمل، في حين أن لدى ولاية كوينزلاند والإقليم الشمالي أهدافًا مماثلة، ويسعى إقليم العاصمة الأسترالية للوصول إلى أكثر من 100% من الطاقة المتجددة، وإلى خفض الانبعاثات في قطاعيْ النقل والبناء.
السيناريو المركزي لتحول الطاقة
يشير السيناريو المركزي، الذي يُعرف باسم “تغيير الخطوة”، في مسودة مخطط مشغل سوق الطاقة الأسترالية، إلى أن تحول الطاقة يمكن أن يحدث بسرعة أكبر من المتوقع.
وكان مشغل سوق الطاقة الأسترالية والأشخاص الذين استشارهم يرون هذا السيناريو، قبل عامين فقط، على أنه استثناء، وأصبح الآن السيناريو الأكثر احتمالًا.
وفي غضون عام أو عامين آخرين، يمكن استبدال هذا السيناريو من خلال سيناريو قوة الهيدروجين الخارقة المصمم حديثًا، وهو السيناريو الوحيد الذي يُعَد متماشيًا مع الجهود العالمية للحد من متوسط الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
ويمثل هذا السيناريو محور الرهانات التي تقدر بمليارات الدولارات لدى الرئيس التنفيذي لشركة فورتسكو، أندرو فورست، والعديد من عمالقة الطاقة العالميين مثل كوريا زنك.
وقال كاتب المقال مؤسس ومحرر موقع “رينيو إنرجي” الأسترالي المعني بالطاقة النظيفة، جايلز باركنسون، إنه إذا حدث ذلك؛ فيمكن الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100%، أو إلى درجة قَريبة جدًا من ذلك، على الشبكة الرئيسة في أستراليا في غضون عقد من الزمن.
وأشار إلى أن توليد الكهرباء بالفحم سيتوقف تمامًا في ذلك الموعد، بدلًا من توقفه بحلول عام 2040 في سيناريو خطوة التغيير.
وأوضح أن الأمر الثاني الذي تجب ملاحظته هو أنه قد لا يتحقق الوصول إلى 100% من مصادر الطاقة المتجددة في أنقى صورها.
وأضاف أنه في هذه المرحلة من المحتمل أن تكون هناك حاجة على الأقل إلى بعض محطات الغاز في وقت الذروة لسد الفجوات الموسمية، ما لم تكن التكنولوجيا الجديدة (الهيدروجين الأخضر) قادرة على سد الفجوة.
وألمح إلى أنه في البداية سيُزاد الحد الأدنى من الطلب خلال النهار إلى الانخفاض مع استمرار امتصاص الطاقة الشمسية الكهروضوئية الموزعة.
وبيّن أن الطلب سيزداد، بعد ذلك، من خلال كهربة القطاعات الأخرى والفرص المتاحة لأنظمة شحن بطاريات العملاء خلال مدد توليد الطاقة الشمسية الزائدة.
وقال إن تسوية الطلب ستحصل في ذروة المساء؛ حيث تستخدم المستودعات الموزعة الطاقة المستمدة من الطاقة الشمسية خلال النهار وتفريغها خلال المساء؛ وسيؤدي شحن السيارات الكهربائية خلال النهار إلى زيادة تحسين قابلية تشغيل نظام الكهرباء.
وأردف قائلًا إن شحن السيارات الكهربائية في المساء سيؤدي إلى زيادة ذروة الطلب في النظام، وكذلك إلى ارتفاع التكاليف؛ لذا فإن تصميم البنية التحتية والتسعيرات لتشجيع الشحن خلال النهار سيفيد المستهلكين.
المصدر: الطاقة