مصر تحيي توت عنخ آمون بمئوية اكتشاف المقبرة الأشهر

تستعد وزارة السياحة والآثار المصرية للاحتفال بمرور 100 عام على اكتشاف أهم مقبرة فرعونية في العصر الحديث، للملك الشاب توت عنخ آمون بمدينة الأقصر جنوب مصر، لما ضمته من كنوز وأسرار ثمينة كأول مقبرة يجري اكتشافها على هيئتها الكاملة من دون أن تمس من لصوص على مدار الحقب الزمنية المتوالية، إذ ضمت أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية معظمها من الذهب الخالص، أعطت صورة كاملة عن حياة المصري القديم وأحيط اكتشافها بالجدل والاهتمام العالمي طوال هذه السنوات.

سلسة احتفالات ستدشنها وزارة السياحة والآثار المصرية من منزل الأثري البريطاني هوارد كارتر مكتشف المقبرة الفرعونية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بالتزامن مع مرور 100 عام على ذكرى اكتشافها بحضور أحفاد اللورد جورج إدوارد كارنارفون الممول المالي لاكتشاف المقبرة الثمينة.

نبذة عن المقبرة

تقع مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون بوادي الملوك والملكات بالبر الغربي في مدينة الأقصر بين أحضان الجبال الشاهقة، وقد تولى الملك الشاب مقاليد الحكم في فترة عصيبة وهو في سن 11 عاماً بعد أن حول والده الملك إخناتون عاصمة مصر من الأقصر إلى المنيا بسبب خلافه مع الكهنة في شأن توحيد الآلهة في عبادة أتون (الإله الواحد الأحد) بدلاً من تعددها، لكن مع تولي توت عنخ آمون الحكم انصاع لمطالب الكهنة وأعاد أمور العبادة لسابق عهدها.

وذكر الباحث في علوم المصريات ومدير معبد الكرنك صلاح الماسخ أن “الملك توت عنخ آمون حكم مصر تسع سنوات كاملة اتسمت بالاستقرار والسلام، فهو من ملوك الأسرة الـ 18 ولم يخض أية حروب ولم يحقق أية انتصارات تذكر، لكن شهرته ارتبطت بمقبرته التي اكتشفت وهي في حال كاملة من دون أن تتأثر بعوامل الزمن أو تقتحم من اللصوص، كما أن اكتشافها أذهل العالم لما أحيط حول الملك الشاب الذي توفي وهو في سن الـ 19 عاماً من جدل وغموض”.

وعن محتويات المقبرة ذكر نقيب المرشدين السياحيين الأسبق بالأقصر وائل إبراهيم أنها “ضمت أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية معظمها من الذهب الخالص إلى جانب ثلاثة توابيت بداخل أحدها مومياء الملك المحنطة، كما أعطت المقبرة صورة متكاملة عن حياة المصري القديم من ملابس وطعام وأثاث وأسلحة وآلات موسيقية، وتتكون المقبرة من حجرتين، واحدة للكنوز وأخرى للتوابيت، وزينت جدرانها بنصوص من كتاب الموتى لدى المصري القديم”.

افتتاح متحف هوارد كارتر

سجل المكتشف الإنجليزي هوارد كارتر في مذكراته كواليس اكتشاف المقبرة الفرعونية الأهم بعد أن أصابه اليأس جراء البحث غير المجدي طوال خمس سنوات، حتى إن اللورد جورج كارنارفون قرر أن يوقف التمويل، لكن اكتشاف المقبرة أثار حالاً من الجدل العالمي بعد أن توفي 22 شخصاً ممن شاركوا في اكتشاف المقبرة في ظروف غامضة، على رأسهم اللورد كارنارفون أول من وطأت قدماه المقبرة المكتشفة، مما عزز اعتقاد كثيرين حول ما يعرف بـ “لعنة الفراعنة”.

من جهته ذكر وزير الآثار المصرية الأسبق وعالم المصريات زاهي حواس أن “حفل مئوية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سيبدأ بافتتاح أعمال ترميم وتطوير منزل الأثري البريطاني هوارد كارتر بمنطقة البر الغربي الذي كان يسكنه طوال ست سنوات في الأقصر خلال أعمال التنقيب عن المقبرة، إذ جرى ترميم منزله وتحويله إلى متحف للجمهور بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية، وسيكون المتحف المطور جاهزاً لاستقبال جولة لمدة ثلاثة ساعات يشارك فيها وفد رفيع من الشخصيات العامة والسفارات الأجنبية والجامعات، وسيفتح المنزل كمتحف للزائرين مع الذكرى الـ 100 لاكتشاف المقبرة”.

بني منزل هوارد كارتر على الطراز الريفي ذي القباب المتعددة، ويتكون من غرفة مكتب تضم عدداً كبيراً من الخطابات الرسمية الخاصة بتسهيل التنقيب عن مقبرة توت عنخ آمون وآلة كاتبة وغرفة لتحميض الصور لا تزال تضم عدداً من الصور غير مكتملة التحميض، ومئات المتعلقات الشخصية للأثري الراحل هوارد كارتر.

وسيقام حفل مئوية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون داخل معبد الأقصر بمشاركة عدد من الفرق الفنية والشعبية مع مأدبة عشاء بحضور السفير البريطاني ولفيف من أعضاء مجلس النواب المصري وعلماء الآثار المصريين والأجانب.

مؤتمر تجاوز الأبدية العلمي

وقال المدير العام لآثار الأقصر مصطفى الصغير إن “الاحتفال بمئوية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سيشهد سلسلة من المحاضرات العلمية بمشاركة كوكبة من علماء الآثار وبحضور حفيدي اللورد كارنارفون، جورج وفيونا”.

وسيتناول المؤتمر العلمي الذي سيعقد يومي الخامس والسادس من نوفمبر بأحد فنادق مدينة الأقصر، مجموعة من الأبحاث المهمة حول مقبرة توت عنخ آمون وقيمتها الأثرية العالمية، ومن أبرز المحاضرات التي سيشهدها المؤتمر “الشدائد والمحن التي مرت بها مومياء توت عنخ آمون، وتوت عنخ آمون ورحيل هوارد كارتر، وأرشيف توت عنخ آمون العالمي، والحلي والجلود لدى توت عنخ آمون، وآثار المقبرة المرصعة بالجلود”.

مساعد وزير الآثار لشؤون المتاحف الطيب عباس أشار في تصريحات رسمية إلى أنه للمرة الأولى ستعرض مقتنيات مقبرة الملك توت عنخ آمون كاملة داخل المتحف المصري الكبير على مساحة 7 آلاف متر في أكبر قسم ملكي بالمتحف طبقاً لأحدث معايير العرض المتحفي.

وأضاف عباس أن قسم الملك توت عنخ آمون سيضم 5 آلاف قطعة أثرية بعد أن خضعت لعمليات ترميم دقيقة طوال العامين الماضيين، وسيجري عرض تلك المقتنيات داخل أكثر من 100 فاترينة جرى استيرادها من الخارج طبقاً لأعلى المواصفات المتحفية العالمية، كما سيشمل قسم الملك توت عنخ آمون عرض التابوت الخاص به والقناع بعد عملية نقل دقيقة من المتاحف المصرية ومخازن الآثار.

وبلغت نسب الإنجاز في المتحف المصري الكبير أكثر من 99 في المئة من حجم المشروع، ويجري الإعداد لاحتفال عالمي لافتتاح المتحف الفرعوني الأكبر في العالم بحسب وزارة السياحة والآثار.

المصدر: اندبندنت

Exit mobile version