من “عدنان ولينا” إلى “غريندايزر”.. تعرف على حكاية مسلسلات الرسوم المتحركة التي شكّلت الطفولة العربية وجعلتنا “نتشبث” بالذكريات

كانت الرسوم المتحركة اليابانية المدبلجة إلى العربية أحد أشكال الترفيه القليلة المتاحة للأطفال على القنوات التلفزيونية العربية خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات. في هذا الصيف، أصدرت السعودية أول فيلم أنيمي بعنوان “الرحلة”، الذي أنتجته بشكل مشترك مع إستوديو “توي أنيميشن” الياباني.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تنخرط فيها إستوديوهات الشرق الأوسط في عالم الأنيمي، حيث أنتجت شركة إماراتية سلسلة أنيمي في عام 2013، وتحتضن تركيا حاليا 30 إستوديو متخصص في إنتاج الأنيمي.

وفي تقريرها الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” MiddleEastEye البريطاني، قالت الكاتبة عندليب فرازي صابر إن التوجه السائد في إنتاج مسلسلات الأنيمي محليًا يعكس الشعبية الواسعة للرسوم المتحركة اليابانية في الشرق الأوسط، والتي يعود تاريخها إلى عقود من الزمن. وهناك العديد من مسلسلات الأنيمي التي أشعلت شرارة هذا التوجه وواصلت تجديده في العالم العربي، تاركة بصمة واضحة في الأجيال العربية.

غريندايزر

في الثمانينيات، كان “غريندايزر” أحد أشهر مسلسلات الأنيمي في العالم العربي. وفقا لنتائج استطلاع للرأي أعده مركز “يوغوف” في عام 2019، فقد صنفت هذه السلسلة كثاني أكثر الرسوم المتحركة شعبية في الشرق الأوسط.

تبدأ أحداث القصة على كوكب بعيد يسمى “فليد”، حيث يُجبر الشخصية الرئيسية دوق فليد على ترك كوكبه بسبب هجوم من قبل كوكب “فيغا” المجاور. هربًا إلى الأرض، هبط دوق فليد في اليابان بمركبته الفضائية غريندايزر التي يمكنها التحول إلى روبوت عملاق. بعدها يلتقي بعالم لطيف يدعى الدكتور آمون، الذي يتبناه ويعيد تسميته باسم دايسكي. لكن المخاطر لم تنته حينها، حيث ينبغي على دايسكي محاربة ملك فيغا، لحماية الأرض دون الكشف عن سر هويته.

يعتقد أحد المحللين أن أحداث السلسلة المكونة من 74 حلقة ترمز إلى مكانة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية في العالم، وتشكل طريقةً لـ “تطهير الماضي الإمبراطوري لليابان من خلال تصويره كضحية للعنف الفضائي، إلى جانب الاحتفال بالتقدم التكنولوجي الياباني”.

ظهر غريندايزر لأول مرة على شاشات الشرق الأوسط في الثمانينيات، مدبلجًا باللغة العربية الفصحى من قبل الممثل اللبناني جهاد الأطرش، وذلك عبر “تلفزيون لبنان”. وسرعان ما توسع بثه ليصل جميع أنحاء المنطقة.

وفي مقابلة مع صحيفة “ديلي ستار”، وصف المخرج اللبناني فادي باقي “غريندايزر” بـ “الغراء الذي يربط العالم العربي ببعضه”، موضحًا أهميته للأطفال في فترة الحرب الأهلية اللبنانية، حيث كانت الأحداث المروية باللغة العربية تحاكي ما يحدث في الواقع بتصويرها محاولات التصدي للغزاة وانتصار الأخيار.

يتذكر الأردني عامر مانجو مشاهدة المسلسل على التلفزيون السعودي الرسمي، لكن ذكرياته المتعلقة بالمسلسل كانت مختلطة لأنها ترتبط بالغزو العراقي للكويت المجاورة وحرب الخليج اللاحقة.

وقال مانجو “كنا نعيش في منطقة العليا من الرياض، وكلما سمعنا أصوات الصواريخ القادمة من العراقيين، تليها صفارات الإنذار، نندفع جميعا إلى الملاجئ القريبة. بينما كنا نشاهد معارك غريندايزر، كنا نمر بمعركة حقيقية أيضا”.

كابتن ماجد

تدور أحداث “الكابتن ماجد” حول صبي يبلغ من العمر 11 عامًا يحلم بلعب كرة القدم الاحترافية وينتهي به الأمر محققًا لطموحه. على مر أحداث المسلسل، الذي أُنتج في عام 1983، غالبًا ما يواجه الشخصية الرئيسية فريق الخصم ويجد طريقة للتغلب عليهم باستخدام مهاراته الكروية.

عندما تم تصدير “كابتن ماجد” إلى الشرق الأوسط في عام 1990، تم تغيير اسم الشخصية الياباني “تسوباسا” إلى ماجد على اسم اللاعب السعودي الشهير عبد الله ماجد. ومثل معظم مسلسلات الأنيمي، فإن كابتن ماجد مقتبس من “مانغا” (قصص مصورة يابانية) بقلم يوتشي تاكاهاشي، الذي قال إن كأس العالم لعام 1978 كان مصدر إلهامه.

وتابعت الكاتبة، في عام 2017، كانت شعبية الكابتن ماجد مستمرة وبقوة، حيث أصبحت أول كتاب مانغا تتم ترجمته من اليابانية إلى العربية ثم توزيعه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع التبرع بنسخ مجانية للأطفال السوريين اللاجئين. وفي العام الماضي، عادت السلسلة بحلقات جديدة على قناة “إم بي سي 3” السعودية.

عدنان ولينا

أُنتج المسلسل -“فتى المستقبل كونان” بتسميته الأصلية- في السبعينيات، وتدور أحداثه في عالم “ديستوبيا” ينتمي لنوع “ما بعد الكارثة”، مما يعني أن أحداثه تصف العالم بعد كارثة كبرى.

أشارت الكاتبة إلى أن “عدنان ولينا” يستند إلى رواية “المد الهائل” للكاتب الأميركي ألكسندر كي، حيث يستهل المسلسل حلقته الأولى بتقديم تاريخ موجز للعالم الخيالي، قائلا “اندلعت الحرب العالمية الثالثة في عام 2008 بعد استخدام الأطراف المتنازعة أسلحة فائقة المغناطيسية تعد أخطر بكثير من الأسلحة التقليدية، مما جلب الدمار للبر والبحر”.

وقد كان المسلسل أول أعمال رسام الأنيميشن الياباني هاياو ميازاكي الذي يشتهر اليوم بمشاركته في تأسيس “إستوديو جيبلي” المعروف.


في النسخة العربية، أعيدت تسمية الشخصيتين الرئيسيتين لعدنان (كونان) ولينا (لانا)، ودُبلج في الكويت من قبل فريق من الممثلين المحليين. في حلقات المسلسل، يتبع المشاهدون رحلة عدنان ولينا عبر جزر مختلفة ظهرت بعد الحرب، ويحاولان التهرّب من المسؤولين عن تدمير الأرض الذين يخططون للسيطرة على ما تبقى.

باستخدام قوى التخاطر والتنقل الفوري وقدرتهما على التواصل مع الحيوانات، يتمكن الصديقان من التحايل على أعدائهما بذكاء. تسهل مشاهدة مسلسل عدنان ولينا اليوم، لأن الحلقات العربية أصبحت متاحة على “يوتيوب” منذ عام 2016.

تبدأ القصة بمغامرة طفل في العاشرة لصيد سمكة قرش. يعيش الطفل في جزيرة معزولة مع جده، الذي كان في الحقيقة أحد زملاء والديه في رحلة فضائية باءت بالفشل، إثر سقوط مركبتهم قبل اختراق المجال الجوي فوق جزيرة قُتل كل سكانها في الحرب. وبعد نجاة الطاقم بسنوات، مات كامل طاقم الرحلة التسعة، ولم يبقَ منهم سواه وعدنان، الذي كان ثمرة علاقة بين اثنين من رواد الفضاء الناجين.

ورغم شجاعته الخيالية في اصطياد القرش في المحيط، يصاب عدنان بالذعر عندما يجد على الشاطئ كائنًا غريبًا، فيركض بحثًا عن جده داخل المركبة الفضائية المنكوبة، التي باتت سكنًا لهذه الأسرة الذكورية، ليكتشف أن هذا الكائن الذي ألقت به أمواج المحيط هو فتاة في نفس سنه، والأنثى الأولى التي يراها في حياته الواعية.

لينا، التي نجت من الغرق، كانت هاربة من جنود اختطفوها، وجاؤوا لاحقًا للبحث عنها في الجزيرة بطائرة صغيرة. وبسبب دفاع جد عدنان الشرس عنها، وتهديده للخاطفين بقذيفة صاروخية من داخل المكوك، قُتل بالرصاص وهرب الجنود بعد اختطاف لينا مجددًا.

اختطف الجهاز العسكري لينا حفيدة الدكتور رامي بغرض ابتزازه، لرفضه الصارم إعادة استخدام التكنولوجيا التي كانت سببًا في فناء الأرض.

وصية الجد لعدنان وهو على فراش الموت كانت: «ستبقى وحيدًا بعد موتي، ولكن لا يمكن للإنسان أن يعيش بمفرده»، وبعد أن يقص عليه كيف جاؤوا إلى الجزيرة، يوصيه بألم: «ابحث عن لينا، ابحث عن أصدقاء وعش من أجلهم».

كان البحث عن لينا هو الهدف الأساسي لبناء عدنان زورقًا والإبحار لمغادرة الجزيرة الخالية، وخلال رحلته التقى بالفتى المتهور، الساخر والمثير للسخرية في آنٍ، «عبسي»، الذي كان منعزلًا عن الأهالي في جزيرة أخرى ليعيش حياة بدائية في غابة، سرعان ما انتشله منها عدنان في رحلته الوجودية للبحث عن لينا، ليكون رفيقه وصديقه الأقرب إلى الأبد.

سندباد

كان أنيمي سندباد المقتبس من قصة موجودة ضمن حكايا “ألف ليلة وليلة” محبوبا في أوائل الثمانينيات. كما يشير العنوان، تتبع القصة الطفل سندباد خلال استكشاف العالم، ويلتقي بشخصيات قصص الأطفال الشهيرة الأخرى، مثل علي بابا، في رحلاته.

يقول عمر الغزي، الأستاذ المساعد في وسائط الإعلام والاتصالات في كلية لندن للاقتصاد “عندما كنت طفلاً، اعتقدت أن مسلسل الأنيمي سندباد كان انعكاسًا حقيقيًا للثقافة والتقاليد العربية والإسلامية.

ولكن عندما شاهدت إحدى الحلقات لاحقا، لاحظت أن المشاهد التي يُفترض أن تصور صلاة المسلمين، أظهرتهم راكعين رافعين أذرعهم إلى السماء، التي تتناقض مع حركات الصلاة الفعلية”. وأوضح الغزي أن “الكثير من المشاهد في سندباد ليست في الواقع سوى من نسج خيال ياباني للثقافات العربية والإسلامية”.

الرجل الحديدي

عُرض الرجل الحديدي في اليابان في عام 1977 بعنوانه الأصلي “حرب الديناصورات إيزنبورغ”، حيث صوّر أحداث عالم مستقبلي تحاول فيه الديناصورات استعادة السيطرة على كوكب الأرض. يسمى الأسلوب المستخدم في الرجل الحديدي بفن “توكوساتسو” الذي يستخدم مزيجا من مشاهد الحركة الحية والرسوم المتحركة.

ويوضح عامر مانجو أن هناك “شخصيتين رئيسيتين: كمال ولميس، وهما أخ وأخت يقاتلان الديناصورات العملاقة، ويحتاجان لتحقيق ذلك إلى توحيد قوتهما وربط أجزاء جسمهما الآلية، والتي تم تركيبها بعد تعرضهما لانفجار هائل، ليصبحا “إيزنبورغ” أو شخصية تشبه الروبوتات”.

أدت شعبية البرنامج إلى إطلاق فيلم وثائقي تلفزيوني خاص به في عام 2017، بعنوان “عودة الإيزنبورغ”، وقد تكفلت قناة “سبيس تون” ببثه في الشرق الأوسط.

المصادر : ميدل إيست آي – الجزيرة

Exit mobile version