عندما تتم إضاءة مصباح، يقوم هذا الأخير بإصدار الفوتونات التي تنتشر في كل إتجاه داخل الغرفة وتصطدم بكل شيء فيها. تقوم هذه الأشياء داخل الغرفة بإمتصاص معظم الفوتونات التي تصطدم بها، كما أنها تعكس جزءا صغيرا منها، مما يساعدنا على رؤية الأشياء في الغرفة.
أما عندما يتم إطفاء المصباح، تتوقف عملية إنتاج فوتونات جديدة، ويتم عكس وتراشق الموجودة منها داخل الغرفة بين مختلف الأغراض لعدد لامتناهي من المرات إلى أن يتم إمتصاصها كليا.
إذا كنت قد إنتبهت خلال صف العلوم في أيام الثانوية بينما كان الأستاذ يشرح أساسيات الضوئيات لكنت تعرف الآن أن الضوء هو عبارة عن ملايين الجزيئات المتناهية الصغر؛ صغيرة لدرجة يستحيل على العين المجردة رؤيتها؛ تعرف بالفوتونات.
وهي تعتبر الجزيئات الأساسية التي تقوم بنقل كل شكل من أشكال الإشعاعات الكهرومغناطيسية بما في ذلك أمواج الراديو، والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة الموجات الصغرية ”الميكروويف“، وبالطبع؛ الضوء المرئي أيضا.
عندما تدخل إلى غرفة مظلمة ما وتقوم بإضاءة المصباح، يقوم الضوء بإجتياح الغرفة، وبالتحديد أكثر، تمتليء الغرفة بمليارات الفوتونات، الأمر الذي يتيح لنا رؤية ما بداخل الغرفة.
إلا أنه عندما تقوم بإطفاء مصباح الغرفة، أين يذهب كل هذا الضوء؟ ماذا يحدث لمليارات الفوتونات الموجودة في الغرفة؟ هل تموت وتتوقف عن الوجود؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، دعونا نقم بمراجعة صغيرة: قد تكون تعرف مسبقا أن الضوء المرئي هو نوع من أنواع الأشعة الكهرومغناطيسية ويشكل جزءا صغيرا من سلسلة الأنوار الكهرومغناطيسية؛ نفس المجموعة التي تتضمن أمواج الراديو، والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة غاما وما إلى ذلك.
الطيف الضوئي الكهرومغناطيسي
كما يعتبر الفوتون الجزيء الأساسي لأي نوع من أنواع الأشعة الكهرومغناطيسية، سواء كانت أمواج الراديو التي تنقل إشارة الوايفاي في منزلك، أو الأمواج الصغرية التي تقوم بتسخين الطعام داخل فرنك، أو الضوء المرئي الذي يساعدنا على رؤية العالم من حولنا.
بدون توقف، يتحرك الفوتون على سرعة مذهلة تقدر بثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية في الفراغ؛ علما أن سرعة الفوتونات هي نفسها سرعة الضوء.
كيف تقوم الفوتونات بإضاءة الأشياء؟
يقوم مصدر ضوء؛ مصباح مثلا، داخل غرفة بإصدار ملايين الفوتونات التي تنتشر في كل الإتجاهات، وبما أن المصباح داخل الغرفة، أي داخل مساحة مغلقة، تقوم الفوتونات الصادرة عنه بالإرتطام بكل شيء يعترض طريقها، ومنه فهي تضيء كل شيء داخل الغرفة.
إليك صورة متحركة ظريفة تشرح كيف تقوم مجموعة من الفوتونات بإضاءة فضاء مغلق:
صدق أو لا تصدق: تمكنت عدسات الكاميرا من رصد الضوء وهو يتحرك.
ملاحظة: تم إلتقاط الصورة المتحركة في الأعلى من أحد محادثات ”تيد“ من أداء ”راميش راسكار“؛ بروفيسور في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، الذي تحدث عن تقنية ”فيمتو“ للتصوير (تقنية تصوير تقوم بإلتقاط تريليون صورة في الثانية، ومنه لها القدرة على تصوير الضوء وهو يتحرك).
إذن، أين تذهب الفوتونات عندما يغيب مصدر الضوء أو ينطفئ المصباح؟
طالما المصباح مضاء، يكون للغرفة إمداد مستمر من الفوتونات.
يتم إمتصاص البعض من الفوتونات اللامتناهية التي ترتطم بالأجسام؛ طاولة مثلا، داخل الغرفة بينما يقوم بعضها الآخر بالإرتداد مرات عديدة، وتفقد قدرا معتبرا من طاقتها في أثناء ذلك.
وتبقى هذه الفوتونات المنعكسة ترتطم بكل ما يعترض طريقها من أغراض، وفي كل مرة تخسر جزءا من طاقتها إلى أن يتم إمتصاصها تماما من طرف شيء أو غرض داخل الغرفة.
الضود داخل غرفة
وعلى هذا المنوال تبقى الغرفة مضاءة بطريقة دائمة طالما المصباح مضاء، وفي اللحظة التي يتم فيها إطفاؤه؛ تتغير الأمور بسرعة كبيرة، بسرعة الضوء.
تستمر الفوتونات التي تم إصدارها بينما كان المصباح مضاءا بالتراقص بين الأشياء المحيطة إلى أن يتم إمتصاصها، وذلك يحدث في غضون ميليثانية.
أما إذا كان المصباح لا يزال مضاءا، فلن يشكل الإمتصاص السريع لهذه الفوتونات أي فرق، ذلك أن المصباح يقوم بإنتاج فوتونات جديدة في الغرفة بإستمرار، أما في حالة إطفائه، يتم إمتصاص الفوتونات الأخيرة المنبعثة منه من طرف الأشياء المحيطة، وتستعمل الطاقة في هذه الفوتونات الممتصة في تسخين هذه الأشياء بقدر ضئيل جدا لا يلاحظ تماما، لأنه كما نعرف، يحصل كل هذا بسرعة الضوء، بالتحديد في حوالي مليون جزء من الثانية، وهو أمر أسرع من أن نتمكن نحن البشر من رصده أو حتى ملاحظته، ولهذا تغرق الغرفة في الظلام الدامس في اللحظة التي تطفئ فيها المصباح.
وبشكل مذهل، يختلف ما يتلو إطفاء مصباح في الفضاء الخارجي عن ما يتلوه هنا في غرفة على كوكب الأرض، لأنه على عكس غرفة عادية، تبقى الفوتونات في الفضاء تتحرك وتسافر بشكل لامتناهي في الفراغ الواسع من الفضاء دون أن ترتطم بأي شيئ لمدة طويلة من الزمن.
المصدر: دخلك بتعرف