قال موقع أميركي إن تصديق عملاق خدمات حقول النفط الأميركية “شلمبرجر” (Schlumberger) الأسبوع الماضي على صفقة بقيمة 480 مليون دولار لحفر 96 بئرا نفطية في حقل غرب القرنة-1 العملاق يتناسب تماما مع منطق اللعب الدائم الذي يتبناه العراق مع كل من الولايات المتحدة والصين.
ويقع حقل غرب القرنة-1 على بعد حوالي 65 كلم إلى الشمال من البصرة، التي تعتبر المركز الرئيسي للنفط والتصدير جنوبي العراق، ويحتوي على جزء كبير من الاحتياطات القابلة للاستخراج المقدرة بنحو 43 مليار برميل والموجودة في حقل غرب القرنة العملاق.
وبحسب موقع “أويل برايس” (Oil Price) الأميركي، فإن حقل غرب القرنة-1 كان يعتقد في الأصل أنه يحتوي على نحو 9 مليارات برميل من الاحتياطات، لكن وزارة النفط العراقية قالت في وقت سابق من هذا العام إنه يحوي احتياطات قابلة للاستخراج تزيد عن 20 مليار برميل، وإن لديها خططا لزيادة قدرة إنتاج الحقل من النفط الخام إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ورغم أن الحقل ينتج حاليا حوالي 380 ألف برميل يوميا فقط، فإن الوزارة تقول إن طاقته هي على الأقل 500 ألف برميل يوميا، وتهدف الآبار الجديدة التي ستحفرها شركة شلمبرجر إلى إضافة حوالي 200 ألف برميل آخر لهذه الطاقة الإنتاجية.
ورغم أن الحقل يستفيد -مثل العديد من حقول النفط العراقية- من تكاليف استخراج تعد الأكثر انخفاضا في العالم، وهي حوالي دولار إلى دولارين أميركيين لكل برميل، على غرار أفضل الحقول في السعودية وإيران، فإنه يعاني من نقص في ضخ المياه الكافية لزيادة ضغط الخزانات.
ولم تنجح حتى اللحظة -حسب الموقع الأميركي- أي من الجهود الرامية إلى إصلاح هذه المشكلة من خلال تنفيذ “مشروع الإمداد المشترك بمياه البحر” “سي إس إس بي” (CSSP)، خاصة وأن الشركة الوحيدة في العالم القادرة على إكماله بشكل صحيح، وهي “إكسون موبيل” (ExxonMobil) الأميركية، لم تعد مهتمة بذلك على ما يبدو، ولا تنوي أيضا الاستمرار في الاحتفاظ بحصتها البالغة 32.7% من الحقل.
وبحسب أويل برايس، فإن عدم رغبة إكسون موبيل بالاستمرار في هذا الحقل تعود إلى الأسباب نفسها التي دفعت العديد من شركات النفط الغربية الكبرى للقيام بالخطوة ذاتها خلال الأشهر الأخيرة، كما تبرز بشكل خاص لماذا يعتبر أي مسعى أميركي لإعادة تأكيد نفوذها عبر حقول النفط العراقية من خلال شركة شلمبرجر غير مبنية على أسس متينة.
فعلاوة على الفساد المستشري في قطاع المحروقات العراقي، تبقى الحقيقة أن الصين عملت على توسيع نفوذها عبر الحقول النفطية نفسها منذ أن أعلنت الولايات المتحدة رغبتها في تقليص دورها في الشرق الأوسط (وأماكن أخرى مثل أفغانستان) من أجل تجنب خوض “حروب لا نهاية لها”.
وفي الوقت الذي كانت تتعامل فيه مع رئيس متقلب مثل الرئيس السابق دونالد ترامب وتخوض حربا تجارية شديدة الحساسية مع واشنطن، سعت بكين -وفق الموقع- إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تجنب توقيع صفقات ضخمة ولافتة للانتباه لعقود التنقيب والتطوير في حقول النفط الكبيرة، ومكنت بدلا من ذلك سلسلة من شركات الهندسة والخدمات الصينية الغامضة التي لم يسمع بها أحد من قبل من الحصول على “جوائز تعاقدية”.
وكمثال على ذلك حقل غرب القرنة نفسه، حيث تمتلك الصين بالفعل نصيب الأسد في الموقع، ليس فقط من خلال حصة 32.7% التي تمتلكها “بتروتشاينا” (PetroChina) -الذراع التابعة لشركة البترول الوطنية الصينية “سي إن بي سي” (CNPC)، ولكن أيضا من خلال استحواذ الشركات الصينية التدريجي على مجموعة من المكافآت الضخمة التي يفترض أنها “تعاقدية فقط” لقاء عملها في هذا الحقل.
وتضمنت أحدث هذه “المكافآت” عقدا هندسيا بقيمة 121 مليون دولار لتحديث المرافق المستخدمة لاستخراج الغاز أثناء إنتاج النفط الخام لـ”شركة هندسة وإنشاءات البترول الصينية” “سي بي إي سي سي” (CPECC)، والذي جعل الصين ليس اللاعب الرئيسي في حقل غرب القرنة-1 واستبعد إيكسون موبيل من أي مجهود للتطوير أو تنفيذ “مشروع الإمداد المشترك بمياه البحر” فحسب، بل سمح لبكين أيضا بتلقي عروض أخرى من العراق.
شركة صينية في مقدمة المنافسين في مناقصة نفط عراقية
قال مصدر مطلع إن شركة “تشنهوا أويل” لتجارة النفط الحكومية الصينية في مقدمة المنافسين في عطاء لبيع خام عراقي لمدة 5 سنوات. وأضاف المصدر أن الشركة قدمت “العرض الأكثر تنافسية” في عطاء لشركة تسويق النفط العراقية “سومو” (SOMO) اجتذب مشاركين من شركات نفط عالمية ودور تجارة وشركات تكرير صينية وهندية.
وقال المتحدث باسم الحكومة حسن نديم للصحفيين أمس إن وزارة النفط العراقية تدرس العروض المقدمة من مشاركين في صفقة نفطية مسبقة الدفع.
ويدفع الفائز بالعطاء لسومو نحو 2.5 مليار دولار مقابل 48 مليون برميل من الخام بين الأول من يوليو/تموز 2021 إلى 30 يونيو/حزيران 2022.
الدفع المسبق
والشهر الماضي أعلن العراق أنه يسعى لإبرام أول صفقة من نوعها للدفع المسبق للنفط الخام لدعم ماليته ومواجهة تراجع أسعار النفط والطلب بسبب جائحة فيروس كورونا، وذلك لمدة 5 سنوات ابتداء من يناير/كانون الثاني 2021 حتى ديسمبر/كانون الأول 2025، بحسب شركة سومو.
وفي إطار توضيح شركة سومو لطبيعة الصفقة، أكدت الشركة أن الخطوة تأتي لغرض تنويع وتعجيل تحصيل الإيرادات المالية من بيع النفط الخام إلى الأسواق العالمية، وبما يحقق المصلحة العليا للبلد، وبوصفها بادرة جديدة لتنويع أساليب البيع والدفع للنفط الخام العراقي.
وبينت سومو في بيان أن “الكمية التي سيتم رفعها وفقا للمقترح من تاريخ 2020/7/1 ولغاية 2022/6/30 تبلغ 48 مليون برميل، وستكون الشركات الفائزة في العرض مطالبة بدفع كامل قيمتها المالية مقدما خلال 30 يوما من تاريخ توقيع العقد وفق سعر تقديري أولي للبرميل الواحد ويساوي (المعدل الشهري أو السنوي لنفط برنت للفترة التي تسبق تاريخ توقيع العقد)، وتودع في حساب البنك المركزي العراقي لدى البنك الفدرالي الأميركي بهذا الخصوص، وللكمية والفترة المبينة وفق أسس تجارية ترفع من القيمة السوقية للنفط الخام العراقي”.
في سياق آخر، واجهت أكبر شركة مصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم -وهي شركة صينية تساوي قيمتها السوقية حاليا أكثر من قيمة شركة “جنرال موتورز ” و”فورد” مجتمعين- أزمة حادة.
نشرت شركة منافسة لـ”أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” مقطع فيديو يشير فيه إلى أن التكنولوجيا التي تستخدمها الشركة، وغيرها من الشركات المصنعة.
يمكن أن تتسبب في اشتعال السيارات. قلّدت الشركة أحد اختبارات السلامة المعتمدة من الحكومة الصينية، ودقّت مسمارا في خلية بطارية كهربائية. سرعان ما انفجرت الخلية وتحولت إلى كرة من اللهب.
بعد نشر الفيديو، اتخذ المسؤولون الصينيون إجراءً سريعا من خلال حذف اختبار المسمار، وذلك وفقًا لوثائق اطلعت عليها صحيفة “نيويورك تايمز”. بعد شهرين، صدر قانون جديد، ومن بين الأطراف التي أشرفت على صياغته، ورد اسم “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” قبل وكالة اختبار المركبات الحكومية.
أظهر القانون الجديد مدى التزام الحكومة الصينية بحماية رعاية شركة رائدة ذات نفوذ قوي ومتزايد على سيارات المستقبل. مكنت شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” الصين من ريادة قطاع بطاريات السيارات الكهربائية، وهي تكنولوجيا محورية ضمن مسار التحول نحو الطاقات النظيفة.
تقوم الشركة بتصدير البطاريات إلى جميع شركات صناعة السيارات في العالم تقريبا، بما في ذلك “جنرال موتورز” و”فولكس واغن” و”بي إم دبليو” و”تسلا”. كما برزت كواحدة من أكبر المستفيدين من طفرة السيارات الكهربائية، إلى جنب شركة “تسلا”.
يلعب عملاق البطاريات دورا حاسما في سلسلة صناعات التكنولوجيا الخضراء التي تهيمن عليها الصين بشكل متزايد. وقد قامت الشركات الصينية، وخاصة شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”، بتأمين إمدادات هائلة من المواد الخام التي تُصنع منها البطاريات.
لكن هذه الهيمنة أثارت مخاوف في واشنطن من أن تسحق هذه الشركة نظيرتها “ديترويت” الأمريكية، وأن تصبح بكين مسيطرة على قطاع السيارات الأمريكية في القرن الحادي والعشرين بنفس الطريقة التي فرضت من خلالها الدول المنتجة للنفط سيطرتها في القرن العشرين.
حرص المسؤولون في بكين على ضمان السيطرة الصينية على أعمال شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”، من خلال احتكار سوق البطاريات، ثم توزيعها عندما تحتاج الشركة إلى المال. يقول مايكل دان، وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة “جنرال موتورز” في آسيا ويعمل حاليا كمحلل اقتصادي، إن “شركة أمبيريكس تبدو نموذجا لوضع مفهوم وتطبيقه عبر خطة محكمة”.
تُظهر ملفات الشركة أنها ليست مملوكة للدولة، ولكن المستثمرين الذين تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة امتلكوا حصة من الأسهم أثناء صعودها، وذلك استنادا لتحليل صحيفة “نيويورك تايمز” لوثائق الشركة. فعلت شركة استثمار صينية الشي ذاته، حين اعتبرت هنتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، عضوا في مجلس إدارتها ومالكا للأسهم.
من ديترويت وميلانو وصولا إلى فولفسبورغ بألمانيا، أصبح المدراء التنفيذيون لشركات السيارات، الذين أمضوا حياتهم المهنية في محاولة تحسين المكابس وأنظمة الوقود، مهووسين حاليا بالتنافس مع العملاق الصناعي الصيني.
يقول بيل روسو، الرئيس السابق لفرع شركة “كرايسلر” في الصين، والذي يعمل حاليا مستشارا للسيارات الكهربائية في شنغهاي، إن “مشكلة الصين مع محركات الاحتراق الداخلي تكمن في أنها كانت تلعب لعبة اللحاق بالركب على الدوام. يتعين على الولايات المتحدة حاليا أن تلعب لعبة اللحاق بركب السيارات الكهربائية”.
الخروج من الظل
حين لمع اسم شركة “تسلا” ورئيسها المخضرم، إيلون ماسك، في عالم السيارات الكهربائية، كانت شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” المحدودة تعمل في الخفاء.
يعتبر مؤسسها ورئيسها، روبن زينغ، من أغنى رجال الأعمال في آسيا، حيث تقدر ثروته بنحو 60 مليار دولار. يقع مقر الشركة، وهو على شكل بطارية ليثيوم كبيرة الحجم، وعدد من أكبر مصانعها، في مسقط رأسه مدينة نينغد جنوب شرق الصين. حظرت السلطات المحلية الوصول إلى مجموعة واسعة من الوثائق، خاصة تلك المتعلقة بمرحلة تأسيس الشركة.
قام زينغ، البالغ من العمر 53 سنة، بتشكيل فريق إداري كبير من الموظفين القدامى، والذين ينحدر أغلبهم من مدينة نينغد. خلال الأعياد، ترسل الشركة فاكهة الليتشي والإسكدنيا المزروعة في ضواحي نينغد إلى موظفيها كهدايا.
كان الرئيس الصيني الحالي، شي جين بينغ، يشغل منصب الرئيس المحلي للحزب الشيوعي في نينغد بين سنة 1988 و1990، لكن لا تربطه أي علاقة واضحة مع الشركة.
بعد دراسة الهندسة البحرية في إحدى جامعات شنغهاي، انضم زينغ للعمل في قسم كيمياء البطاريات في شركة “تي دي كاي” اليابانية في الصين.
وفي سنة 1999، انضم إلى زملائه من خبراء كيمياء البطاريات الذين أسسوا شركتهم الخاصة لتزويد الهواتف المحمولة وكاميرات الفيديو وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية المحمولة ببطاريات الليثيوم-كوبالت. وقد باع الفريق الشركة إلى شركة “تي دي كاي” سنة 2005 مقابل 100 مليون دولار واستمر في إدارتها كشركة تابعة.
اتخذت الحكومة الصينية، التي لطالما اعتبرت أن صناعة البطاريات صناعة استراتيجية، سنة 2011 واحدة من بين العديد من الخطوات لرعاية هذه الصناعة.
تطلب الأمر من صانعي السيارات الأجانب الذين يرغبون في بيع سيارات كهربائية في الصين نقل التكنولوجيا إلى شركة محلية. كان ذلك شرطا لقيام للحكومة بدعم بيع هذه السيارات، والتي يمكن أن يصل سعرها إلى 19.300 دولار.
سمحت شركة “تي دي كاي” لمجموعة من المستثمرين الصينيين بقيادة زينغ بالحصول على حصة 85 بالمائة في أعمالها التجارية الناشئة في مجال بطاريات السيارات الكهربائية في نهاية 2011، وأطلقوا عليها اسم شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”.
انضمت إليها “بي إم دبليو”، كأول عميل رئيسي لها، بعد أن كانت تعتمد على أنظمة “أي 123″، وهو مصنع بطاريات في ماساتشوستس.
بعد أربع سنوات، اشترت مجموعة مختلفة من المستثمرين الصينيين النسبة المتبقية من شركة “تي دي كاي” التي تبلغ 15 بالمائة.
لم تكن الشروط المالية لعملية البيع واضحة، لكن زينغ وشركاءه حصدوا مكاسب غير متوقعة. تبلغ قيمة “تي دي كاي” السوقية 16 مليار دولار، في حين تبلغ قيمة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” نحو 240 مليار دولار.
حوّلت شركة “تي دي كاي” الأسئلة التي طرحناها إلى شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”، والتي قالت بدورها إن شركة “تي دي كاي” هي الوحيدة القادرة على مناقشة المبلغ الذي دُفع.
الدعم الحكومي
ساعدت الحكومة الصينية شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” في البروز كشركة مستقلة، ومن ثم ساعدتها على التطور.
تتطلب بطاريات الشركة إمدادات جاهزة من الليثيوم والكوبالت، وقد سارعت الشركات الصينية إلى الحصول على الكوبالت من دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكانت تستخرجه شركة أمريكية.
استحوذت شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” هذه السنة على ربع احتياطي الكوبالت في كيسانفو، وهو أحد أكبر مناجم الكوبالت في العالم، مقابل 137.5 مليون دولار.
تظهر وثائق الشركة أنه في غضون سنة من إنشائها، أنشأ زينغ شركة فرعية في مقاطعة تشينغهاي غرب الصين. كان لدى تشينغهاي شيء يحتاج إليه زينغ، وهو أحواض بحيرة مالحة جافة مع محلول ملحي كثيف تحت الأرض غني بالليثيوم. وقالت مصادر مطلعة إن الشركة حجزت عقودا لأكبر ودائع الليثيوم.
سنة 2015، كشفت الحكومة الصينية الستار عن خطة صنع في الصين لسنة 2025، وهي خطة تهدف إلى تحقيق الاستقلال في الصناعات الرئيسية المستقبلية، بما في ذلك السيارات الكهربائية، خلال عقد من الزمن.
تظهر الوثائق أن البنوك التابعة للحكومة الصينية، التي تقدم القروض للمشاريع المعتمدة من الحكومة، ساهمت في تقديم أكثر من 100 مليون دولار لمشاريع شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” في تشينغهاي.
وأظهرت إيداعات الشركة أن حكومة مقاطعة تشينغهاي قدمت لها نحو 33 مليون دولار بين سنتي 2015 و2017. لم تستجب سلطات تشينغهاي لطلب التعليق على هذه الوثائق.
وقالت شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” في رد مكتوب على الأسئلة، إن استثماراتها “تضمن استقرار إمدادات المواد الخام، وتساعد في تجنب التقلبات الحادة في الأسعار”.
استفادت الشركة بشكل كبير من سعي الحكومة لجعل شركات صناعة السيارات في الصين تستخدم البطاريات المصنوعة محليا فقط. كانت الحكومة قد أكدت أن مشتري السيارات الكهربائية لا يمكنهم الحصول على دعم إلا إذا كانت البطارية من صنع شركة صينية.
بدأت شركة جنرال موتورز، التي لم يتم إعلامها بهذا القانون، بشحن سيارات بويك فيليت الكهربائية سنة 2016 ببطاريات مصنوعة في الصين من قبل شركة “إل جي” الكورية الجنوبية.
تقول مصادر مطلعة إن المستهلكين والتجار الغاضبين قد اشتكوا من أن المسؤولين المحليين يحرمونهم من الدعم. تحولت جنرال موتورز لاحقا نحو شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” لضمان بيع سياراتها في السوق الصيني.
بفضل الدعم والحماية الحكومية في السوق المحلي، حققت الشركة أرباحا كبيرة. بلغ هامش أرباح الشركة السنة الماضية نسبة 11.1 بالمئة، وقد واصلت الحصول على الدعم الحكومي خلال السنة ذاتها بما يعادل خُمس دخلها الصافي.
وفقا لشركة “بينشمارك مينيرال إنتليجنس”- وهي شركة استشارية في لندن- فإن هذا الدعم جعل من الصين عملاقا في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، حيث تفوق قدرتها 14 مرة قدرة الولايات المتحدة على تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.
وتتوقع الشركة أن تحافظ الصين على الصدارة حتى بعد الإجراءات الأمريكية الأخيرة، بما في ذلك مشاريع مثل مصنع نورث كارولينا الذي أعلنت عنه تويوتا في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، وأن تكون لها قدرة أعلى بسبعة أضعاف من قدرة الولايات المتحدة في غضون أربع سنوات.
المراهنة على البطاريات
مكّن الاكتتاب العام الأولي لشركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” سنة 2018، زينغ ونائبيه، والذين يمتلكون معا 40 بالمئة من أسهم الشركة، من جمع ثروة كبيرة.
لم يكن نجاح الشركة مضمونًا في بداياتها، لكنها أظهرت للعالم كيف تخطط الصين للسيطرة على صناعة السيارات الكهربائية. قالت بكين في إعلان ترويجي سنة 2016 إن “ثورة صناعية ثالثة” تركز على الرقمنة و”الطاقة الجديدة” ستسمح للصين بتولي زمام المبادرة في مجال السيارات الكهربائية.
دعت “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” عددًا قليلاً من المستثمرين الدوليين للاستحواذ على الأسهم خلال الاكتتاب العام الأولي، وكان من بينهم رجل الأعمال بي زينهوا، الذي أسس شركة لمعالجة الليثيوم بالشراكة مع “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”، ورجل الأعمال يو يونغ، صاحب أكبر حصة من أسهم “تشاينا موليبدنيوم”، وأحد شركاء “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” في الكونغو.
وتظهر الوثائق أن شركة يو يونغ القابضة تملك 1.69 بالمئة من “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”.
استثمر صندوق “غوكاي بويو” في الشركة أكثر من 100 مليون دولار، بحصة بلغت 1.2 بالمئة. يخضع “غوكاي بويو” لسيطرة شركة خاصة شارك في تأسيسها ألفين جيانغ، حفيد جيانغ زيمين، زعيم الحزب الشيوعي الصيني سابقا. ولم يرد الصندوق على طلب التعليق.
كان أحد شركاء الصندوق في هذا الاستثمار تابعًا لشركة مالية تسمى “ناشيونال تراست”، والتي تعاونت في الماضي مع عائلة ون جيا باو، رئيس الوزراء السابق، في استثمارات أخرى، وكانت مملوكة جزئيًا لأحد شركاء عائلة ون، ويشرف عليها رجل أعمال آخر.
ليس من الواضح ما إذا كانت عائلة ون لديها أسهم في “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”. لم ترد شركة “ناشيونال تراست” على الهاتف أو الأسئلة المرسلة عبر الفاكس.
كان المستثمر الأقدم في “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة”، شركة أسهم خاصة صينية مرتبطة بنجل الرئيس الأمريكي، هنتر بايدن، والمعروفة باسم “بي إتش آر”. اشترت الشركة حصة 0.4 بالمئة سنة 2016، مقابل 15 مليون دولار. وفي سنة 2019، عندما عرضت الشركة السهم للبيع، قُدرت قيمته بنحو 76 مليون دولار.
تظهر سجلات الشركة، أن هنتر بايدن غادر مجلس مجلس إدارة “بي إتش آر” في نيسان/ أبريل 2020. ويقول محاميه كريس كلارك إنه لم يعد يملك فيها أي حصة من الأسهم.
ليس من الواضح ما الذي ربحه بايدن من الصفقة مع “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” إن وجدت، قد محاميه الإدلاء بمزيد من التعليقات. وقال عضو آخر في مجلس إدارة “بي إتش آر” طلب عدم الكشف عن هويته إنه كان يملك حصة 10 بالمئة في الشركة، وأنه حصل على تعويضات بنحو 230 ألف دولار من الصفقة.
لم يرد الرئيس التنفيذي لشركة “بي إتش آر”، جوناثان لي، على المكالمات الهاتفية والأسئلة عبر البريد الإلكتروني.
عندما سُئلت عن هذه الاستثمارات، أشارت “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” إلى نشرة الاكتتاب العام التي جاء فيها “استحوذ جميع المستثمرين على أسهمهم بناءً على القواعد المشتركة لأنشطة شراء الأسهم الخاصة”.
بطاريات قابلة للاشتعال
تستحوذ شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” على ثلث سوق بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، ويعد أكبر منافس لها شركة “إل جي” التي تملك نحو ربع السوق. في وقت من الأوقات، واجهت “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” منافسا محليا قويا.
تفخر شركة “بي واي دي”، التي يقع مقرها في مدينة شينزين، ويدعمها المستثمر الأمريكي الشهير وارن بافيت، بمراهنتها على بطاريات الليثيوم التقليدية، على عكس بطاريات الليثيوم التقليدية التي استثمرت بكثافة في بطاريات الليثيوم كوبالت.
في العام الماضي، شككت “بي واي دي” في سلامة بطاريات الكوبالت، ونشرت مقطع فيديو قلدت فيه ما تقوم به السلطات خلال اختبارات السلامة، من خلال دق مسمار في البطارية.
رفضت “بي واي دي” الإفصاح عن الشركة المصنعة، لكن البطارية كانت مشابهة لتلك التي تصنعها “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” و”إل جي”.
لم تستجب السلطات الصينية لطلبات التعليق حول سبب حذف اختبار المسمار بعد شهرين، وتعويضه باختبار آخر.
قالت شركة “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” إن المهم هو الأمان الذي يوفره نظام البطارية بالكامل. وتعمل “بي واي دي” حاليا على مشروع إنتاج بطاريات الليثيوم والكوبالت الخاصة بها.
بينما تحاول “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” تصنيع المزيد من البطاريات بدون الكوبالت، وهو المعدن الذي يسمى أحيانًا “الألماس الدموي للبطاريات” بسبب سعره المرتفع وظروف العمل المحفوفة بالمخاطر التي يواجهها عمال المناجم في الكونغو.
وقال زينغ للمستثمرين العام الماضي: “نحن نبحث عن طرق لتحسين سلسلة التوريد”.
في الوقت الحالي، تقوم “أمبيريكس للتكنولوجيا المعاصرة” ببناء مصنع ضخم يزيد حجمه عن ثلاثة أضعاف حجم المصنع الضخم لبطاريات السيارات الكهربائية لشركة “تسلا” في صحراء نيفادا.
يشكل المصنع العملاق في فودينغ، على بعد 90 دقيقة بالسيارة شمال شرق مدينة نينغد، واحدا من أصل ثمانية مصانع قيد الإنشاء، بتكلفة تزيد عن 14 مليار دولار. جمعت الشركة حشودا من عمال البناء لتشييد مبانٍ بجدران فولاذية على ارتفاع 50 قدمًا، أي أعلى من ارتفاع خمسة ملاعب لكرة القدم.
يقول يو بين، أحد العمال في مصنع فودينغ، إنه عمل مؤخرا 20 ساعة متواصلة لإنهاء بناء أحد الأسقف، وأضاف أن “أنوار الرافعات تضيء الليل”.
المصادر : نيويورك تايمز
ترجمة وتحرير: نون بوست