جعل الصراع الأوروبي – الروسي الأخير على الغاز، والضرر الذي تحملته القارة العجوز في هذا الصدد، من مسألة الطاقة المتجددة، أمرًا أكثر إلحاحًا وأهميةً بالنسبة للغرب.
في آخر المستجدات حول هذا الموضوع، لدينا مشروع “كهرباء المد والجزر” الذي تهتم الولايات المتحدة فيه خصيصًا، وتضخ استثمارات مكثفة لإنجازه، وفي الوقت نفسه، تمول أوروبا أيضاً مشروعات مشابهة.
وتشير توقعات المحللين إلى أن التمويلات والاستثمارات التي يتم ضخها بكثافة في مشروعات طاقة المد والجزر وما يرتبط بها من أعمال بحث وتطوير، سوف تسهم خلال العقد القادم في زيادة الاستفادة من مصادر متجددة لتوليد الكهرباء النظيفة.
وذكرت وزارة الطاقة الأميركية أنها ستقدم مشروع قانون لتمويل بقيمة 35 مليون دولار إلى الكونغرس من أجل الاستفادة بأكبر قدر ممكن من طاقة المد والجزر، وهو ما يشكل أكبر قدر من التمويل تضخه الولايات المتحدة في هذا النوع من مصادر الطاقة.
وأعلنت أوروبا في الشهر الماضي أيضاً عن تمويل بقيمة 19.3 مليون دولار لمشروعات طاقة المد والجزر وتدشين مزارع عائمة لذات الغرض.
ما هي كهرباء المد والجزر وكيف يتم إنتاجها؟
نظريًا، يمكن الحصول على كهرباء ناتجة من طاقة المد والجزر بثلاث طرق رئيسية:
الأولى إنشاء ما يسمى بقناطر المد والجزر والتي تستخدم هيكلاً خرسانياً يشبه السدود من أجل إنتاج هذا النوع من الطاقة. ويتم التحكم في بوابات هذه القناطر وأيضًا في مستويات المياه ومعدلات التدفق بما يسمح بالملء عندما يكون المد مرتفعاً وتوجيهه نحو التوربينات الكهربائية التي تدور مولدة كميات من الكهرباء.
والطريقة الثانية تكمن في توربينات المد والجزر والتي تستخدم شفرات دوارة تشغل المولد الكهربائي وتنتج الكهرباء من الطاقة الحركية للتوربينات في قاع البحار مستفيدة من مياه المد والجزر القوية، لكن ذلك يتطلب وجود شفرات قوية قادرة على تحمل ضغط المياه في القاع.
أما الطريقة الثالثة، فهي بناء أسوار المد والجزر، والتي تستخدم توربينات ذات محور عمودي مثبت على سياج أو مثبت في قاع البحر للسماح للمياه بالمرور عبر التوربينات وتوليد الكهرباء.
مصدر ممتاز للطاقة:
في الوقت الحالي، وعلى غرار أغلب القطاعات، يحتاج مجال طاقة المد والجزر للمزيد من البحث والتطوير للانطلاق في مشروعات واسعة النطاق.
وقد أعربت الوزارة عن تفاؤلها بأن المد والجزر والتيارات النهرية ستوفر مصدراً ممتازاً للطاقة الخضراء للولايات المتحدة.
لكن، على الرغم من التفاؤل بشأن التمويل، إلا أن الوزارة سلطت الضوء على العديد من التحديات التي حالت حتى الآن دون إطلاق مشاريع موسعة لاستغلال طاقة المد والجزر؛ ومن بين هذه التحديات، الحاجة لوجود تمويل طويل الأجل وتطوير تقنيات جديدة لتطوير المعدات المستخدمة وكذلك الحاجة لوجود شبكات اتصال قوية بشبكات الطاقة المحلية.
وليست أميركا وحدها في هذا المجال، فهناك أيضا الاتحاد الأوروبي الذي يطور مشروعات في طاقة المد والجزر، ففي عام 2021، دشن الاتحاد مشروعا لإنتاج كهرباء بقدرة 2.2 ميغاواط من طاقة المد والجزر مقارنة بنحو 260 كيلو واط عام 2020.
ونتيجة لهذه الجهود، ربما يؤدي التمويل الكبير في مجال البحث والتطوير بتكنولوجيا طاقة المد والجزر وتيارات الأنهار إلى إطلاق العديد من مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق واسع.
كل ذلك يصب بالنهاية في صالح مكافحة التغيرات المناخية وتنويع مصادر الطاقة النظيفة، من وجهة نظر بيئية، ويمكّن الغرب من الاستقلال عن تبعية الدول المنتجة للطاقة وما يسمى بـ “عبودية النفط والغاز” من وجهة سياسية واقتصادية.
المصدر: الليرة اليوم