330 طلب شراء.. هل تنافس “كوماك” الصينية في سوق تهيمن عليها بوينغ وإيرباص؟
ضمن مساعيها لأن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً وتحويل دفة الصناعة في البلاد نحو الصناعات التقنية الأكثر ربحية، أسست بكين شركة “كوماك” في عام 2008 وضخت فيها عشرات المليارات من الدولارات لإنتاج طائرة محلية قادرة على منافسة كلاً من بوينغ وإيرباص.
بعد 14 عاماً من العمل في أول محاولة جادة لها لكسر سيطرة بوينغ وإيرباص على سوق الطائرات التجارية، احتفلت الصين نهاية سبتمبر/أيلول الماضي بعد المصادقة على طائرتها النفاثة للركاب “كوماك سي 919” ضيقة البدن، مما يمثل علامة بارزة في طموحات البلاد لاقتحام مجال الفضاء التجاري، وفقاً لما نقلته رويترز.
وعلى الرغم من سياسة “صفر كوفيد” التي تنتهجها بعد وصول الإصابات إلى أعلى مستوى لها منذ ستة أشهر عرضت بكين الثلاثاء طائرتها المدنية “كوماك سي 919” في ظهور تاريخي، وإن كان في مراسم محدودة، خلال أكبر معرض جوي صيني.
وحسب الخطط الموضوعة مسبقاً، ستتنافس “كوماك سي 919” الصينية ذات الممر الواحد والجديدة كلياً، والتي جرى تصميمها لحمل ما يصل إلى 168 راكباً وقطع مدى يتراوح من 4075 إلى 5555 كيلومتراً، مع عائلات “إيرباص إيه 320 نيو” و”بوينغ 737 ماكس” الشهيرة في ثانية أكبر سوق طيران في العالم إذ تتطلع الصين إلى تعزيز اعتمادها على الذات في شتى المجالات التكنولوجية وسط التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
330 طلب شراء
قالت شركة صناعة الطائرات التجارية الصينية “كوماك”، وهي شركة حكومية أسستها بكين لمنافسة بوينغ وإيرباص، إنها حصلت على 300 طلبية لطائرتها ضيقة الهيكل من طراز “سي 919” خلال “معرض الصين الدولي للطيران والفضاء” الذي أقيم جنوبي البلاد، بالإضافة إلى 30 طلبية أخرى لطراز “إيه آر جيه21” للمسافات ذات المدى الأقصر.
كان المعرض الذي افتتح الثلاثاء الحدث الأول من نوعه الذي يشارك فيه العملاقان الغربيان، إيرباص وبوينغ، المنصة مع الطائرة الوطنية “كوماك سي 919″ والتي بدورها شاركت في استعراض الطيران خلال المعرض للمرة الأولى.
وحسب رويترز، قبل أحدث الصفقات كان يوجد 815 طلباً لـ”سي 919” من 28 عميلاً، وفقاً لموقع COMAC الإلكتروني. لكن شركة طيران “تشاينا إسترن” هي العميل الوحيد الذي أعلن جدول تسليم ثابت، إذ تخطط “كوماك” لتسليم أول طائرة من هذا الطراز للشركة في ديسمبر/كانون الأول، وأربع طائرات أخرى العام المقبل.
الطريق نحو الاكتفاء الذاتي
ضمن مساعيها لأن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً وتحويل دفة الصناعة في البلاد نحو الصناعات التقنية الأكثر ربحية، أسست الحكومة الصينية شركة “كوماك” في عام 2008 وضخت فيها إعانات من الدولة تبلغ قيمتها بين 49 و72 مليار دولار، وهي مبالغ أكبر بكثير من تلك التي حصلت عليها شركتا بوينغ وإيرباص من حكومتيهما.
وقالت “كوماك” يوم الثلاثاء إن الصين ستحتاج إلى 9284 طائرة جديدة على مدى السنوات العشرين المقبلة لتلبية طلب السوق، بزيادة 200 عن توقعاتها العام الماضي. وكانت توقعات صانع الطائرات الصينية أعلى من توقعات بوينغ التي توقعت الشهر الماضي أن الصين ستحتاج إلى 8485 طائرة جديدة في السنوات العشرين المقبلة.
فيما توقعت الشركة المصنعة الأمريكية أن الصين ستحتاج إلى 6370 طائرة أحادية الممر لدعم شبكتها المتنامية من الخطوط الدولية والمحلية في ذلك الوقت ، وقالت كوماك إن لديها حاجة إلى 6896 طائرة من هذا القبيل.
وعلى الرغم من الإصرار على توطين مثل هذه الصناعات الحساسة والسياسة المتبعة مؤخراً للابتعاد قدر الإمكان عن الهيمنة الغربية في القطاعات التكنولوجية، فإن الصين لم تصل إلى نسبة توطين 100% في طائرتها الوطنية الأولى، خصوصاً وأن الطائرة التي صُممت في الصين جُهزت بمحرك من طراز “ليب 1 سي” طورته مجموعتا “جنرال إلكتريك” الأمريكية و”سفران” الفرنسية ضمن مؤسسة “سي إف إم” الدولية التي زوّدت المجموعة الصينية بقمرات القيادة وأجهزة الحد من الاندفاع أيضاً، وفقاً لأسوشييتد برس.
هل تزعزع هيمنة بوينغ وإيرباص؟
على مر العقود الماضية، سيطرت شركتا بوينغ وإيرباص على مبيعات هذه الطائرات بهذا الحجم، لذلك قد يعتقد عشاق المنافسة أن طائرة جديدة وحديثة جرى تصميمها وصنعها في الصين ستغير الأمور إلى حد ما. ولكن، كما وصف جون نيوهاوس قبل عدة عقود في كتابه The Sporty Game، فإن المراهنة على طائرة جديدة محفوفة بالمخاطر، وتزداد هذه المخاطر عند التنافس في فئة الحجم مع نموذجين قويين للغاية ومثبتين، وفقاً لتقرير نشرته مجلة فوربس في أبريل/نيسان 2021.
ومع ذلك، فإن الصين سوق طيران كبير، مع عديد من المدن الكبيرة وعدد سكان ضخم. يقترب عدد الأسطول الجوي التجاري الصيني من 4000 حالياً، مقارنة بأكثر من 7.500 في الولايات المتحدة، لكن حجم الأسطول لا يروي القصة كاملة. مع هذا الحجم من السوق، وأسواق الطيران الكبيرة الأخرى في آسيا المجاورة، فإن فكرة الطائرات التجارية المصنعة في الصين ليست مجنونة على الإطلاق.
وعليه، فإن نجاح طائرات “كوماك” يعتمد على الجهود الواجب اتباعها من أجل إيجاد وتطوير شبكة عالمية من المعرفة والأفراد والدعم لمنتجاتهما على غرار ما تمتلكه بوينغ وإيرباص. فإذا هبطت طائرة “إيه 320″ و”737” في أي مدينة تقريباً على هذا الكوكب ، فمن المحتمل أن تكون فيها قدرة جيدة على صيانتها والحصول على قطع غيار إذا لزم الأمر. وهو الذي يوفر دعماً هائلاً لمشغلي الخطوط الجوية ، الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف احتجاز طائرة لعدة أيام بسبب نقص الميكانيكا أو نقص قطع الغيار، حسب فوربس.
TRT عربي