أكبر محطة للطاقة الشمسية عربياً وعالمياً.. ماذا تعرف عن محطة “نور ورزازات” ثروة العصر الحديث التي حولت المغرب إلى قوة طاقة عظمى؟
يعد مركب “نور” للطاقة الشمسية بورزازات، أول محطة للطاقة الشمسية يتم انجازها من قبل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، أكبر مركب للطاقة الشمية بالعالم بطاقة إنتاجية إجمالية تصل إلى 580 ميغاواط.
ويتألف مركب الطاقة الشمسية “نور”، المنجز على مساحة أزيد من 3 آلاف هكتار، من أربع محطات للطاقة الشمسية متعددة التكنولوجيات تتماشى مع المعايير الدولية، سواء على المستوى التكنولوجي أو البيئي، كما تضم منصة للبحث والتنمية تمتد على مساحة أزيد من 150 هكتار.
وتعتمد محطة “نور 1″، أول محطة ضمن مركب الطاقة الشمسية “نور ورزازات” والمتوقع أن تصل طاقتها الإنتاجية إلى 160 ميغاواط، والتي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، اليوم الخميس، انطلاقة العمل بها، على نمط التوليد المستقل للطاقة.
وتستخدم هذه المحطة، المشيدة على مساحة تناهز 480 هكتارا، تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحرارية بالاعتماد على ألواح لاقطة مقعرة بقدرة تخزين حراري تصل إلى ثلاث ساعات.
كما تتبنى المحطتان الثانية والثالثة من مركب الطاقة الشمسية نور (نور 2 ونور 3)، والتي أعطى جلالة الملك انطلاقة أشغال انجازهما، أسلوب التوليد المستقل للطاقة.
وسيتم تشييد محطة “نور 2” ، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 200 ميغاواط وسبعة ساعات للتخزين، (810 مليون اورو) على مساحة 680 هكتار مع الاعتماد على التكنولوجيا الحرارية الشمسية من خلال ألواح لاقطة مقعرة.
أما محطة “نور 3 “، فسيتم تطويرها باستخدام التكنولوجيا الحرارية الشمسية مع برج، وستبلغ قدرتها الإنتاجية 150 ميغاواط، وستمتد على مساحة 750 هكتار بقدرة 8 ساعات للتخزين بكلفة 645 مليون اورو) .
وفي ما يتعلق بمحطة “نور 4″، الشطر الأخير من مركب الطاقة الشمسية نور، فسيتم تشييدها على مساحة تناهز 210 هكتار وتعتمد تكنولوجيا الطاقة الشمسية الضوئية، بطاقة إنتاجية دنيا تقدر ب 70 ميغاواط.
ومن شأن هذه المشاريع الأربعة المكونة لمركب الطاقة الشمسية (نور ورزازات) أن تجعل من هذا الأخير أضخم موقع لإنتاج الطاقة الشمسية متعددة التكنولوجيا في العالم بطاقة إنتاجية تصل إلى 580 ميغاواط.
وغلاف استثماري يبلغ 24 مليار درهم دون احتساب البنيات التحتية المشتركة المنجزة من قبل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من أجل تلبية حاجيات المتعهدين.
وستعمل هذه البنيات التحتية على تلبية الاحتياجات من الربط الكهربائي والنقل الطرقي والتزويد بالماء وشبكة تصريف المياه والاتصالات والسلامة.
كما تشكل هذه المشاريع، فرصة لتثبيت دعائم التنمية السوسيو اقتصادية من خلال القيام بمنجزات في مجالات الصحة والتعليم والفلاحة وعالم المقاولة والتنشيط الثقافي والرياضي بغلاف مالي يقدر بأزيد من 62 مليون درهم ممولة من قبل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية ومجموعة “أكوا باوار”.
وسيستفيد من هذه المشاريع أيضا، أزيد من 20 ألف شخص، فضلا عن تزويد أكثر من 30 دوارا بالماء الصالح للشرب وربط أربعة منها بالشبكة الطرقية الوطنية والمساهمة في التقليص من عزلتها الترابية.
وعلاوة على مركب “نور ورزازات”، يرتقب أن تشيد في إطار مخطط الطاقة الشمسية “نور” مجموعة من محطات الطاقة الشمسية متعددة التكنولوجيا بميدلت والعيون وبوجدور وطاطا بطاقة انتاجية لا تقل عن 2000 ميغاواط بنسبة 14 في المائة من الطاقة الكهربائية التي يتم انتاجها بالمغرب.
ويبقى الرفع من مساهمة الطاقات المتجددة في الباقة الطاقية الوطنية رهانا كبيرا يمضي المغرب قدما من اجل تحقيقه على كافة المستويات.
وتتيح هذه الموارد الطاقية النظيفة، التي يتوفر المغرب على العديد من المؤهلات ذات الصلة، إمكانية سد حاجياته المتنامية من الطاقة وتحسين أمنه الطاقي. كما تشكل هذه الطاقات الجواب الأمثل والصائب للإشكاليات المتعلقة بمكافحة التغيرات المناخية.
الملك يفتتح المحطة
في 2016 افتتح ملك المغرب محمد السادس رسميا الخميس محطة “نور-1” للطاقة الشمسية على بعد عشرين كيلومترا عن مدينة ورزازات جنوب شرقي البلاد، كمرحلة أولى ضمن مشروع هو الأكبر من نوعه في العالم، بحسب السلطات.
وتشرف شركة “أكوا باور” السعودية على إنجاز المشروع الذي بدأ العمل به يوم 10 مايو/أيار 2013 وتكلف 660 مليون دولار. وتمتد محطة “نور-1” على مساحة 450 هكتارا، وفيها نصف مليون من المرايا العاكسة التي تتبع الشمس في حركتها، ويتوقع أن تنتج نحو 160 ميغاواطا من الكهرباء.
وهنأ الاتحاد الأوروبي المغرب “على إطلاق هذا المشروع الطموح والمنسجم”، مشيرا إلى أنه ساهم في إنجاز المشروع “بقيمة 450 مليون يورو (503 مليون دولار) قدمتها مجموعة من المانحين الأوروبيين”.
وقال مطورو المشروع في بيان “إن محطة الطاقة تؤكد عزم الدولة تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، واستخدام الطاقة المتجددة، والتحرك نحو تنمية منخفضة الكربون”.
وبحسب المسؤولين فإن هذه المحطة ستمكن المغرب من اقتصاد استهلاكه من الطاقة الأحفورية بمليون طن من البترول سنويا، إضافة إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بـ3.7 ملايين طن سنويا.
يتوقع أن تنتج المرحلة من الأولى من المشروع نحو 160 ميغاواطا من الكهرباء للمغرب (أسوشيتد برس)يتوقع أن تنتج المرحلة من الأولى من المشروع نحو 160 ميغاواطا من الكهرباء للمغرب (أسوشيتد برس)
وتعد هذه المحطة المرحلة الأولى من مشروع “نور-ورزازات” الممتد على مساحة ثلاثة آلاف هكتار والهادف بعد الانتهاء من باقي المراحل إلى إنتاج 580 ميغاواطا من الكهرباء، وإمداد مليون منزل مغربي بالطاقة النظيفة، حسبما أعلنته الوكالة المغربية للطاقة الشمسية عند إطلاق المشروع.
وتتوقع الحكومة المغربية أن تساهم هذه المراحل الخمس عند الانتهاء منها عام 2020 في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو تسعة ملايين طن سنويا. وسيصبح المشروع عند اكتمال مراحله “أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم”، وسيوفر الكهرباء لأكثر من مليون مغربي.
ويستورد المغرب 94% من احتياجاته من الطاقة، وهو يطمح إلى تغطية 42% من هذه الاحتياجات عبر إنتاج الطاقة الشمسية بحلول العام 2020، إلى جانب الوفاء بالتزامه بخفض انبعاثاته من غازات الدفيئة بنسبة 13% بحلول ذلك العام اعتمادا على طاقة الشمس والرياح والمياه، وبجهد مالي ذاتي قدره عشرة مليارات دولار.
المغرب: قوّة طاقة عظمى في المستقبل
يخطو المغرب خطوات عملاقةً في مجال الطاقة الشمسيّة، ليصبح البلد العربي الأكثر استثماراً في هذا القطاع. فبعدما سئِمت من استيراد نحو 94 في المئة من طاقتها، قرّرت الحكومة المغربية الدخول في استثمار جريء للغاية، يتمثّل ببناء أكبر مجمع محطات لتوليد الطاقة الشمسية في مدينة ورزازات الجنوبية.
وستستضيف ورزازات، مشروع “نور” المتمثّل ببناء مجموعة محطات، ومعامل لإنتاج الطاقة الشمسية، فضلاً عن مصانع لتوليد الطاقة من المياه والرياح، وذلك بهدف تلبية نصف حاجة المغرب تقريباً من الطاقة الكهربائية بحلول عام 2020، أي نحو 580 ميغاوات من الكهرباء، وهي كافية لإنارة مليون منزل مغربي.
حتى اليوم، تمّ تثبيت 500 ألف لوح شمسي، يسمح بالتقاط أشعّة الشمس على طول اليوم، وحتى بعد غياب الشمس وتناقص تركيزها، لتصل درجة حرارتها إلى 393 درجة مئوية، حيث سيستفيدُ المغرب بدءاً من الشهر المقبل من نحو 160 ميغاوات من الكهرباء.
وذلك حرصاً من الحكومة المغربيّة على سرعة التنفيذ. علماً أنه تمّ اختيار مدينة ورزازات، لأنها تتميز عن غيرها من المناطق بأطول فترة تعرّضٍ للشمس على مدار السنة، ليس في المغرب فحسب، بل على صعيدٍ عالمي أيضاً.
ولا يسهمُ هذا المشروع في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمغرب في مجال الطاقة فحسب، إذْ كان المغرب يستورد معظم طاقته على شكل وقود أحفوري من الخارج، بل سيسمح له أيضاً بأن يتحوّل إلى مورد للطاقة الكهربائية للدول الأوروبية في المستقبل. وهكذا، يتحول المغرب إلى قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة.
فمشروع “نور”، والذي تبلغ كلفته 9 مليارات دولار، من المتوقع أن يكون أكبر منشأة للطاقة الشمسية في العالم عند الانتهاء من بناء جميع المحطات، وتحديداً “نور 2″ و”نور3” المقرر افتتاحهما بحلول عام 2017.
وبحسب الحكومة، فقد تم تأمين الاستثمارات من مجموعة من المؤسّسات الدولية، ومنها بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الدولي، مع دعمها بضمانات حكومية، وجرى التركيز على منع تحميل تكاليف الاستثمارات على عاتق المواطن المغربي.
التأهيل المهني من أجل طاقة المستقبل
توجد في الصحراء المغربية واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. ويتطلع المغرب إلى تحقيق أهداف طموحة جدا: حتى 2030 سيتم إنتاج نصف الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة.
وتشكل تقنيات الطاقة الشمسية العمود الفقري لهذا الهدف. “دون الأعمال الحرفية ليس بالإمكان وجود هذا القطاع”، حسب أوفة ميرزفا، منسق مشروع الشراكة في التأهيل المهني بين اتحاد الحرفيين في فرانكفورت واتحاد الحرفيين في منطقة فاس-مكناس.
هدف التعاون هو تأهيل الحرفيين القادرين على تركيب وصيانة وإصلاح التجهيزات الحديثة. على مدى ست سنوات، حتى نهاية تموز/يوليو 2019 حظي المشروع بدعم مالي من الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ).
أعمال معقدة للحرفيين
لا يخفى ميرزفا سعادته بالنتائج الإيجابية للمشروع: 16 مركز للتأهيل المهني في المنطقة تم تحديثها وتجهيزها بأحدث التقنيات المتاحة، كما تم تطوير خطط ومناهج تعليم وتدريب، ودورات تدريبية إضافية للمدربين في المغرب. والآن يقدم هؤلاء معارفهم وخبراتهم لطلبة التأهيل المهني وللحرفيين في البلاد.
هكذا يتعلم حرفي الكهرباء على سبيل المثال كيف يمكنه وصل وربط الخلايا الشمسية، كما يتعلم حرفي ميكاترونيك (ميكانيك وإلكترون) كيف يمكن تشغيل وصيانة التقنية الرقمية الموجودة في أحدث طرازات السيارات.
فإلى جانب الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية كان التأهيل في الميكاترونيك من الموضوعات الرئيسية في هذا البرنامج. “من المفترض أن يؤثر المشروع إيجابيا أيضا على العمالة في المغرب”، حسب ميرزفا. “مع الطلب المتزايد على تجهيزات الطاقة الشمسية تتوفر تلقائيا المزيد من فرص العمل للحرفيين”.
نقل المعارف حسب الحاجة
شراكة التأهيل المهني بين الاتحادات الحرفية في كل من فرانكفورت ومنطقة فاس-مكناس قائمة منذ 30 عاما. العلاقات القائمة سهلت العمل كثيرا، حسب ميرزفا. وقد احتل نقل المعارف والعلوم حيزا كبيرا مهما: المدربون في فاس سجلوا ملاحظاتهم حول ما يرغبون بتجديده وتطويره في مراكز التأهيل التي يعملون بها، وكذلك التقنيات التي يرغبون في التعرف عليها.
بناء على ذلك تم البحث في فرانكفورت عن أصحاب الخبرات المناسبة. حيث قام هؤلاء فيما بعد بزيارة المغرب لمدة تصل إلى أسبوعين، قاموا خلالهما بتطوير مناهج التدريب بالتعاون مع المدربين والمعلمين هناك، كما شرحوا التطبيقات العملية لتقنيات العمل الجديدة.
“معلمون دوليون” كمرشدين
الخبراء الألمان عبار عن معلمين حرفيين اتبعوا دورة تأهيلية تحت عنوان “معلم دولي” لدى الاتحاد الحرفي في فرانكفورت، استعدادا لمهماتهم في خارج البلاد. هذا الجزء من المشروع لم يكن ممكنا أيضا بدون الدعم المالي وزارة BMZ. “المعلمون الدوليون هم أشبه بمرشدين” حسب ميرزفا. “يتمتعون بخبرة عملية، ويمكنهم التواصل والتفاهم مع الزملاء في الخارج بسهولة”.
وفي هذا فارق كبير عن المشروعات الأخرى القائمة ضمن إطار التعاون التنموي. “إنها شراكة ندية، وليست توكيل بإنجاز مهمة. العلاقات الشخصية تبقى وتدوم، والشراكة تستمر، حتى بعد انتهاء المشروع”.
كيف تحول المغرب إلى عملاق في مجال الطاقة الشمسية؟
يشتهر المغرب بمصفوفاته الشمسية الضخمة والرائدة على مستوى العالم، لكن هذه المشاريع الضخمة هي مجرد بداية للعمل الذي يمكن للمغرب القيام به في مجال مكافحة تغير المناخ.
صنع المغرب لنفسه اسما كبيرا كدولة رائدة في مجال مكافحة تغير المناخ، وأصبحت الطاقة المتجددة تشكل ما يقرب من خمسي الطاقة الكهربائية في البلاد، وألغي بعض الدعم الذي كان موجها للوقود الأحفوري تدريجياً، كما تنفذ الدولة بعضا من أكبر مشروعات الطاقة النظيفة في العالم.
ونتيجة لذلك، تلقت البلاد الكثير من الثناء على إجراءاتها التي تهدف للحد من انبعاثات الكربون.
ورغم أن المغرب يستحق هذه الإشادة، لكنه لا يزال يواجه تحديات حقيقية، فموقعه الجغرافي في نقطة ساخنة لارتفاع درجات الحرارة يجعله عرضة لتأثيرات تغير المناخ. وحتى في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى إنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري، فإن احتياجاتها من الطاقة آخذة في الارتفاع بسرعة كبيرة.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يتمتع المغرب بإمكانيات طبيعية هائلة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، وقد اتخذ خطوات مهمة لتحقيق ذلك.
ويعود العمل الوطني المغربي بشأن مكافحة تغير المناخ إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما اتخذت البلاد قرارًا بالعمل على أن تصبح دولة رائدة إقليميا في مجال الطاقة النظيفة وأن تدفع مشروعات الطاقة المتجددة الضخمة إلى الأمام.
ويراهن قادة البلاد على هذه التحولات الكبرى كوسيلة لتكون قادرة على المنافسة اقتصاديًا في المستقبل، وكذلك لتقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري وضمان أمن إمدادات الطاقة، كما يقول محمد علاوي، العضو المنتدب لشركة “أفريكا كلايمت سولوشنز” (حلول المناخ في أفريقيا)، وهي شركة استشارية تتخذ من الدار البيضاء مقرا لها.
وفي عام 2009، وضع المغرب خطة طاقة طموحة تهدف إلى أن تُشكل الطاقة المتجددة 42 في المئة من إجمالي قدرة الطاقة المركبة بحلول عام 2020. وقد أدت هذه الخطة إلى توسع قوي في كل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مدى العقد التالي، وزادت قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 16 ضعفًا (وإن كانت النسبة الأساسية في البداية منخفضة) وزادت طاقة الرياح ستة أضعاف بحلول عام 2020.
كما بنى المغرب مجمع نور ورزازات، والذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، ومجموعة هائلة من المرايا المنحنية التي تمتد على مساحة 3000 هكتار (11.6 ميلا مربعا) والتي تركز أشعة الشمس نحو أنابيب من السوائل، ثم يستخدم السائل الساخن لإنتاج الطاقة.
وفي نهاية المطاف، أخفق المغرب في تحقيق هدفه لعام 2020، إذ شكلت الطاقة المتجددة 37 في المئة من إجمالي الطاقة في عام 2020. لكن البلاد قطعت شوطًا طويلاً في هذا المجال.
ومنذ ذلك الحين، تعهد المغرب بزيادة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 52 في المئة بحلول عام 2030 (20 في المئة من الطاقة الشمسية، و20 في المئة من طاقة الرياح، و12 في المئة من الطاقة المائية).
وبالمقارنة بالعديد من البلدان الأخرى، يُبلي المغرب بلاءً حسنًا نسبيًا فيما يتعلق بمكافحة التغير المناخي، إذ تقترب سياساته وتعهداته من أن تتماشى مع الهدف المتمثل في الحد من درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، وفقًا لتحليل من مجموعة أبحاث “تعقب العمل المناخي”.
وفي يونيو/حزيران 2021، حدَّث المغرب تعهده للأمم المتحدة بشأن المناخ، من خلال وعد بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تتراوح بين 17 و18 في المئة بحلول عام 2030، بل وتعهد بالعمل على رفع هذه النسبة إلى ما يتراوح بين 42 في المئة و46 في المئة في حال تلقيه دعما دوليا.
كما بذلت البلاد جهودًا كبيرة لتقليل الدعم الحكومي للوقود الأحفوري، مستفيدةً من انخفاض أسعار النفط في عامي 2014 و2015 لإلغاء دعم البنزين وزيت الوقود.
وحظيت البلاد بإشادة كبيرة لاستخدامها الأموال التي وفرتها من رفع الدعم عن الوقود الأحفوري في زيادة الأموال المخصصة للتعليم وتنفيذ خطة التأمين الصحي. ومع ذلك، لا يزال الدعم المالي للمنتجات النفطية يصل إلى حوالي 3.4 مليار دولار (2.5 مليار جنيه إسترليني)، أي حوالي ثلثي عجز الميزانية السنوية للمغرب.
وعلى الرغم من أن انبعاثات المغرب صغيرة مقارنة بالعديد من الدول المتقدمة، فإن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة والأسمنت لا يزال مصدرًا كبيرًا للانبعاثات في البلاد.
ولا يزال المغرب يستورد معظم طاقته لتلبية استهلاكه المتزايد للطاقة، والذي زاد بمعدل سنوي قدره 6.5 في المئة في المتوسط خلال الفترة بين عامي 2002 و2015. ويجري توليد الكثير من تلك الطاقة المستوردة من الوقود الأحفوري.
ويعتمد المغرب بشكل خاص على طاقة الفحم، التي يتوسع فيها إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة، ويُستخدم الفحم في توليد حوالي 40 في المئة من الكهرباء في البلاد. ومع ذلك، في مؤتمر المناخ الذي عقد في غلاسكو هذا الشهر، كان المغرب من بين البلدان العشرين التي التزمت التزامًا جديدًا بعدم بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم.
تقول فاطمة درويش، أستاذة الأرصاد الجوية في جامعة محمد السادس للفنون التطبيقية ونائبة رئيس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إن تقليل الانبعاثات يتطلب تنفيذ تحول “سريع وجذري” للصناعات والتخطيط الحضري والبنية التحتية على الفور.
تقول درويش: “يجب أن نبدأ في الحد من انبعاثات الاحتباس الحراري اليوم إذا كنا نريد الحد من الاحترار بمقدار 1.5 درجة مئوية، وبالتالي الحد من تداعيات تغير المناخ”.
وتشير إلى أنه يمكن تجنب العديد من تأثيرات تغير المناخ في بلدان مثل المغرب إذا تحركنا في الوقت المناسب.
وبالإضافة إلى الاعتماد بشكل أقل على الفحم لتقليل انبعاثات الكربون، هناك حجة مفادها أن صانعي القرار في المغرب يجب أن يركزوا أكثر على المشاريع الصغيرة وليس فقط المشاريع الضخمة، وهو ما يسمح لرجال الأعمال بالاستجابة للاحتياجات المحددة للمناطق المختلفة.
يقول علاوي: “إذا قارنا أنفسنا بتونس أو مصر، فإننا متقدمون جدًا في المشروعات الكبيرة، لكن عندما نتحدث عن الطاقة للأفراد والصناعات، فإن التنظيم غير موجود”.
ويضيف: “لدينا قانون خاص بالمناخ، لكن ليست لدينا قرارات من شأنها أن تسمح للأشخاص والصناعات بتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بسهولة”.
ويقول آخرون إن مبادرات الطاقة النظيفة الكبيرة في المغرب، مثل مشروع نور للطاقة الشمسية المركزة، تصب في الغالب في مصلحة بلدان أخرى، وليس السكان المحليين.
ويضع المغرب نفسه كمركز للطاقة النظيفة، مع إمكانية تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا، ولديه بالفعل خطين للكهرباء يربطانه بإسبانيا، ويخطط لإنشاء خط اتصال تحت سطح البحر بالمملكة المتحدة.
لكن المشروعات الضخمة، مثل محطة نور، تتطلب استخراج كميات كبيرة من المياه في منطقة تعاني من ندرة المياه، كما يقول محمد التزروتي، الناشط في منظمة السلام الأخضر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يضيف: “عندما تُصدر الطاقة فهذا يعني أنك تصدر المياه وتستثني المجتمعات الأخرى من هذه الموارد”.
كما حثت منظمة السلام الأخضر المغرب على إصلاح قانون الطاقة المتجددة “حتى يصبح أقل إزعاجًا وبيروقراطية للأفراد فيما يتعلق بامتلاك وبيع الطاقة المتجددة”. كما حثت على تنفيذ قانون يؤدي إلى ربط أنظمة الطاقة المتجددة صغيرة الحجم بالشبكة.
وبدأ المغرب يتأثر بتغير المناخ، ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة السنوية في البلاد بما يتراوح بين 1.1 درجة مئوية و3.5 درجة مئوية بحلول عام 2060، وفقا للتقديرات المناخية العالمية.
ويقع المغرب في منطقة ساخنة لتغير المناخ، ويتوقع معهد ماكس بلانك للكيمياء الفيزيائية الحيوية أن درجات الحرارة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سترتفع مرتين أسرع من المتوسط العالمي.
يذكر أن المغرب هو ثامن أكبر مستقبل للتمويل المناخي من البلدان الغنية في عامي 2018 و2019، إذ تلقى حوالي 600 مليون دولار (450 مليون جنيه إسترليني).
المصادر : مواقع عربية وأجنبية