10 حقائق عن تاريخ الصين.. ربما لا تعرف بعضها

في الوقت الذي تغزو به الصين نشرات الأخبار اليومية في كل اللغات بعد وباء «كورونا» المستجد الذي ظهر على أراضيها، والذي يُخيم شبحه المخيف على العالم. تدخل بنا هذه السطور آلة الزمن، وتعود بنا إلى الوراء بعيدًا، إلى أعماق تاريخ الصين، حين أنجبت الصين حضارة عريقة في الشرق الأوسط، تُضاهي الحضارتين اليونانية والرومانية في أوروبا. وتتجذر جذورها في أعماق التاريخ، إذ تمتعت بعزلة فريدة أغدقت عليها بظروف ملائمة من التواصل البشري، والتميز الثقافي، على نقيض الحضارتين المصرية والهندية اللتين كانتا في مراكز العالم.

استطاعت الصين أن تنتج ثقافة فريدة ومتميزة، بفضل وحدة سكانها، ونظامها الإقطاعي، ثم الإمبراطوري الذي كان عاملًا مهمًا في وحدة ثقافتها ونظامها وعاداتها عبر القرون. فما هي أبرز الحقائق التاريخية التي ميزت تلك الحضارة العريقة؟

1. مدينة شانجهاي كانت أكبر مدينة مستعمرة في شرق آسيا

لم تشهد المناطق الإدارية في تاريخ الصين تغيرات كبيرة، منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1949م، حتى الآن. ويوجد حاليًا في الصين 23 مقاطعة، وأربع بلديات مركزية، وخمس مناطق ذاتية الحكم. ويمكن القول إجمالًا إن الصين تضم 34 مقاطعة ووحدة إدارية.

وتعد مدينة شانجهاي إحدى البلديات المركزية الأربع في البلاد، وعاصمتها الاقتصادية. تقع بالقرب من نهر اليانجستي، وهو الموقع الجغرافي المميز الذي جعل منها مرفًأ تجاريًا مهمًا. وقد أصبحت محافظة رسمية في عام 1291، وشيدت أسرة مينج أسوارًا حول المدينة، لصد هجمات قراصنة اليابان. كذلك فرضت أسرة تشنج الجمارك والتعزيزات العسكرية لحماية الإدارة التجارية.

ولكن بعد حرب الأفيون الأولى عام 1840، أجبرها المستعمرون البريطانيون على فتح موانئها للتجارة بالقوة؛ وذلك من أجل تصريف منتجات بريطانيا الصناعية، والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها ثورتها الصناعية. وبذلك أصبحت شانجهاي أكبر مدينة مستعمرة في شرق آسيا.

2. علم الفلك كان مسخرًا لخدمة الأسرة الحاكمة

ذكر العالم البريطاني جوزيف نيدهام في مؤلفه الضخم «تاريخ العلوم والتقنية في الصين»: «أحرز الصينيون بعض الاختراعات العلمية والتقنية في عديد من المجالات الهامة، وتفوقوا على الشخصيات الأسطورية التي صنعت المعجزة اليونانية، وامتلكوا الثروة الثقافية التي قدمها العرب للعالم الغربي في العصر القديم، وحاولوا مجاراتهم أيضًا».

وأضاف نيدهام أن الصينيين القدماء أحرزوا في علم الفلك منجزات مبهرة، وقد تحلى علم الفلك حاله كحال سائر العلوم في الصين بالطابع النفعي الكثيف؛ إذ كان يكمن هدف جميع العلوم والأبحاث في أن تستخدمها الدولة. فكانت أنشطة أبحاثه العلمية هدفها البحث عن أساس لتلقي الأوامر من السماء من أجل توحيد البلاد في ظل الأسرة الحاكمة.

3. الأرز ساعد في بناء سور الصين العظيم

لا يمثل سور الصين العظيم معلمًا معماريًا شهيرًا وحسب في تاريخ الصين، بل يُعد رمزًا للأمة الصينية، بتحصيناته القوية. ينقسم السور إلى مناطق إدارية عسكرية، ويتكون من الحيطان الدفاعية، وأبراج المراقبة، والممرات الإستراتيجية، وثكنات الجنود، وأبراج الإنذار، وغيرها من المنشآت الدفاعية. ومن المثير أن المونة المستخدمة لربط حجارة سور الصين العظيم، كانت مصنوعة في البداية من الأرز اللزج.

وقد شيّد السور الإمبراطور الصيني شي هوانج دي في عام 221 قبل الميلاد، بعد توحيد الممالك المتحاربة، التي كانت تضع أسوارًا لحماية أراضيها؛ فأمر الإمبراطور بربط تلك الأسوار معًا لصد العدوان الخارجي، وتأمينًا للحدود. وأسس بذلك أول دولة موحدة، ذات سلطة مركزية في تاريخ الصين. وقد بلغ طول السور حينها 5 آلاف كيلومتر، ثم واصلت الأسر الملكية المتعاقبة في بنائه. ويصل الحالي طوله نحو 6400 كم، تمتد من حدود شبه الجزيرة الكورية حتى صحراء مقاطعة خوبي.

4. دخول الإسلام الصين في عهد أسرة تانج

يُطلق على الإسلام في الصين «دين هوي»، و«دين مكة»، و«دين النقاء والصفاء». وقد دخل الإسلام الصين في عصر أسرة تانج (618 – 907م) تقريبًا. وعن الطريقة التي انتشر بها، تعددت الروايات؛ فتقول إحداها إنه في عام 651، أرسل الخليفة عثمان بن عفان رسولًا إلى مدينة تشانجآن للمثول بين يدي الإمبراطور الصيني، وأخبره عن أحوال الإمبراطورية العربية، والعقيدة الإسلامية، واعتبر باحثون ذلك بداية تاريخ دخول الإسلام إلى الصين.

وتحكي رواية أخرى أنه في أوائل عصر الإمبراطور تاي زونج من أسرة تانج، وصل أربعة مسلمين إلى الصين لنشر الإسلام، أحدهم في مدينة قوانجتشو (كانتون)، وآخر في مدينة يانجتشو، واثنان في مدينة تشوانتشو. وفي مرحلة أسرتي تانج وسونج، زاد عدد التجار العرب الذين جاءوا إلى الصين تدريجيًا، وأسسوا جسرًا مهمًا للتبادل التجاري والثقافي بين الشرق والغرب، واستقر عدد منهم في العاصمة الصينية وفي المدن الساحلية.

5. آيس كريم الإمبراطور تانج تطلب 94 رجلًا لإعداده

يُعد الآيس كريم الحلوى المفضلة للكثيرين منا، وعادةً ما نلجأ لتناوله صيفًا في محاولة لمواجهة حرارة الطقس. وقبل أن يدخل الحليب في صناعة الآيس كريم في القرن العاشر، كان الآيس كريم يُصنع بالفعل من الجليد. وقد ظهرت المثلجات لأول مرة في بلاد فارس القديمة، منذ حوالي 2500 عام. وفي ذلك الوقت، كانت جميعها تعتمد على المياه المثلجة المُحلّاة، التي كانت تُطحن وتُفتّت إلى قطع صغيرة، ثم تُزين بالعديد من قطع الفواكه، وغيرها من الإضافات اللذيذة.

وفي تاريخ الصين، ظهر أول طعام يُشبه الآيس كريم للمرة الأولى في عهد أسرة تانج، حيث أُشير إلى وجود مشروب يتكون من الحليب المطبوخ بالدقيق والكافور، الذي كان يُوضع في حاويات حديدية، ويُدفن في الجليد. وكان لدى الملك تانج 94 رجل ثلج، يعملون خصيصًا من أجل صنع حلوى الآيس كريم له. وقد تبنى العرب تلك الوصفة وأعدوا مشروبات باردة من الكرز، والسفرجل، والرمان، كان يطلق عليها «شربات»، ومنها اشتقت الكلمة الإنجليزية «Sorbet»، والتركية «sherbet» التي تعني المشروب البارد.

6. «أباطرة صينيون من نسل التنانين»

في حين يُنظر إلى التنين عادةً على أنه مخلوق شرير في الثقافة الغربية، إلا أنه يحتل المرتبة الأولى بين المخلوقات الأربعة الكبرى في الأساطير الصينية. يليه طائر العنقاء الأسطوري، والنمر، والسلحفاة. وفي العصور القديمة كان التنين رمزًا للقوة الإمبراطورية في تاريخ الصين. واعتبر عديد من الأباطرة الصينيين أنفسهم من نسل التنين، تحديدًا الذين ينتمون إلى جماعة هان العرقية. وإلى اليوم تملك التنانين شعبية واسعة بين الصينيين، وتمثل لهم رمزًا للثروة، والحكمة، والنجاح، والقوة، والحظ السعيد.

7. جيش كامل يدفن مع الإمبراطور

في عام 1947 عثر مجموعة من المزارعين المحليين على مقبرة تضم حوالي 8 آلاف تمثال مختلف لا يشبه أي منهم الآخر، ما بين جنود، وممثلين، وعازفين، ولاعبين، وإداريين، وعسكريين، وخيول، وعربات وأسلحة. إنهم محاربو التيراكوتا، الذين دفنوا مع الإمبراطور كين شين هوانج، أول إمبراطور للصين.

أمر إمبراطور الصين الأول بدفن هذا الجيش معه عندما يموت، ليكون في خدمته في حياته الثانية، وحماية مقبرته. وأمر كذلك ألا يكون هناك جنديان متشابهان، أو بهما عيوب في الجيش بأكمله. ولم يكن الخطأ أمرًا مقبولًا؛ فإذا وُجِد تمثالان متشابهان كان النحات يُسجن أو يُقتل عقابًا له.

وقد وُجد على التماثيل حوالي 87 اسمًا لنحاتين مختلفين أشرفوا على إنهائه، ويفترض المؤرخ الصيني سيما كيان أن كل نحات عمل تحت يده 10 فنانين، وأشرف كل فنان منهم على ألف عامل؛ ليتجاوز بذلك مجموع اليد العاملة حاجز النصف مليون شخص. وقد استغرق بناؤه نحو 37 عامًا، ويقول بعض صناع التماثيل: إن صناعة تمثال واحد بهذا الحجم تتطلب شهرًا على الأقل، وغرفًا ذات درجات حرارة معينة، تضمن بقاء التمثال رطبًا ومتماسكا في الوقت نفسه.

8. الصينيون أول من عرفوا ورق المرحاض

من المعروف أن الصينيين هم أول من اخترع الورق، عندما ابتكر مخصي صيني في البلاط الإمبراطوري لسلالة هان طريقة لصنع الورق باستخدام لحاء الشجر والحرير، منذ أكثر من 1900 عام. ولكن لا يعلم الكثيرون أن الصين قد شهدت أول محاولة لاستخدام هذا الورق في النظافة الشخصية أيضًا.

كان الصينيون يستخدمون ورق المرحاض قبل اختراع الأمريكي جوزيف جيتي أول ورق مرحاض يشبه الذي نعرفه اليوم في عام 1857. وتاريخيًا شهد العالم صناعة أول ورق مرحاض حديث في الصين عام 1391 خلال عهد أسرة سونج لتلبية احتياجات عائلة الإمبراطور الصيني.

وكان الورق المستخدم كبير الحجم، يبلغ حجم الورقة منه (2 قدم * 3 أقدام). واقتصر استخدامه فقط على الإمبراطور وحاشيته، وصفوة المجتمع فقط.

9. عيدان الأكل الصينية عمرها أكثر من 3 آلاف عام

قد تبدو عيدان الطعام الصينية المصنوعة من خشب الخيزران، والتي تجدها مغلفة إلى جانب طعامك عند تناولك للأطباق الصينية، بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في باطنها تاريخًا طويلًا يمثل عنصرًا أصيلًا في تاريخ الصين. يستخدم الصينيون عيدان الطعام منذ قديم الأزل؛ إذ يرجع تاريخ أقدم زوج من عيدان الطعام عرفتها البشرية إلى عام 1200 قبل الميلاد، وتشير بعض الدلائل إلى أبعد من ذلك. وبحلول عام 500 ميلاديًا انتشرت تلك العيدان الرفيعة في جميع أنحاء القارة الآسيوية من فيتنام إلى اليابان.

والمثير في الأمر أن أول استخدام لتلك العيدان لم يكن للأكل، بل كانت تستخدم أواني للطبخ، وفي إشعال النار، وتقطيع الطعام. فكان الصينيون يلجأون لتقطيع الطعام إلى قطع صغيرة؛ حتى تُطهى بوتيرةٍ أسرع؛ وبالتالي يوفرون في وقود الطهي.

10. الشاي اختراع صيني

تُعد الصين مصدر الشاي في العالم، ويرجع شرب الشاي في الصين إلى مقاطعة «سيتشوان»، حيث يُقال إن رجلًا زرع شايًا وشربه. وبعد أن وحّد الإمبراطور الأول في أسرة «تشين» الصين، انتشرت عادة شرب الشاي عبر تاريخ الصين، وذلك بعد أن كان يعد في البداية نوعًا من العقاقير الطبية. وفي عهد أسرة «هان»، طرأ تغيير على الشاي من استعماله في المجال الطبي بصورة كاملة إلى احتسائه كمشروب.

كذلك، ظهرت مؤلفات صينية تمدح الشاي، مثل «مقامة الشاي» من تأليف دويوه في أسرة جين. وبعد أسرتي تانج وسونج، انتشرت عادة شرب الشاي انتشارًا واسعًا، وانتقلت إلى الشمال الغربي ومنطقة التبت. ودشنت بعض المدن حينها مقاصف لشرب الشاي، وعُثر أيضًا على طقم شاي القصر الإمبراطوري في عهد تانج، في معبد فامين بمقاطعة شانسي، والذي يوضح المراسم المحددة لشرب الشاي لدى الأرستقراطيين.

مواقع عربية

Exit mobile version