لغزاً حيّر العلماء والباحثين.. هل تعرف المرايا الصينية السحرية وتأثيرها العجيب؟
خلال أكثر من 1000 عام كانت المرايا الصينية السحرية لغزاً حيّر العلماء والباحثين، وهذه المرايا السحرية هي عبارةً عن مرأةٍ من البرونز المصقول من أحد الجوانب ولها نمطٍ مصبوب على الجانب الآخر، في البداية يبدو السطح المصقول كمرآةٍ طبيعية يمكنك أن ترى انعكاس صورتك عليها، ولكن عندما يتم توجيه نورٍ ساطع عليها فإنّه ينفذ مُظهراً النمط الذي يُزين الوجه الخلفي كما لو أنّ هذه المرآة البرونزية الصلبة أصبحت جسماً شفافاً.
الاسم الصيني لهذه المرايا هو (تو كوانغ تشينغ) والذي يعني حرفياً المرايا الناقلة للضوء، أما في اللغة الإنكليزية فهي تمتلك عدة أسماء مثل مرايا اختراق الضوء (light penetrating mirror) أو المرايا السحرية.
يعود فن صناعة المرايا الصينية السحرية إلى عهد سلالة هان الحاكمة (206 ق.م – 24 م) وبقيت أسرار صناعتها موجودةً حتى القرن الثامن أو التاسع على الأقل حيث كان هنالك كتاب يُسمى «سجل المرايا القديمة» نُشر خلال القرن التاسع ويُرجّح أنّه تضمن أسرارها (ولكنّ هذا الكتاب ضائع اليوم).
بعد ذلك بحوالي 200 عام أصبحت هذه المرايا لُغزاً حتى بالنسبة للصينيين ففي كتاب «مقالات سيل الحلم» Dream Torrent Essays الذي كتبه السياسي والعالم الموسوعي (شين كوا) في القرن الحادي عشر كان هنالك ذِكرٌ لثلاثة مرايا سحرية وُجدت في منزل عائلته، وحتى في تلك الحقبة عانى (شين كوا) لإيجاد تفسيرٍ لهذه المرايا، وجاء في الكتاب:
″توجد بعض ”مرايا اختراق الضوء“ التي تحتوي على حوالي 20 حرفاً منقوشاً عليها بأسلوبٍ قديم لا يمكن تفسيره، إذا تعرضت هذه المرايا لأشعة الشمس وعلى الرغم من أنّ الحروف موجودةٌ على سطحها الخلفي فإنّها تمر وتنعكس على جدار المنزل ليصبح بالإمكان قراءتها بشكلٍ أوضح.
لدي ثلاث من مرايا اختراق الضوء في منزل عائلتي وقد رأيت مرايا أخرى لدى عائلاتٍ أخرى، وجميعها متشابهةٌ إلى حدٍ كبير وقديمةٌ للغاية وكلّ منها تسمح للضوء بالمرور عبرها. ولكنني لا أفهم كيف أنّ المرايا الأخرى على رغم رقتها لا تسمح للضوء بالمرور عبرها، لا بدّ أنّ القدماء كانوا يمتلكون بعض الفنون المميزة.
أولئك الذين يُحاولون تفسير الأسباب يقولون أنّه في أثناء صبّ المرآة يُبرّد الجزء الرقيق منها أولاً وبعد ذلك يُبرّد الجزء البارز نظراً لأنّه أكثر سماكة، هذا الأمر جعل البرونز يُشكّل بروزاتٍ دقيقة في المرآة، لهذا وعلى الرغم من انّ الحروف موجودةٌ على الجانب الخلفي فإنّ الوجه الأمامي يحتوي خطوطاً صغيرة لا تُرى بالعين المجردة.“
النظرية الأكثر شيوعاً اليوم في تفسير ظاهرة المرايا السحرية هي أنّ هناك اختلافات دقيقة على سطح المرآة العاكس تتوافق مع النمط الموجود في الجانب الخلفي، هذه الاختلافات تعكس الضوء بشكل مختلف عن السطح مما يتسبب في تكوين الصورة الموجودة على السطح الخلفي للمرآة عند انعكاس الضوء عنها، وهذه الاختلافات السطحية كما اقترح (شين كوا) شديدة الصغر ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
يعتقد الباحثون أنّ مجموعةً من طرق الصب والصقل تسببت في تشكّل هذه الاختلافات السطحية، وفقاً لأحد الدراسات يتم إنتاج المرايا عن طريق صب البرونز في قالب يتضمن شكل الأحرف الموجودة على السطح الخلفي، وبعدها يتم صقل السطح الأمامي ليصبح محدّب الشكل
خلال عملية الصقل تنحني الأجزاء الأقل سمكاً (تنج اختلافات السماكة من وجود النقش الخلفي) قليلاً نحو الداخل تحت الضغط وتتعرض لقوة قشط أكبر من التي تتعرض لها الأجزاء السميكة، وعند إزالة الضغط ترتد الطبقات الرقيقة بشكل حدبة رقيقة على السطح العاكس مما يتسبب في تشكيل النمط الموجود على السطح الخلفي.
هناك نظريةٌ أخرى تقول أنّه بعد صقل المرآة يتم تسخينها مما يتسبب في تمدد الطبقات الرقيقة فتتحدب قليلاً لتصبح قادرةً على تشتيت الضوء الوارد إليها وإنتاج الصورة الموجودة على السطح الخلفي، لذا يتم تبريدها بالماء بسرعة لتحافظ على هذه التغيرات بشكل دائم.
الجدير بالذكر أنّ المرايا السحرية كانت تُصنع أيضاً في اليابان خلال العصور القديمة حيث عُرفت باسم ماكيو، ويُشاع اليوم أنّ هناك رجلاً في اليابان اسمه (ياماموتو أكيهيسا) ما زال يمتهن حرفة صناعة المرايا السحرية، بعد أن انتقلت هذه الحرفة من جده لوالده لتصل إليه أخيراً.
المصدر: موقع Amusing Planet