شهدت اليونان، في سبعينيات القرن الماضي، تصنيع أول سيارة كهربائية في الدولة الواقعة جنوب شرق أوروبا، قبل عشرات السنين من إنتاج مركبات تيسلا الأميركية.
تُعَد السيارة الكهربائية، التي صُنعت في جزيرة سيروس اليونانية، أولى سيارات كهربائية في العالم تُنتَج بكميات كبيرة في العالم، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وقبل عقود من الزمن من تصنيع تيسلا المملوكة للملياردير إيلون ماسك، صُنعت السيارة إنفيلد 8000، في نيوريو بجزيرة سيروس، والتي كانت واحدة من أفكار المليونير اليوناني غيانيس غولاندريس، الذي كان يقيم في المملكة المتحدة، بحسب موقع جريك ريبورتر (greekreporter).
السيارة إنفيلد 8000
كان المليونير اليوناني غيانيس غولاندريس يمتلك شركة تسمى “إنفيلد أتوموتيف”، والتي اتخذت من جزيرة وايت في بريطانيا مقرًا لها.
وكان غولاندريس رائدًا في تصميم السيارة الكهربائية في الستينيات من القرن الماضي، عندما دعا مجلس الكهرباء في المملكة المتحدة المواطنين للتنافس على بناء سيارة كهربائية.
ولدت إنفيلد 8000 من رحم تلك الفكرة، وأُنتِجت أول سيارة كهربائية يونانية في البداية في المملكة المتحدة.
اجتازت السيارة جميع الاختبارات اللازمة للإنتاج في المملكة المتحدة، وكانت في طريقها لبدء الإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية.
يقال إن حاكم ولاية كاليفورنيا آنذاك، رونالد ريغان، أرسل طائرة شحن لنقل 3 سيارات من طراز إنفيلد 8000 إلى الولاية لدعم تسريع الهواء النظيف الخاص به، ومع ذلك لم تُنتَج السيارة أبدًا في الولايات المتحدة.
صُنعت 120 سيارة إجمالًا من إنفيلد 8000؛ من بينها 65 استخدمها مجلس الكهرباء في جنوب إنجلترا.
أول سيارة كهربائية في اليونان
حتى اليوم، ما يزال يجري الإعلان عن بعض هذه المركبات للبيع في المملكة المتحدة، وتُعرَض واحدة منها في متحف إيست أنغليا ترانسبورت في كارلتون كولفيل في بريطانيا.
وصُممت أول سيارة كهربائية في العالم بواسطة الرئيس التنفيذي والمدير الفني الإداري لشركة إنفيلد، قسطنطين أدراكتاس.
أُنتِجَت السيارة في نهاية المطاف في اليونان بعد أن دُمِجَت الشركة في نيوريون -المملوكة أيضًا لغولاندريس- وأعيدت تسميتها باسم إنفيلد نيوريون.
كانت هناك العديد من الحجج فيما يتعلق بالسبب وراء قرار غولاندريس إنتاج السيارة في جزيرة سيروس باليونان؛ بما في ذلك نظريات المؤامرة.
لكن المدير العام لشركة إنفيلد نيوريون، ثانوس ليبيسيس، قال إن المليونير اليوناني غيانيس غولاندريس كان يؤمن بأن الشركة كانت مملوكة لليونانيين، وقد صمم اليونانيون السيارة؛ لذا يجب أن ينتجها اليونانيون أيضًا.
كانت أول سيارة كهربائية في اليونان، تُعَد ذات إمكانات كبيرة في أوائل السبعينيات، في وقت كانت هناك أزمة نفطية عالمية.
توقف إنتاج إنفيلد 8000 في عام 1977 بسبب ارتفاع الضرائب المفروضة على تصنيعها؛ ما جعلها غير مربحة.
من ناحية الأداء، كان أداء أول سيارة كهربائية في اليونان ضعيفًا جدًا، كانت يمكن أن تسير من 0 إلى 30 ميلًا في الساعة في 12.5 ثانية، وكانت سرعتها القصوى نحو 48 ميلًا في الساعة ونطاق بطاريتها يسمح فقط لسائقي السيارات بالذهاب لمسافة 50 ميلًا، وبسرعة بطيئة.
اقرأ أيضاً: متى تتساوى تكلفة السيارات الكهربائية مع التقليدية؟
ما تزال تكلفة صناعة السيارات الكهربائية أعلى بكثير من نظيرتها ذات الاحتراق الداخلي، وسط استمرار ارتفاع تكلفة المواد الخام.
ورغم ذلك، توقع المدير الإداري، كبير مسؤولي التكنولوجيا لدى شركة إنفيجن رايسينغ، سيلفان فيليبي، أن تتساوى تكلفة صناعة المركبات الكهربائية وسيارات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2025-2026، حسبما نشرت وكالة رويترز.
وأضاف أن هذه الخطوة ستُسهم في تسريع انتقال الصناعة إلى سيارات أنظف وصديقة للبيئة.
وجاءت تصريحاته على هامش مقابلة أُجريت معه في أثناء حضوره مؤتمر رويترز إمباكت للمناخ، اليوم الثلاثاء 4 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
نقطة حاسمة
قال المدير الإداري، كبير مسؤولي التكنولوجيا لدى شركة إنفيجن رايسينغ، سيلفان فيليبي، إن تصنيع السيارات التقليدية سيصبح أكثر تكلفة من نظيرتها الكهربائية، وستبدأ الأسواق رؤية توازن على مستوى العرض في البلدان المتقدمة خلال عامي 2025 و2026.
وأضاف أن إضافة تكافؤ سعر التجزئة المقترح من قبل الشركة المصنعة تعني أن التكلفة الإجمالية لامتلاك السيارة ستكون أقل.
واستطرد موضحًا: “هذه نقطة حاسمة، فعندما يتحقق ذلك يمكن تصنيع هذه السيارات على نطاق واسع، ومن ثم فتح الباب على مصراعيه”.
وتابع: “في تلك المرحلة، سيكون شراء سيارات تعمل بمحرك احتراق داخلي فكرة سيئة جدًا؛ لأن القيمة الأصلية لهذه السيارات ستصبح منعدمة، وستعد من الأصول الرديئة، وأعتقد أن الانتقال سيتسارع بوتيرة كبيرة”.
ووفقًا لدراسة أجرتها شركة الاستشارات أليكس بارتنرز في وقت سابق من العام الجاري (2022)، فمن المحتمل أن تصل مبيعات السيارات الكهربائية إلى 33% بحلول عام 2028، و54% بحلول عام 2035، في ظل تسارع الطلب في أغلب الأسواق الرئيسة.
وشكّلت السيارات الكهربائية أقل من 8% من المبيعات العالمية خلال العام الماضي (2021)، وقرابة 10% في الربع الأول من عام 2022.
ولدعم هذا الطلب، يتوقع صانعو السيارات والموردون استثمار ما لا يقل عن 526 مليار دولار في السيارات الكهربائية والبطاريات من 2022 إلى 2026، أي ضعف توقعات الاستثمار خلال المدة من 2020 إلى 2024، والبالغة 234 مليار دولار أميركي.
انخفاض الأسعار
سبق أن أشار الخبراء في “بلومبرغ نيو إنرجي فايننس” إلى احتمال انخفاض أسعار السيارات الكهربائية بما يكفي لتصبح أرخص من سيارات وقود الاحتراق الداخلي قبل نهاية العقد.
ووفقًا لتقرير بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، من المتوقع أن يصبح عام 2026 نقطة التحول، إذ سيتساوى متوسط تكلفة شراء سيارة احتراق داخلي متوسطة الحجم مع السيارة الكهربائية.
وستصل تكلفة كل منهما إلى 19 ألف يورو (18.9 ألف دولار أميركي)، ويشمل ذلك الضرائب.
(يورو= دولار أميركي)
وبعد عام 2027، ستصبح أسعار السيارات الكهربائية أقل، في حين سترتفع أسعار سيارات الاحتراق الداخلي.
وفي عام 2030، من المتوقع أن ينخفض سعر السيارة الكهربائية إلى قرابة 16 ألفًا و300 يورو، في حين سيصل سعر سيارة الاحتراق الداخلي إلى 19 ألفًا و900 يورو.
ويرجع ذلك إلى التغييرات الديناميكية الحاصلة في تقنيات إنتاج البطاريات وأجزاء السيارات المصنوعة من المواد البلاستيكية الحديثة، ما يسمح بتصنيع المركبات بتكلفة أقل بكثير.
ومن المتوقع أن تتراجع أسعار السيارات الكهربائية مع انخفاض تكاليف إنتاج البطاريات، التي تمثّل -حاليًا- نحو 40% من قيمة السيارة بأكملها.
فعلى الرغم من أن ارتفاع تكاليف تصنيع البطاريات بسبب الاضطرابات في توريد المواد الخام النادرة، فإن المحللين يتوقعون انخفاضًا على المدى الطويل، وسيكون مدفوعًا بإنتاج تقنيات أكثر كفاءة، وتطوير مصانع جديدة، ودعم الابتكارات التكنولوجية.
تكلفة المواد الخام
رغم هذه التوقعات المتفائلة، زادت تكاليف المواد الخام للسيارات الكهربائية بأكثر من الضعف خلال جائحة كورونا، وفقًا لتقرير أعدته شركة الاستشارات أليكس بارتنرز.
وجاء في التقارير أن هذه المستجدات أجبرت شركات صناعة السيارات -بداية من جنرال موتورز وتيسلا إلى الشركات الناشئة، مثل ريفيان ولوسيد آير- على رفع أسعار السيارات الجديدة بدرجة كبيرة.
وبلغ متوسط تكاليف المواد الخام للسيارة الكهربائية، مثل الكوبالت والنيكل والليثيوم، 8 آلاف و255 دولارًا لكل مركبة بدءًا من مايو/أيار (2022)، بزيادة 144% من 3 آلاف و381 دولارًا لكل مركبة في مارس/آذار (2020).
كما زادت تكاليف المواد الخام للمركبات التقليدية، مثل الصلب والألومنيوم، بأكثر من الضعف خلال المدة الزمنية نفسها لتصل إلى 3 آلاف و662 دولارًا لكل مركبة، بزيادة قدرها 106% عن متوسط 1779 دولارًا لكل مركبة في مارس/آذار (2020).
وتأتي زيادة التكلفة مع إطلاق المصنعين سيارات كهربائية جديدة بقوة على مدى السنوات المقبلة.
وتتوقع أليكس بارتنرز زيادة عدد طرازات السيارات الكهربائية المتاحة في السوق العالمية من 80 خلال العام الماضي (2021) إلى أكثر من 200 بحلول عام 2024.
ونتيجة لذلك، تتوقع شركة الاستشارات أن يؤدي ارتفاع التكلفة إلى بطء نسبي في عمليات إطلاق المركبات الكهربائية، إذ يعيد المصنعون التركيز على الربحية.
المصدر: الطاقة