وجد علماء الفلك، الذين يراقبون عناقيد النجوم في مجرتنا دليلا يتحدى بشكل مثير للجدل قوانين نيوتن للجاذبية ويمكن أن يقلب فهمنا للكون.
وقد يدعم هذا الاكتشاف المحير فكرة مثيرة للجدل تتخلص تماما من المادة المظلمة. وتوصل العلماء إلى هذا الدليل من خلال مراقبة مجموعات النجوم المفتوحة، أي المجموعات المحدودة الترابط التي تصل إلى بضع مئات من النجوم الموجودة داخل مجرات أكبر.
والعناقيد النجمية المفتوحة لها مسارات من النجوم، تُعرف باسم “الذيول المدّية” (tidal tails)، أمامها وخلفها.
والذيول المدّيّة هي منطقة رقيقة ممدودة من النجوم والغازات بين النجوم تمتد إلى الفضاء من المجرة.
وتشير ملاحظات العلماء إلى أن الذيل الأمامي في هذه العناقيد النجمية يحتوي دائما على عدد أكبر بكثير من النجوم القريبة من العنقودية من الذيل الخلفي. وهذا يلقي بظلال من الشك على قانون الجاذبية الكونية لنيوتن، والذي يقترح أنه يجب أن يكون هناك نفس عدد النجوم في كلا الذيول المدية الأمامية والخلفية.
وقال عالم الفيزياء الفلكية بافيل كروبا، من جامعة بون لموقع “لايف ساينس”: “إنه أمر بالغ الأهمية. هناك تأثير كبير”.
وأضاف كروبا أن هذا التوزيع غير المتكافئ للنجوم ملحوظ، ولكنه ليس شديدا بما يكفي لاشتراك أي نوع من المادة المظلمة – وهي مادة غير مرئية يعتقد أنها تمارس قوة جاذبية قوية على المادة المرئية في الكون.
وتابع: “هذا في الأساس يغير قواعد اللعبة. وهذا يدمر كل العمل المنجز على المجرات وعلم الكونيات الذي يفترض المادة المظلمة والجاذبية النيوتونية”.
وينص قانون الجاذبية العالمي لإسحاق نيوتن، الذي نُشر عام 1687، على أن كل جسيم في الكون يتجاذب مع غيره من الأجسام بقوة تتناسب مع كتلته وتتناسب عكسيا مع مربع المسافة.
وقام ألبرت أينشتاين لاحقا بدمج هذا القانون بنظريته عن النسبية العامة، والتي نُشرت عام 1915.
لكن كروبا قال إنه في وقت كل من نيوتن وأينشتاين، لم يكن علماء الفلك يعرفون أن المجرات موجودة، لذلك تم تطوير ديناميكا نيوتن المعدلة (MOND)، لتحديثها مع الملاحظات الجديدة.
وتجادل نظرية ديناميكا نيوتن المعدلة (MOND)، والمعروفة أيضا باسم ديناميكا ميلغروم، نسبة إلى عالم الفيزياء الفلكية مردهاي ميلغروم، والذي طورها في أوائل الثمانينيات، بأن الديناميكيات النيوتونية العادية لا تنطبق على المقاييس الكبيرة جدا للمجرات والعناقيد المجرّية – على الرغم من أن معظم علماء الفيزياء الفلكية يعتقدون أنها تفعل ذلك.
وقال كروبا إن النتيجة الرئيسية لـديناميكا نيوتن المعدلة هي عدم وجود المادة المظلمة – وهي فكرة يرفضها معظم علماء الفيزياء الفلكية.
وتابع: “غالبية العلماء يرفضون نظرية ديناميكا نيوتن المعدلة تماما. وكثير من العلماء الجادين لا يعتقدون أن نظرية ديناميكا نيوتن المعدلة جادة، ولذا لن يفكروا في النظر إليها”.
وفي دراستهم الجديدة، أبلغ العلماء عن ملاحظات لخمسة من أقرب العناقيد النجمية المفتوحة إلى الأرض، بما في ذلك القلائص (Hyades) – وهي عنقود نجمي مفتوح يضم مئات النجوم التي لا تبعد سوى نحو 150 سنة ضوئية عن شمسنا.
ولاحظ الفريق أن النجوم تراكمت في الذيل المدّي الرئيسي في جميع المجموعات الخمس، في حين لوحظ أكبر تناقض من ديناميكا نيوتن العادية في مجموعة القلائص، حيث توجد قياسات أفضل، بحسب كروبا.
وتعزز التناقضات الملحوظة حالة ديناميكا نيوتن المعدلة، لكنها لا يمكن أن تكون نتيجة للفعل غير المرئي للمادة المظلمة.
وقال إنه في حالة القلائص “يجب أن يكون لدينا كتلة من المادة المظلمة هناك مثل 10 ملايين كتلة شمسية، لشرح النتائج. لكنها ليست في البيانات قط”.
وأشار إلى أن الدراسات المستقبلية ستستخدم بيانات أكثر دقة عن مواقع النجوم من التلسكوبات الفضائية الجديدة، مثل غايا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
ومع ذلك، نظرا لأن ديناميكا نيوتن المعدلة غير مقبولة على نطاق واسع من قبل العديد من العلماء، فإن نتائج الدراسة الجديدة مثيرة للجدل.
المصدر: لايف ساينس