رائد فضاء إماراتي “يحسم” الجدل على طريقته.. “الأرض كروية ورأيتها بأم عيني”

رائد فضاء إماراتي “يحسم” الجدل على طريقته.. “الأرض كروية ورأيتها بأم عيني”

عاد هذا الأسبوع الإماراتي هزاع المنصوري من رحلة فضائية دامت ثمانية أيام، إذ وصل إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة الفضائية الروسية سويوز م س-14 (Soyus MS-14). عند عودته، سُئل من قبل صحفي أو ربما من قبل طفل (هذا غير واضح في التسجيلات التي رأيتها) عمّا إذا كانت الأرض كروية، وأجاب أنها كذلك وأنه رآها كروية بأمّ عينه.

أثارت الإجابة موجةً كبيرة من السخرية، بالذات في ظل الاعتقاد –السائد في أوساط كثيرة في وطننا العربي– بأن الأرض مسطحة وليست كروية. يرى البعض أن المنصوري لا يستحق السخرية لأنه ببساطة أجاب على سؤال وُجِّه له خلال المؤتمر الصحفي، بالإضافة إلى أن الإيمان بأن الأرض مسطحة ليس حكرًا على العالم العربي فقط، بل هو ظاهرة موجودة ومنتشرة في كل مجتمعات العالم. في هذا المقال سأناقش لماذا يستخف أغلبنا بهذه “الإنجازات” و”الاكتشافات” العربية، ولا يأخذها على محمل الجد.

لنبدأ بالحقائق. صعد هزاع المنصوري إلى الفضاء بعد أن اختير من بين مجموعة تقدمت إلى الاشتراك في هذه الرحلة، إثر إعلان دولة الإمارات أنها تنوي إرسال أحد أبنائها إلى الفضاء. هزاع المنصوري هو طيار حربي وليس له أي اختصاص علمي أو تقني.

صحيح أن رواد الفضاء الأوائل مثل يوري غاغارين ونيل ارمسترونغ كانوا في الأساس طيارين عسكريين ولكن كان هذا في مرحلة مبكرة من استكشاف الفضاء، بُنيت في تلك المرحلة الصواريخ والمركبات الفضائية الأولى لتحقيق أهداف عديدة والبدء باستكشاف الفضاء. تختلف تلك الفترة عن الفترة الحالية، إذ تتعدى خبرة رواد الفضاء اليوم قضية الطيران وقيادة المركبة الفضائية بكثير، وجميعهم مؤهلون علميًا أو تقنيًا ليساهموا في نجاح حملتهم الفضائية.

في المقابل لم يكن للمنصوري أي دور واضح في الرحلة الفضائية، لا يوجد أي وصف واضح لدوره، ويبدو أنه مجرد ضيف، وفقًا لما كُتب عنه. وكالة الفضاء الفدرالية الروسية عرفت المنصوري بمثابة «مشترك في الرحلة الفضائية» (Spaceflight participant)، بينما اعتمدت وكالة الفضاء الأمريكية مصطلحًا جديدًا لوصف طبيعة اشتراكه، إذ أطلقت عليه لقب «رائد فضائي زائر» (Visiting Astronaut)، بعد عودته مع الكبسولة الفضائية سيوز.

هذا كل ما يُمكن إيجاده من خلال قراءة مختلف البيانات حول اشتراك هزاع المنصوري في هذه الرحلة الفضائية. يتضح من التغطية الصحفية التي تلت الرحلة هو أن كل ما فعله المنصوري هو الذهاب إلى محطة الفضاء الدولية باعتباره سائحًا دفعت دولته تكاليف رحلته. مع هذا تصر دولة الإمارات على إطلاق لقب رائد فضاء عليه.

لبرامج أبحاث الفضاء في الدول المختلفة أهداف عدة، علمية أو صناعية أو تكنولوجية أو عسكرية أو طلائعية –أي تحقيق هدف معين للمرة الأولى– أو قد يكون الهدف مجرد إثبات قدرتها التكنولوجية على الخوض في مجال الفضاء، مثلما فعلت الهند والصين منذ فترة قريبة. لا يخدم «برنامج الفضاء الإماراتي» أيًا من هذه الأهداف، دولة الإمارات –كما باقي دول العالم العربي– لا تتوفر فيها البنية التحتية العلمية والمعرفية والمجتمعية والاقتصادية التي عليها أن تتوفر في أي دولة قبل أن تبدأ في خوض برنامج من هذا النوع. اشترت الإمارات حق الاشتراك في الرحلة، لكن ذلك لم يُسهم في تقدم معارفنا العلمية أو التقنية على الإطلاق.

تشتري هذه الدول السيارات الفاخرة وتتباهى بها لكنها لا تملك المعرفة التقنية والصناعية لتصنيع أبسط القطع في هذه السيارات. تستطيع دولة الإمارات أن تصر كما تشاء على أنها تملك برنامج فضاء، لكن ذلك لا يعتمد على أسس صحيحة وواقعية.

يقول البعض إن هذه ليست المرة الأولى التي يُشارك بها رواد فضاء من دول أخرى في رحلات فضائية روسية أو أمريكية، فقد اعتادت الدولتان – الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي (قبل انهياره) – على اصطحاب رواد فضاء من دول حليفة لها. لكن الاختلاف أن هؤلاء الرواد كانوا يُدعون من قبل الدول العظمى للانضمام، وكان لكل منهم دور محدد في الرحلات التي اشتركوا بها. والأهم من ذلك، لم تدّعِ دولهم امتلاكها برنامج فضاء فقط نتيجةً لهذه المشاركة.

ما فعلته الإمارات يختلف كليًا، فهي ببساطة اشترت مقعدًا سياحيًا في رحلة فضائية، وأي ادعاء آخر ليس صحيحًا. فلا يعقل مثلًا أن تدعي دولة أن لديها صناعة سيارات لمجرد استيرادها أسطولًا من السيارات.

لنأتي الآن إلى موضوع الأرض المسطحة. نحن لسنا الشعوب الوحيدة التي يؤمن فيها البعض بأن الأرض مسطحة، بل هي ظاهرة منتشرة في كثير من الدول. حتى إن هناك جمعية دولية تدعى «جمعية الأرض المسطحة» (Flat Earth Society) تدّعي أن الأرض غير كروية، بل تشبه القرص أو المُعين أو أي شكل آخر مسطح. في الحقيقة، نشأت هذه الحركات في الغرب لأسباب عدة، أهمها عدم الثقة بالخبراء والحقائق التي يعرضونها بشكل عام، وهو أمر منتشر في كل المجتمعات في عصرنا الحالي. لست مؤهلًا لتحليل هذه الظاهرة سواءً في منطقتنا أو في مناطق أخرى، لكن لا يسعني إلا أن أعبر عن شعور عميق بأن الأمر يختلف في منطقتنا عمّا هو في الغرب.

لتوضيح القصد، لا يُؤخذ مناصرو الأرض المسطحة على محمل الجد في أغلب الدول، وآرائهم غير مقبولة من قيادات المجتمع الفكرية والسياسية والاجتماعية وحتى الدينية، على الرغم من استثناءات قليلة، بالذات في أمريكا. في المقابل، يدافع عن مثل هذه الآراء كثير من القيادات الدينية في العالم العربي (ليس جميعهم طبعًا)، وتُسمع آرائهم في أهم قنوات الاتصال والتلفاز. أي أن هذه الاعتقادات يحملها جزء جدي من قيادات المجتمع. تتعدى بعض الآراء الغريبة قضية الأرض المسطحة، إذ يُنكر البعض أن الأرض تدور، أو لا يؤمن بالجاذبية، أو ينكر رحلات الفضاء، وإلى ذلك من الآراء شبه المعتوهة. في مجتمعاتنا تيار قوي جدًا رافض للعلوم ويظن أنها ترهات لا غير، أراه بشكل واضح في ردود الفعل على كل مقال علمي عام أكتبه.

برأيي، هذه هي الدوافع الأساسية وراء موجة الاستهزاء من تصريح هزاع المنصوري. يعرف هؤلاء الناس أن المنصوري ليس رائد فضاء، وأن تلك مجرد كذبة. ويدركون أن التيار السائد في أوساط كبيرة في العالم العربي يرفض الحقائق العلمية، وتقوده تيارات دينية معيّنة ترفض الحداثة جملة وتفصيلًا، وتفرض فكرها وتفسيرها الديني على كل جانب من حياة الناس في مجتمعاتنا، بشكل طاغي وخانق.

يتعاظم الشعور بالإحباط عندما نقارن هذه الأفكار والتوجهات بتلك التي كانت سائدة في العصر الذهبي لحضارتنا، والذي لم يكن أقل تدينًا. درس علماء ذلك العصر الحقائق العلمية والفلسفة الإغريقية والمعارف الإنسانية العامة، واعتمدوا كروية الأرض في خرائطهم وأسفارهم. اشتُهر موسى بن شاكر وأبناؤه –الذين رعاهم المأمون وأدخلهم في بيت الحكمة– بدراساتهم الفلكية وقياسهم محيط الأرض وقطرها بعد أن كلفهم المأمون بذلك.

وقد قاموا بهذا القياس مستعينين بمعرفتهم لارتفاع جبل معين في صحراء سنجار في العراق، ومعتمدين على نظرية كروية الأرض ومبادئ الهندسة الإقليدية. يُذكر أن قياساتهم كانت قريبة من القياس المعاصر لقطر الأرض. لم يكن بنو موسى الأوائل في قياس قطر الأرض، بل سبقهم الإغريق إلى ذلك بألف عام تقريبًا (قاس إراتوستينس الإغريقي Eratosthenes قطر الأرض في عهد البطالمة في مصر في القرن الثاني قبل الميلاد).

للأسف، أصبحنا نعاني من الانغلاق والجمود الفكري، ونهتم بالقشور الفارغة بدل أن نحذو حذو أجدادنا بالانفتاح والاشتراك في عملية الإنتاج العلمي والفكري الإنساني، ونساهم في بناء الحضارة.

في النهاية، أود أن أتطرق إلى نقطة أخرى أسمعها كثيرًا في مثل هذه النقاشات، وهي أن لكل إنسان رأيه وهو حر به. هذا صحيح لكن ما يجب توضيحه أن هناك فرقًا كبيرًا بين الرأي والحقيقة الموضوعية.

مثلًا، قد يدّعي أحدهم أنه قادر على الطيران مثل الطيور من غير أي مساعدة. هو حر في ادعائه طبعًا، لكنه ادعاء غبي ومثير للشفقة، بل قد يكون أكثر من ذلك أيضًا. فإذا كان هذا الشخص مسؤولًا مثلًا أو له وزن اجتماعي ومكانة عالية، يصبح عندها ادعائه خطرًا على نفسه وعلى الناس.

سأوضح الفكرة بمثال واقعي شهير حصل منذ زمن قريب. في العقود الأخيرة، تحول مرض الإيدز في جنوب أفريقيا إلى وباء قومي أودى بحياة الكثيرين. لكن رئيس جنوب أفريقيا في ذلك الوقت، تابو إيمبيكي، رفض النتائج والحقائق العلمية حول هذا المرض، وأصر على تجاهلها مدعيًا أن فيروس HIV ليس المُسبب للإيدز. وبدل القيام بالخطوات التي تمليها الدراسات العلمية، أصر على توظيف الموارد التي تملكها حكومته لمحاربة الإيدز بأساليب أخرى غير فعالة، مصرًا على أن هناك آراءً مختلفة في الموضوع، إذ نصح شعبه بالاعتماد على حمية طعام مؤلفة من الثوم وزيت الزيتون والليمون للشفاء من المرض. نتيجةً لذلك مات عدد كبير من الضحايا في جنوب أفريقيا، التي لم تغير سياستها في محاربة الإيدز حتى تنحى إيمبيكي عن السلطة.

الآراء المختلفة هي قضية شرعية، لكن حتى تكون هذه الآراء ذات قيمة حقيقية يجب أن تعتمد على الحقائق الموضوعية، وإلا لن تكون سوى آراء سخيفة ومضحكة وحتى خطرة أحيانًا. أي يجب أن تُبنى الآراء على أساس متين من الحقائق والأدلة، لتؤخذ بعين الاعتبار ويكون لها أثر فعلي في تقدم المجتمعات.

اقرأ : كانت تجسد أمَّة ثرية من الناحية المادية ومتقدمة تقنيًا ..بين “الحقيقة والخرافة” ماذا تعرف عن مدينة أطلنطس المفقودة في أعماق المحيط؟

كانت تجسد أمَّة ثرية من الناحية المادية ومتقدمة تقنيًا ..بين “الحقيقة والخرافة” ماذا تعرف عن مدينة أطلنطس المفقودة في أعماق المحيط؟

أسرت فكرة أطلنطس (أو أتلانتيس كما تسمى في اللغات الأوروبية) – شبه الجزيرة «المفقودة» المثالية كمجتمع متطور، مجتمع من اليوتوبيا والحكمة التي يمكن أن تحقق السلام العالمي – الحالمون وعشاق الغموض من الأجيال الجديدة.

وتُدافع آلاف الكتب والمجلات والمواقع الإلكترونية عن مسألة وجود أطلنطس، ولا يزال موضوعًا شائعًا.

لقد فقد بعض الناس ثرواتهم – وحتى حياتهم – بحثًا عن أطلنطس.

أصل أسطورة أطلنطس
بخلاف العديد من الأساطير التي طمسها الزمان، نحن نعرف بالضبط متى وأين ظهرت قصة أطلانطس لأول مرة. لقد قيلت القصة لأول مرة في اثنتين من حوارات أفلاطون، « طيماوس » و «كريتياس»، كتبت حوالي 330 قبل الميلاد.

على الرغم من أن أطلنطس غالبًا ما يُنظر إليها هذه الأيام على أنها يوتوبيا مليئة بالسلم، فإن الوصف الذي قدمه أفلاطون في حجته كان مختلفًا تمامًا.

يوضح أستاذ علم الآثار كين فيدر Ken Feder في كتابه «موسوعة الآثار المدمرة»، أن في قصة أفلاطون، «أطلنطس ليست مكانا ينبغي أن يحتفى به أو يحتذى به على الإطلاق، أطلانطس ليست المجتمع المثالي … بل على العكس، أطلانطس تجسد أمَّة ثرية من الناحية المادية، ومتقدمة تقنيًا، وقوية عسكريًا، أفسدتها ثروتها وتطورها وقدرتها».

كذلك فإن الدعاية في حكاية أفلاطون الأخلاقية، تُبرز التنافس البطولي بين أسطورة أطلانطس و مدينة أثينا أكثر من كونه حديث عن حضارة غارقة.

إذا كانت أطلانطس موجودة اليوم، وكانت سليمة ومأهولة، ربما حاول سكانها قتلنا واستعبادنا جميعًا. ويبدو كذلك أن أفلاطون صنع أسطورة أطلانطس كنموذج خيالي لقصته، لأنه لا يوجد ذكر آخر لها في أي مكان في العالم.

لقد وجدنا العديد من النصوص اليونانية، وبالتالي كان ينبغي أن يرد ذكر هذا المكان الرائع بخلاف أسطورة أفلاطون لكن هذا لم يحدث. ليس هناك ببساطة أي دليل من أي مصدر أن الأساطير حول أطلانطس كانت موجودة قبل أن يكتب أفلاطون عنها.

سبب الشهرة الحديثة لمدينة أطلنطس الأسطورية
يشرح مارك آدمز Mark Adams في كتابه «قابلني في أطلانطس: عبر القارات الثلاث في البحث عن المدينة المفقودة الأسطورية» Meet Me In Atlantis: Across Three Continents in Search of the Legendary Lost City كيف أصبحت الأسطورة اليونانية – التي كانت من قبل مهمشة – معروفة على نطاق واسع.

كان ذلك بسبب رجل من مينيسوتا يدعى إغناتيوس دونيلي Ignatius Donnelly (1831-1901).

كان دونيلي من أعضاء الكونغرس ومؤرخ هاوٍ، ادعى في كتابه «عالم أنتيليفيان» The Antediluevian World عام 1882 أن كل التقدم الكبير في الحضارة والتكنولوجيا يمكن أن يُعزى إلى الجزيرة المفقودة منذ فترة طويلة والتي ذكرها أفلاطون.

لكن دونيلي تجاوز مجرد نشر قصة أفلاطون؛ وأضاف بعض «الحقائق» الخاصة به والأفكار التي أصبحت جزءًا من أسطورة أطلانطس.

روَّج دونيلي لما يسمى الآن بـ«الانشطار»، وهي فكرة أن جميع الثقافات العظيمة يمكن أن ترجع إلى مصدر واحد.
وصف آدمز دونيلي بأنه «أول أصولي أطلنطي، لأنه اعتقد أن قصة أفلاطون دقيقة وواقعية بخلاف العناصر الخارقة للطبيعة مثل بوسيدون –إله البحر عند الإغريق – ».

كان دونيلي قد أرسل نسخة من كتابه إلى تشارلز داروين، الذي وجد أنه مثير للاهتمام ولكنه غير مقنع – قرأه ثم قالها «بطريقة متشككة ».

آدمز يوضح كيف أن الكثيرين خُدعوا بسبب مواد دونيلي: «كان دونيلي كيسًا من الرياح، وكان يعرف النتائج التي يريدها ويطلقها من خلال مصادره بحثًا عن الحقائق التي تناسب احتياجاته دون أن يتوقف لملاحظة أي شكوك معقولة ».
لاحقًا، حذا كثير من الكتَّاب حذو دونلي، مضيفين آرائهم واسهاماتهم.

شملت هذه الكتابات مدام بلافاتسكي الغامضة (في كتابها عام 1888، «العقيدة السرية»). وإدغار كايس في العشرينيات.

قام كايس بوضع أصولًا مسيحية في قصة أطلانطس، بإعطاء قراءات نفسية لآلاف الناس – وكثير منهم، كما ادعى، قد عاش في أطلانطس. لسوء الحظ، لم يكن من الممكن التحقق من أيٍ من المعلومات، حتى توقُع كايس أن القارة سيتم اكتشافها في عام 1969 كان خطأ.

قارة أطلنطس المفقودة
على الرغم من أصلها الواضح أنها محض خيال، ادعى كثيرٌ من الناس على مر القرون أنه يجب أن يكون هناك بعض الحقيقة وراء الخرافات، كما كانت هناك الكثير من التكهنات حول أين سيتم العثور على أطلانطس.

خبراء أطلانطس أشاروا إلى الكثير من الأماكن التي قد تحوي القارة المفقودة في جميع أنحاء العالم على أساس نفس مجموعة الحقائق.

الأماكن التي تم اقتراحها – كلٌ يستند إلى مجموعات خاصة من الأدلة والحجج – تشمل المحيط الأطلسي، والقارة القطبية الجنوبية، وبوليفيا، وتركيا، وألمانيا، ومالطا ومنطقة البحر الكاريبي.

شرح أفلاطون مكان أطلانطس بوضوح: «محيط قابل للملاحة؛ أمام الفم الذي يعرفه اليونانيون، كما يقال، « أركان هرقل» هناك جزيرة كانت أكبر من ليبيا وآسيا معًا».

بعبارة أخرى تقع في المحيط الأطلسي خارج «أركان هرقل» (أي مضيق جبل طارق، عند مصب البحر الأبيض المتوسط).

ومع ذلك لم يتم العثور عليها في المحيط الأطلسي، أو في أي مكان آخر.

الطريقة الوحيدة لإزالة الغموض عن أطلانطس (بافتراض أنها كانت فعلًا مكان حقيقي) هو تجاهل كل الأساطير التي تصنع منها نموذجًا أخلاقيًا لقصة أفلاطون، سواء كان هذا خطأ أو ادعاء.

حتى مع إغفال وصف أفلاطون عن موقعها سيجعل أي موقع مقترح يمكن أن يكون ملائمًا لها.

ومع ذلك، لاحظ الكاتب ل. سبراغ دي كامب L. Sprague de Camp في كتابه «القارات المفقودة» Lost Continents ، «لا يمكنك تغيير كل تفاصيل قصة أفلاطون، ثم تدَّعي أنك تتبع قصة أفلاطون، هذا مثل القول بأن الملك الأسطوري آرثر هو كليوباترا كل ما عليك هو تغيير جنس كليوباترا وجنسيتها وفترة حكمها ومزاجها وطابعها الأخلاقي وتفاصيل أخرى، ثم تدعي أن التشابه واضح».

وأوضح الدليل على أن أطلانطس أسطورة : هي أنه لم يتم العثور على أي أثر لها على الرغم من التقدم في علم المحيطات ورسم خرائط قاع المحيطات في العقود الماضية.

يمكن أن نغفر لقراء ما قبل ألفي عام الاشتباه في أن الأعماق الشاسعة قد تخفي بطريقة أو بأخرى مدينة أو قارة غارقة، وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من الغموض في الجزء السفلي من محيطات العالم، فإنه من غير المعقول أن علماء المحيطات في العالم، و البحارة الفائقين، و تحقيقات أعماق البحار غاب عنها إيجاد أثر ليابسة «أكبر من ليبيا وآسيا معا».
بالإضافة إلى ذلك اللوحات التكتونية تثبت أن أطلانطس مستحيلة.

مع تزحزح القارات، اتسع قاع المحيط بمرور الوقت.

لن يكون ثمة مكان ببساطة لإغراق أطلانطس. وكما لاحظ كين فيدر Ken Feder: «الجيولوجيا واضحة، لم يكن هناك سطح أرضي كبير غرق في المنطقة التي يضع فيها أفلاطون أطلانطس، الآثار الحديثة والجيولوجيا تقدم حكمًا لا لبس فيه: لم تكن هناك قارة أطلسية، أو حضارة عظيمة تسمّى أطلانطس».

كان إغناتيوس دونيلي متأكدًا من نظريته، متنبئًا بأن البرهان القاطع على وجود المدينة الغارقة سيظهر قريبًا، وأن المتاحف في جميع أنحاء العالم ستملأ يومًا ما بالقطع الأثرية. مر أكثر من 130 عامًا دون أثر للأدلة.

تم الاحتفاظ بأسطورة أطلانطس على قيد الحياة، يُغذيها خيال الجمهور وسحر الفكرة الخفية عن اليوتوبيا. لكن «مدينة أطلانطس المفقودة» لم تُفقد أبدًا. هي حيث كانت دائمًا: في كتب أفلاطون.

اقرأ : بعد مرور 85 عاماً ..فريق بحثي كندي يعثر على كاميرات ومعدات مفقودة داخل كتل جليدية “صور”

بعد مرور سبعة أشهر على اكتشاف سفينة إرنست شاكلتون HMS Endurance، يأتي اكتشاف جديد لكاميرات خاصة تعود للمستكشف برادفورد واشبورن، فقدها على جبل جليدي بعيد، قبل 85 عامًا.

وقام المستكشف غريفين بوست، الذي يقود رحلة استكشافية لصالح شركة Teton Gravity Research، بتحديد موقع المعدّات على كتلة والش الجليدية البعيدة في إقليم يوكون الكندي، خلال عملية بحث استمرت أسبوعًا في أغسطس/ آب الماضي.

وكانا انطلقا في يونيو/ حزيران عام 1937، في مهمة لتسلق جبل لوكانيا، ثالث أعلى جبل في كندا يبلغ ارتفاعه 17،147 قدمًا، وفي ذلك الوقت/ كانت آخر قمة لم يتم تسلقها في أمريكا الشمالية.

والجبل يُعد جزءًا من منتزه ومحمية كلوان الوطنية.

وكان من المقرّر أن يبدأ الثنائي تسلقها وينتهيان على كتلة Walsh الجليدية، في منتصف الطريق على ارتفاع 8750 قدمًا، لكن لم تسر الأمور كما خطّط لها.

فقد كان الطقس السيئ، المتمثّل بوجود ثلج في مرحلة الذوبان على الكتلة الجليدية، والطائرة التي أحضرتهما إلى هناك علقت، ورفض الطيار العودة لأخذ المستكشفَيْن.

وبعدما تقطّعت السبل بهما، كان على المستكشفَين أخذ طريق العودة نزولًا، سيرًا على الأقدام والمشي لمسافات طويلة تزيد عن 150 ميلًا عبر البرية وصولًا إلى أقرب مدينة.

ومن أجل القيام بذلك، كان عليهما تفريغ أغراضهما، معدات تزن 900 رطل تشمل الخيام، ومعدات تسلق الجبال، وثلاث كاميرات.

وتمكن فريق بوست من استعادة الكاميرات، إلى جانب بقية المعدات، ولا يزال اثنين من آلات التصوير تحتفظان بالفيلم، وقد تم تسليمهما إلى فريق باركس كندا الذي سيحاول تطوير الصور.

ويوضح بوست لـCNN أن فكرة الرحلة الاستكشافية خطرت له قبل عامين، عندما قرأ كتاب “Escape from Lucania”، الذي يحكي قصة رحلة واشبورن وبيتس الاستكشافية ويذكر فيها التخلي عن أمتعته.

وفي نهاية القصة، يحلّق الثنائي واشبورن وبيتس فوق المنطقة، ويقول الأول “يجب أن نعود ونبحث عن أمتعتنا”، وبعد ستة أشهر كان بوست لا يزال يفكر في الأمر.

بطبيعة الحال، فإن تحديد موقع أغراض متروكة على كتلة جليدية متحركة يعد أكثر صعوبة من العثور على أغراض مدفونة في مكان عادي.

وخلال 18 شهرًا من التحضير للبعثة، بحث بوست في المستندات، والدفاتر، والمراسلات القديمة لمحاولة تحديد المكان الأصلي للمعدات، بينما اضطلع فريق من جامعة أوتاوا بقيادة الدكتور لوك كوبلاند، بعمليات رسم الخرائط الجليدية لمعرفة المدى الذي يمكن أن تقطعه المعدات خلال ثمانية عقود.

ومع خيم، وقماش مشمع، وزلاجات، بالإضافة إلى الكاميرات، كانت المعدات كبيرة للغاية، لذا اعتقد الفريق أنها ستكون مرئية بشكل معقول.

ولكن قد تكون التوقعات غير صحيحة، إذ من الممكن أن شخصًا آخر قد عثر على المعدات بالفعل.

ولفترة من الوقت، بدا الأمر كما لو كان هذا الواقع، فستة أيام من البحث لم تسفر عن شيء.

وقال بوست: “لقد قضينا الكثير من الوقت وبذلنا الكثير من الجهد، لكنها لم تكن موجودة. كنت متقبّلا للأمر”.

وتابع: “مع ذلك، تبقى لنا أربع ساعات، وإذا لم نستمر حتى اللحظة الأخيرة، فسيكون ذلك مخيبًا للآمال. كنت أعلم أنه يتعيّن علينا إعطاء الأمر فرصة أخيرة”.

بعد ذلك، توصّلت دوروتا مدرزيسكا، عالمة الجليد بالفريق، الملقبة بدورا، إلى نظرية.

وأوضح بوست أن الفريق غطى النطاق الذي اعتقدوا أنه يُحتمل أن تكون المعدات فيه، ولكن في ظهر ذلك اليوم، توصلت دورا إلى نظرية، بناءً على ما كانت تراه، لقد كانوا يبحثون في المكان الخطأ.

انضمت مدرزيسكا، من جامعة أوتاوا إلى المشروع قبل أسبوعين من البحث، ورغم أنها لم تكن جزءًا من الفريق الذي قام بحساب التقدير الأصلي، إلا أنّها تقول إنه بمجرد وصولها إلى الجبل الجليدي، “كان لديها شك في أنّ المعدات في الأسفل.

وعند الوقوف على الجليد، لاحظت مدرزيسكا وجود نمط ركام يمتد بشكل عام على طول الجزء العلوي من الكتلة الجليدية.

وتندفع بعض الكتل الجليدية أحيانًا، وتسرع إلى الاندفاع لمدة عام أو عامين، قبل أن تعود إلى وتيرتها الطبيعية.

وفي الواقع، يعرف الفريق أنه بدلاً من الحركة العادية التي تبلغ 100 إلى 200 متر من الحركة في السنة، خلال ارتفاعاتها، كانت كتلة والش قد تحركت كيلومترًا واحدًا في السنة.

وبالنظر إلى الفجوات الموجودة في الركام، أدركت مدرزيسكا أنها تتوافق مع الكتلة الجليدية.

ومن خلال رؤية طول هذه الفجوات، استطاعت أن ترى أن النهر الجليدي قد ارتفع بشكل أكبر وأسرع مما توقعوه في الأصل.

وخلال الساعات الثلاث الأخيرة من البحث، تحرك الفريق مسافة كيلومترين أبعد من المنطقة المستهدفة الأصلية، وعلى الفور تقريبًا اكتشف أحد أعضاء الفريق علبة وقود.

ويقول بوست: “كانت المعدات في حالة شبه مدفونة، كانت الخيام بارزة من الجليد.. وكانت هناك نظارات واقية، وملابس وعناصر لا لبس في أنها من تلك التجربة بناءً على الصور”.

وتتذكر مدرزيسكا رؤية “قطعة قماش كبيرة”، ووصفت هذه اللحظة بأنها “لا تصدق حقًا”.

وبسبب حركة الكتلة الجليدي على مدى 85 عامًا، كانت العناصر موزعة على “عشرات الأمتار” من بعضها البعض، وفقًا لمدرزيسكا، لكن بعد ظهر ذلك اليوم، عثر الفريق على المعدات بالكامل تقريبًا، باستثناء بعض العناصر التي حملت بعيدا عن طريق ذوبان المياه على مر السنين.

وقالت مدرزيسكا: “كانت فرصة العثور على مثل هذه المعدات على مثل هذه الكتلة الجليدية الضخمة ضئيلة، بعد أن فقدنا الأمل، لذلك كان الأمر ملحميًا حقًا”.

وتابعت: كانت مفاجأة بأن تخميني كان صحيحًا، لا يمكننا أن نكون أكثر سعادة”.

اقرأ : العراق.. اكتشاف حديقة أثرية تضم جداريات عمرها 2700 عام

دشّنت سلطات إقليم كردستان العراق، المرحلة الأولى من حديقة أثرية في موقع قناة للري تعود لأكثر من 2700 سنة، حفرت على جدرانها منحوتات ضخمة.

وتعود الآثار المكتشفة في موقع فايدة إلى حقبة الملك الآشوري سرجون الثاني (705-721 قبل الميلاد) وابنه سنحاريب الذي خلفه.

ووسط الجبال الوعرة، أقيم حفل تدشين رسمي الأحد للحديقة الأثرية بحضور محافظ دهوك والسفير الإيطالي في العراق ماوريتزيو غريغانتي.

وبحسب مدير الآثار والتراث في دهوك، بيكس بريفكاني فإن “زيارة الموقع تقتصر حاليا على السياح الأجانب والباحثين والمختصين فقط”.

ويضمّ الموقع جنوب دهوك وإلى الشمال من مدينة الموصل، قناة ري بطول عشرة كيلومترات، نحتت على جدرانها 13 منحوتة.

واكتشفت هذه الجداريات في موقع فايدة على مراحل متعددة في السنوات الأخيرة، من خلال عمليات تنقيب قامت بها بعثة مشتركة من علماء آثار إيطاليين من جامعة أوديني ونظرائهم من مديرية آثار وتراث محافظة دهوك في إقليم كردستان.

وتعود الجداريات التي يبلغ طولها مترين وعرضها خمسة أمتار، لنهاية القرن الثامن قبل الميلاد وبداية القرن السابع قبل الميلاد، كما أوضح في 2021 المدير المشارك للبعثة الإيطالية دانييلي موراندي بوناكوسي.

ويعتقد أن الملك سرجون الثاني أو ابنه سنحاريب هما من أمرا بنحتها.

وتمثّل كل جدارية ملكا آشوريا وهو يقدّم الصلاة للآلهة السبعة الأكثر أهمية عند الآشوريين.

وحكم الملك الأشوري سرجون الثاني في القرن الثامن قبل الميلاد وأسس عاصمته في شمال العراق في سهل نينوى قرب مدينة الموصل.

وتعدّ حديقة فايدة واحدا من خمسة مواقع سيشملها مشروع الحديقة الأثرية مستقبلا.

ويعد العراق بلدا غنيا بالمواقع الأثرية من شماله إلى جنوبه حيث ازدهرت حضارات بلاد ما بين النهرين من السومرية والأكادية والبابلية والأشورية.

وشهدت أرضه أولى الحضارات التي تعتمد اقتصادا مبنيا على الزراعة مع ابتكارات في مجال الري، ويعتبر مهد أول قانون مكتوب وأولى المدن.

وتعرضت آثار العراق للنهب بفعل الحروب والأزمات لا سيما بعد العام 2003، ثم سيطرة “داعش” على أجزاء في البلاد في العام 2014.

اقرأ : 12 صورة رسمها فنانون بشكل ثلاثي الأبعاد وبطريقة بارعة يصعب تصديق أنها غير حقيقية

12 صورة رسمها فنانون بشكل ثلاثي الأبعاد وبطريقة بارعة يصعب تصديق أنها غير حقيقية

يقوم العديد من الفنانين البارعين في مختلف أنحاء العالم بالرسم في الشوارع بشكل بارع جداً عن طريق الرسم ثلاثي الأبعاد.

ويجب أن نوضح هنا أن هذا العمل يتطلب مجهوداً كبيراً جداً وحساب أبعاد مختلفة وزوايا عديدة حتي يبدو لناظره أنه شيء حقيقي أو شيء بارز.

ولكن يجب أن نوضح أنه يجب ألا تكون مثل هذه الرسومات في أي طريق ولكن يجب أن يكون في مكان مخصص له حتي لا يتسبب في حدوث تشتت أو اختلاط علي مستخدمي الطريق.

وتنتشر الكثير من هذه الرسومات في الدول الأوروبية أو أمريكا وبعضها يكون مزاراً سياحياً لسياح من أجل التقاط صورة طريفة للذكرى مع صورة ثلاثية الأبعاد.

وسنعرض لكم بعضاً من هذه الصور التي توضح فكرة الرسم ثلاثي الأبعاد.

انتبه كي لا تدوسهم.

في الحقيقة هذه الرسمة ذكّرتني بقصة جاليفر التي كان فيها عملاقاً وكان يرى كل شيء مثل هذه الصورة في القرية التي كان يعيش فيها.

تبدو الأشياء طافية على الماء.

ربما يخاف صاحب هذا المنزل من أن يحسده أحد فقام بعمل هذا الوهم البصري.

تبدو كأنه ينظر إلى انعكاس نفسه.

بحر ذو أمواج في عرض الشارع.

ضفدع عملاق احترسي يا صغيرة.

يمكننا أن نلعب هذه اللعبة طوال اليوم بلا ملل

تخيل براعة الفنان في تصوير العمق والارتفاع أيضاً رغم أن الرسمة مسطحة تماماً

أعتقد أن مكاناً كهذا سيطون ممتعاً للغاية للأطفال تحديداً

المزيد من المتعة والتسلية مع الألعاب من هذا النوع ثلاثي الأبعاد في الشوارع. أرغب في تجربة اللعب فيها!

أعرف أنك فنان بارع لكنني أرفض هذا العمل كونه قد يربك السائقين ويعتقدون أنه يوجد كسر فعلي في الأرض!

سوف نترك الحكم لكم في هذه الصورة هل هي ثلاثية الأبعاد أم حقيقية! أخبرونا في قسم التعليقات!

ما رأيكم بهذا النوع من الفن وهل تؤيد انتشاره في بلادنا بأن يقوم الفنانون برسم مثل هذه الرسومات في الشوارع والميادين العامة؟ شاركنا برأيك حول هذا الموضوع!

اقرأ : اكتشاف أثري عمره 7000 سنة يروي قصةً حزينة عن ارتفاع منسوب البحار

منذ 7000 سنة، قبل أن يرفع التطور الصناعي حرارة الكوكب. هدد ارتفاع منسوب مياه البحار وجود أحد المجتمعات على سواحل فلسطين. حاول القرويون حماية مساكنهم ببناء جدار. فشلت المحاولة وهجر الناس القرية قبل أن تغمر مياه البحر الأرض وتغرق المباني.

يحتفظ البحر أحيانًا بما يحطمه. حفظت المياه الباردة، وطبقة سمكها متر من الرمال، آثار العصر الحجري الحديث Neolithic مثل أنوية زيتون وجراره، وعظام حيوانات، وقبور، إلى جانب الاكتشاف الأهم: جدار من 100 متر من الأحجار المتراصة بمحازاة خط الساحل القديم.

وفقًا لجوناثان بنجامين Jonathan Benjaminعالم الآثار البحرية بجامعة فليندرز بأستراليا، يُعَد هذا الجدار الدليل الأول على أن القدماء واجهوا مشكلة ارتفاع منسوب البحار التي نواجهها الآن، مع حرصه على تأكيد الفارق بين الارتفاع الطبيعي لمنسوب البحار في نهاية العصر الجليدي، وبين الارتفاع الناتج عن الاحترار العالمي الذي سببه البشر.

يزعم بنجامين وفريقه في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية PLOS One إن هذا هو أول دفاع ساحلي coastal defense في التاريخ.

كُشف الموقع المسمى تل حريز Tel Hreiz صدفةً سنة 1960، عندما عثر مجموعة من الغواصين على أدوات حجرية وعظام بشرية في أثناء بحثهم عن حطام إحدى السفن. لكن ظل الجزء الأكبر من الموقع مغمورًا بعمق نحو 3-4 أمتار تحت سطح البحر.

ظهر جزء صغير من الجدار سنة 2012 عندما أزاحت عاصفة شتوية قوية الغطاء الرملي لتكشف صفًّا من الصخور، ثم جاءت عاصفة أخرى في 2015 لتكشف المزيد من تلك الأحجار.

يقول بنجامين، وعالم الآثار البحرية إيهود جاليلي Ehud Galiliمن جامعة حيفا إنهما ناقشا العديد من الاحتمالات المختلفة حول هذا الجدار، الذي قد يكون حاجزًا للحفاظ على الماشية أو سدًّا أو جدارًا دفاعيًّا ضد اللصوص، لكنهما استبعدا كل تلك الاحتمالات في النهاية.

يشير جاليلي إلى عدم وجود أعداء محتملين من جهة البحر، أما عن حماية الماشية فقد استخدم القرويون أسوارًا من عروق الأخشاب لاحتجازها، لكن حجم الجدار ومكانه والطبيعة غير التقليدية للأحجار المستخدمة في بنائه، كل ذلك يشير إلى غرض واحد فقط: محاولة الاحتماء من خطر البحر نفسه.

وفقًا لماري جاكسون Marie Jackson، الباحثة المشاركة في الدراسة، أستاذ الجيولوجيا بجامعة يوتاه، أدرك هؤلاء القوم إن عليهم وضع صخور ضخمة في ذلك المكان. كانوا يفكرون في المستقبل وأرادوا أن يبقى الجدار طويلًا، فالساحل حيوي للغاية، وبدون ذلك الجدار ستكون الدفاعات ضعيفة.

لا بد أن تل حريز كانت ترتفع نحو 2.5 مترًا عن سطح البحر، وكان مجتمعًا زراعيًّا يعتمد على تربية الماشية إلى جانب صيد الغزلان وامتلاك الكلاب والخنازير، وتشير حاويات الزيتون المتناثرة في الموقع إلى أن هؤلاء القوم عرفوا استخلاص الزيوت.

القطع الأثرية من تل حريز تشمل: A وB: آثار حجرية في المياه الضحلة. C : أعمدة خشبية مطمورة في قاع البحر. D: شفرة حجرية. E: وعاء مصنوع من الحجر الرملي. F: حجر من البازلت. :G رفات الدفن. H: قبر حجري. I: قرن غزال من بلاد ما بين النهرين

القطع الأثرية من تل حريز تشمل: A وB: آثار حجرية في المياه الضحلة. C : أعمدة خشبية مطمورة في قاع البحر. D: شفرة حجرية. E: وعاء مصنوع من الحجر الرملي. F: حجر من البازلت. :G رفات الدفن. H: قبر حجري. I: قرن غزال من بلاد ما بين النهرين

وفقًا لجاليلي، يبين التأريخ الإشعاعي للكربون Radiocarbon dating، في الفحم والقطع الخشبية وعظام الحيوانات والبقايا البشرية، أن القرية ازدهرت مئات السنوات. وقد عاش فيها نحو 10 أو 20 عائلة، واستوطنها الناس في العصر الحجري طوال 10 أجيال على الأقل.

يقول بنجامين: «أنا واثق أن هؤلاء القوم سعوا إلى الحفاظ على موطنهم، مدفوعين بكون عائلاتهم عاشت في المكان ذاته منذ زمن طويل».

من العسير تصور أن سكان تل حريز علموا بارتفاع مستوى سطح البحر، فيما يُعرف الآن بالذروة الجليدية الأخيرة last glacial maximum ، التي حدثت في أواخر العصر الجليدي منذ 20 ألف سنة، عندما احتُجزت كميات هائلة من الجليد عند القطبين، وذاب الجليد فارتفع منسوب المحيطات.

يقول بنجامين إن العواصف الشتوية على طول السواحل الفلسطينية دفعت الأمواج عاليًا إلى الشواطئ، فاندفعت المياه كما تضرب العواصف سواحل المحيط الأطلسي في موسم الأعاصير.

يقول مؤلفو البحث إنه قبل 7000 – 9000 سنة، ارتفع منسوب مياه البحر المتوسط عند سواحل شمال فلسطين نحو أربعة ملليمترات كل سنة، وهو ما جعل خطورة الأمواج الشتوية في تزايد مستمر.

بُنيت البيوت والمواقد في تل حريز من الأحجار الصغيرة دون ملاط، وهو ما جعلها ضعيفةً في مواجهة المياه والأمواج، التي بإمكانها إلحاق أضرار شديدة بمبان كهذه، وتدريجيًّا أصبح خطر الأمواج يأتي بسرعة وبتواتر كبيرين.

لابد أن مثل تلك الإشارات أنتجت مناقشات مشابهة لما يحدث الآن في المجتمعات الساحلية، ففي الحالتين يريد القوم حماية منازلهم.

لم تُستخرج الصخور المكوِّنة للجدار البحري من مكان قريب، إذ لا تحمل علامات تدل على الحفر، بل لها حواف مستديرة. يعتقد مؤلفو البحث أن صخورًا مصقولة كهذه لا بد أن مصدرها أحد الأنهار، وأقرب نهر يبعد بضعة كيلومترات من الموقع.

درس خبير في المباني البحرية الرومانية القديمة الميناء والمباني المحيطة به في مدينة قيسارية Caesarea الرومانية التي تبعد 50 كيلومترًا جنوب تل حريز.

مع إن مدينة قيسارية بُنيت بعد تل حريز بآلاف السنوات، واستُخدم في بنائها مواد مختلفة، يرى الخبير أن تلك المجتمعات انتهجت نفس أسلوب البناء، فقد شحن الرومان نحو 15-20 طن من الحجارة من إيطاليا إلى قيسارية لتشييد المواني.

وبالمثل، لابد أن الأمر تطلب جهدًا هائلًا لبناء الجدار في تل حريز، إذ يشير حجم الأحجار المستخدمة في البناء ووزنها إلى نية البُناة في صنع شيء يبقى ويُستخدَم مدةً طويلة.

يرى جاليلي إن بناء الجدار كان قرارًا جماعيًّا تلاه جهد جماعي، إذ لا بد إن الأحجار -التي تزن الواحدة منها نحو طن- قد نقلتها جماعات من الناس أو جرتها الثيران أو دُحرجت إلى الموقع.

بمعدل ارتفاع منسوب سطح البحر الآن، سيصبح مستوى المحيطات أعلى من المستوى الحالي بمقدار 65 سنتيمترًا سنة 2100. يرتفع البحر في بعض المناطق مثل ميامي بمقدار 9 ملليمترات سنويًّا منذ 2006، وهو تقريبًا ضعف مستوى الارتفاع الذي واجهه سكان تل حريز.

يقول بنجامين: «لقد أرادوا جدارًا يرتفع عاليًا ويبقى طويلًا، وفي النهاية هجروه. ليكن ذلك التاريخ الإنساني عبرةً لنا».

Exit mobile version