الصين تعيد إلى الأرض أول محصول أرز تمت زراعته على متن محطتها الفضائية

يعتبر الأرز المحصول الغذائي الرئيسي للبشر ويغذي ما يقرب من نصف سكان العالم، وهو أيضا المحصول الغذائي الرئيسي المرشح لنظام دعم الحياة لاستكشاف الفضاء العميق المأهول في المستقبل.

ويعد استخدام الجاذبية الصغرى في الفضاء لتربية الأرز أيضا أحد الاتجاهات المهمة لأبحاث علم النبات في الفضاء.

وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري عاد رواد الفضاء الصينيون على متن كبسولة العودة لرحلة الفضاء الصينية “شنتشو-14” (Shenzhou-14) بأول بذور أرز تم إنتاجها في المدار، وهو إنجاز يسمح للعلماء بالتحقيق في آثار الجاذبية الصغرى على نمو الأرز، والعثور على مصدر غذاء مستدام لاستكشافات الفضاء على المدى الطويل.

ووفق ما ذكرته الأكاديمية الصينية للعلوم، نمت البذور بقوة في المحطة الفضائية مع نبات الرشاد (المعروف علميا باسم “أرابيدوبسيس ثاليانا”) وقضت النباتات 120 يوما من الزراعة في الفضاء، وأتمت عملية النمو بأكملها من البذرة إلى البذرة.

أولى شتلات أرز تتم زراعتها وحصادها في الفضاء (الأكاديمية الصينية للعلوم)

استخدام الجاذبية الصغرى بالفضاء لزراعة النباتات

وصلت الدفعة الثالثة من عينات تجارب علوم الفضاء، بما في ذلك أولى شتلات أرز في العالم تتم زراعتها وحصادها في الفضاء، مع عودة الطاقم الذي ظل يعمل في المدار لمدة 183 يوما، وأشرف خلالها على اكتمال محطة “تيانغونغ” الفضائية الصينية والعديد من التجارب البيولوجية الأخرى.

وفي السابق، قال الخبراء إنه لكي يعيش البشر في الفضاء لفترة طويلة، من الضروري التأكد من أن النباتات يمكنها إكمال تناوب الأجيال والتكاثر بنجاح في الفضاء. لذلك، يعد استخدام الجاذبية الصغرى في الفضاء لزراعة الأرز أحد الاتجاهات المهمة لأبحاث علم النبات في الفضاء.

ووفقا لما ذكرته الأكاديمية الصينية للعلوم، فقد تمكن العلماء من الحصول على بذور عدد قليل من المحاصيل من قبل مثل نبات حب الرشاد واللفت والقمح والبازلاء في الفضاء، وأكملت بعض النباتات مثل القمح دورة حياة كاملة (من البذرة إلى البذرة) في بيئة الفضاء، لكن الأرز لم يكن قادرا على إكمال دورة النمو الكاملة في مثل هذه الظروف.

واختار الباحثون الأرز وحب الرشاد لإجراء التجربة لأن الأخير يمثل أنواعا عديدة من الخضراوات، مثل لفت البذور الزيتية، بينما يمثل الأرز العديد من محاصيل الحبوب، مثل القمح والذرة.

ويعتبر الأرز، المحصول الذي يغذي ما يقرب من نصف سكان العالم، مرشحا رئيسيا لنظام دعم الحياة في استكشاف الفضاء العميق المأهول في المستقبل. أما نبات حب الرشاد فهو نبات حولي له دورة حياة قصيرة نسبيا، ونموذج حي شائع في بيولوجيا النبات وعلم الوراثة.

تحاليل لفهم كيفية تأثير الجاذبية الصغرى وتهيئة محاصيل جديدة أكثر تكيفا مع بيئة الفضاء (الأكاديمية الصينية للعلوم)

تجارب فضائية

تم نقل البذور التجريبية من حب الرشاد والأرز إلى الفضاء باستخدام وحدة مختبر “وينتيان”. وتم إطلاق التجربة رسميا في 29 يوليو/تموز الماضي، واختتمت في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، ولمدة 120 يوما.

خلال هذه العملية، نبتت بذور حب الرشاد والأرز ونمت وأزهرت وحملت البذور، وتضمنت إحدى التجارب إعادة إنتاج دورة حياة الأرز بأكملها لأول مرة في الفضاء، وتم تسليم البذور الجديدة إلى مركز التكنولوجيا والهندسة لاستخدام الفضاء التابع لأكاديمية العلوم الصينية في بكين.

وقال هذا المركز إن الباحثين سيجرون التحاليل لفهم أفضل لكيفية تأثير الجاذبية الصغرى على هذه النباتات على المستوى الجزيئي، وهذا من شأنه أن يعطي رؤى أساسية حول تهيئة محاصيل جديدة أكثر تكيفا مع بيئة الفضاء.

وأظهرت النتائج الأولية أن سيقان أرز الفضاء أصبحت أكثر مرونة بزوايا أوراق أكبر. وأصبح صنف الأرز القزم أقصر بينما لم يشهد صنف الأرز طويل القامة أي تغيير في الارتفاع.

ولاحظ العلماء العديد من الاختلافات المثيرة للاهتمام بين الأرز المزروع على الأرض ونظيره في الفضاء. على سبيل المثال، تبدأ فترة إزهار الأرز بالفضاء في وقت أبكر قليلا أرز الأرض.

هناك اختلافات مثيرة للاهتمام بين أرز الأرض وأرز الفضاء (مواقع التواصل)

مشكلة زراعة الغذاء بالفضاء يجب حلها

وقال زينغ هويشيونغ، الزميل الباحث بمركز التميز في علوم النباتات الجزيئية، وهو أيضا قائد فريق البرنامج البحثي، في تصريحات لصحيفة “غلوبال تايمز” Global Times الصينية “نظرا لأن تطوير استكشاف الفضاء العميق المأهول يتقدم إلى الأمام، وحتى مع التطلع إلى الهبوط في المستقبل على المريخ، من المستحيل الاعتماد فقط على الطعام الذي يتم إحضاره من الأرض لتلبية احتياجات السفر في الفضاء على المدى الطويل، وبالتالي فإن مشكلة زراعة الغذاء في الفضاء يجب حلها”.

وقال سونغ تشونغ بينغ، مراقب الفضاء والمعلق التلفزيوني -في حديث للصحيفة نفسها- إن التكاثر في الفضاء يتطلب شرطين، الجاذبية الصغرى وإشعاع الأشعة الكونية.

وأضاف “والآن مع منصة التجارب خارج المركبة على وحدة مختبر محطة الفضاء الصينية (منغتيان) يمكننا تجريب زراعة النباتات الفضائية خارج المقصورة، وستكون النتائج أكثر قيمة”.

وأشار سونغ إلى أنه مع وصول طاقم “شنتشو-15 ” أصبحت محطة الفضاء الصينية الآن في وضع تطبيق مأهول طويل المدى، مما يسمح بزراعة المزيد من أنواع النباتات وإكمال الدورة الكاملة للنمو، مثل الفواكه والخضراوات.

ومن ناحية أخرى، أشار خبراء الأكاديمية الصينية للعلوم إلى أن الصين يمكنها أيضا التعاون مع الدول الأخرى، وخاصة الأفريقية والأميركية اللاتينية التي لديها إمدادات غذائية محلية محدودة، في تربية وتحسين محاصيلهم المحلية وتحسين مقاومتها للآفات والأمراض، من خلال تطبيق نتائج دراسات تكاثر النباتات في الفضاء لتأمين إنتاج غذائي أكبر.

المصدر: وكالات – الجزيرة نت

Exit mobile version