يعدّ حقل نفط الشيبة واحدًا من أهم حقول النفط والغاز في المملكة العربية السعودية، لإمكاناته المتميزة، إذ يمكنه ضخّ إنتاج يومي يعادل ما تنتجه عدد من الدول المنتجة للنفط.
في عام 1998، بدأت شركة أرامكو السعودية تجني ثمار جهد سنوات طويلة قضتها في البحث والاستكشاف عن النفط في الربع الخالي، مع بدء الإنتاج من حقل نفط الشيبة.
تقول أرامكو حول عمليات البحث والاستكشاف التي سبقت الإنتاج من حقل الشيبة، فعندما يتعلق الأمر بجيولوجيا النفط، فالمملكة موطن لبعض أفضل الطبقات الأرضية في العالم.
وتوجد معظم هذه الطبقات الأرضية في أماكن نائية ووعرة، إلا أن ذلك لم يثنِ عزم عملاق النفط السعودي في مواجهة التحديات والاستثمار بمشروعات تسهم في الوفاء بالطلب العالمي على الطاقة.
تشير شركة أرامكو أن حقل نفط الشيبة يعدّ استكمالًا لجهود الشركة التي بدأت في أربعينات القرن الماضي للتعرف على الحجم الكامل للتكوينات النفطية الجوفية في المملكة.
بداية الرحلة
في عام 1948، اكتشفت شركة أرامكو حقل الغوار، أكبر حقل للنفط في العالم، على أطراف الربع الخالي، لكن ذلك لم يوقف نشاط الشركة لاسكتشاف الثروات الأخرى القابعة في قلب الربع الخالي.
واستمرت رحلة البحث عن النفط وسط تضاريس وعرة لعدّة سنوات، حتى جاء عام 1968، إذ نجحت أعمال البحث عن اكتشاف حقل نفطي شاسع، على بُعد يقارب أكثر من 500 ميل من مقرّ الشركة في الظهران.
و تحيط به كثبان من الرمال ذات اللونين الأحمر والذهبي يبلغ ارتفاعها 1000 قدم (333م)، وتعصف بها رياح تصل سرعتها إلى 80 كلم/ساعة في الساعة (50 ميل)، إذ تصل درجات الحرارة في فصل الصيف إلى 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية).
وقفت ظروف التضاريس والمناخ والتعقيدات اللوجستية عائقًا أمام أعمال تطوير حفل نفط الشيبة لعدّة سنوات، ما أدى لبقاء الحقل على حالته لمدة 30 عامًا.
خطة التوسعات
بدأت شركة أرامكو في تسعينات القرن الماضي، خطة جديدة للتوسع في مشروعات النفط معتمدة في ذلك على أحدث التقنيات التكنولوجية، معتمدة في ذلك على قدراتها الهندسية والخبرات الكبيرة التي وصلت إليها، ما جعلها قادرة على تنفيذ أصعب المشروعات.
ونظرًا للاحتياطيات الضخمة التي يتمتع بها حقل نفط الشيبة، كان في مقدمة المشروعات التي وضعتها أرامكو على خريطة التطوير، خاصة مع تقدير احتياطي حقل الشيبة بنحو 13.6 مليار برميل من النفط الخام العربي الخفيف عالي القيمة ونحو 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
تذليل العقبات
لجأت شركة أرامكو السعودية إلى العديد من الحلول والأفكار المبتكرة من أجل التغلب على التحديات والصعوبات الكثيرة التي كانت تمنع تطوير حقل نفط الشيبة، إلى جانب تقدّم الشركة في الحفر الأفقي والتصوير الزلزالي ثلاثي الأبعاد وأحدث التقنيات الأخرى.
بدأت أرامكو السعودية أعمال إنشاء في حقل الشيبة عام 1995، وتضمنت الأعمال نقل نحو 13 مليون متر مكعب من الرمال وشقّ طريق عبر الصحراء بطول 386 كيلو مترًا، وإنشاء مطار ذي طاقة تشغيلية كاملة وخط أنابيب بطول 645 كلم يمتد إلى مرافق المعالجة في الشمال.
شملت أعمال تطوير حقل نفط الشيبة حفر 145 بئرًا وإنشاء 3 معامل لفصل الغاز عن النفط الخام، وصولًا إلى إنشاء مرافق مساندة وسكنية شاملة للموظفين من أجل الإقامة لأسابيع في واحد من أبعد الأماكن على وجه الأرض.
لحظة الإنتاج
بحلول عام 1998، جاءت اللحظة التي طالما انتظرها مهندسو وموظفو أرامكو لإنجاز المشروع قبل الموعد المحدد بعام كامل، بعد نحو أكتر من 50 مليون ساعة عمل، ويتدفق النفط إلى المرفق، الذي وصل إلى نصف مليون برميل من النفط يوميًا، وهي كمية كافية لتزويد 10 ملايين منزل بالطاقة.
لم تتوقف أرامكو عند هذا الحدّ، إذ كانت تدرك إن إمكانات حقل الشيبة تفوق بكثير ما جرى تطويره، ما دفعها خلال السنوات التالية إلى تنفيذ مشروعين جديدين، وهما: مشروع توسعة حقل النفط، ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي.
أدى تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل النفط إلى زيادة الإنتاج إلى 750 ألف برميل يوميًا من النفط الخام العربي الخفيف عالي القيمة بحلول عام 2009.
ولكن طموحات أرامكو كانت أكبر من ذلك بكثير، وفي عام 2016، عززت الشركة إنتاجها بـ 250 ألف برميل إضافية، لترفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية لحقل نفط الشيبة إلى مليون برميل يوميًا، أي ضعف طاقة الإنتاج الأولية.
استخلاص الغاز الطبيعي
على الجانب الأخر، عملت الشركة على استخلاص سوائل الغاز الطبيعي بهدف الحدّ من استخدام الوقود السائل في توليد الكهرباء في السعودية واستخدام الغاز الطبيعي بدلًا منه بوصفه مصدرًا أكثر كفاءة للطاقة وأقلّ إنتاجًا للانبعاثات.
نفّذت أرامكو السعودية معملًا لاستخلاص سوائل الغاز الطبيعي بطاقة إنتاجية 2.4 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا لتوفير كميات كبيرة من الإيثان، لما له من أهمية أساسية للتطوير الصناعي، وغيره من سوائل الغاز الطبيعي.
كما أجرت أرامكو تحسينات كبرى لزيادة طاقة توليد الكهرباء من التوليد المشترك إلى أكثر من 1غيغاواط.
جوائز المشروع
يمثّل مشروع حقل نفط الشيبة الحائز على جوائز قدرة الشركة على التخطيط والوفاء بالطلب العالمي على الطاقة، والقيام بذلك بما يتواءم مع البيئة الطبيعية، إذ يمكن لاحتياطيات حقل الشيبة وحدها أن تلبي احتياجات العالم بأسره من النفط لما يزيد على 160 يومًا، أو تأمين احتياجات أوروبا لأكثر من عامين.
فاز مشروع حقل نفط الشيبة بجائزة مجلس التعاون الخليجي للتميز البيئي في عام 2011، لاستخدامه تقنية التلافي التام لحرق الغاز، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، واستخلاص الانبعاثات وحماية الحياة البرية، إذ يعيش بالمنطقة المحيطة بالحقل أكثر من 70 غزال رملي و40 مها عربي.
يستطيع حقل الشيبة ضخّ نحو 1.3 مليون برميل يوميًا لمدة 70 عامًا، وفق العديد من الإحصاءات، إذ إنه يضخّ نصف حجم إنتاج أصغر منتج في منظمة أوبك.
ماذا تعرف عن الدولة الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية؟
أثبت السعودية في السنوات الأخيرة أنها مازالت المؤثر الأكبر في أسواق النفط، حيث أنها لم تغيّر إنتاجها بكميات كبيرة فحسب، بل قادت تحالف أوبك+ إلى بر الأمان بعد أن كادت الأمواج العاتية أن تطيح به.
كما أن المملكة لم تثبت ريادتها في أسواق النفط فحسب، وإنما أثبتت ريادتها العالمية في مجالات الطاقة المتجددة والتغيّر المناخي.
وتُعد السعودية هي أكبر منتج للنفط بين أعضاء أوبك، وأكبر دولة مصدّرة للخام في العالم، ورغم أنها ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا إلا أن لديها أكبر طاقة لإنتاج النفط الخام في العالم، أو بعبارة أخرى، إذا قررت السعودية أن تنتج بكامل طاقتها الإنتاجبة فإنها ستكون أكبر منتج للنفط في العالم.
وبغض النظر عن ترتيب المملكة في الإنتاج والتصدير، إلا أنها الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية، فهي الدولة الوحيدة التي تستطيع تغيير إنتاجها صعودًا أو هبوطًا بكميات كبيرة، تساعدها في ذلك سياستها النفطية التي تقضي بتوافر طاقة إنتاجية فائضة لا تقل عن مليوني برميل يوميًا لاستخدامها في وقت الطوارئ.
اكتشاف النفط
تعود بدايات أرامكو -شركة النفط الوطنية في السعودية- إلى عام 1933، أي قبل اكتشاف الخام في الدولة العربية بنحو 5 أعوام، عندما وقّع الملك عبدالعزيز آل سعود اتفاقية التنقيب مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا الأميركية.
وبعد جهود عديدة من التنقيب والاستكشاف في صحراء السعودية بحثًا عن النفط، وبعد بداية مخيبة للآمال، تم اكتشاف النفط.
بدأ إنتاج النفط من حقل الدمام رقم 7، على عمق 1440 مترًا، والمعروف كذلك باسم بئر الخير، وكان ذلك يوم 3 مارس/آذار 1938.
إلا أن هناك خلافًا بين الباحثين والإعلاميين عما إذا كان الاكتشاف قد جرى يوم 3 مارس/آذار أو 4 مارس/آذار، ويبدو أن سبب الخلاف هو فارق التوقيت بين السعودية ومقر الشركة في كاليفورنيا، كما أن السبب قد يعود إلى توقيت الاكتشاف مقابل وقت الإعلان عنه.
احتياطيات النفط
تمتلك السعودية ثاني أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في العالم بعد فنزويلا، إذ تبلغ نحو 297.5 مليار برميل من النفط حتى نهاية عام 2020، حسب بيانات شركة النفط البريطانية (بي بي).
وكانت احتياطيات السعودية ثابتة لمدة طويلة من الزمن عند مستوى قريب من 265 مليار برميل، رغم الإنتاج الضخم، وذلك بسبب سياسة أرامكو التي تقتضي التعويض فقط عما أُنتج سنويًا، في محاولة لترشيد الإنفاق الرأسمالي، هذه الفكرة مهمة لأن ثبات الاحتياطيات في السعودية مرتبط بسياسة الاستثمار، ولا علاقة له بموضوع نضوب النفط.
ومع ذلك، فإن الاحتياطيات قُيّمت من جانب شركات مستقلة قبل اكتتاب أرامكو، في محاولة للوصول إلى قيمتها العادلة في السوق، فأظهرت الشركات الأجنبية المستقلة أن احتياطيات أرامكو أكبر مما هو معلن بنحو 30 مليار برميل، الأمر الذي يفسّر الزيادة المبلغ عنها عام 2017.
ورغم الزيادات الطفيفة المستمرة بعد ذلك، فإنه يُتوقع أن احتياطيات أرامكو انخفضت قليلاً عام 2020؛ بسبب جائحة كورونا، مثلها مثل أغلب شركات النفط العالمية.
إنتاج النفط
يمثّل قطاع النفط والغاز ما يقرب من 50% من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية -التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 34 مليون نسمة- كما يُشكّل هذا القطاع نحو 70% من عوائد الصادرات.
وحقّقت المملكة عوائد إجمالية قدرها 261.530 مليار دولار من صادراتها عام 2019، من بينها 202.370 مليار دولار من قطاع النفط فقط.
وبعد الانخفاض الكبير في إمدادات الخام وأسعار النفط خلال 2020، ارتفعت الإيرادات بشكل كبير في الفترات الأخيرة؛ بسبب ارتفاع الأسعار والإنتاج معًا.
ويقدر إنتاج السعودية في شهر سبتمبر/أيلول لعام 2021 بنحو 9.7 مليون برميل يوميًا، ويتوقع أن يستمر بالزيادة في الشهور المقبلة ليتجاوز متوسط إنتاج النفط في 2018، والذي بلغ نحو 10 ملايين برميل يوميًا.
وبحسب إفصاح الاكتتاب الخاص بالطرح العام الأولي لأسهم أرامكو، فإن متوسط تكلفة إنتاج برميل النفط الواحد في السعودية يُقدر بنحو 2.8 دولارًا، لتكون التكلفة الأقل في العالم.
وفي نفس السياق، بلغ إنتاج السعودية من النفط والمكثفات والسوائل الغازية 11.039 مليون برميل يوميًا عام 2020، وهو ما كان أقل من المستويات المسجلة في المدة من عام 2011 وحتى 2012، حيث كان يتراوح بين 11 إلى ما يزيد عن 12 مليون برميل يوميًا.
ومع ذلك، من المرجح أن يعاود إنتاج النفط والمكثفات والسوائل الغازية الصعود هذا العام، مع التعافي من تداعيات وباء كورونا وارتفاع أسعار الخام فضلاً عن التخفيف التدريجي لاتفاق أوبك+ بشأن تقليص إمدادات النفط.
ومن ناحية أخرى، بلغ استهلاك السعودية من النفط 3.544 مليون برميل يوميًا عام 2020، وفقًا لبيانات شركة بي بي، متراجعًا بنسبة 2.5% عن العام السابق له.
وتقود السعودية اليوم الدول الأعضاء في منظمة أوبك، مع حقيقة تنفيذ الرياض الخفض الطوعي لإمدادات النفط بنحو مليون برميل يوميًا في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2021، قبل أن تمدّد هذا القرار حتى أبريل/نيسان وإنهاؤه في الأشهر الثلاثة التالية.
وفي شهر يناير/كانون الثاني 2021، زاد الإنتاج السعودي من الخام، لكنه انخفض بشكل حاد -930 ألف برميل يوميًا- في فبراير/شباط، ليتراجع من 9.077 إلى 8.126 مليون برميل يوميًا، وهو ما يتزامن مع قرار الخفض الطوعي الذي تنفذه الرياض، قبل العودة مؤخرًا لمستويات فوق 9 ملايين برميل يوميًا.
ونظرًا إلى حالة عدم اليقين الناجمة عن الوباء وما يصاحبها من مستجدات سريعة ومتلاحقة، فإن تحالف أوبك+ بات يحدد سياسة الإنتاج للدول الأعضاء بشكل شهري.
وسبق ذلك اتفاق في منتصف عام 2020، بعد صدام بين السعودية والدولة التي تقود منتجي الخام الحلفاء من خارج أوبك -روسيا- ما تسبب في نشوب حرب للأسعار بين الجانبين حينذاك، لكن سريعًا ما عاد كبار منتجي النفط إلى طاولة المفاوضات، كما أبرموا اتفاقًا من شأنه سحب الإمدادات النفطية من الأسواق، لمواجهة انهيار الطلب على الخام الذي خلّفه فيروس كورونا وتداعيات مواجهة الوباء على النشاط الاقتصادي.
وقبل كل هذا، كان هناك اتفاق لخفض الإمدادات النفطية من جانب تحالف أوبك+، وهي المجموعة التي تضم أعضاء أوبك والمنتجين من خارج المنظمة، بدأ في أوائل عام 2019 حتى 30 مارس/آذار 2020، وسبقه اتفاق من بداية عام 2017 حتى نهاية 2018.
أداء الاقتصاد
من المتوقع أن يتوسّع اقتصاد السعودية بنحو 2.6% خلال عام 2021، كما تشير تقديرات صندوق النقد الدولي الصادرة في يناير/كانون الثاني، وهو ما يمثّل تعديلاً بالخفض بنحو 0.5% عن تقييمات أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وبموجب تقديرات معهد التمويل الدولي -الصادرة في فبراير/شباط 2021- فإن اقتصاد السعودية سينمو بنسبة 2.4% خلال العام الجاري عند متوسط أسعار لخام برنت يبلغ 52 دولارًا للبرميل، وإنتاج نحو 9.36 مليون برميل يوميًا من النفط.
وأما في ظل السيناريو الذي يفترض متوسط سعر برميل برنت عند 62 دولارًا، وضخ نحو 9.36 مليون برميل يوميًا من الخام؛ فإن معهد التمويل يعتقد أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة سيتوسع بنحو 2.6% خلال عام 2021.
ويتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للسعودية -أداء الاقتصاد في القطاعات كافة باستثناء قطاع النفط- بنحو 3% و3.3% هذا العام في كلا السيناريوهين سالفي الذكر على الترتيب.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنحو 3.9% خلال عام 2020، طبقًا لصندوق النقد، ليكون الانكماش الأول في غضون 3 أعوام، في حين يقدّر معهد التمويل الدولي هذا الانكماش بنحو 4.2%.
ويشير معهد التمويل إلى أن تأثير وباء كورونا في اقتصاد السعودية كان محدودًا، بسبب مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي المنخفضة نسبيًا.
وأدت استجابة السياسة القوية من جانب حكومة السعودية إلى وضع المملكة في مسار أفضل بالنسبة إلى التعافي الاقتصادي.
ويعتقد معهد التمويل أن ارتفاع أسعار النفط جنبًا إلى جنب مع تعافي الإيرادات في القطاع غير النفطي سيسهمان في تقليص العجز المالي من 11.9% -نسبة للناتج المحلي الإجمالي في عام 2020- إلى 4.3% هذا العام.
الاقتصاد الدائري للكربون
خلال رئاستها لاجتماعات دول مجموعة الـ20 العام الماضي، أطلقت السعودية مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، لتكون أول من يتبنى هذا النوع من الاقتصاد، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية.
وترى السعودية أن الاقتصاد القائم على تدوير الكربون هو إطار فعّال؛ لتشجيع خفض مستوى الانبعاثات على مستوى العالم، ودعم جهود تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
وتراجعت انبعاثات الكربون في السعودية إلى 565.1 مليون طن بنهاية 2020، لتواصل الهبوط للعام الرابع على التوالي، بحسب بيانات شركة بي بي.
وعلى خلاف نموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استخدام المواد ثم التخلص منها، يشجع اقتصاد تدوير الكربون على تبني نموذج تدويري يركز على 4 محاور رئيسة: الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامها وتدويرها وإزالتها من البيئة، وفقًا لشركة أرامكو.
أولًا، الحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك من خلال تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الاحتراق وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة.
وتصنَّف كثافة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أعمال التنقيب والإنتاج في أرامكو ضمن الأقل كثافة في قطاع الطاقة، بحسب الشركة السعودية.
ثانيًا، إعادة استخدام الانبعاثات، من خلال تعزيز تقنية التقاط الكربون واستخدامه في تصنيع منتجات مفيدة أو إعادة حقنه في حقول النفط والغاز لتعزيز الإنتاج.
وتدير أرامكو في حقل الغوار مشروعًا يعمل بأحدث التقنيات في الشرق الأوسط لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وإعادة حقنه.
ثالثًا: إعادة التدوير، إذ يتحول ثاني أكسيد الكربون كيميائيًا إلى مواد جديدة من الأسمدة، أو أشكال أخرى من الطاقة كالوقود الصناعي.
رابعًا: إزالة الكربون، وذلك من خلال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أو التقاطه مباشرة من الغلاف الجوي، كما تساهم زيادة التمثيل الضوئي -عن طريق زراعة الأشجار- في الحد من الانبعاثات.
الغاز الطبيعي
تمتلك السعودية 6 تريليونات متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي بنهاية عام 2020، مقارنة مع 5 تريليونات متر مكعب احتياطيات عام 1990، بحسب بيانات بي بي.
وارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في السعودية إلى 112.1 مليار متر مكعب بنهاية 2020، مقارنة مع 111.2 مليار متر مكعب عام 2019، وهو ما يمثل ارتفاعًا حادًا عن مستويات الإنتاج عام 1970 والبالغة 1.5 مليار متر مكعب فقط.
وفي نهاية عام 2020، بلغ الطلب على الغاز الطبيعي في السعودية 112.1 مليار متر مكعب مقابل 111.2 مليار متر مكعب الاستهلاك المسجل عام 2019، ما يعني أن الرياض لا تستورد الغاز أو تصدره.
وتنتج شركة أرامكو -المملوكة للدولة- نحو 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز غير المصاحب، مع 8.8 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المصاحب، وفقًا لتقديرات شركة بلاتس أناليتيكس أوائل عام 2020.
وتخطط أرامكو لبدء الإنتاج من حقل الجافورة للغاز الطبيعي بحلول عام 2024 والوصول إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يوميًا من مبيعات الغاز بحلول عام 2036.
مشروع الجافورة
تأمل السعودية في أن تصبح مُصدرة للغاز الطبيعي بحلول عام 2030، لتنويع مبيعات النفط، مع حقيقة أنها سابع أكبر دول العالم امتلاكًا للغاز الطبيعي -باحتياطي 6 تريليونات متر مكعب.
وتعمل السعودية على تحقيق هذا الهدف من خلال مشروع غاز الجافورة، الذي يُعد أحد أكبر حقول الغاز غير التقليدية في العالم، باحتياطيات تُقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة (5.66 تريليون متر مكعب).
وقامت أرامكو السعودية بحفر 150 بئرًا في حقل الجافورة للغاز الصخري كجزء من برنامج التنقيب والتقييم الذي بدأ عام 2013.
فيما حصلت أرامكو على الموافقة التنظيمية لتطوير حقل غاز الجافورة بقيمة 110 مليارات دولار في فبراير/شباط لعام 2020.
وتتوقع الشركة السعودية أن يبدأ الإنتاج في هذا الحقل بحلول عام 2024، ليصل إلى نحو 2.2 مليار قدم مكعبة يوميًا من المبيعات بحلول عام 2036.
ومن المرجح أن يضع حقل الجافورة المملكة في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في إنتاج الغاز الطبيعي بحلول عام 2030، بحسب وزارة الطاقة السعودية.
ويهدف مشروع غاز الجافورة في المقام الأول إلى توفير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء المحلية، ولتشغيل قطاعات متعددة، مثل صناعة الحديد والألومنيوم وتحلية المياه وإنتاج البتروكيماويات، كجزء من الإستراتيجية الاقتصادية لرؤية المملكة 2030 للتنويع بعيدًا عن النفط.
وفضلًا عن ذلك، بات الغاز الطبيعي ركيزة رئيسة لتقليل الاعتماد على النفط، خاصة وسط سياسات تحوّل الطاقة، مع حقيقة أن الغاز أقل أنواع الوقود الأحفوري إطلاقًا للانبعاثات.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، فتحت أرامكو مشروع الجافورة للاستثمار من قبل الشركات الأجنبية من أجل تمويل المشروع بقيمة 110 مليارات دولار، أملًا في تحقيق رؤيتها الطموحة بالنسبة للغاز الطبيعي.
حقول النفط والغاز
تمتلك السعودية حقل الغوار، وهو أكبر حقل نفط بري في العالم من ناحية الاحتياطيات والإنتاج اليومي، إذ يحتوي على 58.3 مليار برميل مكافئ من النفط.
ولدى السعودية عدة حقول رئيسة، مثل خريص والسفانية وأبوسعفة والشيبة.
بينما ترتبط معظم حقول الغاز الطبيعي في السعودية برواسب النفط، أو توجد في نفس الآبار مثل النفط الخام، مع حقيقة أن معظم الإنتاج يأتي من حقول الغوار والسفانية والبري والظلوف.
ويمثل الغاز الطبيعي المصاحب المنتج من حقل نفط الغوار وحده ما يقرب من 48% من إجمالي الإنتاج، وفقًا لبيانات شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.
ويُعد حقل غاز كران، المُكتشف عام 2006، هو أول تطوير بحري للغاز غير المصاحب في السعودية، وبدأ تشغيل الحقل عام 2012، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.8 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز الحامض الذي يُسلم عبر خط أنابيب تحت سطح البحر بطول 68 ميلًا إلى محطة الغاز الطبيعي في الخرسانية.
كما بدأ حقل الحصبة البحري الإنتاج في مارس/آذار عام 2016 بسعة 1.3 مليار قدم مكعبة يوميًا.
قطاع الكهرباء
يبلغ توليد الكهرباء في السعودية نحو 340.9 تيراواط/ساعة بنهاية عام 2020، بحسب بيانات شركة بي بي البريطانية، منها 207 تيراواط/ساعة مولدة عبر محطات تعمل بالغاز الطبيعي.
ويقارن ذلك مع قدرة توليد بلغت 343.7 تيراواط/ساعة خلال عام 2019، من بينها 206 تيراواط/ساعة عبر محطات الغاز الطبيعي و206 تيراواط/ساعة عبر محطات التوليد العاملة بالنفط.
وفي كلا العامين، 2019 و2020، جرى توليد نحو 1 تيراواط/ساعة فقط من الكهرباء في المملكة عبر مصادر الطاقة المتجددة، وفقًا لبيانات بي بي.
وتمتلك البلاد أكبر خطة توسعة لتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط، مع خطط لزيادة قدرة التوليد إلى 120 غيغاواط بحلول عام 2032.
وتُعد الشركة السعودية للكهرباء (SEC) أكبر مزود للكهرباء في السعودية، بإجمالي قدرة توليد متاحة تبلغ 74.3 غيغاواط.
ولتلبية متطلبات ذروة الطلب، تشارك السعودية في جهود مجلس التعاون الخليجي لربط شبكات الكهرباء في الدول الأعضاء (البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات).
ومن ناحية أخرى، تخطط السعودية لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في توليد 50% من الكهرباء بحلول عام 2030، رغم أنها تمثل نسبة ضئيلة للغاية -تقل عن 1%- من إجمالي التوليد في عام 2019.
المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة