من بين ملايين المصريين، يخوض الشاب صابر براية ملحمة يومية لتوفير لقمة العيش لـ10 أشخاص، هم أفراد أسرتيه ووالدته.
قبل عام 2019، كان صابر يعمل بالمملكة الأردنية الهاشمية، وكان حمله واحدا فقط، إذ كان متزوجا ولديه 5 أبناء، لكن حياته انقلبت رأسا على عقب بعد عودته إلى أرض الوطن.
عاد ابن محافظة المنيا بصعيد مصر قبل انتشار جائحة كورونا، وبعده بأيام لحق به أبوه الذي كان يعمل هو الآخر في الأردن، لكنه رجع ليلقي نظرة وداع على أهله قبل أن يلقى ربه.
وبعد وفاة الوالد، ثقل الحمل على الشاب الذي لم يكسر بعد عتبة الثلاثين، ويقول لـ”العين الإخبارية”: “جرى العرف بيننا في الصعيد على أن يتحمل الأبن الأكبر تركة أبيه من المسؤولية”.
الزيجة الثانية
وجد صابر نفسه مسؤولا عن أسرته المؤلفة من 5 أفراد، فضلا عن والدته، لكنه لم يقنع بهذا الحمل، وزاد عليه عبئا ثقيلا، كما يقول، حين أعجب بفتاة من بلدته، ليقرر الزواج بها دون تردد.
“لم أكن سعيدا في زيجتي الأولى، رغم إنجابها 5 أبناء”، يقول الشاب البالغ من العمر 33 عاما، مضيفا: “شعرت أنني أميل، فقررت أن يكون هذا الميل في الحلال، فتزوجت ثانية”.
يبدي صابر ندمه على قرار زواجه الثاني، ويقول: “تسبب لي في مشاكل كثيرة مع أهلي، والدي كان غاضبًا بشدة، وقامت الدنيا ولم تقعد، والجميع لاموني، لكن لا أحد يعلم أسرار البيوت”.
ويضيف الشاب المصري: “لم يكن أمامي حل آخر، الأمور كلها جاءت دفعة واحدة، أو كما نقول في لغتنا الدارجة (خد مكثف)، وفجأة وجدت نفسي متزوجًا من الثانية، ورزقت منها ببنت”.
العمل 17 ساعة يوميًا
بمجرد عودته من الأردن، انتقل صابر من مسقط رأسه في مدينة دير مواس بمحافظة المنيا للعمل في القاهرة، بعدما اشترى دراجة نارية “موتوسيكل” بالتقسيط، وبدأ بالعمل في أكثر من تطبيق للنقل وتوصيل الطلبات.
ويقول: “لم يعينني أحد على حملي، وتقبلته بصدر رحب لكوني المتسبب فيما آلت إليه الأمور، واضطررت للعمل ساعات إضافية وعلى أكثر من تطبيق لتحسين دخلي، والآن أعمل في طلبات وأوبر وحالا وديدي”.
يدفع صابر 1050 جنيهًا قسطًا شهريًا لـ”الموتوسيكل”، ويقول: “الحمد لله، لم يتبق سوى 7 أقساط فقط”، مشيرا إلى أنه يسافر إلى مسقط رأسه بانتظام لسداد القسط، وقضاء 10 أيام مع أبنائه وزوجته الأولى.
يضيف: “بلدتي هي دير مواس، آخر مركز في المنيا، أعمل في القاهرة شهرا متواصلا أو شهرين، وأسافر إلى البلد 10 أيام، وباشتغل بكل قوتي، بعدما سلكت طريقًا بلا عودة، ولا يمكنني سوى المحاولة لتحسين الوضع”.
دورة العمل
يروي الشاب المصري دورة عمله، ويقول إنه يخرج من منزله في منطقة العمرانية بمحافظة الجيزة في العاشرة صباحًا، ويعود إلى أسرته في الثانية أو الثالثة صباح اليوم التالي، وينام أقل من 7 ساعات.
يبدأ صابر بالعمل على تطبيق “طلبات” لأنه يشترط عدد ساعات معينة، وبعدها يتفرغ للتطبيقات الأخرى: “أفتح جميع التطبيقات أمامي، وإذا جاءتني رحلة من (أوبر) أغلق باقي التطبيقات لحين إنهاء الرحلة وهكذا”.
واختتم الشاب المصري بالحديث عن أمنياته، قائلًا: “أبحث عن شقة بإيجار معقول؛ لأن إيجار شقتي الحالية يرهق ميزانيتي، كما أحتاج إلى موبايل بإمكانات جيدة لتحمل ضغط العمل والتطبيقات، والله المستعان”.
العين الإخبارية