مع حلول عام 2022.. ثبات بمناطق النفوذ وأزمات إنسانية مستمرة في شمال سوريا

يحل عام 2022 على السكان المدنيين في شمال غربي سوريا، وسط أزمات إنسانية مستمرة، فاقمها طول أمد الصراع العسكري لعقد من الزمن، والانهيار الاقتصادي نتيجة تراجع قيمة الليرة السورية، فضلا عن عدم الوصول إلى حلول جذرية لمأساة النازحين السوريين في المخيمات.

ورغم ثبات مناطق السيطرة العسكرية لأطراف النزاع بسوريا منذ أكثر من 22 شهرا، فإن ذلك لم يمنع القصف على المناطق المأهولة بالسكان في النواحي التي تسيطر عليها المعارضة السورية؛ إذ تتعرض مناطق إدلب وحلب للقصف من قوات النظام وروسيا، ويُسجل سقوط ضحايا من المدنيين بين الحين والآخر.

كيف تبدو خارطة السيطرة العسكرية مع بدء 2022؟

لم يطرأ أي تغيير على مناطق السيطرة العسكرية للأطراف العسكرية الفاعلة في سوريا منذ فبراير/شباط 2020. ووفق “مركز جسور للدراسات” فإن خريطة النفوذ العسكري في سوريا لم تتغير حتى نهاية العام 2021، وبقيت نسب السيطرة ثابتة بشكل كلي بين أطراف النزاع.

ووفق أحدث خريطة أصدرها المركز، فإنّ خريطة سيطرة القوى على الأرض هي على النحو الآتي:

– فصائل المعارضة تسيطر على 10.98% من الجغرافيا السورية، وتتوزع في إدلب وشمال حلب، وفي منطقة تل أبيض ورأس العين في الرقة والحسكة، وكذلك في “الزكف” و”التنف” (المنطقة 55) في جنوب شرق سوريا.

– النظام السوري يسيطر على 63.38% من الجغرافيا السورية، وهي سيطرة شبه تامة على محافظات الساحل والوسط وجنوب سوريا، وعلى أجزاء من المحافظات الشرقية ومحافظة حلب. وأصبحت سيطرته على محافظة درعا شاملة بعد عملية تصعيد بدأها على المحافظة في تموز 2021.

– قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على 25.64% من الجغرافيا السورية، وهي نفس النسبة المسجلة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وتشمل أجزاء واسعة من محافظة دير الزور والرقة والحسكة، وأجزاء من محافظة حلب.

توقعات بثبات التقسيمات

وتوقع محمد سرميني مدير مركز “جسور للدراسات” أن تحافظ القوى المحلية على نِسب سيطرتها الجغرافية، بسبب الضغط الدولي باتجاه تثبيت حالة الاستقرار، وعدم رغبة الأطراف الإقليمية، أو عدم توافقها على إجراء أي تعديل على خارطة السيطرة.

وقال سرميني للجزيرة نت إن اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا في الخامس من مارس/آذار 2020، خلق أطول فترة استقرار نسبي شهدتها الخريطة السورية بين الفاعلين المحليين، واستمر إلى 22 شهرا وبقيت ألوان مناطق النفوذ ثابتة بين المعارضة والنظام وقوات سوريا الديمقراطية.

كيف يدخل النازحون السوريون العام 2022؟

تدخل مأساة النازحين السوريين عاما جديدا دون أي تغييرات أو بوادر تغيير إيجابية لوقف المعاناة التي تواجه مئات الآلاف منهم.

ويواجه النازحون أزمة انعدام وقود التدفئة، وخاصة في مخيمات الشمال السوري، وسط البرد القارس وفي خيام مهترئة عمر معظمها من عمر الثورة السورية.

ويقدر فريق “منسّقو استجابة سوريا” -في آخر إحصاء للسكان شمال غربي سوريا- عدد النازحين السوريين داخل البلاد بأكثر من 6 ملايين نازح، منهم أكثر من مليون ونصف يسكنون المخيمات المقامة في العراء والأراضي الزراعية.

وقال محمد حلاج مدير “منسقو استجابة سوريا” إن مأساة النازحين في فصل الشتاء وغرق الخيام وغياب الوقود، مستمرة وتتكرر كل عام بنفس السيناريو والنتائج والأضرار.

وتوقّع حلاج للجزيرة نت أن تستمر هذه الأزمة في غياب الاستجابة من المعنيين وفقدان الحل السياسي.

ما الانتهاكات التي تُسجل بحق المدنيين في إدلب وحلب؟

خلال عام 2021، قُتل 1271 مدنيا سوريا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، وفق حصيلة وثقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وحصلت الجزيرة نت على نسخة منها.

ووفق الشبكة، فإن ما لا يقل عن 19 مجزرة ارتكبتها أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا عام 2021.

ورأى فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه لا أفق للحل والعمل بشكل جدي على إنهاء الكارثة السورية وإيقاف الانتهاكات المستمرة منذ سنوات بحق المدنيين السوريين.

وقال عبد الغني للجزيرة نت إن الانتهاكات المسجلة هذا العام أقل من السنوات السابقة “لكن هذا المؤشر غير دقيق، فهي حصيلة تراكمية ومرتفعة، فالقتل مستمر ولم يتوقف”.

ما الانعكاسات المتوقعة على تداول السكان الليرة التركية؟

منذ قرابة عامين بدأ الأهالي يتداولون الليرة التركية بعد أن أعلنت المعارضة السورية رسميا استخدام العملة التركية بدل السورية، جراء فقدان الأخيرة قيمتها أمام الدولار الأميركي، والخسارات المتتابعة التي لحقت بها.

ورغم التحسن النسبي الذي طرأ مؤخرا على سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، فإن أسعار المواد الأساسية من الغذاء والوقود والخبز لم تشهد انخفاضا ملموسا في أسواق شمال غربي سوريا، ولاحظ السكان ثباتها على عكس المتوقع.

وقال مواطنون من ريفي حلب وإدلب للجزيرة نت، إن التجار قاموا برفع أسعار المواد على وقع انهيار الليرة السابق، ولدى الانتعاش الأخير لها لم يعدلوها وحافظوا على سعرها القديم لها.

من جهته، قال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري (معارضة) إن أسباب ارتفاع الأسعار في السوق مرتبط بسعر صرف الليرة التركية إضافة إلى مسألة التضخم العالمي وغلاء سعر النفط عالميا.

وقدّر المصري -في حديثه للجزيرة نت- أن انتعاش الليرة التركية سيخفّض الأسعار في المدى المنظور، مؤكدا أن بعض البضائع انخفض سعرها، في الوقت الذي تعتزم الحكومة منع تسعير البضائع بالدولار وضبط الأسعار بشكل واضح.

 

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version