تشارك أوروبا في تمويله وتُنفذه روسيا.. المغرب يبدأ دراسات مشروع المحطة النووية في 2023 والاستثمار سيصل إلى 40 مليار دولار
تستعد وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لتوقيع عقد دراسات مشروع إنشاء محطة للطاقة النووية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2023، وذلك تمهيدا للشروع في إنجاز المحطة التي يُتوقع أن تُكلف 40 مليار دولار، ويبرز هذه المرة الاتحاد الأوروبي كجهة مساهمة في تمويل المشروع بعد أن عرضت روسيا وإسرائيل في السابق المساهمة فيه، ولا تزال موسكو المرشحة الأولى خلال عملية التنفيذ.
ونقل موقع “الطاقة” المتخصص عن مصادر في وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن مشروع محطة الطاقة النووية المغربية يُتوقع أن يشهد تطورات خلال الربع الأول من سنة 2023، حيث ستقوم الحكومة المغربية، عبر الوزارة المكلفة، بتوقيع عقد الشروع في دراسات الجدوى حول المشروع بتمويل من إحدى الجهات الأوروبية المانحة.
وكشف المصدر نفسه، نقلا على الوزارة التي توجد على رأسها ليلى بن علي، أن حجم الاستثمارات في هذه المحطة ستصل مبدئيا إلى حوالي 40 مليار دولار، حيث يتوقع بناء مفاعلين نووين في موقع، وتظل شركة “روساتوم الروسية” هي الأقرب لتنفيذ المشروع، ويُنتظر أن تُطلق الرباط حملة لجمع التمويل بعد الحسم في قرار الاستثمار النهائي.
وفي أكتوبر الماضي أعلنت موسكو دخول اتفاقية بينها وبين المغرب حيز التنفيذ، من أجل بناء محطة نووية للاستخدامات السلمية على أراضي المملكة، وذلك بعد أن أشَّر رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين على الاتفاق الذي سيكون من بين أغراضه استخدام هذه الطاقة في إنتاج الكهرباء، ويتعلق الأمر باتفاق بين المؤسسة الحكومية الروسية المتخصصة في مجال الطاقة النووية “روساتوم” والحكومة المغربية.
ويهدف هذا الاتفاق الموقع سنة 2018، عقب زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين، إلى دعم أهداف المملكة في إنشاء مفاعل نووي وتحسين البنى التحتية النووية الموجودة حاليا، الأمر الذي يضمن الاستخدام السلمي لهذه الطاقة في 14 مجالا بما في ذلك إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر وإنشاء محطة لمُسَرِّعات الجسيمات الأولية المستخدمة في عمليات الشحن الكهربائي.
وحسب وكالة الأنباء الروسية “تاس”، يشمل الاتفاق الاعتماد على التجربة الروسية في مجال التعامل مع النفايات النووية وتدوير الوقود النووية المشع، بالإضافة إلى النقيب على رواسب اليورانيوم والبحث عن الموارد المعدنية، كما يتضمن أيضا جانبا تكوينيا يتمثل في قيام الخبراء الروس بتدريب موظفي المحطات النووية المغربية والعاملين في المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية.
وفي أواخر شتنبر الماضي، أعلنت إسرائيل أنها مستعدة لمد الدول العربية التي وقعت معها على اتفاقيات سلام بالتكنولوجيا النووية، وذلك حسب ما أكده بيان للوكالة الدولية للطاقة الذرية نقلا عن موشي إدري، المدير العام للجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية، الذي كان يتحدث أمام المؤتمر السادس والستين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعاصمة النمساوية فيينا، مبرزا أن الاتفاقيات الموقعة سنة 2020 والتي كانت إحداها مع المغرب، ستكون الطريق لتحقيق ذلك.
اقرأ المزيد:
لديه الشمس والمساحة.. مخاوف إسبانية من منافسة المغرب في إنتاج الهيدروجين الأخضر بعد تقرير بنك الاستثمار الأوروبي
أضحت خلاصات تقرير بنك الاستثمار الأوروبي الصادر الأسبوع الماضي، حول “إمكانيات الهيدروجين الأخضر غير العادية في إفريقيا”، تشكل مصدر قلق لإسبانيا بسبب موقع المغرب في هذه الوثيقة، وذلك بعدما صنف خطط المملكة لإنتاج هذه المادة الصديقة للبيئة ضمن “الأكثر تقدما”، ما يفتح الباب أمام الاستثمارات الأوروبية في بلد تعتبره مدريد منافسا مستقبليا لها في هذا المجال الطاقي.
وأورد تقرير لصحيفة the objective أن بنك الاستثمار الأوروبي، الذي وصفته بأنه ذراع الاتحاد الأوروبي في مجال الاستثمارات، سلط الضوء على قدرات المغرب في مجال الطاقة الشمسية وإنتاج الغاز النظيف، ما يمثل التزاما من بروكسيل تجاه المملكة التي تعد “أحد المنافسين الرئيسيين لإسبانيا في سباق إنتاج طاقة المستقبل”.
وأورد التقرير أنه على المستوى الرسمي لا تعتبر رساة الحكومة الإسبانية المغرب تهديدا أو منافسا مباشرا في مجال نشر الهيدروجين الأخضر بإسبانيا، لكن عمليا تفي الرباط بالشرطين الأساسيين لإنتاج هذه المادة، إذ لديها الكثير من الشمس والكثير من المساحة، وهما شرطان تُوفرهما إسبانيا أيضا لكنها تظل مع ذلك “بعيدة عن الاعتمام الذي تظهر بروكسيل الآن تجاه المغرب في ما يتعلق بتطوير إنتاج الغاز النظيف”.
وترى مصادر في الاتحاد الأوروبي، وفق المصدر ذاته، أن القارة الإفريقية شريك استراتيجي لضمان وصول الطاقة النظيفة والمستدامة إلى أوروبا، وستصبح “لاعبا دوليا” في مجال الطاقة بفضل صادرات الهيدروجين الأخضر، حيث سيتم تسخير الطاقة الشمسية في إنتاج 50 مليون طن من هذه المادة سنويا بحلول سنة 2035، ما يمكن أن يساعد في تأمين إمدادات الطاقة العالمية وخلق فرص العمل وإبعاد الكربون عن الصناعات الثقيلة، بالإضافة إلى الاستدامة الطاقية.
وما يثير المخاوف الإسبانية، حسب الصحيفة الإسبانية، هو أن التقرير الذي يُعد أول دراسة تفصيلية حول جدوى تطوير مجال الهيدروجين الأخضر في إفريقيا، هو تطرقه لفرص الاستثمار في 4 دول موزعة على 3 أقطاب، الأول هو المغرب وموريتانيا، الأقرب جغرافيا لإسبانيا وأوروبا عموما، والثاني مصر والثالث جنوب إفريقيا، مع خارطة طريق للحلول التقنية والاقتصادية والبيئية والمالية، ما يعني إتاحة المجال للشروع عمليا في تدفق الاستثمارات.
وينص التقرير الأوروبي على أن إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر يمكن أن يتضمن استثمارا فلكيا قدره تريليون أورو، مقابل الزيادة الهائلة في الإنتاج المحلي الإجمالي، ما يخلق مئات الآلاف من مناصب العمل الدائمة والمؤهلة في جميع أنحاء إفريقيا، وفي المقابل فإن أوروبا ستكون أكثر راحة بخصوص مستقبل احتياجاتها الطاقية، لتخلص الصحيفة إلى أن “هذه ليست المرة الأولى التي تضر فيها الاستثمارات والمساعدات الأوروبية للمغرب المصالح الاقتصادية والتجارية لإسبانيا”.
ومع ذلك ستلعب إسبانيا دورا غير مباشر في هذا المشروع عن طريق مشاركتها في البنك الاستثماري الأوروبي، ولكن أيضا عن طريق تحالف الشركات الأوروبي HyDeal، وهي مشروع مشترك لتطوير الطاقة الشمسية ونقل الغاز والصلب والأسمدة، والتي تقوم ببناء أكبر مركز للهيدروجين الأخضر في أوروبا، ومن بين الشركات التي يتكون منها التحالف شركتان إسبانيتان هما ArcelorMittal وEnagás.
المصدر: الصحيفة