“أطفالي يرتجفون من البرد”.. “مربعانية” درعا بلا وقود

“أطفالي يرتجفون من البرد، لا إمكانية لتشغيل المدفأة خلال ساعات النهار، فلا يوجد لدي ما يكفي من المازوت”.

تشكو هدى (30 عامًا) لعنب بلدي نقص مادة المازوت، فرغم دخول فصل الشتاء على أهالي مدينة درعا (جنوبي سوريا)، فإن مديرية المحروقات لم تنتهِ من توزيع مخصصات الدفعة الأولى من مادة المازوت المدعوم.

تراقب هدى، وهي من سكان بلدة اليادودة بريف درعا الغربي، هاتفها في أغلب الوقت، منتظرة وصول رسالة إشعار تسلّمها حصتها من المازوت المدعوم، البالغة 50 ليترًا.

ولكن هدى، التي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، لم تتمكن من تسلّم مخصصاتها حتى الآن. “الشتاء قاسٍ هذا العام، والجو بارد ليلًا ونهارًا، ومخصصات عائلتي ما زالت قيد روتين التوزيع، وقد يمضي الشتاء ولا أتسلّم مخصصاتي لهذا العام”، قالت السيدة.

متى ستأتي الدفعة الأولى؟

حددت “الشركة العامة لتوزيع المحروقات والمشتقات النفطية”، مخصصات كل عائلة من المحروقات على البطاقة الذكية بـ200 ليتر، تُوزع على أربع دفعات، وفي كل دفعة يُوزع 50 ليترًا، وتعتمد المديرية نموذج الرسائل النصية، عبر تفعيل “البطاقة الذكية”.

وتنفذ شركة “تكامل” مشروع “البطاقة الذكية”، وتعود ملكيتها لمهند الدباغ، ابن خالة أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بحصة 30%، بينما يملك الحصة الكبرى فيها شقيق أسماء، فراس الأخرس.

وقال عبد السلام (35 عامًا) من سكان المزيريب، شمال غربي درعا، “رغم قدوم فصل الشتاء لم أتسلّم مخصصاتي من الدفعة الأولى، وحاجة عائلتي للمازوت تكون في ذروة فصل الشتاء، بالمربعانية، التي تتميز بانخفاض درجات الحرارة، وقد يصل الجو إلى درجة الصقيع فيها”.

و”مربعانية الشتاء” هي فترة يشتد فيها البرد وتستمر 40 يومًا، ومن هنا أتى الاسم، وتمتد تحديدًا من 22 من كانون الأول إلى 31 من كانون الثاني في كل عام.

وتساءل عبد السلام، خلال حديثه إلى عنب بلدي، حول توقيت توزيع الدفعة الأولى من مادة المازوت في مدينة درعا، حيث العائلات بانتظار الدفعات الأخرى، مسجلين منذ آب 2021 على حصصهم من المحروقات، فـ”متى تُوزع الدفعة الثانية والثالثة والرابعة؟”.

ورغم تأخر تسلّم الأهالي مخصصاتهم من مادة مازوت التدفئة، نوّهت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى أنها تتابع عمليات التوزيع حتى تبلغ النسبة 100%، وكل شخص لم يحصل على مستحقاته يمكنه التواصل مع الوزارة عبر الصفحات الرسمية لها أو عبر المديريات في المحافظات كي يتم تأمين المادة له.

وبحسب ما نشرته الوزارة عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك“، في 29 من كانون الأول 2021، فإن الوزارة رفعت نسبة توزيع مادة مازوت التدفئة في كل المحافظات السورية، وبلغ نصيب محافظة درعا من هذا الارتفاع 90%.

البدائل مكلفة

مع تأخير تسليم مازوت التدفئة، صار سكان درعا أمام خيارات مكلفة، منها شراء مادة المازوت “الحر”، ويصل سعر الليتر منه إلى 3200 ليرة سورية (90 سنتًا)، أو شراء الحطب، والخيار الأخير بحاجة إلى تركيب مدفأة، ووصل سعر طن الحطب في المحافظة إلى 500 ألف ليرة (حوالي 140 دولارًا).

وقالت هدى، التي يعمل زوجها بأعمال المياومة الزراعية بأجرة لا تتعدى ستة آلاف ليرة (حوالي دولارين)، إن الحالة الاقتصادية المتردّية تدفع سكان المنطقة للاقتصاد حتى بالتدفئة، و”دخل عائلتي لا يتجاوز قيمة ليترين من المازوت”.

وبحسب تقرير لـ”UNHCR”، صدر في كانون الأول 2021، فإن 4.5 مليون فرد في سوريا بحاجة إلى المساعدة الشتوية غير الغذائية.

كما أبلغت 95% من العائلات عن ضعف الوصول إلى الموارد الأساسية خلال فصل الشتاء مثل التدفئة.

وتقدّر هدى حاجة عائلتها من المازوت بخمسة ليترات يوميًا، إلا أنها لا توقد المدفأة سوى ساعتين ليلًا بما يقارب مصروف ليتر باليوم فقط، “أشعل المدفأة لساعتين لأكسر برودة الغرفة، ولكن لا أتمكن من تشغيلها أكثر من ذلك”.

وتلجأ عائلة هدى المكوّنة من ستة أفراد للنوم المبكر ليستدفئ كل فرد من أفراد العائلة في فراشه، من خلال تكثيف الملابس التي يرتدونها في المنزل، خصوصًا في أثناء المنخفضات الجوية.

عنب بلدي

Exit mobile version