قبل العام 1960، أرسل الاتحاد السوفيتي عدداً من الكلاب إلى الفضاء، إلا أن هؤلاء لم يعودوا أحياء إلى عالمنا، ما فجر جدلاً واسعاً.
فقد أثارت حادثة إرسال الكلبة “لايكا” إلى الفضاء ردود فعل متباينة. وبينما اعتبرها البعض إنجازا علميا فريدا تحدث البعض عن عمل مناف للأخلاق بسبب وفاة الأخيرة أثناء هذه التجربة العلمية.
وفي خضم الحرب الباردة، ضرب السوفييت عام 1960 موعدا مع التاريخ.
وخلال ذلك العام، تمكن الكلبان بيلكا (Belka) وستريلكا (Strelka) من العودة إلى الأرض سالمين ليشكلا بذلك أول الكائنات الحية العليا، من الفقريات والثدييات كبيرة الحجم، التي تمكنت من الحفاظ على حياتها عقب رحلة نحو الفضاء.
اختيار الكلبين
وبينما حاول الاتحاد السوفيتي خلال العام 1960، إجراء تجربة أولى لإثبات إمكانية عودة الثدييات سالمة من الفضاء، أرسل الكلبان ليسيشكا (Lisichka) وشايكا (Chayka) نحو المدار.
ولسوء حظيهما، نفق الكلبان بعد فترة وجيزة من إقلاعها بسبب خلل بالمركبة.
ولهذا السبب، اتجه الخبراء السوفييت بالفترة التالية لتزويد المركبات الفضائية بكبسولات قذف لضمان عودة هذه الكائنات الحية سالمة نحو الأرض في حال حدوث خلل فني أثناء الرحلة.
بالفترة التالية، اتجه الخبراء السوفييت للبحث عن كلاب ضالة ذات خصائص معينة لاستعمالها بالمجال العملي وأبحاث الفضاء.
وعلى حسب هذه الخصائص، حبّذ السوفييت الحصول على كلاب تتراوح أعمارها بين عامين و6 أعوام، يكون وزنها في حدود الستة كيلوغرامات ولا يتعدى طولها 35 سنتيمترا.
بيلكا وستريلكا أثناء عرضهما على الصحافة
وبكل من بيلكا وستريلكا، عثر السوفييت على ضالتهم.
وخلال الأبحاث والتجارب بالمخابر، أثبت هذان الكلبان جدارتهما على إنجاز الرحلة القادمة نحو الفضاء.
عودة للأرض وهدية
ثم حدد السوفييت يوم 19 آب/أغسطس 1960 لإجراء هذه الرحلة الفضائية.
وإضافة لبيلكا وستريلكا، وضع العلماء السوفييت عددا من الفئران والحشرات والفطريات والنباتات بالكبسولة المقذوفة، محاولين دراسة تأثير السفر نحو الفضاء على هذه الكائنات الحية.
ومع انطلاق المركبة الفضائية سبوتنيك 5 (Sputnik 5)، أبدى الكلبان حالة من الخوف والهيجان تزامنا مع ارتفاع عدد دقات قلبيهما.
وعند بلوغ المركبة المدار، استعاد بيلكا وستريلكا هدوءهما قبل أن يتلقيا أول وجبة غذائية لهما تكونت من اللحم والجيلاتين.
وعقب قضائهما نحو 27 ساعة بالمدار، عاد الكلبان بيلكا وستريلكا نحو الأرض أين تمكن العلماء السوفييت من التقاطهما.
رسم تصويري لما حدث مع الكلبين
وبفضل هذه التجربة، تيقن الاتحاد السوفيتي من إمكانية إرسال البشر نحو الفضاء في حال توفر شروط السلامة بالمركبة الفضائية.
إلى ذلك، استقبل بيلكا وستريلكا استقبال الأبطال بالاتحاد السوفيتي حيث كرّم الاثنان وسمح لهما بقضاء بقية حياتهما بأحد المعاهد العلمية.
طابع بريدي يحمل صورة بيلكا وستريلكا
وبعد مضي أشهر عن هذه الرحلة، أنجبت الكلبة ستريلكا ستة جراء غزت صورهم الصحف العالمية.
بالتزامن مع ذلك، أهدى الاتحاد السوفيتي عام 1961 أحد هذه الجراء للرئيس الأميركي جون كينيدي.
المصدر: العربية