انتشرت في السنوات الآخيرة ظاهرة مُشاركة الدراجات الهوائية كالنار في الهشيم في العديد من دول العالم، وهي خدمة يتشارك فيها المُستخدمون استعمال دراجات هوائية عبر الاشتراك بإحدى الشركات العاملة في هذا المجال وذلك بدفع مبلغ مُعيّن أو مجاناً، وتُظهر بعض تطبيقات الخرائط على الهواتف الذكية الدراجات القريبة المتوفّرة للاستعمال، والهدف من هذه الفكرة هو تسهيل حصول المُستخدمين على وسائل نقل ملائمة للرحلات القصيرة، وذات كلفة أرخص من وسائل النقل الخاصّة، بالإضافة إلى التخفيف من الازدحام والتلوّث البيئي.
إن أوّل مشروع موثّق لمُشاركة الدراجات ظهر في العاصمة الهولندية أمستردام عام 1965، وتطوّرت آلية مُشاركة الدراجات بشكلٍ ملحوظ منذُ ذلك الحين، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكلٍ كبير في الصين، فمن بين أكبر 15 شركة مُتخصّصة في مجال مُشاركة الدراجات 13 منها مقرّها الصين، كما يُشير أحد التقارير إلى وجود أكثر من 70 شركة صينية خاصة ونشطة تعمل في هذا المجال بمجموع كُلّي للدراجات يُقارب الـ16 مليون دراجة وأكثر من 130 مليون مُستخدم.
توجد أنماط مختلفة من أنظمة مُشاركة الدراجات منها ما هو مجاني ومنها ما هو مدفوع يتوجّب فيها على المستخدم أن يقوم بإدخال معلومات الدفع من خلال بطاقته الإئتمانية إلى جهاز يُوجد عند موقف الدراجات، أو عبر هاتفه الذكي من خلال قراءة باركود موجود على الدراجة أو عبر وسائل دفع أخرى وذلك لفك قفل الدراجة.
كما توفّر بعض شركات مُشاركة الدراجات لمُستخدميها إمكانية إستعارة دراجة من موقف مُخصص لركن الدراجات وتُلزمهم بإعادتها إلى موقف آخر تابع لنفس الشركة، وبعض الشركات لا تشترط نهائياً إعادة ركن الدراجة عند الانتهاء من استخدامها بل يُمكن تركها في أيّ مكان دون الحاجة إلى ركنها حيثُ يتم تثبيتها في مكانها بواسطة قفل ويتوجّب على المُستخدم التالي التواصل مع مزوّد الخدمة لمعرفة الرقم اللازم لفكّ القفل، وبناءً على ذلك يُمكن إيجاد هذه الدراجات في أيّ مكان في الطرقات.
يقول مُستخدمو هذه الدراجات أنّها نعمة كبيرة لأنّها تُجنّبهم مشكلة ازدحام المواصلات العامة وتُخفّض من تكاليف التنقّل، كما أنها تُخفّف من التلوّث وتُحافظ على رشاقتهم ولياقتهم البدنية، كما أشار تقرير نُشرَ في مجلة الصحة العامة الأميركية إلى الفوائد الطبية المُلاحظة في الأماكن التي تنتشر فيها هذه الخدمات، وأكبر مُشكلة كانت تُعاني منها شركات مُشاركة الدراجات لحد الآن هي السرقات المُتكررة للدراجات.
غير أن أعداد الدراجات قد فاقت الطلب بشكلٍ كبير، ففي عام 2018 واجه سوق شركات مُشاركة الدراجات الصينية مُشكلةً خطيرة تمثّلت في الزيادة الهائلة في أعداد الدراجات، حيثُ استغلّت هذه الشركات في السنوات السابقة القوانين غير الواضحة بهذا الخصوص في نشر الملايين من درّاجاتها في المدن الصينية، ولم يُحسن المُستخدمون التصرف في الكثير من الحالات مع أنظمة هذه الشركات، كما أن ركن الدراجات بشكلٍ غير قانوني أدّى إلى ازدحام الأرصفة وصعوبة المشي عليها، أمّا أعطال الدراجات وتلفها فهي مشاكل دائمة الحدوث.
أغلقت مؤخّراً العديد من شركات مُشاركة الدراجات أبوابها، وأكبرها كانت شركة (بلوغوغو) الصينية، حيثُ تعطّل الموقع الإلكتروني للشركة فجأةً وتوقّفت التطبيقات عن العمل بين ليلة وضُحاها، ممّا أدى إلى بقاء آلاف الدراجات مهجورةً على الطرقات وتعرّضها للتخريب المُتعمّد.
وجدت السلطات الحكومية نفسها مُضطّرةً لمواجهة هذه المشكلة المُتكررة، فقامت بحجز آلاف الدراجات في ساحات خالية بعد إفلاس الشركات السؤولة عنها، وقد أصبحت أماكن تجميع هذه الدراجات مشهداً مألوفاً في العديد من المدن الصينية الكبيرة التي باتت تواجه مشكلة الزيادة الهائلة والفجائية لملايين الدراجات التي أربكت السلطات والمسؤولين على حد سواء.
يأمل الشعب والسلطات وشركات مُشاركة الدراجات الحالية أن يتعلموا من أخطاء الشركات السابقة وأن يتجنّبوا الوقوع في هذه الحالة التي وصلت إليها الصين من الفوضى والازدحام.
المصدر: دخلك بتعرف