رغم الظروف الاقتصادية الضعيفة، تمكن الشاب السوداني معتصم جبريل من تحقيق حلمه في صناعة روبوتات من خلال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، مستخدماً إمكانيات متواضعة للغاية.
جبريل البالغ من العمر 22 عاما، يعيش في مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، ترك مقعد دراسته الجامعية بسبب تردي أوضاع أسرته الاقتصادية، ورغم ذلك لم يتخل عن حلمه بصناعة روبوت.
وطوال عشر سنوات، عكف جبريل في مساحة صغيرة داخل منزل أسرته المُشيد من الطين، على تتويج حكاية إبداعه المُلهمة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
ويتحدى جبريل الفقر بإنجاز أعمال يومية في السوق واكتساب بعض المال لكي يتمكن من شراء احتياجات مشروعه، أملا في أن يتبنى حلمه من قبل أي رجل أعمال أو مؤسسة.
حلم طفولة
بين الحين والآخر، يطوف جبريل أحياء الخرطوم، حاملا أحد “الروبوتات” التي صنعها بيديه، لعرضها وشرح تفاصيلها الصغيرة للجمهور، ما أدى لانتشار قصته على نطاق واسع عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول جبريل: “صناعة الروبوتات حُلم نشأ في مُخيلتي منذ الطفولة، عن طريق مشاهدة أفلام الكرتون، وأحاول جاهدا تطبيق الخيال على أرض الواقع”.
وأضاف: “بدأت في صناعة الروبوتات قبل 9 سنوات، بعد أن شاهدت الكثير من أفلام الكرتون التي تتحدث عن المُخترعين”.
وتابع: “تقييمي الشخصي للعمل الذي أنفذه صفر بالمئة من حيث الإنجاز، لكن إذا توفرت المُعدات الجيدة من الممكن إنجاز الروبوت بنسبة 10 بالمئة لاستخدامها في المطاعم والمستشفيات والأماكن الأخرى”.
ويعتمد الشاب النحيل، بشكل أساس في صناعة الروبوتات على النفايات الإلكترونية التي يحصل عليها بثمن زهيد من الأسواق المحلية، لا سيما أن المكونات الأساسية تفوق مقدرته المالية.
لذلك يظل جبريل يبحث بشكل مستمر ومضني في أسواق الإلكترونيات على الإنترنت، عن أي أجزاء إلكترونية معروضة للبيع تناسب صناعته، لشرائها بأسعار مناسبة.
ويشهد السودان تذبذب في وفرة النقد الأجنبي، ما يرفع كلفة الاستيراد وتحميل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، عدا عن ارتفاع الأسعار عالميا خاصة الوقود والغذاء.
الأوضاع الاقتصادية
وعن تأثير الظروف المعيشية على حلمه، قال جبريل: “في المراحل الأولية، كنت أتحرك بحرية أكبر بعد الدراسة، وتوفير بعض المال من المصروف اليومي”.
وأضاف: “كنت أدرس هندسة إلكترونيات، في جامعة السودان العالمية (خاصة)، التحقت بالدراسة لإيجاد طريقة تواكب بين الدراسة والعمل على المشروع”.
وتابع: “كثيرا ما كنت أنجز أعمالا حرة، لتوفير المبلغ المالي لتسديد الرسوم الدراسية والجلوس للامتحانات”.
وأوضح: “عمل الوالد والوالدة ضعيف ماديا، لذلك تغيبت كثيرا عن الامتحانات بسبب العجز في سداد الرسوم الدراسية وفي نهاية المطاف وجدت نفسي مفصولا من الجامعة”.
واستدرك بحزن: “لكن حاليا أعاني ضيق المكان في المنزل، والظروف الاقتصادية المُعقدة، والشغل البدائي، لكنني أعتبرها مجردة لمحة”.
سخرية الأصدقاء
لم يلتفت جبريل لسخرية أصدقائه في مقاعد الدراسة والحي، وواصل الليل بالنهار لإنجاز فكرته وتطبيقها على أرض الواقع.
وعن ذلك، قال: “كنت وما زلت أعاني من سخرية الزملاء والأصدقاء في الجامعة عندما أبدأ في شرح مشروعي المتعلق بصناعة الروبوتات”.
وتابع مستنكرا: “يعتبرونها مجرد تفاهة، رغم شرحي المستمر لفكرة المشروع بالطرق الهندسية والتصاميم ثلاثية الأبعاد”.
وأوضح أن “الروبوت بالنسبة إلى تقييمي الشخصي، هو أخطر من السلاح النووي، وبإمكانه تغيير حياة البشرية في المستقبل”.
ويأمل جبريل أن تتحسن ظروفه الاقتصادية ليعود إلى الجامعة لإكمال دراسته الأكاديمية في مجال الهندسة والبرمجيات، وإنجاز مشروع في صناعة الروبوتات على أساس علمي، ومن ثم بدء البيع.
أما حلمه الكبير، فهو أن يتجاوز صناعة الروبوتات، وبلوغ مرحلة صناعة “الصواريخ بالغة الدقة”، وتطبيق نظريته التي تقول: “لا مستحيل تحت الشمس، وكل شيء ممكن بالعزيمة والإصرار”.
وختم بالتأكيد على أنه يرنو جاهدا إلى المستقبل بإكمال دراسته الأكاديمية، ويأمل في إيجاد رعاية من مؤسسات محلية أو دولية تتبنى مشروعه لتتويج قصة نجاحه والوصول إلى العالمية.
المصدر: DailySabah – وكالات