شلال من البلازما الشمسيّة بطول 60 ألف ميل يسقط نحو الشمس و يذهل العلماء
قسّم العلماءُ الفضاءَ إلى مجرات، حيث تضم كل مجرة مجموعة من النجوم والكواكب، وتسمى المجرة التي تضم كوكب الأرض بمجرة “درب التبانة”.
وإلى جانب الأرض وبعض من الكواكب المشابهة إلى حد ما، نجد النجم المركزي الذي يعرف بالشمس التي تدور حولها حوالي 200 مليار من النجوم والكواكب والمذنبات بفعل جاذبيتها.
تعتبر الشمس مصدر الحرارة والضوء بالنسبة لكوكب الأرض نظراً لارتفاع درجة حرارتها، حيث تنعدم فيها المكونات الصلبة والسائلة، وتسودها الطبيعة الغازية.
التقط المصوّر الفلكيّ إدواردو شابيرجر بوبو صورة حديثة لِجدار ضخم من البلازما الشمسيّة المتساقطة، والمعروفة باسم بروز التاج القطبي (PCP).
تُظهر الصّورة المأخوذة جِداراً مهولاً من البلازما يتساقط نحو سطح الشمس بسرعات لا تصدّق بعد طرده من القطب الجنوبي للشّمس.
هذا الانهيار من الشّمس وإلى الشّمس مرة أخرى، أكسب هذه الشّلالات لقب “شلالات البلازما”.
تشير التّقديرات إلى أنّ الجدار قد ارتفع بحوالي 100000 كم (62000 ميل) فوق سطح الشّمس، وهو ما يعادل ارتفاع ثمانية كواكب مكدّسة فوق بعضها البعض.
يتشابه بروز التّاج القطبيّ مع البروزات الشّمسيّة العاديّة، وهي عبارة عن حلقات من الغاز المتأيّن المنبعث من سطح الشّمس بواسطة الحقول المغناطيسيّة.
ومع ذلك، تحدث البروزات الشّمسيّة القطبيّة بالقرب من الأقطاب المغناطيسيّة للشّمس عند خطوط العرض بين 60 و 70 درجة شمالاً وجنوباً، ممّا يؤدّي غالباً إلى الانهيار مرّة أخرى نحو الشّمس لأنّ الحقول المغناطيسيّة بالقرب من القطبين أقوى بكثير.
على الرّغم من أنّ البلازما داخل الشّلالات ليست في الواقع في حالة سقوط حرّ؛ لأنّها لاتزال مُحتواة داخل المجال المغناطيسيّ الّذي بصقها في البداية، فإنّها تنتقل إلى أسفل بسرعات تصل إلى 22370 ميل في السّاعة (36000 كم / ساعة)، وهو أسرع بكثير من المجالات المغناطيسيّة وفقاً لحسابات الخبراء، ووفقاً لوكالة ناسا، ولا يزال الباحثون يحاولون فهم كيف يكون ذلك ممكناً.
كشفت دراسة نشرت في مجلة Frontiers in Physics في عام 2021 أن بروز التّاج القطبيّ تمر بمرحلتين أثناء ثورانها: مرحلة بطيئة، حيث تنطلق البلازما ببطء إلى الأعلى، ومرحلة سريعة، حيث تتسارع البلازما نحو ذروة ارتفاعها.
من المحتمل أن يؤثر ذلك على كيفية عودة البلازما إلى السّطح، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد ذلك.
تعتبر أحداث بروز التّاج القطبيّ ذات أهميّة لعلماء الفيزياء الشّمسيّة؛ لأنّها يمكن أن تكون مصحوبة بقذف الكتلة الإكليلية (CMEs)، أو البلازما المُمَغنطة الضّخمة التي يمكن أن تنفصل تماماً عن الشّمس وتصطدم بالأرض.
وتعتبر أيضاً ذات أهميّة لعلماء الفيزياء النّووية لأنّ المجال المغناطيسي للشّمس يبدو بارعاً بشكل خاصّ في احتواء حلقات البلازما في المناطق القطبيّة، والّتي يمكن أن توفر رؤى تساعد الباحثين على تحسين مفاعلات الاندماج النووي التجريبية.
تعدّ هذه الأحداث شائعة ويمكن أن تحدث كل يوم تقريباً، على الرّغم من أنّ صور الظّاهرة مثل تلك التي التقطها المصوّر نادرة، وفقاً لوكالة ناسا.
ومع ذلك، يمكن أن تصبح هذه البروزات أكثر تواتراً وشدّة مع ارتفاع الشّمس إلى ذروتها في الدّورة الشّمسيّة التي تبلغ 11 عاماً، والمعروفة باسم الحدّ الأقصى للطّاقة الشّمسيّة.
في فبراير 2022، كان لابّد من وجود بروز شمسيّ هائل يقع أسفل خط العرض مباشرة ليتمّ اعتباره انفصال عن الشمس، ثمّ أصبح محاصراً في دوامة قطبية هائلة وسريعة الحركة حول القطب الشمالي للشمس لمدة 8 ساعات تقريباً.
وفي سبتمبر 2022، انطلق تيار هائل متموج من البلازما عبر سطح الشمس مثل الأفعى، وفي الشهر نفسه، اندلع عمود ضخم من البلازما بطول مليون ميل من سطح الشمس بعد أن انقطع بروز آخر إلى النصف.
و تتكون الشمس من الغاز والبلازما فقط، بسبب الجو الحار جداً، حيث تتسخن الغازات تحت تأثير درجات الحرارة المرتفعة بشكل كبير.